منذ يوم 20 مارس الماضي ، وطلاب كلية الهندسة بجامعة القاهرة يضربون احتجاجاً على اعتقال زملائهم، وقد ارتفعت وتيرة العنف داخل الحرم الجامعي، في أعقاب اشتباكات وقعت بين قوات الأمن و الطلبة المؤيدين للإخوان، بعد أن أصدرت إدارة الجامعة في فبراير الماضي قراراً بالسماح لقوات الأمن بالدخول إلى الحرم الجامعي ومنح رؤساء الجامعات الحق في فصل الطلاب مثيري الشغب، ووفقاً لييان وزارة الداخلية فإن هجمات المتشددين قتلت نحو 496 شخص في مصر منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في يوليو الماضي، ووصلت وفيات الشرطة 252 ضابط و187 من الأفراد العسكريين، بالإضافة إلى مقتل 57 مدنياً، وأعلنت جماعة متشددة مقرها سيناء تسمى "أنصار بيت المقدس" مسئوليتها عن معظم الهجمات. يقول أبو العز الحريري وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي: إن الاحتجاجات التي تتواصل منذ عزل الرئيس محمد مرسي عن الحكم دليل على تصعيد لغة الخطاب الإخواني المعادي للشعب ، خاصةً بعد أن ترددت شائعات حول إمكانية تدخل بعض الوسطاء لحل الأزمة السياسية الراهنة في البلاد بين النظام المؤقت والإخوان المسلمين، إن التشدد في المواقف على جانبي الانقسام السياسي في البلاد سيكون تمهيداً لمزيد من حملات أمنية أوسع على واحدة من أقدم المنظمات الإسلامية وأكبرها في العمل السياسي، لكنه دعا إلى ضرورة تفعيل الحوار بين الفرقاء، نظراً لأن القمع الأمني سيقابل بمزيد من الهجمات الإخوانية على مؤسسات الدولة، وفي النهاية لن يستطيع كل من النظام المؤقت أو الإخوان إقصاء الآخر من الحياة السياسية، ويحذر الحريري من أنه كلما اقترب موعد الاستحقاق الانتخابي الثاني والمتبقي من خارطة الطريق (الانتخابات الرئاسية) المزمع إجراؤها خلال الفترة المتبقية من عمر المرحلة الانتقالية، سيزداد عنف الإخوان، خاصةً وأن المؤشرات تذهب إلى إمكانية فوز المرشح المحتمل المشير عبد الفتاح السيسي بالمنصب الرئاسي. ومن جانبه أوضح د. مصطفى النجار عضو الهيئة العليا لحزب العدل، أن الإخوان لم يعد لديهم مكاناً داخل الحياة السياسية المصرية، خاصةً بعد أن أهدروا جميع الفرص المتاحة للصلح مع النظام المؤقت، منذ عزل الرئيس محمد مرسي عن الحكم في يوليو الماضي، واعتبر أن شرط المصالحة مع الجماعة بتطبيق قرارات بسيطة ينبغي على الجماعة أن تعيد النظر فيها مجدداً، مثل التخلي عن عودة الرئيس المعزول محمد مرسي، وعن عودة دستور 2012، لأن العجلة السياسية لن تعود إلى الخلف مرة أخرى، بالإضافة إلى أن الجماعة عليها أن تستوعب فكرة أنها فشلت في إدارة البلاد، وأن الشعب خرج رافضاً لحكمها، وأوضح النجار أن غرور الجماعة وتكبرها على المصريين هو السبب فيما آلت إليه البلاد من فوضى وعنف وتفجيرات، حيث اعتمدت الجماعة نهج "إما الحُكم أو القتل"، وربما يكون دافع الإخوان من وراء التفجيرات بعد إعلان المشير السيسي ترشحه للرئاسة، نظراً لأنه كلما اقتربت ملامح الانتخابات الرئاسية، أُصيب الإخوان بحالة من فقدان التوازن السياسي، وبالتالي يتم ترجمة هذه الحالة إلى فوضى وعنف وتفجيرات إرهابية. في حين يرى محمد أبو حامد رئيس حزب حياة المصريين - تحت التأسيس - أن المواجهة الأمنية مع جماعة الإخوان المسلمين أصبحت عديمة الجدوى، خاصةً وأن إرهاب الجماعة أصبح مختلفاً عن السابق، فلم يعد العدو ظاهراً أو معروفاً، وإنما قد يكون مواطناً عادياً لكنه ينتمي إلى الإخوان المسلمين، وأوضح أن سرعة الفصل في قضايا الإرهاب المتورط فيها قيادات وأعضاء الجماعة سوف تساهم في ردع الموالين لهم في الشارع، ولذلك لن تهدأ جماعة الإخوان طالما تعيش على أمل إمكانية تهريب قياداتهم من السجون، أو عودة الشرعية المزعومة، وشدد على ضرورة إبعاد الفوضى عن الجامعات ومؤسسات الدولة، حرصاً على مستقبل باقي الطلاب غير المنتمين للإخوان، مع أهمية إدخال قوات الشرطة إلى الجامعة لتأمينها، لأن الواقع يؤكد أن الأمن الإداري فشل في التعامل مع المشاكل الاحتجاجية والتظاهرات الطلابية، ويشير إلى أن ما يحدث في الشارع المصري يعد بمثابة "صحوة موت" للإخوان المسلمين، بعد أن تيقن التنظيم الدولي أن خارطة الطريق تمضي في مسارها، وأنه لا مجال لإمكانية التعامل مع الإخوان مجدداً، رغم محاولاتها في محاربة الشعب ومؤسسات الدولة. بينما يؤكد نادر بكار مساعد رئيس حزب النور لشئون الإعلام، على ضرورة تدخل من يصفهم بالعقلاء من القوى السياسية لإقناع جماعة الإخوان بتغيير عقيدة العنف والتفجير ضد الدولة، نظراً لأن مشروع الجماعة الإسلامي انتهى تماماً عند المصريين، ولم يعد هناك أي مجال لتكرار نموذج الإخوان في الحكم، أو إدارة الدولة بمنطق "حكم المرشد"، ويقول: أن الأمل يظل مرهوناً على شباب الإخوان في الانسلاخ عن قادة التنظيم القطبي (نسبة إلى سيد قطب)، والدخول في حوار مع الدولة، وإصلاح المفاهيم ومراجعة الأفكار الخاطئة، ويضيف: يمكن القول أن استمرار الإخوان في نهج الفوضى لن يقابله سوى مزيداً من القمع الأمني، ومن المتوقع أن يسير الرئيس القادم على نفس النهج، كونه يتعامل مع جماعة مدرجة على لائحة المنظمات الإرهابية، لافتاً إلى أنه لم يعد هناك أي مجال لتفاوض الإخوان مع الدولة، لأنه لا تصالح مع الدم، والنظام المؤقت دعا الإخوان كثيراً إلى مبادرات للحوار السياسي وحل الأزمة، لكن للأسف الجماعة ظنت أنها دولة داخل الدولة، وأنها تمكن تغيير الواقع بالتفجيرات وقتل الأبرياء، وينبه إلى أن المشير السيسي حين أعلن في خطاب ترشحه للرئاسة وكشف عن نواياه العمل مع جميع القوى السياسية والإسلامية، قائلاً: "نمد أيدينا إلى الجميع"، وبالطبع يشير الرجل إلى إمكانية التصالح مع قيادات الجيل الثاني من الإخوان المسلمين غير الملوثة أيديهم بدماء المصريين. وتعجب د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع السابق، من تزايد الفوضى والتفجيرات في الشارع، عند طرح القوى السياسية مبادرات للخروج من الأزمة الراهنة، وإمكانية الحوار مع الإخوان المسلمين للخروج من المأزق، ورغم أن الجماعة قد تكون هي المحرك الرئيسي للتصالح مع النظام المؤقت، إلا أنها تريد أن تبدو ظاهرياً أمام المجتمع أنها تدعو للمصالحة، وبالتالي فإنها بريئة من العنف في البلاد، يؤكد على أن الإخوان لن تقبل بالمصالحة مع النظام المؤقت، إلا بمكاسب معقولة من وجهة نظرها، حتى لا تظهر منكسرة أمام مؤيديها في الداخل والخارج، ويقول السعيد: أن من بين الشروط التي ستوافق عليها جماعة الإخوان للمصالحة مع النظام المؤقت، أبرزها الإفراج عن قيادات مكتب الإرشاد المعتقلين، مع إمكانية ترحيلهم خارج مصر إلى إحدى الدول العربية أو الأوروبية، وهو شرط من الصعب تحقيقه لأن القضاء أصبح مسئولاً عن كشف جرائم هذا التنظيم في حق الشعب المصري، ويضيف: أيضاً من بين الشروط رفض ترشح المشير السيسي للرئاسة، وأيضاً لن تستطيع جماعة الإخوان فرض إرادتها على التفاف المصريين حول الرجل، ويشير إلى أن الحل يكمن في اعتراف الإخوان بالواقع السياسي ما بعد 30 يونيو، نظراً لأن ذلك هو المخرج الوحيد أمامهم، وعودتهم إلى المسرح السياسي. في المقابل، أوضح د. عمرو دراج القيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية، أن جماعة الإخوان لن تتراجع عن موقفها الرافض للانقلاب على الشرعية المنتخبة، قائلاً: سنظل نناضل سلمياً حتى الرمق الأخير من أجل الحفاظ على الشرعية، واستنكر في ذات الوقت حوادث التفجيرات والعنف التي تقع بين الحين والآخر في الشارع المصري، وإلحاق التهمة بالإخوان المسلمين لمجرد أنهم يرفضون التعامل مع النظام المؤقت، وحمل النظام المؤقت المسئولية عن كافة جرائم القتل والتفجيرات التي تستهدف المدنيين، نظراً لأنهم أخطأوا تقدير الموقف في 30 يونيو، ولم يتم تسوية أزمة التظاهرات مع الرئيس المنتخب محمد مرسي بطريقة ودية، وإنما انحازت المؤسسة العسكرية إلى فصيل حركة "تمرد"، وتجاهلت تماماً اعتصام مؤيدي مرسي في "رابعة العدوية"، وشدد على ضرورة محاكمة جميع قادة الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي - حسب قوله- حتى تعود الدولة إلى هيبتها المفقودة في العالم. ويتفق معه في الرأي طارق الملط، القيادي بتحالف دعم الشرعية، بقوله: أن جماعة الإخوان سوف تصعّد من لهجتها بشكل سلمي بعيداً عن التفجيرات والعنف والفوضى ضد الحكومة المؤقتة التي حفزت الرأي العام ضد الرئيس مرسي، ولن يوجد مكاناً للمتأخرين أو الصامتين عما يحدث في الدولة من انتهاكات، ومحاكمات هزلية بصبغة سياسية، مؤكداً أن الجرائم التي وقعت منذ 3 يوليو وحتى اليوم لن تسقط بالتقادم، وسيتم تسجيلها في التاريخ، ووصف ما يحدث في مصر بأنها معركة كونية بين الخير والشر، ففي الوقت الذي ترى فيه الحكومة المؤقتة الإخوان بأنها منظمة على استعداد لحرق البلاد، ترى الجماعة الحكومة أيضاً بأنها وراء ما يحدث في الدولة من فوضى وعنف، نظراً لأنها فشلت في تسوية الأزمة وعودة الشرعية التي انتخبها الشعب بشكل ديمقراطي.