تمر اليوم ذكرى ميلاد قديس الأدب الفرنسي الكاتب الكبير فرانسواه مورياك الحائز على جائزة نوبل للآداب في العام 1952 حيث يتسم كُتاب فرنسا بنصيب الأسد في إقتناص تلك الجائزة و كان مستهل الفوز بها في العام 1901 للشاعر الفرنسي الكبير رينيه سولي بردوم و إذ بمورياك ينضم لكتيبة كُتاب فرنسا مع أناتول فرانس الفائز بها العام 1921 و فردريك ميسترال الفائز بها العام 1904 مناصفةً مع الكاتب الإسباني خوسيه إتشيغاراي و رومان رولان الفائز في العام 1916 و أستاذه الروحي عبر اليُراع هنري برجسون الفائز في العام 1927 و أندريه جيد الفائز في العام 1947 و غيرهم من رموز فرنسا الأدبية. ولد مورياك يوم الحادي عشر من أكتوبر في العام 1885 ببوردو و كان أبوه يعمل موظفًا بأحد البنوك و توفي الأب و هو يناهز من العمر ثمانية عشر شهرًا و معه خمسة أبناء و إذ برحيل الأب أحتل الحزن مساحة كبيرة من قلب الصبي ليكون الشجن عنوان مضمونه المستقبلي في عالم الأدب علاوة على إصابته في إحدى عينيه و هو طفل لتترك الإصابة أثر تشويه على الوجه ليكون الشجن مُضاعفًا من أجل أدب عظيم مُدخر في صفحات المستقبل. تلقى مورياك أسس الدراسة و التعلم من الرهبان الكاثوليك في مدينة بوردو لينهل من النفحات الروحية من كنف القساوسة كناية على إعداده ليكون قديسًا و لكن ليس في اللاهوت بل في الأدب من أجل أدب يناجي المشاعر و الأخلاق و يرتفع بالروح نحو سمو عالي سواء كان شعرًا أو مسرحًا أو روايةً و هنا كان التخرج بالحصول على البكالوريا من معهد ليبرون و في العام 1905 حصل على شهادة الآداب من جامعة بوردو و في العام 1913 أُضيفت لقريحته الأدبية مسارًا آخر عبر شريكة حياته التي أرتبط بها في هذا العام. في العام 1914 إندلعت الحرب العالمية الأولى و أشترك مورياك في هذه الحرب لا كجندي يحمل السلاح و لا كمراسل حربي بل كرجل إسعاف يضمد جراح المصابين و إذ بالناحية اللاهوتية تلعب دورًا بارزًا في تفعيل الكلام النظري إلى عملي علاوة على زيادة القريحة الأدبية لديه بمفردات متنوعة و ثرية تخدم النص الأدبي حسب النوع المكتوب. أصدر مورياك أول عمل أدبي له من خلال مجموعة شعرية في العام 1909 بعنوان (الأيدي المعقودة) هذه المجموعة التي جعلت القراء تتلمس موهبة جديدة في فرنسا بجانب الأدباء الكبار و أخذ مورياك يستمر في خطاه الأدبي متشبعًا بالسليقة اللاهوتية نحو أدب خالد يعد نفسه عبر أعوام مديدة نحو العالمية المنتظرة. في العام 1926 عبر رحلته الأدبية النضرة حصل مورياك على الجائزة الكبرى من الأكاديمية الفرنسية كخطوة إعداد نحو الجوائز العالمية الكبرى و بناءً على مجهوده الفكري و الأدبي فاز برئاسة جمعية الأدباء الفرنسية و في العام 1933 حصل على عضوية الأكاديمية الفرنسية خلفًا للأديب الفرنسي المسرحي إيوجين بيرو الذي توفي في نفس العام. وقعت الحرب العالمية الثانية في العام 1939 و بهجوم ألمانيا على بولندا و إحتلالها لها تدخلت بريطانيا و فرنسل لتنضما للحرب و إذ بالهجوم النازي يجتاح السواد الأعظم من فرنسا لتصبح فرنسا مسلوبة الحرية في العام 1940 مستعيدة ذكريات حربها مع إنجلترا في القرون الوسطى وقت كفاح القديسة الكبيرة جان دارك فإذ بروح جان دارك تتجسد في رمز المقاومة الفرنسية الجنرال شارل ديجول الذي أخذ صليب لورين المزدوج شعارًا للمقاومة و نبراسًا للأمل لتجمع الأقدار بين قديسين قديس الكفاح الحربي و قديس الكفاح الأدبي أي الزعيم العسكري ديجول و الزعيم المدني مورياك لإزاحة البراثن النازية عن فرنسا بلد النور و الجمال. في هذه الفترة كان الكفاح الأدبي منصبًا على ألبير كامي و فرانسواه مورياك حيث إلهاب حماس الجماهير نحو الكفاح و النضال فكان ألبير كامي يكتب مقالاته النارية في جريدة (القتال) و كان جان بول سارتر ملازمًا لكامي في هذا المعترك أما مورياك فكان يكتب مقالاته الحماسية نحو الحرية و الإستقلال في جريدة (لوفيجارو) و إذ بنتاج القلمين يتلاحم مع كفاح ديجول عبر حكومة فرنسا الحرة من الخارج ينضح بالنصر و الحرية في العام 1944 حيث دخول ديجول باريس بعد فرنسة تحريرها بعيدًا عن تدخل القوات الأمريكية كما حدث في نورماندي ليعبر ديجول قوس النصر معلنًا عن فرنسا الحرة بحق كما كان اسم حكومته بلندن. في العام 1952 أعلنت الأكاديمية السويدية بإستكهولم عن فوز الأديب الفرنسي الكبير فرانسواه مورياك بجائزة نوبل لهذا العام لتمتع أدبه بعمق الرؤية الإنسانية و الروحية مع إضفاء البعد الفني لإيجاد دراما ذات قيمة إ تلامس الحياة الإنسانية. كان مورياك من أشد المعارضين للإستعمار الفرنسي على فيتنام و إستخدام القوة القمعية لإخماد الثورة الجزائرية بالجزائر و كان مورياك له علاقة وثيقة بشارل ديجول الذي كتب سيرته الذاتية ليقدم للشعب الفرنسي نبراس ضمير أمة قام بتحريرها من الإحتلال النازي. حصل مورياك على وسام الشجاعة في العام 1958 و له مؤلفات عديدة منها: - رواية (صحراء الحب) 1926. - شعر (قبلة الأرض) 1922. - رواية (الصحيفة) 1934. - مسرحية شعرية (أزمودا) 1938. - رواية (الدفتر الأسود) 1923. - رواية (نهر النار) 1923. - رواية (نهاية الليل) 1935. - رواية (الملائكة السود) 1936. - رواية (طرق البحر) 1931. - مسرحية (سر اللعين) 1950. - مسرحية (نار السماء) 1960. - نقد عن راسين. - سيرة المسيح بعنوان (حياة المسيح). - آخر أعماله (مراهق فيما مضى) 1961. توفي مورياك في الأول من سبتمبر من العام 1970 بعد رحلة فكرية عامرة بالمتعة و التفكير.