ينظر سكان القرى العراقية المحاذية لتركيا بحذر إلى انسحاب مسلحى حزب العمال الكردستانى نحو إقليم كردستان، آملين فى الوقت ذاته بألا تعود إلى مسامعهم أصوات المدافع والطائرات التركية. ويقول محمد سعيد (47 عاما) من سكان مدينة المعادية الواقعة على بعد 70 كم شمال دهوك (410 كم شمال بغداد) لوكالة فرانس برس "نتمنى ألا نسمع مرة أخرى أصوات المدافع والطائرات تدك جبالنا، ولكننا نخشى أن يندلع القتال مجددا". ويضيف وهو يقف أمام منزله فى المدينة المطلة على مناطق ينتشر فيها مسلحو حزب العمال "الشىء الأهم هو أين وكيف سيتم إيواء هذا العدد الكبير من المقاتلين؟، هذا قد يعنى خسارة جديدة لنا ويؤثر على أحوالنا". وفى خطوة تاريخية ترمى إلى إنهاء نزاع دام مستمر منذ ثلاثين عاما قتل فيه أكثر من 45 ألف شخص، بدأ متمردو حزب العمال الكردستانى الأربعاء انسحابهم من تركيا إلى شمال العراق فى إطار عملية السلام التى أعلن عنها فى نهاية مارس. ويقدر عدد مقاتلى حزب العمال الكردستانى فى تركيا بحوالى ألفى مقاتل، يضاف إليهم 2500 فى القواعد الخلفية فى شمال العراق. ومع مغادرة القوات العراقية فى عهد صدام حسين عام 1991 إقليم كردستان العراق الذى يتمتع بحكم ذاتى، اعتقد سكان القرى الحدودية أن مناطقهم لم تعد محرمة عليهم بعد الآن، إلا أن الأمور سارت على عكس ما كانوا يتمنون. فبعد فترة قصيرة، وجدت قوات حزب العمال الكردستانى المتمرد ملاذا آمنا فى مناطق جبلية محيطة بهذه القرى واستقرت فيها، قبل أن تخوض معارك مع الإدارة الكردية للإقليم والجيش التركى بين عامى 1994 و1996. ودخل حزب العمال بعد ذلك فى هدنة مع أكراد العراق، إلا أنه بقى فى حالة حرب متواصلة مع تركيا. وكلما حل الصيف على القرى الحدودية، حيث موسم قطف الثمار والزراعة، حتى بدأت المعارك بين الجانبين والقصف المدفعى والجوى التركى، ما كان يؤدى دائما إلى حرق البساتين والمراعى الطبيعية فى المنطقة.