ملفات عديدة وعقبات متراكمة يعاني منها المناخ الاستثماري في السوق المصرية طوال السنوات الماضية، خاصة فى ظل تعاقب الحكومات واستمرارية بعض الملفات الشائكة لا تزال تبحث عن حلول سريعة ومعالجة فورية لها. وجاءت ملفات التسوية مع الشركات وحل مشاكل الاستثمارات المتعثرة فضلاً عن إعادة هيكلة قطاع الاعمال والمشاكل الفئوية للعمال على رأس أبرز عقبات وزراء الحقيبة الاستثمارية خلال السنوات الماضية وأدت إلى الإطاحة ببعضهم في ظل تفاقم الأزمات وغياب الحلول الجذرية لتلك الملفات والتي أصبحت مع مرور الفترات مزمنة وعائق أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية. يؤكد الخبراء والمحللون الاقتصاديون أن الوزارة يجب أن تضع ضمن أهدافها الرئيسية في هذه المرحلة جذب استثمارات جديدة للسوق المحلية لزيادة معدلات النمو والقضاء على البطالة والفقر، وحل المشاكل والنزاعات القائمة مع المستثمرين الجادين، ودراسة وتحديد التعديلات المطلوبة على التشريعات المنظمة للاستثمار، والقضاء على البيروقراطية. "أموال الغد" ترصد 7 مطبات كبيرة فى طريق وزير الاستثمار، منها تراجع بيئة ممارسة الأعمال، الانخفاض الكبير فى حجم الاستثمار الأجنبى المباشر خلال السنوات الثلاثة الماضية، المشاكل والنزاعات القائمة مع المستثمرين وطول فترة التقاضي، التعقيدات الحكومية والبيروقراطية الإدارية، عدم وجود خريطة إستثمارية واضحة وخطة محددة للتنمية الاقتصادية والاستثمار، عدم إستقرار البيئة التشريعية المنظمة لحركة الاستثمار، إعادة هيكلة قطاع الأعمال العام. يواجه أشرف سالمان، الوزير السادس للحقيبة الاستثمارية تلك العقبات والتحديات مجتمعة والتى تحتاج الى حلول سريعة وفورية لمعالجة الخلل القائم في بعض الملفات كشركات القطاع العام والتي تتكبد خسائر كبيرة ولتدعيم قدرة الدولة على جذب استثمارات خارجية الى السوق المصرية . في هذا الصدد أكد سالمان فى تصريحات ل "أموال الغد" عقب توليه وزارة الاستثمار، أن مصر سوق مفتوح أمام جميع الاستثمارات الخارجية لمعالجة العجز القائم في الموازنة، مضيفًا أن أولى محاور توجهات وزارة الاستثمار المرحلة المقبلة ستعتمد على منح جانب اهتمامي كبير لحل المشاكل القائمة والعمل على خلق مناخ استثماري مناسب يساهم بدوره في الترويج الجيد للفرص الاستثمارية المتاحة وآليات التواصل الايجابي مع المستثمرين الراغبين في الاستثمار بالسوق المصرية وذلك عبر إنهاء البيروقراطية القائمة في بعض الأمور ومجموعة من القوانين والتشريعات المستهدف عرضها على مجلس الوزراء المرحلة المقبلة. وأوضح سالمان أن ثاني محاور الوزارة ستعتمد على النظر في تشريعات الهيئة العامة للرقابة المالية، مؤكدًا ان دور الرقابة خلال الفترات الماضية ايجابي وداعم للتوجهات الاستثمارية في منظومة سوق المال. وشدد على استهداف الوزارة مضاعفة حجم الاستثمارات الاجنبية المباشرة الى السوق المصرية خلال الاعوام المقبلة وذلك عقب توفير المناخ الاستثماري المناسب وإنهاء الروتين والبيروقراطية. وعلى صعيد إعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام ، أوضح وزير الاستثمار أن المرحلة المقبلة من المستهدف أن يكون هناك إهتمام لملف تلك الشركات وذلك عبر إجراء دراسة تفصيلية لشركات ذلك القطاع والعمل على حلها بصورة منفردة وحل مشاكل جميع العاملين لمنع الاضطرابات العمالية. وأضاف ان الصندوق السيادي المقرر تدشينه لتلك الشريحة من الشركات تم تأجيله ، مؤكدًا على استهداف الوزارة إعادة النظر في ذلك الصندوق وآليات عمله خلال الفترة المقبلة تمهيدًا لتحقيق الجدوى الاستثمارية الايجابية المستهدفة من ذلك القطاع الحيوي . في سياق اخر، أكد وزير الاستثمار على استهداف الوزارة الفترة المقبلة العمل على حل مشاكل جميع المستثمرين والجوانب المتعثرة ماعدا الامور المتعلقة بالقضاء، كما أكد على إنه يهدف إلى وصول الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 10 مليارات دولار خلال السنة المالية المقبلة وإلى 14 مليار دولار خلال ثلاث سنوات. يقول الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن وزارة الإستثمار إحدى الوزارات التى سيعول عليها الكثير خلال المرحلة المقبلة، لما تحمله من أعباء عديدة أبرزها تنشيط وجذب الإستثمارات المحلية بعد الانخفاض الكبير نتيجة الانفلات الأمني والاضطرابات السياسية التي شهدتها مصر بعد 25 يناير، مضيفاً بأنه رغم زيادة حجم الإستثمارات إلى 4.2 مليار دولار العام الماضى نتيجة للدعم العربي إلا أن مازال حجم الاستثمار منخفض ولا يتماشى مع حجم وإمكانيات مصر. وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالى 2013-2014 نحو 4.4 مليار دولار، مقابل 3 مليارات دولار في العام المالى 2012 – 2013، وهو ما يقل تقريبا مليار دولار عن السنة السابقة. وأضاف أنه هناك العديد من المعوقات التى تقف أمام وزير الاستثمار الحالى، أبرزها البيروقراطية الإدارية نتيجة استمرار تعدد الخطوات والاجراءات التنفيذية لتأسيس الشركات وإقامة المشروعات والمصانع، مشيراً إلى أن تأسيس مصنع يستغرق ما بين 3 و4 سنوات على الأقل نتيجة تعدد الجهات المطلوب الحصول على موافقتها، لافتاً إلى أنه رغم الاصلاحات العديدة التي شهدتها السنوات الماضية في مجال تحسين بيئة الاستثمار إلا أنه هناك تعقيدات حكومية وإجراءات الروتينية تقف عائقاً أمام تنشيط حركة الاستثمار، لذا لابد من تفعيل إجراءات الشباك الواحد والاستعانة بتجارب دول أخرى مثل البرازيل وماليزيا وتركيا. وأوضح مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أنه من بين المعوقات أيضاً، عدم وجود خريطة إستثمارية التى تعتبر المرشد للمستثمر يظهر الإحتياجات لكل محافظة والموارد المتوفرة والمشروعات الواجب إقامتها في كل محافظة، بالإضافة إلى طول فترة التقاضي بين المستثمرين رغم وجود المحاكم الاقتصادية المتخصصة بسبب عدم تفعيل مركز تسوية المنازعات بالهيئة العامة للاستثمار الذى لم يشهد سوى 4 قضايا فقط منذ عام 2010 وحتى الآن، فضلا عن عدم تفعيل التحكيم التجاري بشكل عام لعدم نص ذلك في عقود تأسيس الشركات. وطالب الدكتور عبد المنعم السيد بضرورة وضع الضوابط التشريعية لجذب مزيد من الاستثمار وتسهيل الاجراءات اللازمة لاستصدار التراخيص للمشروعات، والتنسيق بين الوزارات والجهات الحكومية المختلفة لتهيئة مناخ الأعمال في مصر من خلال إصلاح تشريعي وتنظيمي وتوحيد الإجراءات. من جانبه أكد حازم كامل، العضو المنتدب لشركة النعيم القابضة للاستثمارات المالية، على أهمية سرعة البت في الملفات القائمة على الصعيد الاستثماري لتدعيم متطلبات المناخ الاستثماري خلال الفترات المقبلة، مضيفاً أن تسهيل الإجراءات والتطرق الى كافة السبل المشجعة والمساهمة في خلق مناخ استثمار مناسب ضروري خلال المرحلة الحالية بالاضافة الى انهاء المشاكل المتواجدة مع المستثمرين لتدعيم القدرة على جذب استثمارات اجنبية الى السوق . وأوضح كامل أن قرار تعيين "سلمان" وزيرًا للاستثمار إيجابي خاصة وانه من القطاعات المالية بمجال أسواق المال والقطاع البنكي ، مما يعزز الآمال والتوقعات بشأن تدعيم متطلبات المنظومة خلال الفترات المقبلة والعمل على حل جميع المعوقات والعقبات التي تواجه المستثمرين وتعوق تدفق الاستثمارات الأجنبية. توقع العضو المنتدب لشركة النعيم القابضة للاستثمارات المالية، أن ينشط أوجه التعاون بين كلا من وزارة الاستثمار ومنظومة سوق المال بما يعود بالايجابية والنشاط ويساهم في حل المشاكل الحالية ومن ثم تنامي معدلات التدفق الاستثماري والثقة التدريجية من جديد بالسوق المصرية.