تعد الزراعة أساس الاستقرار والحياة علي أرض مصر منذ العصر الفرعوني كان لها دور فعال في ازدهار الحياة المصرية بل في نشأة حضارة عظيمة نالت إعجاب العالم أجمع، وتعتمد مصر علي زراعات استراتيجية منذ أن أنشئت مصلحة الزراعة عام 1913 والتي أطلق عليها وزارة الزراعة عقب ثورة يوليو عام 1952، وكان من أهم أهدافها النهوض بالزراعة واستصلاح الأراضي باستخدام أساليب حديثة. وبعد أن كان المصري يفتخر بالأراضي التي يمتلكها أصبحت توجهاته في امتلاك الأموال بالبنوك أو الاستثمار في مجالات يراها أكثر تقدما، مما يدفع بالكثيرين إلي ترك أراضيهم الزراعية أو بيعها مما يؤدي إلي بوارها وبالتالي زحف العمران عليها وتقل المساحة الزراعية وتعجز أرض النيل المصري في توفير الغذاء لأهلها بعد أن كانت مصدراً لغذاء روما. كما أدت الزيادة السكانية إلي الزحف العمراني علي الأراضي الزراعية خاصة في أوقات الانتخابات حيث انشغال الجهات الرقابية والتنفيذية بها وكذلك الأجازات والأعياد، وقد شنت القوانين التي تحكم وتجرم عمليات البناء المخالفة هذه ومنها قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1982 المادتين 152،156 والمعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 الذي يحذر علي حائز الأرض الزراعية بأي صفة إقامة مبان عليها إلا بعد الحصول علي ترخيص في إقامتها من الجهات الإدارية، وفي حالة مخالفة هذا الحظر فإن القانون قد أعطي للقاضي الجنائي سلطة القضاء بإزالة كل المباني عند الحكم بالمخالفة، ولم يعط وزير الزراعة أو من يفوضه من المحافظين في هذه الحالة إلا بإيقاف تلك المباني المخالفة فقط دون إزالتها، وهنا يكمن القصور حيث الإيقاف وعدم الإزالة ليس حلاً، وفي حالة تجاوز هذا القرار واستمرار العمل يكون القرار الصادر عن وزير الزراعة أو المفوضين متضمنا هذه المخالفة. ويؤكد المهندسون الاستشاريون أن هذه الأبنية المخالفة غير مطابقة للمواصفات المعمارية السليمة، وتعد هذه مخالفات أخري غير مخالفة البناء علي الأرض الزراعية. وبالرغم من غلاء مواد البناء من حديد وأسمنت إلا أن الشقق السكنية أصبحت أكثر غلاء حيث يتجاوز إيجار الشقة ال 300 جنيه فأكثر، وتعد هذه ميزانية كبيرة بالنسبة لمقيمي القري بالإضافة إلي فاتورة الكهرباء والمياه والتليفون لذلك يتجه المواطن إلي البناء علي الأرض الزراعية بدلا من دفع هذه المبالغ. ويقول المواطنون إن أولادنا يدفعون مبالغ باهظة في الشقق السكنية لذلك قررنا البناء، ويقول آخر إنه كان يعيش في بيت من حجرتين هو وأبناؤه الأربعة وبعد أن كبر الأولاد وأصبح كل منهم يريد الزواج وأسعار الشقق عالية جدا، هذا بالإضافة إلي أن الأراضي الموجودة بالحيز العمراني أسعارها مرتفعة جدا قد يصل المتر فيها إلي 2000 جنيه ، لذلك قررنا البناء علي أرضنا الزراعية، وتعد المخالفات الأكثر في المحافظات الملاصقة للقاهرة. ويؤكد المهندس محمد عيسي، الرئيس السابق للإدارة المركزية لحماية الأراضي الزراعية بوزارة الزراعة، أن المساحات المستقطعة من الأراضي الزراعية في مصر تكفي احتياجات الزيادة السكانية حتي عام 2022. واستعرض مساحة التعدي علي الأراضي الزراعية في آخر ثلاثة أعوام في بعض المحافظات كالبحيرة 2200 فدان، والقليوبية1200 فدان، والدقهلية 800 فدان، ودمياط 600 فدان، أما سوهاج 1366 فداناً. وقال عيسي: علي الدولة انتهاج أساليب حديثة حيال تلك المشكلة وذلك بإقامة مدن ومجتمعات عمرانية جديدة حتي يخرج إليها قاطنا الدلتا ووادي النيل، ويجب أن توفر هذه المجتمعات جميع سبل المعيشة وصرف صحي وغيرها بحيث تكون وسائل جذب للخروج من الوادي الضيق إلي الصحراء الواسعة. وفي دراسة أجراها معهد البحوث والاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء وتحدث عن هذه الدراسة د. عفيفي عباس، بمعهد بحوث الأراضي والمياه، في فترة زمنية تتراوح بين 197و 209 أعوام، كما أوصت تلك الدراسة بتكوين جهاز من الشرطة يطلق عليها جهاز حماية الأراضي الزراعية موضحا أن ذلك سيكون رادعا لكل من تسول له نفسه العبث بقوت شعب مصر. واختتم بأنه يجب أن تقوم الدولة بتوعية الجمهور من خلال الجهاز الإعلامي بالقضايا الحيوية وتوضيح وجهة نظر الحكومة والأضرار التي ستعود علي المجتمع جراء التمادي في تلك المخالفات الجسيمة.