وانفرجت الأزمة بعد أن كانت مصر تسير نحو فجوة سلبية في ميزان تجارة الأسمنت نتيجة للصعود المتوقع في الإستهلاك المحلي لهذا المنتج الإستراتيجي وسط تراجع دائم لمعدلات الإنتاج المحلي مدفوعا بأزمات الطاقة والتعثر ، لتعلن الدولة عن توجهها نحو مزيد من الإنفتاح و الإستثمار في هذه الصناعة كثيفة الطاقة بعد سنوات من الحظر والرفض . وتدرس الدولة خلال الفترة الراهنة طرح نحو 12 رخصة أسمنت جديدة خلال الفترة المقبلة داخل السوق المصرية ، لتدفع بذلك مؤشرات الصناعة نحو النمو بما قد يعظم من فرصها لإستغلال المشروعات القومية التي تعكف الدولة على تنفيذها حاليا مثل مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومشروع إنشاء مليون وحدة سكنية . هل الطرح سيكون الحل الأمثل للأزمة ؟.. هل أصبحت الدولة تمتلك رؤية صائبة لحل أزمات الطاقة بما يجعلها تفرج عن رخص الأسمنت ؟ .. ما هي تداعيات تلك الطروحات الجديدة وإنعكاساتها على جمهور المستهلكين ومؤشرات المنافسة داخل تلك الصناعة المتهمة دائماً بوجود الممارسات الإحتكارية .. تلك التساؤلات سيتم الإجابة عليها في السطور المقبلة . طروحات جديدة أكد مجدي غازي نائب رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية ، أن الهيئة تدرس اليات طرح نحو 12 رخصة أسمنت جديدة خلال الشهور الثلاثة المقبلة ، مشيرا إلى أن الهدف الرئيسي من عملية الطرح هو تجنب الفجوة المتوقعة بين معدلات إنتاج مصانع الأسمنت وتنامي معدلات الاستهلاك المتوقع وصولها إلى 80 مليون طن بحلول عام 2020 . وأوضح غازي أنه من المقرر وصول حجم الطاقة الإنتاجية للرخصة الواحدة إلى 1.5 مليون طن سنوياً بإستثمارات إجمالية 12 مليار جنيه ، لافتا إلى أن الهيئة تدرس أيضا إمكانية طرح رخص جديدة بصناعة الحديد وذلك من خلال تحديد مدى إحت ياج الأسواق لذلك من عدمه . وأضاف أن الهيئة تعكف حاليا على تحديد الأماكن والمناطق الصالحة لصناعة الأسمنت ومراعاة الأحمال البيئية وتوزيعها جغرافياً وتأهيل الشركات المتقدمة للرخص فنياً وبيئياً . وتنفرد " أموال الغد " بنشر قائمة الشركات التي تقدمت بشكل رسمي لوزارة الصناعة للحصول على تلك الرخص ، لتضم كل من شركة جنوب الوادي للأسمنت وشركة أسمنت المصريين ، وكذلك شركة إنكور لمواد البناء ، وشركة سيناء للمنجنيز وشركة موارد كابيتال وشركة عمران مصر للتنمية ، إضافة إلى المجموعة المصرية والمؤسسة السعودية للإستثمار ، و المؤسسة الإقتصادية الدولية للإستثمار والتنمية . وأشارت مصادر مطلعة بالوزارة إلى أن وزارة الأوقاف تقدمت أيضا للوزارة بطلب للحصول على رخصة أسمنت جديدة ، فضلا عن تقدم محافظات الوادي الجديد و المنيا وسوهاج بطلبات لإنشاء مصانع أسمنت جديدة بها . فيما كشفت المصادر عن عزم عدد من الشركات الأخرى التقدم للحصول على تلك الرخص خلال الأيام المقبلة أبرزها مصنع أسمنت قنا عن طريق إنشاء خط إنتاج جديد ، وشركة أسيك التابعة لمجموعة القلعة لإنشاء خط جديد في المنيا ، وشركة صناعات مواد البناء في محافظة أسيوط . كما أوضحت المصادر أن القوات المسلحة ستقوم بإجراء عدد من التوسعات الجديدة في مصانعها بالعريش و إنشاء مصانع جديدة في محافظتي بني سويف وسوهاج . قائمة بالشركات والمؤسسات المتقدمة حتى الان للحصول على رخص الأسمنت أسمنت المصريين شركة إنكور لمواد البناء سيناء للمنجنيز موارد كابيتال عمران مصر للتنمية المؤسسة السعودية للإستثمار المؤسسة الإقتصادية الدولية للإستثمار وزارة الأوقاف محافظة المنيا محافظة المنيا الوادي الجديد قائمة أولية للشركات المتوقع تقدمها للحصول على الرخص خلال الفترة المقبلة أسمنت قنا صناعات مواد البناء "اسمنت التعمير" اسمنت اسيك القوات المسلحة 4 رخص جديدة مستثمرين سعوديين وإماراتيين المشروعات القومية المهندس عمر مهنا رئيس مجموعة السويس للأسمنت ، أكد ان حزمة المشروعات الضخمة التي تجري الدولة تنفيذها خلال الفترة المقبلة وخاصة مشروعي العاصمة الإدارية الجديدة و مشروع تنمية محور قناةالسويس تدفع الدولة بأن تقوم بطرح رخص إستثمارية جديدة ، وكذلك في ظل توصل الدولة لحلول جزئية لأزمات نقص الطاقة من خلال السماح بإستخدام الفحم كمصدر بديل للطاقة . وأوضح أن إجمالي الكميات الفائضة لمصانع الأسمنت تقدر بنحو 15مليون طن في حالة توفير مصادر الطاقة اللازمة لها ، بما يعني أن الطاقات الإنتاجية القائمة تسدد كافة احتياجات البلاد من الأسمنت ، متوقعاً انتظام العمل بالمصانع بكامل طاقتها الإنتاجية خلال العام المقبل 2016 مع تحول كافة المصانع لاستخدام الفحم . و أشار مهنا إلى أن القرارات الحاسمة التي إتخذتها الدولة مؤخرا بشأن السماح بإستخدام الفحم كمصدر بديل للطاقة في مصانع الأسمنت ، ستساهم بشكل إيجابي في توفير الطاقة اللازمة لتشغيل تلك الإستثمارات الجديدة ، مطالبا بأن تقوم الحكومة بالسماح أيضا لكافة المستثمرين في توفير مصادر الطاقة بالطريقة التي تتناسب مع إمكانياتهم . تزايد معدلات الإستهلاك المهندس سمير صبري العضو المنتدب بشركة صناعات مواد البناء " اسمنت التعمير" ، أكد أن السوق المحلية بحاجة شديدة بأن يتم طرح رخص إستثمارية وتوسعية جديدة خلال الفترة المقبلة في ظل تنامي معدلات الطلب المتوقعة خلال الفترة المقبلة بنسبة 10% وبحلول عام 2016 ، مدعوماً بالمشروعات القومية التي تنفذها الدولة حالياً وخاصة مشروعات العاصمة الإدارية و مشروع المليون وحدة سكنية ومشروع تنمية محور قناةالسويس . وأضاف أن السوق المصرية يضم حاليا نحو 16 شركة تعمل في قطاع صناعة الاسمنت باستثمارات إجمالية تصل إلي 120 مليار جنية، لافتا إلى أحتياج المصانع التي ستعتمد علي الفحم كأحد مصادر الطاقة الي نحو 6 مليون طن سنويا بتكلفة إستثمارية 720 مليون دولار ، حيث يصل سعر طن الفحم عالميا لنحو 120 دولار. وأشار إلى أن شركتة تستهدف التقدم للحصول على رخصة توسعية لإقامة خط إنتاج جديدة خلال العامين المقبلين في محافظة أسيوط بإستثمارات 1.2 مليار جنيه وذلك ضمن استراتيجية الشركة الإستثمارية للفترة المقبلة . وأضاف أن إنتاج المصانع الموجودة حاليا يصل الي 52 مليون طن سنويا لوجود عجز الطاقة وهو ما يعادل حجم الاستهلاك ، في حين يصل الانتاج والاستهلاك خلال العام المقبل 2016 إلى 60 مليون طن وهو ما يمكن توفيره من خلال أن تعمل المصانع بكامل طاقتها الإنتاجية . الطاقة الإنتاجية للمصانع مدحت اسطفانوس رئيس شعبة الاسمنت باتحاد الصناعات ، أكد أن طرح رخص جديدة في صناعة الأسمنت سيكون ذات جدوى إقتصادية شريطة إتمام عملية الإستفادة من كافة الطاقات الإنتاجية للإستثمارات القائمة وإمداد مصانع الأسمنت الحالية بكافة إحتياجاتها من الطاقة . وأشار إلى إن حجم الاستثمارات اللازمة لعمليات تحول مصانع الأسمنت العاملة بالسوق المحلية للعمل باستخدام الفحم والممارسات المرتبطة به من مواصفات فنية ولوجيستيات فى عمليات النقل وخلافه سيقترب من مليار دولار، بما يعادل 7.6 مليار جنيه حتى نهاية العام المقبل 2016. وأضاف أن صناعة الاسمنت تعد من الصناعات المتطورة في التعامل مع البيئة وفقا للمعايير الاوروبية، موضحا ان الطاقة الانتاجية للمصانع تراجعت خلال العام الماضي لتصل الى 48 مليون طن نتيجة لتزايد العجز في كميات الطاقة الموردة للمصانع . رؤية البترول أكد عمرو مصطفى نائب رئيس الهيئة العامة للبترول ، أن هناك صعوبة لتوفير الطاقة اللازمة لتشغيل تلك الإستثمارات الجديدة بقطاع الأسمنت ، مشيرا إلى أن هناك توجه عام لدى المستثمرين في تلك الصناعة لإستخدام الفحم كمصدر رئيسي للطاقة . وأشار إلى أن الهيئة تقوم بشكل يومي بضخ نحو 27 ألف طن من المازوت و 42 ألف طن من السولار للأسواق والمصانع ، لافتا إلى أنه يتم إستيراد نحو 20% من كميات المازوت المستخدمة و 40% من السولار . وأضاف أن الهيئة تخطط لرفع معدلات إنتاج البترول الخام والمنتجات البترولية خلال الفترة المقبلة لتلبية احتياجات كافة القطاعات الصناعية المتزايدة من الوقود والغاز الطبيعي، وذلك من خلال زيادة معدلات البحث والتنقيب عن الوقود بمناطق الإمتياز بالصحراء الغربية والمياه العميقة بالبحر المتوسط التي يتوقع احتوائها على إختياطيات ضخمة من البترول الخام والغاز الطبيعي . حجم الطاقة المطلوبة قال شريف مجدي الجبلي نائب رئيس لجنة الطاقة بجمعية شباب الاعمال ، أن طروحات الرخص الجديدة للاسمنت سوف تزيد من معدلات الطلب على الغاز ، حيث تحتاج الرخصة الواحدة ما يقترب من 200 الف متر مكعب من الغاز يوميا في المتوسط . وأشار إلى أن مصانع الاسمنت تعتمد بشكل كبير علي الغاز في تشغيل الافران وقليل من الكهرباء لانارة المباني الادارية ، والفترة المقبلة سوف تشهد الاعتماد علي الفحم بالاضافة الي الغاز. ولفت الجبلي إلى ان الرخص الجديدة ستحتاج في المتوسط ما يتراوح بين 2 - 3 مليون طن فحم سنويا للرخصة الواحدة ، مشددا على ضرورة الإسراع في تأهيل الموانئ المصرية لإستقبال الفحم ونقله للمصانع دون الإضرار بالصحة العامة والبيئة . وأضاف أن الحكومة تعمل حاليا علي تهيئة الموانئ المصرية بيئيا لاستقبال الفحم ، خاصة وان ميناء الاسكندرية والذي يعد الوحيد المؤهل حاليا ، إضافة إلى عدد من الموانئ الأخرى التي في طور التأهيل مثل ميناء الأديبية وسفاجا . وقال "أن ما قامت به الدولة من سياسات بإلغاء دعم الطاقة الموجه للصناعات كثيفة الإستهلاك للطاقة وإلزامها بتدبير مصادر الطاقة اللازمة لتشغيلها من خلال استيرادها يعد الحل الاقتصادي ، مقترحا بأن تقوم الدولة بإلزام المصانع كثيفة الاستهلاك بكوته محددة من الطاقات البديلة والمتجددة قد تصل الي 20% مما يشجع علي الاستثمار في تلك المجالات . ولفت الجبلي إلي أن المصانع الكثيفة سوف تلتزم بشراء الطاقة الجديدة وفقا للتعريفة التي تم تحديدها مؤخرا، موضحا أن الحكومة بذلك لن تتحمل أعباء شراء تلك الطاقات من المستثمرين بل تتحملها الصناعات الكثيفة . واشار إلى أن حل أزمات الطاقة تتطلب ضخ إستثمارات تتجاوز نحو 150 مليار دولار خلال 10 سنوات ، منوها أن السبيل الوحيد لجذب تلك الإستثمارات هو تعظيم سبل المشاركة بين القطاعين الخاص والعام والمعروف بإسم مشروعات ال PPP . واكد الجبلي علي ان حل مشكلات الطاقة يتطلب توفير 3 عوامل رئيسية تتمثل في تطبيق الرفع التدريجي للدعم الموجه للطاقة والذي بدأته الحكومة حاليا بما قد يؤدي الي ترشيد الاستهلاك، بالاضافة الي تحرير الطاقة بما يخلق المنافسة بين الشركات فيؤدي الي تخفيض الاسعار . إنخفاض الأسعار ومن جانبه دعا أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية ، الحكومة إلى ضرورة التدقيق قبل طرح أو منح تلك الرخص على المستثمرين ، مشيرا إلى أن السوق المحلية في حاجة لأكثر من 15 رخصة جديدة لضمان الوفاء بإحتياجات المشروعات العملاقة للدولة وعدم اللجوء لإستيراد تلك المنتجات من الخارج . وأشار إلى أن أهمية تلك الطروحات تكمن أيضا في قدرتها على خلق أجواء من المنافسة بين الشركات بعيدا عن الممارسات الإحتكارية التي عانى منها القطاع خلال الأعوام الماضية ، وذلك أهميتها لتمكين الشركات من النفاذية والتصدير للأسواق الإستهلاكية المجاورة . وتوقع الزيني أن تساهم تلك الرخص الإستثمارية الجديدة في تخفيض أسعار منتجات شركات الأسمنت بنسبة تتراوح من 30-40% بما قد يصب لصالح جمهور المستهلكين . ولفت إلى أنه لايوجد حاليا مشاكل في توفير مصادر الطاقة اللازمة لتلك المصانع في ظل خطة الدولة لترشيد دعم الطاقة ، مطالبا الحكومة بضرورة الإسراع في تحديد المناطق التي سيتم إقامة عليها تلك المشروعات وأن تكون خارج نطاق محافظات الوجه البحري المتشبعة بمصانع الأسمنت .