تسببت أزمة نقص القمح في السوق المحلي نتيجة اتخاذ السلطات الروسية قرارا بحظر تصدير القمح حتي شهر ديسمبر المقبل، في نشوب خلاف حاد بين وزارتي التجارة والمالية، بسبب عجز المالية عن توفير المخصصات المالية لاستيراد القمح من أسواق بديلة للسوق الروسي؛ حيث طالبت وزارة التجارة وزارة المالية توفير مبلغ يتراوح ما بين 4 و5.2 مليار جنيه لاستيراد القمح من أسواق أخري لتعويض كمية النقص في القمح بعد قرار حظر تصدير القمح الروسي، إلا أن وزارة المالية رفضت هذا المبلغ علي اعتبار أنه سوف يسبب عجزا كبيرا في الموازنة العامة يصل إلي مليار جنيه؛ مما يعني أن نسبة العجز في الموازنة ستصل إلي 8%، علاوة علي أن المالية تتحجج بأن هيئة السلع التموينية مخصص لها موارد مالية في الموازنة تصل إلي 5.13 مليار جنيه، أي انه يمكن الحصول علي المخصصات المالية لاستيراد القمح من هذه الموارد، خاصة أننا مازلنا في بداية السنة المالية، وأنه من الصعب توفير موارد مالية جديدة، إلا أن وزارة التجارة ترفض استغلال الموارد الخاصة بالسلع التموينية تخوفا من حدوث أزمات جديدة كما حدث في سلعتي الأرز والشاي مؤخرا، حيث إن السعر الموجود في الموازنة العامة لمخصصات استيراد القمح في الخارج هو 200 دولار للطن، وهذا لن يكلف الدولة إلا 3 مليارات جنيه في حين أن الأزمة في زيادة السعر في الأسواق الخارجية للقمح والتي تصل إلي 300 دولار للطن وهو ما يكلف الدولة أكثر من 4 مليارات جنيه وهذا المبلغ لا تستطيع وزارة المالية توفيره. ويقول مصدر بوزارة التضامن الاجتماعي إنه لا داعي للقلق من الأزمة الحالية بشأن قرار حظر استيراد الأقماح الروسية حتي نهاية شهر ديسمبر المقبل.. لافتا إلي وجود احتياطي استراتيجي يكفي لمدة 4 أشهر.. مشيرا إلي وجود مناشئ أخري تستورد منها مصر وعلي رأسها السوق الأمريكي وأيضا الفرنسي وقال إن دور الوزارة يتضمن تحديد ما تحتاجه من كميات أقماح لتوريدها إلي المخابز لتصنيع رغيف الخبز ومن ثم يتم التنسيق مع هيئة السلع التموينية التابعة لوزارة التجارة في هذا الشأن. وقد خصصت الحكومة في الموازنة العامة للعام المالي 2010/2011 مبلغا لاستيراد القمح من الخارج يقدر ب 6.7 مليار جنيه، إضافة إلي ذلك مبلغ يقدر ب 1.2 مليار جنيه كاحتياطي للمتطلبات الزائدة من القمح لهيئة السلع التموينية، وأن المشكلة الحقيقية التي تهدد السوق المصري بشبح المجاعة هي زيادة أسعار القمح في الأسواق العالمية لتتعدي حاجز ال 300 دولار. وهذا التهديد موجود بالفعل، خاصة أن بولندا وألمانيا وبعض الدول الأوروبية التي تعد من أكبر منتج للقمح تعاني هي الأخري من الجفاف ومن المنتظر أن تصدر قرارا بمنع تصدير القمح، ومن هنا نجد أن الاجتماعات المكثفة التي تعقدها وزارتا المالية والتجارة والصناعة لم تسفر عن نتيجة إيجابية تستطيع من خلالها الدولة توفير القمح بعد انتهاء مدة المخزون الاستراتيجي والتي حددتها وزارة التجارة بأنها 4 أشهر. ومن جانبه، أكد علي شرف الدين رئيس غرفة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، انه من المفترض أن يتم استثناء مصر من قرار الحظر علي اعتبار أنه تم التعاقد علي استيراد القمح الروسي قبل اتخاذ القرار، حيث تعاقدت مصر علي استيراد 450 مليون طن قمح روسي بسعر 198 دولارًا للطن عن طريق هيئة السلع التموينية قبل اتخاذ السلطات الروسية قرارا بحظر التصدير مما يعني أن من حق الحكومة المصرية اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد نظيراتها الروسية في حال امتناع الجانب الروسي عن تنفيذ التعاقد. وأضاف شرف أنه تمت مؤخرا اتصالات مكثفة بين الجانبين الروسي والمصري، وتم الاتفاق علي تأجيل توريد القمح للسوق المصري حتي أكتوبر المقبل، نظرا لفقدان الجانب الروسي 10 آلاف فدان من القمح نتيجة موجة الحرائق التي اكتسحت البلاد بسبب موجة الحر الشديدة، قائلا: إن الحكومة المصرية تحاول البحث عن بدائل أخري للسوق الروسي من حيث الأرخص سعرا وذلك تنفيذا لمطالب وزارة المالية التي عجزت عن توفير الموارد المالية لاستيراد القمح من الخارج وطالبت بخفض تلك الموارد، نافياً أن يكون تخفيض المخصصات لاستيراد القمح والبحث عن أسواق بديلة يكون له علاقة بتكرار أزمة دخول قمح فاسد للبلاد مرة أخري. ويقول د. عبد السلام جمعة الملقب "بأبو القمح في مصر" إنه لابد من زيادة المساحة المزروعة بالقمح في حدود 4 ملايين فدان ولن يتسني ذلك إلا باستصلاح 4.3 مليون فدان وهي خطة الدولة حتي عام 2017 وثلثهما لزراعة القمح أي بزيادة زراعة القمح مليون فدان لتعطي 3ملايين طن، مشيرا إلي أن استهلاكنا المحلي 12 مليونا ثم إنتاج 8 ملايين طن في العام الماضي انخفض إلي 6 ملايين طن هذا العام بسبب ارتفاع درجة حرارة الطقس وانخفاض مياه الري.. لافتا إلي أنه تم تعديل استراتيجية الإنتاج واستحداثها اعتبارا من 2010 حتي 2030 وتهتم بجميع الحبوب وتهدف الاستراتيجيات إلي إنقاص المساحة المزروعة من الأرز إلي 350.1 مليون فدان بغرض توفير المياه للري تكفي لزيادة مساحة الذرة الصيفي المزروعة لتصل إلي 5.3 مليون فدان ذرة وزراعة 4 ملايين فدان قمح في الشتاء بعد استصلاح 4.3 مليون فدان في هذه الحالة سيتم إنتاج 32 مليون طن من الحبوب تكفي الاستهلاك المحلي.