جامعة المنيا تستضيف أسبوع شباب الجامعات ال 14    أسعار الذهب في ختام التعاملات اليوم السبت 2025.12.27    حزم بالجمارك والضرائب العقارية قريبًا لتخفيف الأعباء على المستثمرين والمواطنين    فتح المطارات للاستثمار |شراكة تشغيلية مع القطاع الخاص دون المساس بالسيادة    مصر و20 دولة عربية وإسلامية تعلن رفضها اعتراف إسرائيل باستقلالية إقليم أرض الصومال    فرنسا ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين تايلاند وكمبوديا    انطلاق مباراة تونس ونيجيريا في كأس أمم أفريقيا 2025    النصر يحطم أرقام دوري روشن بانطلاقة تاريخية بعد ثلاثية الأخدود    الأهلي يفوز على الكويت الكويتي ويتوج بالبطولة العربية لكرة الماء    رصاصة أنهت الخلاف.. مصرع حداد في مشاجرة بالأسلحة النارية بشبرا الخيمة    هنا شيحة ناعية داوود عبد السيد.. «ترك لنا أفلامًا ما زالت تعيش»    شاهد أولى كواليس «حد أقصى» بطولة روجينا | رمضان 2026    سهر الصايغ وعمرو عبد الجليل يتعاقدان على «إعلام وراثة» | رمضان 2026    الوطنية للانتخابات تعلن انتهاء اليوم الأول من التصويت بإعادة الدوائر ال19    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    218 فعالية و59 ألف مستفيد.. حصاد مديرية الشباب والرياضة بالمنيا خلال 2025    نيجيريا ضد تونس .. نسور قرطاج بالقوة الضاربة فى كأس أمم أفريقيا    خبيرة تكشف طرق الاختيار السليم للزواج وتوقعات الأبراج 2026    خبير تشريعات: توثيق 1500 فيديو لمرشحين خلال 6 جولات يشتكون من انتهاكات    وزير الصحة يكرم الزميل عاطف السيد تقديرًا لدوره في تغطية ملف الشئون الصحية    الجيش السوداني يعلن استعادة السيطرة على منطقة الداكنوج بكردفان    موجة جوية غير مستقرة بشمال سيناء تتسبب بإغلاق ميناء العريش    النائب أحمد سيد: السياحة قضية أمن قومي وصناعة استراتيجية تقود الاقتصاد الوطني    الدفاعات الجوية الروسية تسقط 111 مسيرة أوكرانية خلال 3 ساعات    جهود لإنقاذ طفل سقط في بئر مياه شمالي غزة    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    تأجيل قضية فتى الدارك ويب المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة لجلسة 24 يناير    تعليم العاصمة تعلن انطلاق البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    تجربة رائدة لدمج التعليم بالإنتاج فى كفرالشيخ |أرباح مليونية بالمدارس الزراعية    وزير الإسكان يتفقد مشروع "حدائق تلال الفسطاط" بمحافظة القاهرة    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    ألمانيا تغلق مطار هانوفر بعد رصد مسيرات في مجاله الجوي    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    جولة في غرفة ملابس الأهلي قبل مواجهة المصرية للاتصالات بكأس مصر    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    موعد مباراة السنغال والكونغو الديمقراطية بأمم أفريقيا.. والقنوات الناقلة    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسواني: العزلة حببتني في القراءة
نشر في صوت البلد يوم 23 - 06 - 2013

عندما يسرد الروائي المصري عبد الوهاب الأسواني تفاصيل طفولته تتجلى منجزات العزلة وأثرها في تكوينه ككاتب ومثقف إذ يقول: "لم تكن بالمنطقة التي أقيم فيها بمدينة الإسكندرية مع عائلتي سوي ثلاث عائلات مصرية فقط والباقي وهم الأغلبية من الأجانب وحدث وأنا في التاسعة من عمري أن ذهبت مرة كي ألعب مع أولاد " الخواجات " وعندما اقتربت منهم، حملوا الكرة وذهبوا وتركوني وحدي .. بعدها فرضت على نفسي العزلة تماماً ولم أجد سوي القراءة صديقا لي في تلك السن الصغيره وربما ما حدث من أولاد " الخواجات " واعتبرته شراً وقتها كان خيراً لي، فقد ساعدتني القراءة صغيراً على النضوج مبكراً ككاتب وروائي".
نال" الأسواني" العديد من الجوائز المصرية والعربية تقديرا لابداعه الروائي ؛ وقد حصل مؤخرا على جائزة الدولة التقديرية في مصر .. ومن أبرز أعماله الروائية : سلمى الاسوانية - وهبت العاصفة - اللسان المر - ابتسامة غير مفهومة - أخبار الدراويش - النمل الأبيض - كرم العنب .. وصدر له العديد من المجموعات القصصية منها : مملكة المطارحات العائلية - للقمر وجهان - شال من القطيفة الصفراء .. وقد تم تحويل الكثير من أعماله إلى دراما تليفزيونية حققت نجاحا كبيرا.. أبحرنا معه في عالمه الإبداعي .. بادرت بسؤاله :
- الإنسان ابن بيئته .. فإلى أي حد تأثرت بالبيئة الأسوانية ؟
الحقيقة أني تأثرت ببيئتين مختلفتين في المستوى الحضاري ، قريتي في أسوان، ومنطقة رمل الإسكندرية ؛ التي كان والدي يملك بها محلا تجاريا بسيطا ويقضي فيها فصل الصيف .. ثم ينتقل بنا - ونحن أطفال - إلى قريتنا بأسوان في شهور الشتاء ، وفي بلدنا كنت أدخل كل بيت .. ومن حسن الحظ أن أبي من نجع يختلف في طباعه وسلوكياته عن النجع الذي تنتمي إليه أمي .. عرفت منذ الطفولة جميع العائلات في النجعين .. تاريخها وخلفيتها الاجتماعية ومحاسنها ومساوئها .. من هنا كانت غالبة كتاباتي في القصة القصيرة والرواية عن القرية الأسوانية " الصعيدية" .. لكن للإسكندرية أفضالها في التثقيف ودور السينما ومعارض الفن التشكيلي .. وفيها مكتبة بالمنشية لا أنساها .. تضم جميع الكتب التي يحتاجها محبو الأدب والباحثون وبأرخص الأسعار .. بل ويطلب منك صاحبها أن تعيد إليه الكتب التي اشتريتها نظير قرش واحد بقراءة الكتاب .. فكنت أعيد إليه بعضها وأحتفظ بالبعض الآخر.
- وماذا عن الصعوبات التي واجهاتك خلال رحلة العمر من أسوان إلى القاهرة ؟
الرحلة بدأت من الإسكندرية والصعوبات كثيرة .. لكن أهمها كان لابد لي من الرحيل إلى القاهرة .. ففيها تتركز قيادات الساحة الثقافية . هذه المشكلة تنفرد بها مصر وحدها .. فأكثر الصحف البريطانية - مثلا تصدر خارج لندن .. ينطبق هذا على البلدان الغربية التي سبقتنا ..
- هل تعتقد أن عملك بالصحافة نال من المبدع بداخلك ؟
عرفني القراء في البداية ككاتب صحفي، لكني تحولت إلى الأدب، وكانت بداياتي حين ظهرت ككاتب ساخر من خلال صفحة يومية بعنوان "ابتسامة ما" كان يستغرق كتابتها نحو يومين كاملين، وهو ما أفادني كثيرا وأكسبني مجموعة من المفردات المصرية التي تتحدث بها جميع الطبقات في المجتمع ، واستفدت من وظيفة الكاتب العسكري التي شغلتها بعد ذلك، حيث وضعت يدي على تفاصيل الشخصيات المصرية في جميع رتبها، كما أكسبني خبرة إنسانية خاصة؛ لأن النفس البشرية تتجرد من كل رتبها أمام الإحساس بالخوف أو الاتهام.
إن الكاتب أرنست هيمنجواي، يقول إن عمل الأديب في الصحافة سيكون له كمنجم من الأسرار والأخبار التي لن يحصل عليها إلا من عمله في تلك المهنة، ولكن على ألا يظل الأديب يعمل في الصحافة لأكثر من ثلاث إلى أربع سنوات؛ لأنه في حالة استمراره بها لن يكتب رواية.
- بمن تأثرت من المبدعين الكبار ؟
أعتقد أنني تأثرت بكل من قرأت له - ولو كتابا واحدا وانفعلت بموضوعه - سواء من المبدعين أو الباحثين .. وفي بداية حياتي شغفت كثيرا بالشعر القديم وبالتاريخ .. في فترة ما كنت أعتقدت أنني شاعر .. ولي قصائد عمودية أخفيها عن النقاد! تدور في ثلاثة أغراض " الغزل " و" الهجاء" و " الوطنيات " .. لقد قرأت في سن مبكرة الكثير من الشعر الجاهلي والأموي والعباسي وكنت أسعد " لنقائض " جرير والفرزذق التي يتهاجيان فيها .. وفي فترة أخري كنت أعتقد أنني " مؤرخ! ".. قرأت في نفس السن المبكرة المجلدات التاريخية للطبري وابن الأثير والوافدي وابن عبد الحكم .. وغيرهم .. فضلا عما تيسر من التاريخ اليوناني والروماني والفارسي وطبعاً تاريخ مصر بكل مراحله .. لكنني حينما بدأت أكتب وجدتني أغير في الوقائع التاريخية فأحذف منها وأضيف إليها فاكتشف الذين عرضتها عليهم - من أدباء الإسكندرية الأكبر سنا - أنها "قصص " تاريخية وليست تاريخا !
لم أكن أقرأ القصة القصيرة والرواية إلا بالمصادفة البحتة ولم أعرف بأنها "الفن الماكر " إلا بعد ترددي علي الندوات الأدبية .في البداية قرأت ليوسف السباعي وإحسان عبد القدوس وأمين يوسف غراب ؛ لكنهم لم يعودوا مقنعين لي بعد أن تعرفت علي أعمال نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويحيي حقي .. وفي مرحلة لاحقة أعمال هيمنجواي وجون شتاينبك وتولستوي ودستوفسكي وتشيكوف وأندريه مالرو وموباسان .
اليقين
- هل تشعر بأنك لم تنل التقدير الذي تستحقه ؟
في بداية حياتي الأدبية اشتركت في ثلاث مسابقات .. واحدة للراوية واثنتين للقصة القصيرة .. أعلنت النتيجة في وقت واحد .. فزت بالمركز الأول فيها جميعاً مع ثلاث ميداليات ذهبية إحداها باسم طه حسين ، أعتقد أن هذا الفوز غرس في نفسي يقينا داخليا بأن المطلوب هو إتقان العمل - رواية أو قصة أو مقالا - بصرف النظر عن أي اعتبار آخر .. وأحمد الله بأن الكثيرين من كبار النقاد تناولوا أعمالي في دراستهم .. وروايتي " سلمى الأسوانية " تدرس الآن لطلبة آداب جامعة جنوب الوادي .. ومنذ سنوات قليلة كانت روايتي " أخبار الدراويش " تدرس في جامعة المنيا وهناك ستة من الباحثين والباحثات - الآن - يتناولون أعمالي في رسائلهم الجامعية .. منهم ثلاثة عن أعمالي وحدها وثلاثة مع أدباء آخرين .. ماذا يريد المرء أكثر من ذلك ؟
- هل العصر الحالي أصلح للرواية ؟
نقادنا القدماء أطلقوا على الشعر لقب " ديوان العرب " لأنه يتضمن أخبارهم وأحوالهم وآمالهم وآلامهم.. الشعر الآن جمح إلى تناول القضايا الفكرية مع شيء من الغموض يصل إلى حد تمييع المعني، وترك " أخبار العرب وأحوالهم " للرواية .. من هنا أصبحت الرواية هي ديوان العرب .. لكن هذا لا يعني إلغاء دور الشعر .. وأرجو أن أكون صادقا إذا قلت إنني - حتى الآن - أسعد بالقصيدة الجيدة أكثر مما أسعد بالرواية التي تماثلها في الجودة الشعر لن يغيب مادام أن للإنسان قلبا يخفق .
- ما رأيك في الحركة النقدية الحالية ؟
- نقادنا مظلومون .. أغلبهم لا يجدون المنابر التي ينشرون فيها أعمالهم، بعد أن أعطت صحفنا ظهرها للدراسات النقدية .. والنشر في الصحف يساعد على التعريف بالأعمال الأدبية التي يتناولها النقد من ناحية .. ويسهم في رواج الكتاب الذي جمع فيه الناقد عددا من دراساته المنشورة في الصحف من ناحية أخري، يضاف إلي هذا أن النقاد يعانون من عداوات أولئك الذين يتولون مناصب كبري ويعتقدون بأنهم مبدعون!
أعرف نقادا كبار تعرضوا للاضطهاد من " إخواننا " هؤلاء .. ولست أدري من الذي أطلق على الأدباء لقب " الشهداء " ؟! الشهيد الأعظم - في وقتنا الحالي - هو الناقد .
سلمى الاسوانية
- للمبدع محطات .. ما أهم المحطات الأدبية في حياتك ؟
فوز روايتي " سلمى الأسوانية " بالجائزة الأولى هو المحطة الأولى .. قبلها كنت أشك في مقدرتي على اقتحام عالم الرواية .. وحينما دخلت بها المسابقة كنت أتوقع أن يكون ترتيبها بعد الأربعين أو الخمسين .. كان كل أملي أن أقرأ التقارير التي كتبها عنها الأدباء الكبار في لجنة الفحص .. المحطة الثانية كانت حينما عرض علي ناقدنا الكبير الراحل رجاء النقاش أن أعمل معه في الصحافة .. وكان وقتئذ رئيس مجلة إدارة مجلة الإذاعة والتليفزيون ورئيس تحريرها، وقفز بتوزيعها لدرجة أنها كانت تباع فيما كان يسمي بالسوق السوداء.. لقد عطلتني الصحافة عن الإنتاج الأدبي في السنوات الأولي .. لكن عدم تمسكي بمواعيد صارمة - وفر لي وقتا طيبا لأقرأ فيما ما كنت أعتقد أنه ينقصني .. مع أن الثقافة بحرها بلا شاطئ .. وقد أحصيت السنوات التي يجب أن أعيشها لكي أقرأ ما أتمنى قراءته فوجدتها زادت على الثلاثمائة سنة!
المحطة الثالثة كانت حينما أصيب ابني الأكبر بمرض خطير .. اضطررت إلى العمل في الصحافة الخليجية لكي أنفق على علاجه .. سنوات طويلة ضاعت بلا إنتاج أدبي .. المحطة الأخيرة هي التي أعيشها الآن .. منهمك في ثلاثة أعمال في وقت واحد ،كلها وصلت إلى نهاياتها ، لكنني مشغول في تعميق بعض الشخصيات، وإشباع الكثير من المواقف الدرامية .. وإعادة صياغة بعض الصفحات .. وهذه " العملية " تستغرق أضعاف الوقت الذي تستغرقه الكتابة الأولى .
- وكيف تنظر إلى الترجمة ودورها في اتساع رقعة قراءة العمل الابداعي ؟
أنا غير محظوظ في الترجمة .. ولم أسع إلى هذا قط ؛ ربما لاعتقادي بأن قضايانا لاتهم القارئ الغربي - باستثناء المستشرقين ومن يدرسون الأدب العربي في جامعاتهم - وكل ما ترجم لي كان بالمصادفة البحتة .. رواية واحدة هي "أخبار الدراويش " ترجمت إلى الروسية، وعدد قليل من القصص القصيرة بعضها ترجم إلى الفرنسية وبعضها الآخر إلى الصينية .. بعد حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل .. فوجئت بأن رواياته التي ترجمت تقرأ على نطاق واسع .. إذن الغرب يهتم بقضايانا عكس ما كنت أظن .. ربما كان سبب إحجامه الاعتقاد بأن الراوية عندنا لم تصل إلى مكانة الرواية الغربية من حيث المستوى الفني .
- ماذا ينقص أدباءنا المعاصرين ؟
أن تتعامل الدولة مع إنتاجهم الأدبي - كما تتعامل مع " إنتاج " فرق كرة القدم ..
- إلى أي مدى استفاد الروائيون العرب من الرواية الغربية ؟
الخطأ الذي وقع فيه الكتاب العرب، هو كتابة المضمون وفقا للشكل الفني التجريبي أو الحديث الذي اختاروا استيراده من الخارج، رغم أنه من المفترض أن يقود المضمون إلى الشكل الفني وليس العكس، ورغم اقتباسنا لبعض الأشكال الفنية استطاعت الرواية العربية أن تتفوق في بعض النواحي على نظيرتها الغربية نتيجة زخم اللغة ومفرداتها العميقة والغنى السردي .
دراما تليفزيونية
- وماذا عن أعمالك الأدبيه التي تحولت إلى أعمال تليفزيونية ؟
أسعد بها لأنها ستحول العمل الأدبي من مقروء لبضعة آلاف إلى مشاهدين علي نطاق الملايين .. لكن ما يحزنني أن غالبية هذه الأعمال تفرغ من مضمونها الفكري .. وذات يوم قلت لأستاذنا نجيب محفوظ!" إنني أحزن عندما أشاهد فيلما مأخوذا من إحدى رواياتك .. إلا في أقل القليل " فقال لي : " هيئ نفسك بأنك ستشاهد عملا آخر ".
هذه حقيقة لابد من قبولها .. كاتب السيناريو والمخرج - وبقية الفريق - معذورون لأنهم يراعون الأعداد الهائلة من المشاهدين البسطاء .. فضلا عن الرقابة التي تتلمظ للمصادرة تلمظ الأفعى!.. لكنني لا أعذر صانعي الفيلم أو المسلسل الذين يقلبون فيه فكر الأديب رأسا على عقب كما حدث في فيلم " ميرامار " .
بالنسبة لي .. في السبعينيات من القرن الماضي حولت روايتي " اللسان المر " إلى مسلسل من إخراج علوية زكي .. وحول السيناريست الراحل محسن زايد روايتي " سلمى الأسوانية " إلى مسلسل من إخراج يوسف مرزوق .. وكتب الشاعر الشاب سعد القليعي السيناريو لروايتي " النمل الأبيض " وأخرجها هشام أسامة أنور عكاشة وانتهى من تحويل رواياتي " أخبار الدراويش " إلى مسلسل لصالح مدينة الإنتاج الإعلامي.. وكل هذه الأعمال ينطبق عليها ما ينطبق على غيرها من روايات تتحول إلي الدراما التليفزيونية .
- كيف ترى العلاقة بين السينما والرواية؟
أنجح الأعمال السينمائية هي التي استندت إلى روايات، فالسينما استفادت من الرواية استفادة كبيرة .. والرواية استفادت بدورها من السينما ، لكن المفارقة أننا نشهد حالة غريبة جدا، فعندما تتحول الروايات إلى عمل سينمائي أو درامي يتوقف الجمهور عن شراء هذه الروايات في نسختها المطبوعة ؛ ويتذكر نجوم التمثيل الذين جسدوا شخصيات العمل .
- بماذا تنصح المبدعين الشباب ؟
ألا يقبلوا أي نصيحة ، وإن كان ولابد من ذلك.. أتمنى من شباب الروائيين أن يقرأوا هذه الحكاية : ذات مرة قرأت لكاتب سياسي كبير - أكن له احتراماً - قوله إنه كتب رواية استمدها من قصة حياته وهي حياة حافلة فعلا كتبها في أربعمائة صفحة خلال أسبوع واحد ثم طبعها وأعطاها للنقاد فلم يكتبوا عنها حرفا واحدا .. قال ذلك وهو غاضب عليهم . لاحظوا أنه كتب الرواية بأسلوب تقريري .. فمن المستحيل كتابة عمل روائي من أربعمائة صفحة في أسبوع واحد .. شكسبير ذاته لا يقدر على ذلك !لو أنه - بعد أن كتبها - وضعها في أحد الأدراج لشهرين أو ثلاثة، وحمل في جيبه مفكرة صغيرة كتب فيها كل ما خطر له من " معلومات " عن شخصيات روايته، أو تحسين موقف من مواقفها، أو " تعديل " مسار إحدى شخصياتها .. إلخ ثم أعاد صياغة الرواية من جديد بأسلوب " تصويري " - وليس تقريريا - فإن الكتابة الثانية سوف تستغرق منه عشرة أمثال الفترة التي كتبها فيها لأول مرة .. فللرواية - والقصة القصيرة - لغة خاصة .. المطلوب هو " صورة " الفعل وليس " الفعل " .. إذا قال الكاتب عن بطلة روايته :" حزنت حزنا شديدا " فهذا أسلوب تقريري يصلح للمقال .. المطلوب هو الأسلوب التصويري .. يقول مثلا :"أسندت رأسها على راحة يدها، ولمعت عيناها الواسعتان بدمعة أبت النزول ".. حينئذ القارئ هو الذي سوف يقول إنها " حزينة " دون أن يذكر الكاتب فعل " الحزن " أصلا ، وهذا الكلام موجه لمن يملك السليقة الروائية أولا .
- هل تتوقع أن يتغير المشهد الثقافي المصري بعد الثورة ؟
في رأيي أنه سيتراجع بشكل كبير ؛ فهناك مقولة نقدية شهيرة تقول إن "الفن احتجاج" أي أن المبدع يكتب الرواية أو القصيدة من أجل الاحتجاج على وضع ما قد يكون سياسي أو اجتماعي قائم، لكن الثورات تقوم بالإصلاح والتغيير.وبالتالي فإن الفن هنا يفقد دوره في الاحتجاج إلى أن يحدث تناقض في الأوضاع يكتشفها الكاتب فيكتب ليحتج من جديد، وأقرب مثال على ذلك توقف نجيب محفوظ عن الكتابة عند قيام ثورة 1952 لمدة خمس سنوات، لأن معظم كتابته السابقة كانت عن الاحتجاج على النظام الملكي السابق، وعند قيام الثورة انتهى مصدر احتجاجه، لكن عندما ظهر التناقض بالممارسات غير المقبولة بعد الثورة عاد برواية "اللص والكتاب" و"ميرامار"؛ تعبيرا عن رفضه واحتجاجه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.