القاهرة : منار عبد الفتاح : أصبحت ظاهرة تسريب الامتحانات تهدد العملية التعليمية بعد انتشارها على نطاق واسع في الآونة الأخيرة، وتخطيها لكل حدود المنطق، وهو ما بدا جليا في تسريب امتحاني اللغة العربية والتربية الدينية في أول أيام امتحانات الثانوية العامة في مصر. وبعد اعتراف وزارة التربية والتعليم بارتكابها خطأ التسريب قررت نيابة جنوبالقاهرة الكلية أمس حبس 12 مسؤولا بوزارة التربية والتعليم 15يوما على ذمة التحقيقات جراء الواقعة. وكان بشير حسن، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، قد اعترف بأن تسريب امتحان اللغة العربية للمرحلة الثانوية، حدث من داخل وزارة التربية والتعليم، وهى المسؤولة عن هذه الأزمة. وقال في مداخلة هاتفية لبرنامج «يوم بيوم» على فضائية «النهار اليوم»، «إن هناك عملية اختراق وقعت من قبل جماعة الإخوان داخل وزارة التربية والتعليم»، مؤكدا أن تسريب امتحان اللغة العربية شىء ضد الدولة المصرية، وتبحث النيابة العامة هذا الاختراق حاليا، مضيفا: «أهل الشر هم المسؤولين عن تسريب الامتحان». وكان المسؤولون الصادر ضدهم قرار الحبس هم أعضاء في لجنة وضع امتحانات الثانوية العامة ومسؤولين عن مطابع الامتحانات. ووجهت لهم النيابة تهم الإضرار العمد بمصلحة جهة عملهم وتسريب الامتحانات. ففي صباح الأحد الماضي تم تسرب امتحان اللغة العربية بعد أن نشرت صفحات «غش الطلاب» للثانوية العامة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ورقة الامتحان بعد ربع ساعة من بدء اللجنة. وتكرر الأمر في مادة التربية الدينية التي تم تسريبها قبل بدء اللجنة بساعة. ونوهت صفحات «غش الطلاب» إلى أنها لن تنشر الإجابات للطلاب، لعدم وجود متخصصين في المادة لديهم ما تسبب في إلغاء امتحان المادة للمرة الأولى. وقررت وزارة التربية والتعليم إلغاء امتحان التربية الدينية بالنظام الحديث للثانوية العامة، وقررت أن يكون الموعد الجديد هو 29 يونيو / حزيران الجاري. وأكد المتحدث باسم الوزارة، أن من اكتشف تسريب امتحان اللغة العربية هى غرفة عمليات الوزارة. وكان قرار الوزير هو إلغاء امتحان التربية الدينية»، مشددا على أنه سيتم تفعيل قرار رئيس الجمهورية بالغرامة 50 ألف جنيه والحبس من سنة إلى ثلاث سنوات لكل من يتسبب فى عمليات التسريب والغش الجماعي. وفي جلسة ساخنة له، ناقش مجلس النواب أمس برئاسة سليمان وهدان، وكيل المجلس، أزمة تسريب امتحانات الثانوية العامة مع أيام إجرائها وحمل النواب الدكتور الهلالي الشربيني، وزير التربية والتعليم المسؤولية كاملة عن تلك الوقائع. وطالبوا بحضوره أمام المجلس لإيضاح حقيقة ما حدث وكيف تم تسريب الامتحان، وذلك على الرغم من إعلانه عن وجود منظومة لمنع تسريب الامتحانات ومنع الغش. وطالب جانب من النواب الوزير بتقديم استقالته على أساس أن ما حدث يكشف عن فشله، وأعتبر جانب آخر من النواب تسريب الامتحانات بانه يمثل اختراقا للأمن القومي المصري. وكان عدد من نواب المجلس قد تقدموا ببيانات عاجلة لرئيس المجلس حول تسريب امتحانات الثانوية العامة والتى طالبوا فيها باستدعاء الوزير لإلقاء بيان امام المجلس حول حقيقة ما حدث. وفي بداية المناقشات في البرلمان أكد النائب هيثم الحريري، «أن تسريب الامتحانات أصبحت مشكلة نعاني منها كل عام في امتحانات الثانوية العامة، على الرغم من تغيير الوزراء ولكن المشكلة مستمرة»، وقال إن «الطالب الذي اجتهد طوال العام مجهوده ضاع هدرا، نظرا لأن الطالب الفاشل حصل على اجابات نموذجية للامتحان. فكيف يمكن المساواة بين الطالب المجتهد والفاشل، وطالب الحريري بأن يتم تشكيل لجنة من المجلس للتحقيق فيما حدث وعرض النتائج على الرأي العام. وأكد وائل المشنب، عضو لجنة التعليم في مجلس النواب، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج «الحياة الآن» على شاشة «الحياة»، «أنه تم عقد لجنتين لمتابعة سير عمليات امتحانات الثانوية العامة وأن مجلس النواب يرفض هذه الأعمال وسيتم إحالة هذا الأمر للتحقيق». كما أشار إلى «أنه سيتم استدعاء وزير التربية والتعليم في هذه الواقعة لاستجوابه». وهاجم النائب محمد الحسيني، وزير التربية والتعليم وقال إنه «وزير فاشل ولا يصلح ان يجلس في مكانه»، وانه «لا يمتلك اي بدائل لحل مشكلات التعليم». وقال النائب اسماعيل نصر الدين إن الذي حدث «ليس وليد الصدفة. فمنظومة التعليم المصري فاشلة، لأن الأسلوب الذي نستخدمه لإجراء الامتحانات سهل اختراقه، وسياسة التعليم فاشلة ولا بد من حضور وزير التربية والتعليم إلى المجلس ليعرض حقيقة ما حدث». ومن جانبه، أكد الدكتور عادل عبدالمنعم، خبير أمن المعلومات، «أن آلية تسريب امتحان الثانوية العامة لا أحد يعلمها حتى الآن»، لافتا إلى أنه وضع تصورا للعملية الامتحانية في ثلاث مراحل حتى تصل ورقة الأسئلة إلى الطالب. وقال في مداخلة هاتفية ببرنامج «صباح اون» على فضائية «اون تي في»، «إن الامتحان يمر بثلاث مراحل بها ثغرات ويمكن تسريب الامتحانات من خلالها، وهى: مرحلة تسليم الامتحان، ومرحلة نقل الامتحان، والمرحلة الأخيرة بعد تسليم الامتحان في اللجان». واقترح أن يتم إغلاق مواقع التواصل الاجتماعي خلال مدة الامتحان التي لا تتجاوز ال 3 ساعات، طالما لم نستطع حماية ورقة الامتحان من التسريب، مشيرا إلى أن تسريب الامتحان يسيئ إلى هيبة الدولة وقوتها. وأوضح أن مصر ليست لديها إمكانية معرفة آخر شخص تعامل مع ورقة الامتحان بسبب تعدد الأطراف المسؤولة عن ورقة الأسئلة. ودشن رواد موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، هاشتاغات عدة بعد تسريب امتحاني اللغة العربية والتربية الدينية، بعنوان: «شاومينج، الثانوية العامة والتربية الدينية واللغة العربية ونموذج الإجابة»، وتصدروا قائمة الأكثر تداولا على الموقع. وتنوعت التعليقات بين السخرية والاستنكار، وجاءت تغريداتهم كالآتي: «الامتحان في مستوى الطالب اللي معاه باقة.. واللي عنده شبكة كويسة جوه اللجنة» و»شاومينج منزلا لهم امتحان الدين قبل الامتحان بساعة ونص بس مرضيوش ينزلوا الإجابات عشان حرام»، «لو استمروا على كدة هتتلغي الثانوية العامة كلها ونخلص منها». وكتب آخرون: «موقع شاومينج ده بيضيع تعب. كل واحد ذاكر وتعب سنة كاملة.. حسبي الله ونعم الوكيل بجد»، «ربنا يصبر اللي ذاكر واللّه وييجي شاومينج يخربها تاني»، و»متزعلش إن الامتحان اتسرب أو إن ناس هتجيب تقديرات بعقول فاضية سيب الامتحان ده وراك وركز على اللي جاي ربنا شايف وسامع كل حاجة». وألقى بعض النشطاء المسؤولية على وزارة التربية والتعليم، واتهامها بالتقصير وأنها السبب في عملية تسريب الامتحانات. فكتب أحدهم في تغريدة: «شاومينج مش غلطان ابدا، بدل ما نلوم عليه.. نشوف الوزارة اللي الامتحان ونموذج الاجابة متسربين من عندها.. دايما نسيب الأصل ونمسك الفروع».