اختلال الادارة عائق امام المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
* محفوظ كيطوني
رغم الانجازات التي حققتها الدولة المغربية في ميادين عدة، وخاصة منذ اعلان صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في 2005، فيجب الا نحجب حقيقة هامة وهي استمرار تعثر التنمية في المغرب نتيجة العديد من نواحي القصور في ادارة التنمية ، والفشل في تعبئة الموارد وتوجيهها،وعدم القدرة على اطلاق القدرات البشرية المتاحة والاستفادة منها الاستفادة الكاملة ، وقصور الادارة عن تكييف البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية لتحقيق التنمية المنشودة و لتحقيق هدف المبادرة وان تعثر- تحقيق التنمية البشرية المستدامة،باعتبارها المعركة الاساسية لمغرب اليوم والغد - يعود بالاساس الى نواحي القصور الاداري التي مازالت راسخة كفروس في الجسم المغربي و الأخطر من ذلك أنها تنتشر وتتوسع يوما بعد يوم ..
وتتبدى فيما يلي :
- استمرار الطابع الاداري المركزي للادارة سواء في الجهاز الاداري للدولة أو في القطاع العام أو الخاص ،وذلك رغم التعريف بأهمية النهج اللامركزية للادارة في المؤسسات الكبيرة وضرورة افساح المجال لقدر من التفويض للسلطة من جهة واعطاء الفرص للطاقات والكفاءات اللامركزية ..
- تزايد التضخم الاداري والوظيفي في الاجهزة الادارية للدولة والقطاع العام ،وعدم اسهام القطاع الخاص بالشكل الكافي في امتصاص عدد أكبر من المناصب الوظيفية.
- تنامي ديكتاتورية البيروقراطية وأمراضها وانتشار الفساد الاداري بشكل واسع أكثر من السنوات القليلة الماضية : ضعف أجهزة الرقابة،وضعف حقيقي للرأي العام ممثلا أساسا بالسلطة الرابعة( الصحافة ) والسلطة الخامسة ( المجتمع المدني ).أدى تحول البيروقراطية العامة الى مركز قوة حقيقي في المجتمع واكتسابها لحصانة ومناعة ضد المساءلة والحساب، رغم وجود وتعدد الاجهزة الرقابية الادارية .
- غياب مقاييس موضوعية لكفاءة الادارة والاعتماد على الولاء أو صلات الرحم في اختيار القيادات الادارية العليا والاخطر من ذلك انها أصبحت المناصب الادارية تباع وتشترى بالمال،اذ تعمل أغلب المؤسسات الادارية في ظروف تحميها من أي منافسة حقيقية ،وتمنع وجود أي ضغوط فعالة تمكن من فرز القيادات الادارية على اساس من الكفاءة والفعالية .
والواقع أن الغالب في اختيار الكوادر الادارية أصبح يتم على اسس لا تمت للكفاءة الادارية بأي صلة.حيث أصبح العامل الاهم في هذا الاختيار هو الولاء والصلات الخاصة بمتخذي القرار.وقد تكون تلك الصلات أو الولاء مبنية على الارتشاء أو القرابة أو المعرفة والصداقة أو الانتماء القبلي في بعض الحالات ،كما يكون مبنيا على الولاء الحزبي والسياسي في أحوال أخرى ..
- غياب أي ابداع جدي وهادف وفكر اجتهادي بناء واصلاحي مثمر ..والنظر الى الادارة باعتبارها عملية علمية بحتة لها قواعدها العملية وأسسها الموحدة بغض النظر عن الزمان والمكان ونوع المجتمع والثقافة والقيم السائدة فيه ،وتبرز جليا هذه النظرة في مجال التعليم والادارة والثقافة والمؤسسات الاجتماعية ..،وحتى خلال محاولات الاصلاح والتطوير الاداري المختلفة التي تتم .
وان مؤسساتنا سواء التي تقوم بتدريس علوم الادارة أو الوزارات الساعية الى احداث برامج او مشاريع أو تطوير في خدماتها ..فانها تعتمد بنسبة 95 بالمائة على نقل عن أدبيات الادارة والوزارات الغربية ،دون أي محاولات جادة للتأصيل أو التطوير ،او خلق فكر اداري ابداعي مغربي مستقل يحترم مرجعية المملكة الشريفة الدينية والتاريخية والوطنية ويسعى الى تشييد مغرب الديمقراطية والتقدم ،مغرب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،مغرب الحكامة الجيدة .