" الغضب ".. عاطفة بشرية تتكون لدى الطفل حين لا نلبي له طلبا ما، وتقاس خلال حركات اليد وتغيرات النبض وتعبيرات الوجه، وتشكل مع الخوف العدو الأول في حياة الإنسان، وهما أساس أية مشاكل نفسية، ويقال أن الغضب حين يدخل الآخر حدودك وتشعر بأن حدودك قد انتهكت، فتستثار العواطف الأخرى بالخوف ثم العدوان .. وتختلف درجاتها وحدتها من شخص لآخر، والحدود المكانية معروفة أما الحدود النفسية فهى تختلف بإختلاف الأشخاص ولا تقف عند معنى محدد . ومدارس علم النفس الحديثة تربط بين الاكتئاب والغضب باعتبار الأخير عاطفة مستفزة، حيث تعرف الاكتئاب على إنه غضب يرتد نحو الذات ؛ والاكتئاب هو الحزن اليائس من كثرة تجمعه في الداخل هناك شعور نحو الذات، فالطفل إذا كان قويا يدافع عن نفسه أما إذا كان تحت السيطرة فإن الغضب الذي يجب أن يتوجه نحو الظالم يظل مكتوما، ولا يمكن أن ينفس عنه فيضعف الطفل أكثر ويتعلم كيف يختزن الضيق وقد يعبر عن نفسه وهو صغير، ولكن بعد أن يشب، خاصة بالنسبة للبنت ؛ حيث تفقد القدرة للتعبير عن نفسها، ويصبح من سمات شخصيتها رد الغضب نحو الذات واختزانه وكلما كان الإختزان أكثر تجمع في الخلايا ويصبح الجسم عليلا والنفس عليلة .. ويتكون لدى الشخص الاستعداد للإنفجار في أية لحظة وهناك أناس سريعو الغضب إما لأنهم ليس لديهم سيطرة على أنفسهم أو لأنهم شحنوا بالغضب منذ الطفولة وأصبح من السهل استثارتهم لدرجة أنهم قد يبدون غضبا غير مبرر أو بدون أسباب وعندما تخرج هذا المخزون الغاضب نجد أنفسنا أكثر رحابة . أنواع وأسباب ويقول د.أحمد عكاشة خبير الطب النفسى: إن الغضب الصحي من الضرورى أن يكون موجودا وإلا يكون الإنسان متبلد المشاعر، ولكى يدافع الإنسان بغضبه الصحي ويستثار الغضب إذا كانت الحدود حقيقية، وهذا صحي.. أما إذا كانت الأسباب غير حقيقية فهذا غير صحى، وكذلك الإدراك الخاطئ المحرف والذي تعتبر شخصيته أنها ذات حدود ممتدة والآخر ليس له حدود، وهذه طبيعة طفولية لم تنضج بعد ويستثار الغضب لدى هؤلاء في أوقات غير مناسبة منطلقا من الشعور المتدني بالذات في حين أن الشخصية الناضجة تعرف حدودها وحدود الآخرين أيضا فالحساسية المفرطة تصدر عن شخصية غير مقتنعة أنها تملك في المقومات ما يكفي لاحترامها وتقديرها وتريد من الآخرين ما لا تستطيع هى تقديمه لذاتها، كما أن الغضب الصحي لا يعصف بالجسد كما يحدث في أنواع الغضب الآخرى التي تعصف بالجسد وتمزقه. ويضيف د.عكاشة إن هناك نوعا ثالثا من الغضب ينطلق حين يكون هناك شخص آخر يتسلط علي، ويغضبني بحيث لا أستطيع رد الغضب فعلى سبيل المثال رئيسي في العمل أم زوجي وكل ما يندرج تحت كل التعاملات غير الإنسانية السلطوية، وهو في جوهره غضب صحي وقد يتقبل الإنسان الموقف ولكن عندما يتكرر ولا يملك الطرف الآخر أن يغضب والتزام الصمت، وهذا النوع إما يأتي لأسباب خارجية، أو لأن رؤية الشخص للحياة غير متوازنة ؛ فيكون الإنسان طوال يومه ملئ بالغضب مثل العريس الذي طلق زوجته اثناء الزفاف ووسط ذهول المدعوين خرجت العروس لترتدي فستانا أسود وتجلس مرة آخرى إلى جواره بعد أن تراجع في طلاقه " !! وهي حادثة حقيقية حدثت قريبا قد تبدو متطرفة من كلا الطرفين ومضحكة ولكن العروس أرادت أن تعلن عن غضبها وحزنها، وكم من مواقف مشابهة تحدث يوميا باختلاف صورها وهذا هو الغضب فكلا الطرفين يعتقد أن الآخر تعدى على حدوده، ومن الضرورى أن يأخذ عقابه في اللحظة نفسها وفي بعض الأحيان من المفترض أن نصبر لنجد حلا بالتفاهم ولكن في الغالب يحدث بالعكس ونغضب . إن البعض يتساءل ماذا يحدث لأجسادنا وعقولنا أثناء الغضب ؟ بدأ علم النفس الحديث النظر للأشياء على أنها طاقة الغضب مثل الكهرباء والمغناطيس ؛ أي أن شيئا يزعجني ويجعل هذه الطاقة تنتشر في الجسد وتجعل الإنسان غير قادر على الجلوس ويريد أن يفعل أى شئ للتنفيس عنها والآن استطاعوا ابتكار آلات تصوير شديدة الحساسية والدقة لتصوير هذه الطاقة الكامنة داخل الجسم واكتشفوا أن الغضب يسجل نقطا حمراء حول الشخص الغاضب، وتحيطه البقع الكهرومغناطيسية وهناك بعض الناس يخرجون هذا الغضب وهذه الطاقة عن طريق الصراخ أو العنف ضد الطرف الآخر أو تحطيم الأسعار ولكن قد يأتي بعد ذلك احتقار الذات من جراء هذا التصرف ، فضلا عن خسارة الآخر الذي ( غضبت عليه ) وقد يستثير البعض الغضب للوقيعة والفتنة والنتيجة مثلا قطع أواصر صداقة عمر، وعدم القدرة على إقامة صداقة إخرى وتأنيب الذات واحتقارها ولكن اغلب الحالات ليس لديها القدرة على إخراج الغضب فتحترق بهذه الطاقة التي لا يتم تسريبها وعندما لا تجد متنفسا للخروج ترتد لتتجمع في أكياس ما حول الجسد داخله في خلايا الجسد، وكل مرة يرتد فيها الغضب نحو الذات تتجمع كل الموجات وتختزن بشكل متحول قد يكون اكتئابا وكل مرة يختزن فيها الغضب يمتلئ " الكيس " وتتحول النقط الحمراء إلى سوداء ويتجمع الحزن. تعبير الجسد اما عن تعبير الجسد عن الغضب فيقول د. عكاشة : يكون بالمرض فالأمراض إما عادية لأسباب صحية معروفة وإما سيكوماتيكس " نفس جسدية " فبعد الغضب أو الإنفعال يجد الإنسان ألما في الرأس أو المعدة أو في أى عضو من جسده، أو أنه يشكو من ألم دائم ، والسبب أن الكيس غير المرئي حولا لجسد والقوى غير المرئية ، يختزن هذا الكيس في مكان معين يختلف من شخص لآخر وكل واحد مستعد للمرض بحسب اختزان الطاقة وأينما يوجد مرض ليس له تفسير يوجد غضب مختزن في هذه المنطقة أو الوقت الحاضر وتخزين الغضب يتكون من الغضب المرتد نحو الذات. أما السيطره علي النفس فيقول: لأننا بشر من الضرورى أن ننحي حتى تمر هذه العاصفة الغاضبة ولكن لابد أن انفس عن غضبي بالمناقشة الهادئة المتفاهمة بعد هدوء العاصفة، ولذلك فلا بد أن يكون في يدي طريقة للسيطرة عن نفسي هذه الوسيلة أشبه بالرياضة وهي فعالة للتنفيس عن الغضب الوقتي أو المكبوت وتكون بالجلوس بهدوء في صمت وضوء خافت مغمض العينين وأحاول أيضا إخلاء الفكر من أية هموم ومشاكل تعصف به وأركز النظر بالعين الثالثة على الجسد وأحاول التجول تدريجيا واكتشف ما بداخلي مع التنفيس العميق الهادئ ثم أسحب هذا الغضب تدريجيا إلى الخارج وأشعر كأن هناك ما يغسلني، وهذا الماء يغسل كل أجزاء الجسد الداخلية العقل والقلب وكل الجسم بعد ذلك يكون الإنسان أكثر استعدادا لسماع كلمات الله الذي بذكره تطمئن القلوب فيكون للآيات الكريمة وقع آخر على القلب وكذلك النفس فيتطهر الإنسان في هذه الجلسة من كل كوامن الغضب داخله .