أكد عبد الله الإبياري، رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر أن أزمة كورونا من المتوقع أن تُعيد رسم الخريطة الاستثمارية للقطاعات الاستثمارية وخريطة الاستثمارات المباشرة المتوقع تدفقها عقب استقرار الاوضاع. أضاف خلال حوار خاص، أن السوق المصرية مازالت تمتلك العديد من المقومات التي تؤهلها لمواجهة تداعيات الأزمة الحالية والتعافي منها، وذلك بدعم الإصلاحات الهيكلية على الصعيدين الاقتصادي والتشريعي والتي عززت قدرة الدولة في اتخاذ العديد من القرارات التحفيزية لدعم الاقتصاد المصري ومساعدة الشركات العاملة في السوق في مواجهة هذة الجائحة . واستعرض رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر أبرز السيناريوهات المتوقعة على صعيد نشاط الاستثمار المباشر خلال النصف الثاني من العام الجاري بالتزامن مع بدء انحصار الأزمة، مٌشيرًا لأبرز القطاعات المتوقع قدرتها على استقطاب رؤوس أموال جديدة، يأتي في صدارتها قطاعات التعليم، الصحة، اللوجيستيات، البنية التحتية بجانب القطاعات الصناعية. أوضح أن السوق المصرية تمتلك فرصة ذهبية للاستفادة من الأزمة الراهنة، لتصبح الوجهة الأولى للاستثمارات الأجنبية، خاصة مع التأثير السلبي الذي تعرضت له كبرى اقتصاديات العالم، وبحث كافة الشركات العالمية عن مراكز تصنيع جديدة، مٌشيرًا للتطور الكبير في المناطق الحرة بالسوق المصرية ودورها في استقطاب المزيد من السيولة.
* متغيرات عديدة شهدتها الخريطة الاستثمارية خلال الشهور القليلة الماضية، بضغط الأزمة التي خلقها ظهور فيروس كورونا المستجد، ما أبرز تداعيات هذه الأزمة على مناخ الاستثمار المباشر؟ حمل ظهور فيروس كورونا (كوفيد 19) بين طياته العديد من التداعيات السلبية على كافة الأنشطة الاستثمارية بكافة الأسواق محليًا وخارجيًا، ودفعت الازمة أغلب المؤسسات والمستثمرين لإرجاء خطتهم الاستثمارية بكافة الأسواق لاسيما الأسواق النائشة والعزوف عن ضخ المزيد من السيولة، لتشهد عجلة الاستثمار تباطؤ ملحوظ وواضح بكافة الأسواق منذ بداية العام لاسيما فيما يتعلق بضخ استثمارات مباشرة عبر تنفيذ صفقات استحواذات أو اندماجات أو استثمارات غير مباشرة عبر أسواق المال، فلقد شهدت كافة البورصات خسائر حادة بالتزامن مع هذة الأزمة وبضغط عزوف المستثمرين عن التداول لتسجل أغلب الأسواق العالمية والعربية أعلى معدل تراجع على مدار تاريخها. وبالطبع أدى ذلك إلى تغير الخريطة الاستثمارية لكافة الأسواق وإعادة ترتيب كافة الدول اقتصاديًا، حيث لعبت هذه الازمة دور في إعادة رسم ملامح اقتصاديات كافة الدولة ومدى قدرتها على جذب استثمارات جديدة عقب انحصار هذة الأزمة، فنجاح كل دولة في التصدي لهذة الأزمة والتعافي منها وتحقيق أعلى معدل استقرار اقتصادي هو المقياس الحقيقي والواقعي لمدى قدرتها على زيادة حصتها من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة خلال الفترة المقبلة. * وعلى صعيد السوق المصرية، ما أبرز المقاومات التي تؤهلها للتعافي اقتصاديًا وزيادة حصتها من الاستثمارات الأجنبية؟ نجحت السوق المصرية خلال ال3 سنوات الماضي في بناء هيكل اقتصادي قوي وذلك بدعم القرارات والإجراءات الجرئية التي اتخذتها الدولة على الصعيدين الاقتصادي والتشريعي، والتي لعبت دور هام ومباشر في دعم قدرة الدولة في التصدي للتداعيات التي خلقها تفشي هذا الفيروس، بالإضافة لتعزيز قدرتها في اتخاذ قرارات تحفيزية لدعم الاقتصاد ومساعدة الشركات والمؤسسات العاملة في السوق في مواجهة هذة الأزمة، تلك المقومات التي ستساعد السوق المصري بلاشك في التعافي سريعًا عقب انحصار هذة الجائحة. * وما توصيفك لنظرة المؤسسات المالية للسوق المصرية في ظل تداعيات «كورونا» ؟ أزمة كورونا، أزمة عالمية أصابت كافة دول العالم وأثرت بلاشك على اقتصاديات كافة الدول ومنهم السوق المصرية، ولكن رغم هذه التداعيات والتباطؤ الملحوظ في معدل الاستثمارات سواء المباشرة أو غير المباشرة، مازالت السوق المصرية تتمتع بنظرة إيجابية من قبل المستثمرين والمؤسسات الأجنبية على المدى الطويل. وبلاشك قلص تفشي هذا الفيروس المستجد قدرة السوق المصرية على جني ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي، وإعادة الهيكلة الشاملة التي ساهمت في خلق بيئة خصبة لمزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، ولكن لم يفقد السوق رغم الأزمة قدرته على جني هذة الثمار، فمازالت السوق تحظى باهتمام واضح من قبل المؤسسات المالية الأجنية. * ومتى تتوقع استعادة نشاط الاستثمار المباشر لنشاطه وقدرة السوق المصرية على جني ثمار الإصلاح؟ على الرغم من النظرة الإيجابية التي تتمتع بها السوق المصرية ولكن مازالت هناك حالة من الترقب المسيطرة على كافة المؤسسات والمستثمرين، ومازال ضخ المزيد من الاستثمارات يتطلب وضوح ملامح هذه الازمة ومدى تأثيرها على اقتصاديات الدول، ومدى قدرة كل دولة على التعافي من تداعياتها. لذلك بدء استعادة السوق المصرية لنشاطها الاستثماري وقدرتها على جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، يتوقف وبشكل أساسي على توقيت انحصار وانتهاء هذة الأزمة، وبدء استئناف المؤسسات المالية لوضع خطط استثمارية جديدة وفق المتغيرات التي حملتها هذة الأزمة بين طياتها، والتي أعادت رسم الخريطة الاستثمارية بالمنطقة ككل. ولكن من المؤكد أنه عقب انتهاء هذه الأزمة سيكون للسوق المصرية حصة كبيرة من الاستثمارات المباشرة الموجهة للأسواق الناشئة، ليبدأ الاقتصاد المصري في جني ثمار الاصلاحات التي شهدها على مدار السنوات الأخيرة الماضية. * وما أبرز القطاعات المتوقع استقطابها لمزيد من الاستثمارات عقب انحصار هذة الأزمة؟ أزمة كورونا دفعت أغلب المستثمرين للبحث عن استثمارات آمنة تتمتع بمعدل نمو مرتفع ومتدنية المخاطر، وتتصدر القطاعات الاستهلاكية قائمة القطاعات المتوقع نشاطها بالتزامن عقب انحصار هذا الوباء، بإعتبارها من أكثر القطاعات الدفاعية القادرة على التأقلم مع المتغيرات الاقتصاديات وقادرة أيضًا على الاستفادة من الأزمات، ويأتي على رأسها قطاع الرعاية الصحية والأدوية، والذي يعتبر من أكثر القطاعات الجاذبة لمزيد من الاستثمارات خلال الفترة الراهنة، والمتوقع استمرار نشاطه وقدرته على استقطاب مزيد من رؤوس الأموال المحلية والأجنبية خلال الفترة المقبلة، وذلك بجانب قطاعات التعليم، اللوجستيات، الأغذية والمشروبات وقطاع البنية التحتية. * وما أبرز المتطلبات اللازمة لتعزيز قدرة السوق المصرية لعبور تلك الأزمة ؟ أثرت جائحة كورونا بشكل مباشر على أكبر اقتصاديات العالم، ودفعت الشركات العالمية للبحث عن مراكز تصنيع جديدة، وهنا تتجلى الفرصة للسوق المصرية لاستغلال هذا التوجه وفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية لتحويل مصر إلى أكبر مركز للتصنيع بالمنطقة، وذلك من خلال التسويق والترويج الفعال للسوق المصرية باعتبارها الوجهة المثالية للاستثمار المباشر، خاصة مع التطور الكبير في المناطق الحرة لاسيما منطقة قناة السويس والتي تفتح المجال لمزيد من الاستثمارات والمشروعات العملاقة، بالإضافة لتعزيز العمل على تحسين مناخ الاستثمار والعمل بسلسلة التشريعات والقوانين الجديدة لاسيما قانون الاستثمار والذي يعتبر النواة الحقيقية لجذب رؤوس الأموال الأجنية المباشرة. * وماذا عن أبرز ملامح دور الجمعية في الترويج للاستثمار بالسوق المصرية ؟ الجمعية تعتبر ضمن الأطراف الرئيسية والمسؤلة عن الترويج للسوق المصرية، بإعتبارها أحد الوجهات الأساسية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وذلك من خلال التعريف بمقومات الاستثمار الراهنة بدعم الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية الأخيرة، بالإضافة للتعريف بأهم التعديلات التشريعية والقوانين الجديدة التي ساهمت في تيسير عملية الاستثمار. وبلا شك أثرت أزمة كورونا على التواصل المباشر مع المؤسسات والمستثمرين، ولكن مازالت الجميعة تلعب دور فعال في الترويج والتسويق للسوق المصرية من خلال الاعتماد على التطور التكنولوجي والتحول الرقمي الذي ساهم بشكل رئيسي في استمرار الدور المنوط للجمعية في دعم قدرة السوق المصرية على جني ثمار الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية، وتعزيز قدرتها في التصدي والتعافي من تداعيات جائحة كورونا، لتبدأ عجلة الاقتصاد والاستثمار من جديد في خلق المزيد من الفرص أمام المستثمرين لاسيما بالقطاعات الصناعية والتي تعتبر الفرصة الذهبية للسوق المصرية بالوقت الراهن، خاصة مع تغير الخريطة الاستثمارية بالمنطقة والعالم ككل. ولا يتوقف دور الترويج فقط على الجمعية، ولكن لابد أن تتوحد جهود كل الأطراف المعنية من قبل الدولة بجانب بنوك الاستثمار في الترويج الفعال للسوق المصرية وتعزيز قدرتها في التعافي من هذة الجائحة وزيادة حصتها من الاستثمارات المباشرة المرتقبة عقب انتهاء الأزمة. * وما هي أبرز السيناريوهات المتوقعة لنشاط الاستثمار المباشر خلال النصف الثاني من العام؟ تترقب المؤسسات المالية وكافة المستثمرين بدء انحصار هذا الوباء، ونجاح الاجراءات الاحترازية التي اتخذتها كافة الدولة في الحد من انتشاره، لتستكمل استثماراتها القائمة بكافة الأسواق لاسيما السوق المصرية، مع بدء وضع دراسات الجدوى لمشروعات واستثمارات جديدة لاسيما المندرجة تحت مظلة القطاعات الحيوية والدفاعية بجانب القطاعات الصناعية بهدف فتح المزيد من الأسواق الصناعية وعدم المركزية في التصنيع، ليستعيد الاستثمار المباشر نشاطه، وتتأهب السوق المصرية لاستقبال وفود من رؤوس الأموال الجديدة، ولكن تنفيذ هذا السيناريو على أرض الواقع يتوقف على ملامح «كورونا» خلال الفترة المقبلة ومدى انتشاره وتأثيرها على كافة الدول العالم.