بالصور.. حفل استقبال الطلاب الجدد بكلية طب الفيوم    الاستعلام عن الأسماء الجديدة في تكافل وكرامة لشهر سبتمبر 2025 (الخطوات)    زيلينسكي: نتوقع الحصول على 2.9 مليار يورو لشراء أسلحة أمريكية    يؤكد ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية بغزة.. مصر ترحّب بتقرير الأمم المتحدة    موعد مباراة الإسماعيلي ضد الزمالك الخميس في الدوري المصري    وفاة والدة نجم الأهلي الأسبق    صلاح محسن أفضل لاعب في مباراة المصري وغزل المحلة    دييجو إلياس يتأهل إلى نصف نهائى بطولة CIB المفتوحة للإسكواش 2025    عاجل.. قرار هام لوزير التعليم بشأن تطبيق نظام الدراسة والتقييم لطلاب الثانوية    حسين الجسمي يروج لحفله الغنائي في ألمانيا السبت المقبل    وئام مجدي بإطلالة جذابة.. لماذا اختارت هذا اللون؟    إيناس مكي تنهار من البكاء على الهواء بسبب والدتها (فيديو)    بإطلالة أنيقة.. رانيا منصور تروّج ل "وتر حساس 2" وتنشر مشهد مع غادة عادل    بتقنية متطورة.. نجاح جراحتين دقيقتين للعظام في مستشفى بالدقهلية (صور)    في خطوتين بدون فرن.. حضري «كيكة الجزر» ألذ سناك للمدرسة    عاجل - الذهب المستفيد الأكبر من خفض الفائدة.. فرص شراء قوية للمستثمرين    حمدي كامل يكتب: السد الإثيوبي .. من حلم إلى عبء    د. آمال عثمان تكتب: هند الضاوي.. صوت يقهر الزيف    700 فصل و6 مدارس لغات متميزة جديدة لاستيعاب طلاب الإسكندرية| فيديو    وزير الأوقاف يشهد الجلسة الافتتاحية للقمة الدولية لزعماء الأديان في «أستانا»    لأول مرة.. ترشيح طالب مصري من أبناء جامعة المنيا لتمثيل شباب العالم بمنتدى اليونسكو للشباب 2025    بوتين يبحث هاتفيًا مع رئيس وزراء الهند الأزمة الأوكرانية وتطورات العلاقات الثنائية    اختلت عجلة القيادة..مصرع شخصين بمركز المراغة فى سوهاج    أرتيتا يتفوق على فينجر بعد 25 مباراة في دوري أبطال أوروبا    هل الحب يين شاب وفتاة حلال؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم كثرة الحلف بالطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    من «كامبريدج».. تعيين نائب أكاديمي جديد لرئيس الجامعة البريطانية في مصر    "أطباء بلا حدود": إسرائيل تمارس العقاب الجماعي على أهالي قطاع غزة    احتجاجات واسعة في لندن ضد زيارة ترامب لبريطانيا    إصابة شاب بإصابات خطيرة بعد أن صدمه قطار في أسوان    حقيقة اختفاء 5 قطع أثرية من المتحف اليوناني في الإسكندرية    أيمن عبدالعزيز يعلن تمسكه بعدم العمل في الأهلي.. وسيد عبدالحفيظ يرد    كيليان مبابي يعلن غيابه عن حفل الكرة الذهبية 2025    محافظ أسوان يشهد الحفل الختامي لتكريم القيادات النسائية    مدارس «القليوبية» تستعد لاستقبال مليون و373 ألف طالب    فوائد السمسم، ملعقة واحدة لأبنائك صباحا تضمن لهم صحة جيدة    إحالة شكاوى مرضى في وحدة طب الأسرة بأسوان للتحقيق    "لا أتهم أحدًا".. أول تعليق من والد توأم التطعيم بالمنوفية بعد وفاتهم    خالد الجندى: الإنسان غير الملتزم بعبادات الله ليس له ولاء    محافظ الأقصر يستقبل نائب عمدة جيانغشى الصينية لبحث التعاون المشترك    قرار قضائي جديد بشأن طفل المرور في اتهامه بالاعتداء على طالب أمام مدرسة    بعد نشر صورة مع جدها الفنان محمد رشدي.. من هي البلوجر فرح رشدي؟    80%ملكية أمريكية.. ملامح الاتفاق الجديد بين الولايات المتحدة والصين بشأن "تيك توك"    عاجل- رئيس الوزراء: مصر ثابتة على مواقفها السياسية والإصلاح الاقتصادي مستمر رغم التحديات الإقليمية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    ڤاليو تنفذ أول عملية مرخصة للشراء الآن والدفع لاحقاً باستخدام رخصة التكنولوجيا المالية عبر منصة نون    تحديث بيانات المستفيدين من منظومة دعم التموين.. التفاصيل    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    37 حالة وفاة داخل السجون وأقسام الشرطة خلال العام 2025 بسبب التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان    هيومن رايتس ووتش تتهم إسرائيل بتهجير السكان قسريا في سوريا    بن عطية يفتح جراح الماضي بعد ركلة جزاء مثيرة للجدل في برنابيو    قبل ما تنزل.. اعرف الطرق الزحمة والمفتوحة في القاهرة والجيزة اليوم    "البديل الذهبي" فلاهوفيتش يسرق الأضواء وينقذ يوفنتوس    "جمعية الخبراء" تقدم 6 مقترحات للحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية    رانيا فريد شوقي تستعيد ذكريات طفولتها مع فؤاد المهندس: «كان أيقونة البهجة وتوأم الروح»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقراط .. الرجل الذي راح ضحية مقولته المأثورة
في ذكرى قرار الإعدام على سقراط

تمر اليوم ذكرى قرار الحكم بالإعدام و تنفيذه على سقراط ذلك الفيلسوف الذي سبق عصره و فكره كما قال (ويل لمن سبق عصره فكره) ليكون ضحية تلك المقولة التي تنطبق على كل من يحاول التجديد و الإبتكار و كسر الموروث و إبادة الرجعية و كل ما يؤدي إلى قيد العقل عن الفكر و التنوير لنخرج بدرس هام و هو بهاظة ثمن الفضيلة و الحق و الخير و الجمال الذي قد يصل إلى إزهاق أرواح المنادون به و كأن أرواحهم تقدم قرابينًا للحق و الفضيلة و الخير و الجمال من أجل ديمومة الحياة حتى لا يتسيد الشر على البسيطة ما دام الخير مقاومًا على الرغم من شقاء مجهوده للوصول إلى الإكتمال.
(سقراط يشرح تعاليمه بالأجورا)
ولد سقراط بأثينا عام 469 ق.م بأثينا لأب يدعى (صفورينقوس) الذي كان مثالاً بالمدينة و أمه كانت قابلة أي مولدة أجسام و حينما كان يكنى بإبن القابلة فكان يرد عليهم بتلك المقولة (أمي مولدة أجسام و أنا مولد عقول) و شارك سقراط في شبابه في ثلاث حروب في تاريخ أثينا و ورد أنه أبلى بلاءً حسنًا في تلك المعارك لما إتسم به من شجاعة على القتال و المواجهة و التي نضحت على شجاعته في المواجهة الفكرية و الفلسفية و كان سقراط يعمل بمهنة أبيه مثالاً مثله و تزوج من امرأة تُدعى (كزنتيب) قيل عنها بأنها دميمة الوجه و الخلق و أشتهرت بضربها المستمر له أمام تلاميذه و قال سقراط عن مأساته الزوجية (من كانت زوجته طيبة عاش سعيدًا و من كانت زوجته شريرة أصبح فيلسوفًا) و لعل تلك المقولة أيضًا إنطبقت على حاله لتكون مقولاته خير شاهد على حياته و مفندة لتفاصيلها لكي يراها الأجيال القادمة بحلوها و مرها.
(أسواق الأجورا)
كانت هناك نبوءة لعرافة معبد (دلفي) بأثينا و هو معبد للإله (أبولون) أو (أبولو) رمز الجمال و المعرفة و كتبت تلك النبوءة على الجدران بأن أثينا سيظهر لها أحكم الحكماء في الدنيا كلها و توكدت المقولة و النبوءة بظهور سقراط في أسواق الأجورا بأثينا كسوق عكاظ في الجاهلية حيث كان يقرض الشعر و تنشر الخطابة و تعاليم الفلسفة في الأجورا التي شهدت الميلاد الفكري لأبو الفلسفة (سقراط) فبدأ سقراط ينشر تعاليمه في الأجورا ليخرج من أحشاء قلبه تعاليمًا جديدة لم يسمع عنها الأثينيون من قبل لدرجة أن السوفسطائيون كانوا يشبهونه بالمهرج و عبر عنه (أرستوفانس) في مسرحية له بالمهرج الذي يلقي التعاليم للتلاميذ بشكل كوميدي هزلي و لجأ سقراط في مواجهاته للسوفسطائيون الذين ساروا على نهج قلب الحقائق لتبرير أهواء النفس و المزاج إلى الجدل المنهجي و التداول القائم على الحوار من أجل الوصول إلى الحقيقة و كان سقراط يلجأ لتلك الطريقة من أجل إثبات صحة وجهة نظره بشكل راقي يتسم بالحوار الراقي دون اللجوء للسباب أو العصبية لتأكيد وجهة النظر و هذا الأسلوب السقراطي كان يسمى ب(إلينخوس) أو (المجادلة) لتفنيد الحقائق دون تسطيحها.
(تمثال سقراط بالأجورا كمزار سياحي)
كان هناك تلميذًا لسقراط إبن تاجرًا للجلود يدعى (أقريطون) كان من السوفسطائين و بسبب تعلق الإبن بسقراط و إنشغاله عن تجارة أبيه بتعاليم سقراط قام (أقريطون) هو زملائه من السوفسطائين بتدبير المكيدة له بإلصاق تهمة (إفساد عقول الشباب) و تلك التهمة أُلصقت له على الملأ حيث كان سقراط دائمًا يقول بأنه أُرسل بأمر سماوي من الآلهة لكي يوجه الناس للحقيقة و قالت عنه بعض المصادر أنه أمن بالله الذي لا نراه و لا نسمعه بل هو يسمعنا و يرانا و بهذا المعتقد أتهم بالكفر و المروق و إفساد عقول الشباب إلى جانب أن سقراط أتهم الهزيمة من أسبرطة لأثينا بسبب غياب الأخلاق و تعميم الفساد باسم لقمة العيش و إستمرار حياة الإنسان مما أدى إلى تلك النكبة العسكرية التي سببها نكبة أخلاقية.
(تمثال لسقراط)
كان سقراط طبيبًا بارعًا و ركز طبه على علاج النفوس المريضة أكثر من الأجسام المريضة لأن النفوس المريضة تؤدي إلى مجتمع قوامه الفساد و الفناء لأمة بأكملها و هذا ما كان يصبو إليه سقراط بتقويم النفس لتقويم الأمة في جسدها و جسد الأمة هو الشباب و لكن جاءت بوصلة السفسطة لتحول و تقلب حقيقة تقويم الشباب بإفسادهم و كانت المحاكمة التي مثُل أمامها سقراط و التي دافع فيها عن نفسه بطلاقة جبارة و فصاحة مميزة بعد أن أعتذر لمحاميه (لوسياس) بأن يدافع عنه لأنه بإمكانه أن يدافع عن نفسه لقوة موقفه بينه و بين نفسه أمام 565 قاضيًا كان إختيارهم من العوام مما يدل على فقدان منهجية و قانونية المحاكمة و التي وقعت تحت إمرة القرعة العمياء و بعد أن فرغ المدعي من تلاوة الإتهام الموجه لسقراط قال سقراط بشجاعة فائقة:
أيها الأثينيون لقد عشت شهماً شجاعاً ولم أترك مكاني خوفًا من الموت، وما أراني اليوم وقد تقدمت بي السن مستطيعاً أن أهبط عن ذلك المقام في الشجاعة فأتخلى عن رسالتي التي ألهمتني إياها السماء، والتي تهيب بي أن أُبَصِّر الناس بأنفسهم، فإذا كان ذلك التبصير هو ما تسمونه إفساداً للشباب ، ألا إذن فاعلموا أيها القضاة أنكم إن أخليتم سبيلي في هذه الساعة فإني عائد من فوري إلى ما كنت عليه من تعليم الحكمة.
(محاكمة سقراط)
أصدرت المحكمة حكمها على سقراط بالإعدام في 15 فبراير من عام 399 ق.م و قدمت المحكمة له مقترحًا بأن يعترف بخطئه في إفساد الشباب لكن سقراط طلب أن يتم تنفيذ الحكم و هو مصمم عليه لأنه بهذا الإقتراح أكد أنه مذنب بالفعل و أنه يهرب من قدره ألا و هو تعليم الناس مهمًا كانت النتائج و أنه بذلك قد فشل في توجيه الناس نحو الحق المطلوب و قيل أن زوجته لم تنصفه في شهادتها و بالتالي لم يتغير الحكم و أثناء تنفيذ الحكم عليه بالإعدام سمًا ذهب إليه تلميذه (كريتون) يقول له:
لقد أعددنا كل شيء للهرب فهيا بنا يا أستاذي إلى الحرية.
فرد عليه سقراط بعد أن تمعن فيه بنظره:
كلا يا كريتون لن أهرب من الموت. إني لا أستطيع أن أتخلى عن المبادئ التي ناديت بها عمري كله. بل إنني يا كريتون أرى هذه المبادئ الغالية التي ناديت بها حتى اليوم جديرة بذلك الثمن. أجل يا كريتون ليست الحياة نفسها شيئاً، ولكن أن نحيا حياة الخير والحق والعدل فذلك هو كل شيء.
(لحظة موت سقراط بسم الزعاف وسط تلاميذه)
قبل تنفيذ الحكم بلحظات ذهب إليه تلاميذه و زوجته و أبنائه و كان من ضمن تلاميذة (بلاتو) المعروف ب(أفلاطون) و أفلاطون تعني بالإغريقية عريض المنكبين حيث سماه سقراط بهذا الاسم و عند سماعه لنحيب زوجته قرر أن تغادر المكان حتى لا تضعف نفسه أمام القدر المكتوب و أخذ حمامًا دافئًا و كان يداعب حارس السجن الذي أحضر له السم ليتجرعه و هو سم (الزعاف) أو (الهيم لوك) و قال له بأن يتجرعه و يمشي قليلاً ليسري السم رويدًا رويدًا في كل الجسم و قد كان فتجرع سقراط السم وسط نحيب تلاميذه و مات سقراط شهيدًا للحق الذي ناداه حتى الموت.
لم يترك سقراط أثارًا مكتوبة لأنه كان يمل الكتابة و يستمتع بالحديث و هو يمشي فسميت مدرسته بمدرسة (المشائين) و لولا أفلاطون ما عرفنا سقراط فلقد أفرد له فصولاً كثيرة في كتابه (محاورات أفلاطون) و ليكون أفلاطون إمتدادًا لأستاذه سقراط و ليعلم أهل أثينا الخطأ الذي أرتكبوه في حق الفكر و الحق لينطبق عليه (ويل لمن سبق عصره فكره) و هذا ما سنراه في أيامنا القادمة لكل من ينادي بالجديد تنصب له المشنقة و يتم إيضاح الصواب بعد فوات الأوان.
شُبه سقراط بالمسيح عليه السلام و في أثينا يتم الإحتفال بذكراه و تعلق صوره كأيقونة كنسية في الكنائس و يسمي اليونانيون أبنائهم على اسم سقراط و لعل اليونان الآن في أزمتها الطاحنة في حاجة لمن يمتلك حكمة سقراط في الأيام الشظفاء التي يمر بها العالم الآن فكرًا و إقتصادًا و أخلاقًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.