بسبب تسجيل مكالمة هاتفية لشخصية عامة هل ذلك التسجيل قانوني أو أنه يعرض من قام به إلي المساءلة ويضعه تحت طائلة القانون.. وهل تصلح المكالمة التليفونية المسجلة خلسة أن تكون دليلاً يعتد به أمام المحاكم ضد المتحدث حتي إذا تضمنت ألفاظاً وأقوالا يعاقب عليها القانون؟ سؤال طرحناه علي المتخصصين فماذا قالوا؟ تتضمن السطور التالية الإجابة.. يقول المستشار خيري حسن فخري رئيس محكمة جنايات الجيزة الدستور قد كفل حرية الرأي وحرية المراسلات والمحادثات وكل حريات الأفراد.. والاعتداء علي هذه الحريات يستوجب معاقبة المعتدي ومنذ عام 1971 حظر القانون التنصت علي المحادثات التليفونية لأنها من الحريات الشخصية للأفراد وأنها تتناول صميم أفراد المجتمع فلا يجوز لأي شخص مهما كان ان يعتدي علي هذه الحرية ويقوم بالتنصت أو التسجيل لهذه المحادثات وكما يسري هذا الحظر علي الافراد العاديين فإنه يسري كذلك علي السلطة التنفيذية في الدولة.. والقانون قد كفل ووضع ضمانة للأمر بالتسجيل ، فلم يعطه للنيابة العامة شأن أذون التفتيش وإنما اعطاه للقاضي وحده، فهو الذي يصدر الإذن للجهة المختصة لتسجيل المحادثات التليفونية ولا يكون ذلك الا ان نكون بصدد جريمة وان الدلائل مؤكدة علي ارتكاب المتهم جريمة معينة فيتم التسجيل لضبطها مثل ما يحدث في حالة قضايا الرشو، ويترتب علي ذلك انه اذا قام شخص من تلقاء نفسه بتسجيل محادثة تليفونية لشخص آخر دون رضاه ودون علمه فإنه يقع تحت طائلة القانون ويستوجب العقاب طبقا لقانون العقوبات. ويكمل الحديث المستشار عبدالرءوف قبطان عضو لجنة العدالة والتشريع بالمجالس القومية المتخصصة انه علي ضوء المادة 45 من الدستور المصري فإن لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمتها وسريتها مكفولة ولا يجوز الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محدودة وفقا لاحكام القانون وطبقا للمادة 206 فقرة 2 اجراءات جنائية فإنه يجوز للنيابة العامة ان تضبط لدي مكاتب البريد جميع الخطابات والرسائل والطرود والمطبوعات وان تراقب المحادثات اللاسلكية، ويشترط لاتخاذ أي اجراء من الاجراءات السابقة الحصول علي أمر مسبب بذلك من القاضي الجزئي وفي جميع الاحوال يجب ان يكون الأمر بالمراقبة لمدة لاتزيد علي ثلاثين يوما ويجوز للقاضي الجزئي أن يجدد هذا الأمر لمدة أو مدد أخري مماثلة وإذا تم مخالفة ذلك فإن الفعل يقع تحت طائلة المادة 309 مكرر من قانون العقوبات التي تجرم ذلك والعقوبة فيها الحبس مدة لاتزيد علي سنة ويحكم في جميع الاحوال بمصادرة الاجهزة كما يحكم بمحو التسجيلات الحاصلة عنها أو إعدامها. جريمة القذف وهناك مراقبة أخري للمحادثات التليفونية تصدر بإذن من رئيس المحكمة الابتدائية لجريمتين هما المنصوص عليهما في المادتين 166 مكرر و308 مكرر عقوبات الجريمة الأولي: من تسبب عمداً في ازعاج غيره بإساءة استخدام أجهزة المواصلات التليفونية. والجريمة الثانية: كل من قذف غيره بطريق التليفون فالاذن في هاتين الجريمتين يكون من رئيس المحكمة الابتدائية طبقا للمادة 95 مكرر اجراءات جنائية والذي يعرض عليه تقرير من مدير عام مصلحة التليفونات وشكوي المجني عليه فيأمر بوضع جهاز التليفون تحت الرقابة في المدة التي يحررها المشرع ويجرم تسجيل المكالمات الشخصية عبر الهاتف دون الحصول علي إذن من النيابة أو القاضي الجزئي حسب الاحوال وإذا تم التسجيل برضاء المجني عليه وبعلمه فلا تكون هناك جريمة ولا يكون هناك حاجة للحصول علي إذن قضائي في هذه الحالة وهذا متبع في بعض شركات الاتصالات التي تبادر برسالة صوتية حين تتصل بها تعلنك بأن المكالمة مسجلة حرصاً علي خدمة العملاء.. وإذا تم تسجيل مكالمة دون إذن قضائي أو رضا المجني عليه وكان مضمون المكالمة المسجلة قد يشكل جريمة سب أو قذف فإن هذه التسجيلات لا يعتد بها قانوناً لا ينتج أي أثر قانوني أمام المحكمة وتعرض الذي قام بتسجيلها للمساءلة القانونية. الإذن القضائي ويؤكد المستشار ابراهيم سيد احمد المستشار بمحكمة استئناف الإسكندرية ان المشرع في استجابة منه للتعديلات التي أقرها الدستور المصري الصادر عام 1971 والذي نص علي أن لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون وللمراسلات والمحادثات قد جعلها المشرع تحت الرقابة القضائية وجعل الاختصاص بشأنها للقضاء وحده دون غيره ولابد ان يصدر هذا الاذن منه ولا يم تفويض النيابة العامة في هذا الشأن ولابد من صدور الاذن لمدة محدودة وبناء علي أسباب قانونية سائغة ومقبولة وكافية.. لحرمة ذلك الاجراء ومساسه بالحرية الفردية وفي تقديرنا فإن هذا الاجراء ينطوي علي خطورة شديدة ، لاسيما ان مصر قد صدقت علي الاعلان العالمي لحقوق الإنسان ويؤخذ من نصوص هذا الاعلان النص علي حرمة الحياة الخاصة واحترام آدمية الإنسان من بينها المحادثات التليفونية ولما كان ينطوي هذا الاجراء علي خطورة فقد جعله المشرع في يد القضاء. وفي حالة قيام أي فرد بتسجيل مكالمة للمتحدث معه دون اتباع الاجراءات القانونية التي يتعين اعمالها فإنه يقع تحت طائلة القانون. الحماية الجنائية أما د. محمود أحمد طه استاذ القانون الجنائي بجامعة طنطا يقول: يصف الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية والدساتير الوطنية والتشريعات الجنائية الداخلية علي إقرار حماية قانونية لحق الإنسان في حرمة حياته الخاصة ومن أهم تطبيقات ذلك الحق كفالة حق الإنسان في سرية محادثاته التليفونية حيث يطمئن كل من المتحدثين علي حديثه مع الآخر عبر الأسلاك الأمر الذي يشجعه علي أن يبث أسراره دون حرج أو خوف من تنصت الغير عليه. تتجسد الحماية الجنائية الموضوعية لحق الإنسان في مسيرة محادثاته التليفونية في ضوء المشرع المصري 309 مكرر عقوبات في تجريمه لثلاث صور تنطوي علي اعتداء علي سرية المحادثات التليفونية مالم تتوافر احد اسباب إباحة ارتكاب احدي هذه الصور.. وأولي هذه الصور التجريمية هي التنصت علي المحادثات التليفونية ، فلكي يمكن القبول بارتكاب جريمة تنصت علي محادثة تليفونية يجب ان يثبت ارتكاب الغير النشاط الإجرامي للجريمة ويقصد بالغير هنا كل من كان خارج طرفي الحديث التليفوني. وهناك ثلاث صور للنشاط الاجرامي الأولي استراق السمع أي الاستماع خلسة إلي الحديث التليفوني سواء تم ذلك بالاذن المجردة أو باستخدام جهاز من الاجهزة المتخصصة لذلك. وعليه فلا يقع تحت طائلة العقاب التقاط الحديث التليفوني متي استمع إليه المتهم من خلال سماعة التليفون التي في يد المرسل نفسه أواستماع ضابط الشرطة للحديث التليفوني بموجب اذن قضائي بذلك يصدر من قاضي التحقيق أو القاضي الجزئي أو بموجب رضا المرحل نفسه او لتوافر علاقة اشرافية كأن يتنصت الأب علي محادثات ابنه الصغير أو يتنصت الزوج علي محادثات زوجته متي كان لديه شك قوي في سلوكها ، والصورة الثانية تسجيل الحديث التليفوني والثالثة نقل الحديث التليفوني ويشترط بجانب النشاط الاجرامي توافر القصد الجنائي لدي المتهم بعنصرية العلم والإرادة فالجريمة عمدية أي ان يكون الجاني عالما بطبيعة نشاطه الاجرامي وان من شأنه التنصت علي المحادثات التليفونية للغير وانصراف ارادته من نشاطه هذا إلي استراق السمع أو نقل الحديث وتسجيله وعليه فلا عقاب علي من يسترق السمع أو يسجل أو ينقل الحديث بطريقة الاهمال أو عدم التبصر أو التقصير مهما كان جسيما أو التقط الحديث بصورة عرضية كتلامس خطوط التليفونات يعاقب المتهم في هذه الجريمة بالحبس مدة لاتزيد علي سنة ومصادرة الأجهزة وغيرها ، مما يكون قد استخدم في الجريمة كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة منها أو إعدامها ويشدد العقاب بالحبس الذي يصل إلي ثلاث سنوات متي كان الجاني موظفا عاما استغل وظيفته في ارتكاب جريمته. ويري المستشار أحمد طارق عبدالله بمحكمة جنايات المنيا الثابت انه وفقا للمادة 309 مكرر من قانون العقوبات فإنه يعاقب بالحبس مدة لاتزيد علي سنة كل من اعتدي علي حرمة الحياة الخاصة للمواطن وقام بتسجيل محادثة جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون وذلك في غير الاحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضا المجني عليه.. فإذا رضي الأخير زالت السرية ولم يعد هناك حق معتدي عليه ويشترط لتوافر الرضا ان يشمل جميع اطراف الحديث برمته.. وقد افترض القانون رضاء المجني عليه إذا صدرت الافعال المعاقب عليها اثناء اجتماع علي مسمع أو مرأي من الحاضرين في ذلك الاجتماع. ولابد من توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة أي علم المتهم بالصفة الخاصة للحديث وان من شأن الجهاز الذي يستعمله ان ينقل الحديث أو يسجله ويجب ان تتجه ارادته إلي فعله او نتيجته وتطببيقا لذلك ، فإنه لا يرتكب هذه الجريمة من استمع إلي محادثة تليفونية لتشابك الخطوط أو ترك سهوا جهازا للتسجيل في مكان خاص فسجل حديثا جري فيه.. وفي حالة الحصول علي دليل عن طريق التسجيل بطريقة غير مشروعة ، فإن الدليل يكون باطلا ويحق للمجني عليه مطالبة القاضي الجنائي بتوقيع عقوبة المادة 309 مكرر عقوبات وهي الحبس علي من استحصل علي هذا الدليل. أما المستشار أيمن العزاوي رئيس محكمة استئناف المنصورة فيقول رغم ان تسجيل المكالمات الهاتفية دون الحصول علي إذن مسبق من القضاء بالتسجيل تجعل هذه التسجيلات لا يعتد بها قانوناً ، إلا ان لهذه القاعدة استثناء حيث يمكن ان يعتد بها وتأخذ بها المحكمة اذا كان من شأنها نفي تهمة عن متهم.. وبالتالي فإن لها أثرا إيجابيا في القضاء ببراءة المتهم من الاتهام المسند إليه ولكن لا يعتد بها في اسناد تهمة ضد شخص ما.. فهي يعتد بها في مجال البراءة فقط دون الادانة لأنها دليل غير مشروع ولا يصح اسناد الاتهام بناء عليها وعن مسئولية الشخص الذي قام بتسجيل مكالمة دون اذن قضائي. و اضاف العزاوي: إذا كان هذا التسجيل له فائدة شخصية لهذا الشخص لاثبات براءته فإنه يعد دفاعا مشروعا عن نفسه لأن له الحق في اثبات براءته بكل الوسائل ، فجرائم المحمول تنتقل من خلال البلوتوث التي يشيع المحادثات السرية إن كانت كلامية ومصورة.. فالجهاز الخطير كما له منافع فأيضاً يستغله البعض في ابتزاز الآخرين فالتكنولوجيا في عالم المحمول متطورة يوماً بعد يوم يواجه الإنسان هذا الجهاز الخطير في نشر الفضائح .