آخر تحديث لسعر الذهب الآن في الأسواق ومحال الصاغة    قبل تفعيله الثلاثاء المقبل.. ننشر المستندات المطلوبة للتصالح على مخالفات البناء    «العمل»: التواصل مع المصريين بالخارج أهم ملفات الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    «القاهرة الإخبارية»: جيش الاحتلال يطالب سكان شرق رفح الفلسطينية بمغادرة المنطقة    الرئيس الصيني شي يلتقي ماكرون وفون دير لاين في باريس    تحذير: احتمالية حدوث زلازل قوية في الأيام المقبلة    مفاجأة بشأن مستقبل ثنائي الأهلي    «الأرصاد» تكشف تفاصيل حالة الطقس في شم النسيم    في يوم شم النسيم.. رفع درجة الاستعداد في مستشفيات شمال سيناء    فيلم السرب يواصل تصدر شباك التذاكر.. حقق 4 ملايين جنيه في 24 ساعة    تحذير من خطورة تناول الأسماك المملحة ودعوة لاتباع الاحتياطات الصحية    محمد صلاح يُحمل جوزيه جوميز نتيجة خسارة الزمالك أمام سموحة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 6 مايو    تزامنا مع بدء الإخلاء.. تحذير من جيش الاحتلال إلى الفلسطينيين في رفح    موعد وقفة عرفات 1445 ه وعيد الأضحى 2024 وعدد أيام الإجازة في مصر    عاجل.. أوكرانيا تعلن تدمير 12 مسيرة روسية    وسيم السيسي يعلق علي موجة الانتقادات التي تعرض لها "زاهي حواس".. قصة انشقاق البحر لسيدنا موسى "غير صحيحة"    نيرمين رشاد ل«بين السطور»: ابنة مجدي يعقوب كان لها دور كبير في خروج مذكرات والدها للنور    تراجع سعر الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية الإثنين 6 مايو 2024    أخبار التكنولوجيا| أفضل موبايل سامسونج للفئة المتوسطة بسعر مناسب وإمكانيات هتبهرك تسريبات حول أحدث هواتف من Oppo وOnePlus Nord CE 4 Lite    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    سعر التذكرة 20 جنيها.. إقبال كبير على الحديقة الدولية في شم النسيم    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    موعد مباراة نابولي ضد أودينيزي اليوم الإثنين 6-5-2024 والقنوات الناقلة    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زين العابدين فؤاد: عوالم الأدب تمنحني التفاؤل وحب الحياة
نشر في صوت البلد يوم 19 - 09 - 2016

يبث الشاعر زين العابدين فؤاد في ديوانه الأخير«قهوة الصبحية»، رسائل ثائرة لأصدقائه ولأرواح شهداء ثورة 25 يناير، بأسلوب يصنفه معه كثير من النقاد كوريث لمدرسة شاعر الشعب بيرم التونسي. ورغم ارتباطه الطويل بالشعر السياسي مع الشيخ إمام؛ إلا أنه يرفض، كما يوضح في حواره مع«بيان الكتب»، تصنيف الإبداع كسياسي أو رومانسي أو نسوي.. وغيرها من هذه المسميات التي يؤكد أنه ضدها. ففي رأيه كل القضايا مطروحة في الشعر، وكلها تنبع من رؤيته الخاصة. كما يبين فؤاد في الحوار أن الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم استرزق بقصيدته «اتجمعوا».
- تضمن ديوانك الأخير«قهوة الصبحية» أسماء بعض شهداء ثورة 25 يناير، ومع ذلك لم تجنح إلى أسلوب المرثيات أو البكائيات. فهل قصدت ذلك؟
ما يفسر الديوان هو مقدمته. أنا أرى الموت فعلا شديدا ومدمرا وقاسيا أكثر، حين يطال الأشخاص الذين ليس لديهم أثر في الدنيا؛ أما من ترك أثرا فحتما سيعيش، لذا أنا أتكلم في الديوان عن الحياة وليس الموت، الحياة التي أخذت منحى آخر.. فالموت ليس النهاية؛ بل ربما يكون البداية. وهو ما يعينننني على الايمان الراسخ بهذا، انغماسي في عوالم الأدب التي تجعلني متفائلا دوما.
- كيف تشكلت لديك هذه الرؤية المتصالحة مع الموت؟
لدي علاقة خاصة بالموت، من خلال قصيدة «شجرة الموت»؛ فأمي توفيت أثناء ولادتي، لذا دائما أقول إن«الموت دخلني من حبل السرة»، ومن أحببتهم ماتوا وأنا صغير، أبي توفي حين بلغت سن العاشرة، كما توفي أخي الكبير محمد فؤاد عام 1986، لذلك أحسستُ في أوقات معينة أن الموت يسكن في داخلي؛ بل إنه جزء من نسيجي. وأحيانا فإنه، بالطبع، يكون موجعا، وذاك كما كان مع وفاة زوجتي باسمة حلاوة، لكن، ورغم ذلك، أعترف بأنني متفائل.
- يلاحظ جمهورك أن قصيدة المقاومة تجذبك أكثر من الأنواع الأخرى؟
الأمر كله مرتبط بالرؤية، والرؤية تختلف عن الموقف السياسي؛ بل هي مثل قطعة النسيج التي تنسج بخيوط متداخلة، عندما تتداخل تشبه شيئا واحدا؛ فالجانب السياسي، وموقفي مثلا من المرأة، ورؤيتي للحياة، كل هذه الأشياء تدخل ضمن رؤيتي الخاصة، أنا ضد تسمية أو تصنيف نوع ما من الإبداع، فكل القضايا جائز أن تكون مطروحة في الشعر..وبأي أسلوب يبغيه المبدع.
- كثيرون يعتقدون أن قصيدتك «اتجمعوا العشاق» التي غناها الشيخ إمام تنتمي إلى الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم.. فهل يضايقك هذا؟
لا يعنيني هذا.. لكن أتذكر أنه في عام 1984 كنا في معهد إعداد القادة بالقاهرة وكان هناك احتفال، وأصر أحمد فؤاد نجم أن أصعد في تلك اللحظة، خاصة أن صديقي الصحفي جلال عارف وقف لتقديم نجم وقال إنه من كتب أغنية «اتجمعوا العشاق»، حينها نبهت الصالة أن نجم ليس من كتبها، وصعدت وغنيت معهم. وحينها، سأل المهندس يحيى حسين، رئيس المعهد آنذاك، نجم: لماذا ليست هذه الأغنية في أي من دواوينك؟ فقال له لأنها ليست له، فعاود حسين سؤاله: ولماذا لا تقول هذا؟ فأجاب أحمد فؤاد نجم ضاحكا:«لأنه رزق وقد جاء لي».
- قرأت في طفولتك لشوقي.. فكيف تذوقت أشعاره وأنت في العاشرة؟
بدأت القراءة، وبفعل ملازمتي لإخوتي الكبار، وعمري ست سنوات، كنت أقرأ وأسمع، وكانت هناك مكتبة في الفصل والمدرسة. فأخذت ديوان شعر لشوقي، وأستطيع أن أقول إنه كان من حسن حظي أنني قرأت لشوقي في صغري إذ جذبني للغاية؛ خاصة في قصيدته«أبو الهول»، فشوقي أحدث نقلة كبيرة في الشعر المصري.
وبدأت في نشر قصائد الفصحى وأنا في العاشرة من العمر. ودائماً أقول إنني مدين للشعر وانه أنقذني؛ فقد فتح لي أبوابا مختلفة بعيدا عن قسوة الحياة اليومية. ولفتت انتباهي منذ البواكي، وبعمق، الصورة الشعرية.
الاتجاه إلى العامية
- كثير من المبدعين يبدؤون حياتهم الأدبية بكتابة الشعر ثم يتحولون إلى نوع أدبي آخر، بينما حافظت أنت على رحلتك مع الشعر طيلة هذه الأعوام...
أرى أن أولى تجارب الإبداع تكون عادة باليدِّ ونستطيع التحكم بها، فأي طفل يظهر الإبداع لديه عن طريق الرسم، فهو التعبير الحر الذي يقوم به الطفل ويكوِّن من خلاله وجهة نظره، ومنه يكتشف الصواب والخطأ، ثم يعبِّر بالكتابة عن طريق الأفكار الرومانسية التي تعبر عن مرحلة المراهقة وهو يعتقد أن ما يكتبه هو شعر.
- كتبتَ في البداية باللغة العربية الفصحى، ثم اتجهت إلى العامية، حتى صرت من أبرز مبدعيها.. فلماذا كان هذا التحول ؟
كانت لدي أسبابي الشخصية للاتجاه إلى العامية، جزء منها فني؛ إذ اكتشفت جماليات في الكلمة وأن لها مليون معنى ومليون ظل ليس لها دلالة ثابتة. أما الجزء الثاني فكان تأثير كتاب «بلوتو لاند» للكاتب لويس عوض..إذ كان له عظيم الأثر في تحولي إلى العامية. ثم توقفت عن الكتابة لمدة عامين وعدت إلى العامية..ثم نشرت قصائدي الأولى بالعامية، ذاك منذ يناير 1962 وحتى الآن.
- لم تمانع حضور قصيدة النثر. لكن هل تختلف أو ترفض أنواعا إبداعية أخرى، مثل «القصة الشاعرة». أم أنك تجد الأدب مضمارا مفتوحا لكل الأصناف؟
التطور فرض وجود وحدة القصيدة، ثم تغيرت إلى قصيدة التفعيلة، وهي موزونة، لكن ليس بالضرورة أن تتساوى الأشطر، وكتب بها بدر شاكر السياب وصلاح عبدالصبور ونازك الملائكة. فكلها وسائل للتعبير عن النفس. ولكن، ما الذي يجعل ويوجه صنفي الشعر أو النثر؟! إنه التعبير بالصورة وبالتكثيف؛ لذا أنا لست ضد أحد ما دامت هناك رؤية فنية حقيقية وتعبير. إنني أدعم كل التجارب الجديدة في أي مجال إبداعي.
- هل هناك عمل تعكف على كتابته الآن؟
أفكر في كتابة سيرتي الذاتية، والتي أروي فيها قصة حياتي. ما زالت حتى الآن تحت التجهيز، إلا أنني لم أبدأ فيها بشكل فعلي بعد، وسيصدر لي قريبا فيلم باسم«وش مصر» بالتعاون مع المخرجة مها شهبة.
......
يؤرِّخ ويوثق الشاعر زين العابدين فؤاد في ديوانه «قهوة الصُبحية» الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، لمختلف الأصدقاء الذين شاركوه قهوة صبحياته، سواء بحضور فعلي أو عن طريق استجلابهم في مخيلته لمؤانسته في هذا الوقت.
يضم الديوان نحو ثلاثين قصيدة، ومن ضمنها: القلب والأصحاب، الشهدا بيشربوا الشاي، الشمس، السكن في نني العين، 4 قصايد إلى باسمة حلاوة، يرجع البلشون يطير، 4 قصايد للفرح والبكا، عديد مصري على شهيد مصري، اعتذار عن كتابة قصيدة، والنيل ما يفضيشي في الغربة، تفرد رموشك مواكب، الرصاص يكتب أسامينا، سفر، الحكواتي، يقتطف ورد الدموع، رسوم قديمة في جدار.
ومن القصائد التي يضمها الديوان أيضاً: حلمي سالم يرحل في الأماكن، أغنية حب، أغنية فرح، جوسلين، شيء بيعيط في القلب، براويز لناس في الغياب، الفراشة، حديث خاص مع مينا دانيال، والشعب وحده اللي حي، جرح البدن، ملاك النوم، السفر في جناين يوسف درويش، وأحمد سيد حسن بعيون بسمة، أغنية صغيرة، بسمة، بسمة تتهجى الحياة، لما نادية تنام، في السفر، طويل يا سفر، من أغاني بيروت صوت المسا، طالت الوقفة وإمتى العيد، عبدالمنعم رياض، شجرة الموت، مريم، كتابة على كفن سالي زهران.
ويتناول فؤاد من خلال هذه القصائد يتناول ما يقرب من مائة اسم لأصدقائه، ويبعث إليهم سلامه عبر إهدائه في أول الديوان، والذي حمل عنوان «القلب والأصحاب»، قائلًا فيه: «مقدرش أكتب كل الأسامي، لكن قهوة الصبحية كل يوم، والسنة فيها 360 يوم، وباشرب قهوتي مع أصحابي، اللي في المدن البعيدة، والقريبة على قلبي».
أمل طاغ
يتميز الديوان بنزعة كبيرة من الأمل حاضرة فيه بقوة، رغم أسماء الموتى والشهداء بداخله، وهو الأمر الذي دفع عددا من النقاد إلى وصف الديوان بأنه رومانتيكي ثوري، كما أثنى آخرون على لغته ووصفوها بأنها تخلصت من طبقاتها، مشبهين أسلوب زين العابدين بالشاعر بيرم التونسي، الذي اهتم بالشعب المصري والحارة المصرية، إضافة إلى رسالة الأمل التي يبثها في ثنايا أبياته.
تعكس قصيدة«القلب والأصحاب» في الديوان، الأمل الكبير لدى الشاعر، حتى مع المرارات. ومما يقول فيها:
«ساعات باستغرب»
إزاي القلب يقدر يحفظ الأصحاب اللي مروا
ويحتفل بوجودهم وأثرهم
لكن بابص على جلدي وأشوف المسام اللي فيه
وألاقيهم كلهم،
كل واحد سايب علامة على جلدي وعقلي وقلبي
لازم افتكرها».
ويتابع الشاعر:
«أحتفل بكل اللي مروا في حياتي وسابوا أثر
وأشرب معاهم قهوة الصبحية
واسألوا:
المهدي بن بركة، وطاهر عبد الحكيم ونبيل الهلالي ويوسف درويش
ومحمد سيد سعيد وعبد العزيز شفيق وعبد الحميد العليمي
وأروى صالح وسهام صبري
وعبد السلام الشهاوي وأمل دنقل ومحمد سيد سعيد وأحمد عبد الله
وبهجت عثمان وبدر حمادة ومحيي اللباد وزهدي العدوي
فاروق رضوان، وأحمد نصر وحسين شاهين
ومحمد عفيفي مطر وإبراهيم أصلان
ومصطفى الحسيني وعبد الوهاب المسيري
وزكي مراد وفتحية سيد وفاطمة زكي ومحمود أمين العالم
وممدوح عدوان وغسان كنفاني
ونصر أبو زيد ومينا دانيال ومريم فكري
وباسمة حلاوة والشيخ إمام وعدلي فخري ونعم فارس».
ويختم فؤاد:
«ساعات ما قدرش أكتب كل الأسامي
لكن قهوة الصبحية كل يوم
والسنة فيها 360 يوم
وباشرب قهوتي مع أصحابي
اللي في المدن البعيدة
والقريبة على قلبي».
رسائل أمل ينثرها عبير «قهوة الصُبحية»
يبث الشاعر زين العابدين فؤاد في ديوانه الأخير«قهوة الصبحية»، رسائل ثائرة لأصدقائه ولأرواح شهداء ثورة 25 يناير، بأسلوب يصنفه معه كثير من النقاد كوريث لمدرسة شاعر الشعب بيرم التونسي. ورغم ارتباطه الطويل بالشعر السياسي مع الشيخ إمام؛ إلا أنه يرفض، كما يوضح في حواره مع«بيان الكتب»، تصنيف الإبداع كسياسي أو رومانسي أو نسوي.. وغيرها من هذه المسميات التي يؤكد أنه ضدها. ففي رأيه كل القضايا مطروحة في الشعر، وكلها تنبع من رؤيته الخاصة. كما يبين فؤاد في الحوار أن الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم استرزق بقصيدته «اتجمعوا».
- تضمن ديوانك الأخير«قهوة الصبحية» أسماء بعض شهداء ثورة 25 يناير، ومع ذلك لم تجنح إلى أسلوب المرثيات أو البكائيات. فهل قصدت ذلك؟
ما يفسر الديوان هو مقدمته. أنا أرى الموت فعلا شديدا ومدمرا وقاسيا أكثر، حين يطال الأشخاص الذين ليس لديهم أثر في الدنيا؛ أما من ترك أثرا فحتما سيعيش، لذا أنا أتكلم في الديوان عن الحياة وليس الموت، الحياة التي أخذت منحى آخر.. فالموت ليس النهاية؛ بل ربما يكون البداية. وهو ما يعينننني على الايمان الراسخ بهذا، انغماسي في عوالم الأدب التي تجعلني متفائلا دوما.
- كيف تشكلت لديك هذه الرؤية المتصالحة مع الموت؟
لدي علاقة خاصة بالموت، من خلال قصيدة «شجرة الموت»؛ فأمي توفيت أثناء ولادتي، لذا دائما أقول إن«الموت دخلني من حبل السرة»، ومن أحببتهم ماتوا وأنا صغير، أبي توفي حين بلغت سن العاشرة، كما توفي أخي الكبير محمد فؤاد عام 1986، لذلك أحسستُ في أوقات معينة أن الموت يسكن في داخلي؛ بل إنه جزء من نسيجي. وأحيانا فإنه، بالطبع، يكون موجعا، وذاك كما كان مع وفاة زوجتي باسمة حلاوة، لكن، ورغم ذلك، أعترف بأنني متفائل.
- يلاحظ جمهورك أن قصيدة المقاومة تجذبك أكثر من الأنواع الأخرى؟
الأمر كله مرتبط بالرؤية، والرؤية تختلف عن الموقف السياسي؛ بل هي مثل قطعة النسيج التي تنسج بخيوط متداخلة، عندما تتداخل تشبه شيئا واحدا؛ فالجانب السياسي، وموقفي مثلا من المرأة، ورؤيتي للحياة، كل هذه الأشياء تدخل ضمن رؤيتي الخاصة، أنا ضد تسمية أو تصنيف نوع ما من الإبداع، فكل القضايا جائز أن تكون مطروحة في الشعر..وبأي أسلوب يبغيه المبدع.
- كثيرون يعتقدون أن قصيدتك «اتجمعوا العشاق» التي غناها الشيخ إمام تنتمي إلى الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم.. فهل يضايقك هذا؟
لا يعنيني هذا.. لكن أتذكر أنه في عام 1984 كنا في معهد إعداد القادة بالقاهرة وكان هناك احتفال، وأصر أحمد فؤاد نجم أن أصعد في تلك اللحظة، خاصة أن صديقي الصحفي جلال عارف وقف لتقديم نجم وقال إنه من كتب أغنية «اتجمعوا العشاق»، حينها نبهت الصالة أن نجم ليس من كتبها، وصعدت وغنيت معهم. وحينها، سأل المهندس يحيى حسين، رئيس المعهد آنذاك، نجم: لماذا ليست هذه الأغنية في أي من دواوينك؟ فقال له لأنها ليست له، فعاود حسين سؤاله: ولماذا لا تقول هذا؟ فأجاب أحمد فؤاد نجم ضاحكا:«لأنه رزق وقد جاء لي».
- قرأت في طفولتك لشوقي.. فكيف تذوقت أشعاره وأنت في العاشرة؟
بدأت القراءة، وبفعل ملازمتي لإخوتي الكبار، وعمري ست سنوات، كنت أقرأ وأسمع، وكانت هناك مكتبة في الفصل والمدرسة. فأخذت ديوان شعر لشوقي، وأستطيع أن أقول إنه كان من حسن حظي أنني قرأت لشوقي في صغري إذ جذبني للغاية؛ خاصة في قصيدته«أبو الهول»، فشوقي أحدث نقلة كبيرة في الشعر المصري.
وبدأت في نشر قصائد الفصحى وأنا في العاشرة من العمر. ودائماً أقول إنني مدين للشعر وانه أنقذني؛ فقد فتح لي أبوابا مختلفة بعيدا عن قسوة الحياة اليومية. ولفتت انتباهي منذ البواكي، وبعمق، الصورة الشعرية.
الاتجاه إلى العامية
- كثير من المبدعين يبدؤون حياتهم الأدبية بكتابة الشعر ثم يتحولون إلى نوع أدبي آخر، بينما حافظت أنت على رحلتك مع الشعر طيلة هذه الأعوام...
أرى أن أولى تجارب الإبداع تكون عادة باليدِّ ونستطيع التحكم بها، فأي طفل يظهر الإبداع لديه عن طريق الرسم، فهو التعبير الحر الذي يقوم به الطفل ويكوِّن من خلاله وجهة نظره، ومنه يكتشف الصواب والخطأ، ثم يعبِّر بالكتابة عن طريق الأفكار الرومانسية التي تعبر عن مرحلة المراهقة وهو يعتقد أن ما يكتبه هو شعر.
- كتبتَ في البداية باللغة العربية الفصحى، ثم اتجهت إلى العامية، حتى صرت من أبرز مبدعيها.. فلماذا كان هذا التحول ؟
كانت لدي أسبابي الشخصية للاتجاه إلى العامية، جزء منها فني؛ إذ اكتشفت جماليات في الكلمة وأن لها مليون معنى ومليون ظل ليس لها دلالة ثابتة. أما الجزء الثاني فكان تأثير كتاب «بلوتو لاند» للكاتب لويس عوض..إذ كان له عظيم الأثر في تحولي إلى العامية. ثم توقفت عن الكتابة لمدة عامين وعدت إلى العامية..ثم نشرت قصائدي الأولى بالعامية، ذاك منذ يناير 1962 وحتى الآن.
- لم تمانع حضور قصيدة النثر. لكن هل تختلف أو ترفض أنواعا إبداعية أخرى، مثل «القصة الشاعرة». أم أنك تجد الأدب مضمارا مفتوحا لكل الأصناف؟
التطور فرض وجود وحدة القصيدة، ثم تغيرت إلى قصيدة التفعيلة، وهي موزونة، لكن ليس بالضرورة أن تتساوى الأشطر، وكتب بها بدر شاكر السياب وصلاح عبدالصبور ونازك الملائكة. فكلها وسائل للتعبير عن النفس. ولكن، ما الذي يجعل ويوجه صنفي الشعر أو النثر؟! إنه التعبير بالصورة وبالتكثيف؛ لذا أنا لست ضد أحد ما دامت هناك رؤية فنية حقيقية وتعبير. إنني أدعم كل التجارب الجديدة في أي مجال إبداعي.
- هل هناك عمل تعكف على كتابته الآن؟
أفكر في كتابة سيرتي الذاتية، والتي أروي فيها قصة حياتي. ما زالت حتى الآن تحت التجهيز، إلا أنني لم أبدأ فيها بشكل فعلي بعد، وسيصدر لي قريبا فيلم باسم«وش مصر» بالتعاون مع المخرجة مها شهبة.
......
يؤرِّخ ويوثق الشاعر زين العابدين فؤاد في ديوانه «قهوة الصُبحية» الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، لمختلف الأصدقاء الذين شاركوه قهوة صبحياته، سواء بحضور فعلي أو عن طريق استجلابهم في مخيلته لمؤانسته في هذا الوقت.
يضم الديوان نحو ثلاثين قصيدة، ومن ضمنها: القلب والأصحاب، الشهدا بيشربوا الشاي، الشمس، السكن في نني العين، 4 قصايد إلى باسمة حلاوة، يرجع البلشون يطير، 4 قصايد للفرح والبكا، عديد مصري على شهيد مصري، اعتذار عن كتابة قصيدة، والنيل ما يفضيشي في الغربة، تفرد رموشك مواكب، الرصاص يكتب أسامينا، سفر، الحكواتي، يقتطف ورد الدموع، رسوم قديمة في جدار.
ومن القصائد التي يضمها الديوان أيضاً: حلمي سالم يرحل في الأماكن، أغنية حب، أغنية فرح، جوسلين، شيء بيعيط في القلب، براويز لناس في الغياب، الفراشة، حديث خاص مع مينا دانيال، والشعب وحده اللي حي، جرح البدن، ملاك النوم، السفر في جناين يوسف درويش، وأحمد سيد حسن بعيون بسمة، أغنية صغيرة، بسمة، بسمة تتهجى الحياة، لما نادية تنام، في السفر، طويل يا سفر، من أغاني بيروت صوت المسا، طالت الوقفة وإمتى العيد، عبدالمنعم رياض، شجرة الموت، مريم، كتابة على كفن سالي زهران.
ويتناول فؤاد من خلال هذه القصائد يتناول ما يقرب من مائة اسم لأصدقائه، ويبعث إليهم سلامه عبر إهدائه في أول الديوان، والذي حمل عنوان «القلب والأصحاب»، قائلًا فيه: «مقدرش أكتب كل الأسامي، لكن قهوة الصبحية كل يوم، والسنة فيها 360 يوم، وباشرب قهوتي مع أصحابي، اللي في المدن البعيدة، والقريبة على قلبي».
أمل طاغ
يتميز الديوان بنزعة كبيرة من الأمل حاضرة فيه بقوة، رغم أسماء الموتى والشهداء بداخله، وهو الأمر الذي دفع عددا من النقاد إلى وصف الديوان بأنه رومانتيكي ثوري، كما أثنى آخرون على لغته ووصفوها بأنها تخلصت من طبقاتها، مشبهين أسلوب زين العابدين بالشاعر بيرم التونسي، الذي اهتم بالشعب المصري والحارة المصرية، إضافة إلى رسالة الأمل التي يبثها في ثنايا أبياته.
تعكس قصيدة«القلب والأصحاب» في الديوان، الأمل الكبير لدى الشاعر، حتى مع المرارات. ومما يقول فيها:
«ساعات باستغرب»
إزاي القلب يقدر يحفظ الأصحاب اللي مروا
ويحتفل بوجودهم وأثرهم
لكن بابص على جلدي وأشوف المسام اللي فيه
وألاقيهم كلهم،
كل واحد سايب علامة على جلدي وعقلي وقلبي
لازم افتكرها».
ويتابع الشاعر:
«أحتفل بكل اللي مروا في حياتي وسابوا أثر
وأشرب معاهم قهوة الصبحية
واسألوا:
المهدي بن بركة، وطاهر عبد الحكيم ونبيل الهلالي ويوسف درويش
ومحمد سيد سعيد وعبد العزيز شفيق وعبد الحميد العليمي
وأروى صالح وسهام صبري
وعبد السلام الشهاوي وأمل دنقل ومحمد سيد سعيد وأحمد عبد الله
وبهجت عثمان وبدر حمادة ومحيي اللباد وزهدي العدوي
فاروق رضوان، وأحمد نصر وحسين شاهين
ومحمد عفيفي مطر وإبراهيم أصلان
ومصطفى الحسيني وعبد الوهاب المسيري
وزكي مراد وفتحية سيد وفاطمة زكي ومحمود أمين العالم
وممدوح عدوان وغسان كنفاني
ونصر أبو زيد ومينا دانيال ومريم فكري
وباسمة حلاوة والشيخ إمام وعدلي فخري ونعم فارس».
ويختم فؤاد:
«ساعات ما قدرش أكتب كل الأسامي
لكن قهوة الصبحية كل يوم
والسنة فيها 360 يوم
وباشرب قهوتي مع أصحابي
اللي في المدن البعيدة
والقريبة على قلبي».
رسائل أمل ينثرها عبير «قهوة الصُبحية»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.