«التعليم العالي» تنظم لقاءات افتراضية مع المكاتب الثقافية للتعريف بفرص الدراسة في مصر    الري: 32 مليون متر مكعب سعة تخزينية لحماية نويبع من السيول    رئيس الوزراء يوجه بالاهتمام بشكاوى تداعيات ارتفاع الحرارة في بعض الفترات    موعد غلق باب تنسيق المرحلة الثانية 2025.. آخر فرصة لطلاب الثانوية    موعد انطلاق الدعاية الانتخابية في انتخابات "الشيوخ" بجولة الإعادة    رسميا.. سعر اليورو مقابل الجنيه اليوم السبت 9-8- 2025 في البنوك بعد الانخفاض    شعبة المستلزمات الطبية تبحث أزمة مديونية هيئة الشراء الموحد .. الإثنين المقبل    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم السبت    ارتفاع أسعار البيض اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    مصلحة الضرائب تطلق النداء الأخير للاستفادة من التسهيلات الضريبية    الرئيس السيسي يؤكد أهمية توسيع مشاركة الشركات التركية بالمشروعات الاستثمارية في مصر    الدفاع الروسية: تحرير بلدة في دونيتسك والقضاء على 910 جنود أوكرانيين في مناطق متفرقة    السيطرة عليه.. آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    بالفيديو.. تحليق طائرات مسيّرة إسرائيلية فوق الضاحية الجنوبية بلبنان    استشهاد 36 فلسطينيًا في غزة منذ فجر اليوم بينهم 21 من طالبي المساعدات    الشرطة الأمريكية: مقتل المشتبه به وشرطي في إطلاق نار قرب جامعة إيموري بأتلانتا    منافس الأهلي في دوري أبطال إفريقيا    مانشستر يونايتد يعلن التعاقد مع السلوفيني شيشكو حتى عام 2030    طبيب الأهلي السابق يشيد بعمرو السولية    مدرب نيوكاسل يونايتد يوضح مستقبل إيزاك    شاهد| الداخلية تكشف ملابسات مشاجرة داخل محل عطارة بالقاهرة    الحرارة في سيوة تصل ل46 درجة.. الأرصاد تحذر من طقس هذا الأسبوع على مطروح    السيطرة على حريق كابل كهرباء لسلم مشاة فى عابدين.. صور    كارثة على كوبري بلبيس.. وفاة أم وابنتها وإصابة الزوج في حادث مروع (صور)    مقتل مزارع برصاصة طائشة أثناء فض مشاجرة على أرض زراعية بقنا    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    وزير الزراعة يوجه بسرعة إنجاز أعمال التطوير بمحطة الزهراء للخيول العربية الأصيلة    تفاصيل حفل تامر عاشور بمهرجان العلمين    صفاء أبو السعود نجمة افتتاح ملتقي أولادنا لفنون ذوي القدرات الخاصة    "الثقافة" تطلق المرحلة الثانية من مبادرة "المليون كتاب"    ما هو الصبر الجميل الذي أمر الله به؟.. يسري جبر يجيب    زوجة أكرم توفيق توجه رسالة رومانسية للاعب    أحمد كريمة: أموال تيك توك والسوشيال ميديا حرام وكسب خبيث    نائبة وزير الصحة تتابع تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية    الصحة: إحلال وتجديد 185 ماكينة غسيل كلوي وافتتاح 6 وحدات جديدة    نائب وزير الصحة تعقد اجتماعًا لمتابعة الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية وتخطيط المرحلة الثانية    بلاغ ضد البلوجر مروة حلمي: تدعي تلفيق الاتهامات لصديقها شاكر    تعرف على موعد فتح باب قبول تحويلات الطلاب إلى كليات جامعة القاهرة    افتتاح مونديال ناشئين اليد| وزير الرياضة يشكر الرئيس السيسي لرعايته للبطولة    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 9 أغسطس 2025    خلال استقباله وزير خارجية تركيا.. الرئيس السيسى يؤكد أهمية مواصلة العمل على تعزيز العلاقات الثنائية بين القاهرة وأنقرة.. التأكيد على رفض إعادة الاحتلال العسكرى لغزة وضرورة وقف إطلاق النار ورفض تهجير الفلسطينيين    في ذكرى ميلاد النجمة هند رستم| بنت البلد رغم أنها من عائلة أرستقراطية    «100 يوم صحة» قدمت 37 مليون خدمة طبية مجانية خلال 24 يوما    وفاة طبيبة أثناء تأدية عملها بالقصر العيني.. وجمال شعبان ينعيها بكلمات مؤثرة    24 أغسطس.. فتح باب قبول تحويلات الطلاب إلى كليات جامعة القاهرة    غرفة العمليات الرئيسة بتعليم الدقهلية تتابع سير امتحانات الدور الثاني الإعدادية والدبلومات    موعد مباراة مصر واليابان فى بطولة العالم لناشئي كرة اليد    أزمة سياسية وأمنية فى إسرائيل حول قرار احتلال غزة.. تعرف على التفاصيل    خلال تفقده لأعمال تطوير الزهراء للخيول العربية.. وزير الزراعة: هدفنا إعادة المحطة لمكانتها الرائدة عالميًا    5 أبراج نشيطة تحب استغلال وقت الصباح.. هل أنت منهم؟    بمشاركة المصري.... اليوم قرعة الأدوار التمهيدية من البطولة الكونفيدرالية    الرئاسة الفلسطينية: الولايات المتحدة لديها القدرة على وقف الحرب فورا    سعر الذهب اليوم السبت 9 أغسطس 2025 في الصاغة وعيار 21 بالمصنعية بعد صعوده 30 جنيهًا    تنسيق المرحلة الثالثة 2025.. توقعات كليات ومعاهد تقبل من 50% أدبي    عودة خدمات إنستاباي إلى العمل بعد تعطلها مؤقتا    علي معلول: جاءتني عروض من أوروبا قبل الأهلي ولم أنقطع عن متابعة الصفاقسي    هل تأثم الزوجة إذا امتنعت عن زوجها بسبب سوء معاملتها؟ أمين الفتوى يجيب    متي يظهر المسيخ الدجال؟.. عالم أزهري يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن : مفهوم الإصلاح الإداري في مصر
نشر في الزمان المصري يوم 31 - 10 - 2014

أن مفهوم الإصلاح الإداري في الدول النامية قد أرتبط إلى حد كبير بمشكلات التنمية لأن الأجهزة الإدارية متخلفة وغير قادرة على تنفيذ خطط التنمية القومية بوصفها إدارة تنمية ، ونتيجة لهذا التخلف فلا مناص من إصلاحها حتى تكون قادرة على تحقيق التنمية القومية بكفاءة وفاعلية .
وقد رأى البعض من الباحثين بأن حتمية الإصلاح الإداري في الدول النامية أهم من حتمية قيام الإدارة العامة يدروها في التنمية ، لأن الإصلاح في الدول النامية لا يعني مجرد إجراء تغييرات وتصحيح في النظام الإداري ، بل يعني في الوقت نفسه إحداث تغييرات في الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية تواكب التغييرات الإدارية وقد ارتأى البعض الآخر من الإداريين على أن عملية الإصلاح تمثل تغيير أصيل في العمل وفي التنظيم وفي الأشخاص وفي نظرة الناس إلى كل هذه الأمور وهو في إطار هذا المفهوم ليس مجرد تعديل بسيط أو مواءمة سطحية ، وإنما تحول كامل في الخطط وتغيير جوهري في الروح والفكر وأنماط السلوك وفي التنظيم وعمل العنصر البشري .
لكن التطور تعثر في الكثير من الدول النامية بسبب سيطرة الجهاز الإداري البيروقراطي على معظم المؤسسات حتى أصبح قوة من الصعب السيطرة عليها مما أدى إلى عدم المرونة وتضارب الهياكل القانونية والتركيز على المركزية مما قاد إلى عدم قدرة المرؤوسين على تحمل المسؤولية وتركيز المهام والقرارات في أيدي المديرين ، مما ولد موجات مرتفعة من عدم الرضا بين متلقي الخدمة من المواطنين ، وعملية التطوير تسمى بعملية الإصلاح الإداري والتي أصبحت من أحدى حتميات التنمية في الدول النامية فهي نشاط تلقائي مستمر للإدارة العامة .
من الواضح أن هذا التعريف الأخير لم يأخذ بالحسبان بأن معظم برامج الإصلاح الإداري في الدول النامية لم تنفذ بصورة تلقائية ومستمرة ، بل كانت نتاجاً لمبادرات السلطات السياسية في هذه الدول التي اكتشفت ضرورة الإسراع بإعداد برامج الإصلاح الإداري استجابة للتغيرات المحيطة داخلياً وخارجياً استناداً إلى ما تقدم فإن مفهوم الإصلاح الإداري من خلال البرنامج الذي تم طرحه في بعض هذه الدول ( مصر ) قد أخذ بالحسبان الجوانب الاجتماعية والإدارية والاقتصادية ، حيث تناول الإصلاح الإداري لجهة الهدف وهو " تحديث وتطوير أداء الجهاز الإداري للدولة ، بهدف تدعيم قدرته على الوفاء برسالته الأساسية لتحقيق النهضة التنموية المأمولة ، ورفع المعاناة عن المواطن عند التعامل مع أجهزة الدولة برفع القيود البيروقراطية ، والتخفيف من التعقيدات المكتبية ، وتهيئة المناخ الإداري الملائم لإنجاز خطط التنمية الشاملة . بدأ الاهتمام يتركز في السنوات العشر الماضية على الدور الجديد للدولة في عملية التنمية الشاملة والمستدامة على اعتبار أن الدولة في العديد من دول العالم لم تستطيع أن تفي بوعودها ، حيث الاقتصاديات التي تمر بمرحلة تحول اضطرت إلى الانتقال المفاجئ نحو اقتصاد السوق ، واضطر كثير من بلدان العالم النامي إلى مواجهة فشل استراتيجيات التنمية التي تسيطر عليها الدولة .
وحتى الاقتصاديات المختلطة في العالم الصناعي رأت في مواجهة فشل التدخل الحكومي أن تتجه بقوة في اقتصادها المختلط نحو آليات السوق . ورأى الكثيرون أن نقطة النهاية المنطقية لكل هذه الإصلاحات هي أن تقوم الدولة بأقل دور ممكن . لكن هذا الرأي يتعارض مع تجارب ناجحة في التنمية كما هو الحال في دول شرق أسيا التي اعتمدت كثيراً على الدور الفعال للدولة في الإصلاح والتنمية حيث قامت بدور المحفز والميسر للتطور وشجعت أنشطة الأفراد ودوائر الأعمال الخاصة وتكاملت معها . ولا شك في أن التنمية التي تسيطر عليها الدولة قد فشلت ، ولكن فشلت أيضاً التنمية التي تتم بغير تدخل الدولة، وهذا يثبت بأن الحكومة الجيدة ليست من قبيل الترف بل هي ضرورة حيوية ، لأنه بدون دولة فعالة يندر تحقيق الإصلاح والتنمية .
والطرق المؤدية إلى الدولة الفعالة كما وردت في تقرير البنك الدولي للإنشاء والتعمير عام 1997 متنوعة منها : الشق الأول – تركيز أنشطة الدولة على المجالات التي تتلاءم مع قدرتها ، إذ أن كثيراً من الدول تحاول أن تفعل أكثر مما تستطيع وبموارد غير كافية وقدرة محدودة في حين أنه إذا تركز جهد الحكومات على الأنشطة العامة التي لا غنى عنها للتنمية فإن ذلك يزيد من فاعليتها .
تتميز العلاقات التي تربط الأطراف المختلفة ضمن إطار المنظمات وعلى مستوى الدول بالتغير المستمر و المتسارع, سواءً أكان هذا التغير مقصود وموجه لتحقيق مصالح بعض الأطراف أم أنه يندرج ضمن إطار الحركة المستمرة والطبيعية للعلاقة التي تربط الإنسان بالطبيعة ومع ذاته والآخرين, وبما أن الأجهزة الإدارية العاملة في مختلف المنظمات والدول هي المسئولة عن القيام بعمليات تحليل البيئة واكتشاف الفرص والتهديدات فيها والعمل على إيجاد صيغة تحقق من خلالها التوافق مابين نقاط القوة التي تتمتع بها والفرص المتوافرة في البيئة الخارجية وتعمل على تلافي التهديدات التي تتعرض لها أو التخفيف من آثارها, كان لا بد من القيام بعملية تأهيل مستمر ومراقبة دائمة لعمل هذه الأجهزة لكي تتمكن من تحقيق الأهداف التي تصبو إليها بفاعلية وكفاءة عالية.
ويبين تاريخ مصر السياسي والاجتماعي في وضوح تام أن البيروقراطية كأسلوب للحكم والإدارة كانت مطبقة في مصر القديمة في عهد الفراعنة وعلى مر السنين، وهنا يمكن اعتبار عصر بداية الأسرات فترة "تكوين" بالنسبة لنظم الإدارة التي نشأت بدائية، ثم أصبحت فيما بعد أساسا لكل التنظيمات الكبيرة التي طبقت في الفترات التالية، فإذا ما رجعنا إلى العصور الأولى لوجدنا جذور البيروقراطية تتمثل في شخصية "الكاتب الجالس القرفصاء" في أيام الفراعنة، ثم "شيخ البلد" في مصر القديمة. ومع مرور الوقت، تأكدت سمات المركزية والبيروقراطية وتضخم الجهاز الإداري، وأصبح الموظفون يشعرون بأهمية خاصة، ويمارسون سلطاتهم بطريقة تعسفية واستبدادية مشتقة من شخصية الحاكم. التاريخ يدلنا على أن رخاء مصر وازدهارها واستقرار العمران فيها كان رهنا بدرجة أو بأخرى بدور الجهاز الإداري.
من هنا تأتي أهمية العمل على تطوير وإصلاح هذا الجهاز واعتبار ذلك عملية ديناميكية مستمرة ومن اللافت للانتباه أنه رغم الفترات الطويلة التي خضعت خلالها مصر للحكم الأجنبي منذ نهاية عصر الفراعنة وحتى الغزو العثماني، إلا أن البيروقراطية المصرية استطاعت الحفاظ على أهميتها، ونقلت المهارات والخبرات والقيم البيروقراطية من خلال عملية التنشئة والتعلم من جيل إلى آخر. وفى عام 1805 أنشأ محمد على "ديوان الوالي" ليختص بضبط المدينة، أي العاصمة، والفصل في المشاكل بين الأهالي والأجانب. وبعد خمس سنوات تغير اسمه إلى "الديوان الخديوي"، ثم أصبح "الديوان" والذي تضخم سنة بعد أخرى وانقسم إلى أقلام مختلفة أخذت في التضخم هي الأخرى، وتعددت الدواوين تمكين أجهزة الإدارة العامة من ممارسة صلاحياتها ومسؤولياتها بعيدا عن المركزية والبيروقراطية المعرقلة لحركة التطور الفني والتقني والتي لاتستجيب لمعطيات البيئة المحيطة، إضافة إلى إجراء تعديلات دورية في المواقع القيادية والاعتماد على الأجهزة الاستشارية ودعمها في صنع القرار الاعتماد على السلطة التشريعية في إعادة النظر بكل أو ببعض التشريعات والقوانين التي تحكم حركة النشاط الإداري.
تغيير الاتجاهات السلوكية للعاملين في الجهاز الإداري استنادا إلى دعامات أخلاقية وتدريب الإفراد على الإحساس العالي بالمسؤولية العامة وعلى استخدام السلطة خلال فترة وجودهم في الحياة العملية. يعتبر توقيت التنفيذ في غاية الأهمية لنجاح برامج الإصلاح الإداري ، ويحتاج الأمر عادة إلى تمهيد سياسي على نطاق واسع لتهيئة الرأي العام والجهاز الإداري لعملية الإصلاح كذلك لابد من تهيئة الجهاز الذي سيتولى القيام بتنفيذ عملية الإصلاح من حيث الخبرات والوسائل والأدوات المساعدة لبدء العمل بكفاءة مع توطيد العلاقات بالوحدات التنفيذية في الجهاز الإداري حتى يتحقق التعاون .
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.