ولا بعتُ الهوَى أنا ما فررتُ برغبتي وأنا التي نامت على جمر الجوَى وبوِحدتي أنا من تجرّعتُ المرار فاخترتُ مّرَ الإبتعاد أولَستَ مَن باعَ الوداد ورماهُ قصرًا بالمزاد ونزعتَ من يديَ القرار أنا ما فررتُ برغبتي أنا من رُمِيتُ معَ المدار يا ليتني في يومِ ضعفٍ لم أبح بمشاعري ياليتني أخفيتُ صورة- ظاهري ورميتُ في الأنفاقِ كلّ رسائلي ورحلتُ دون وداعكَ وبدونِ تذكرةِ الإياب- رحلتُ في حلكِ الظّلام- وسُدّتِ الأبواب دون العتاب وتحمّلَ القلبُ السّهام في حينها أحرقتُ كلّ بيادري ودفاتري لمَ جفّتِ الأقلامُ عندك في انحصارٍ وانشطار مخنوقَةُ المعنى لديك تتقاذفُ الأفكارُ في – هذا الفؤاد لا تفتقِ الجرحَ الذي أدميتَهُ وتركتَهُ دون الدّواءِ تركتَهُ من نزفِهِ لم يندمل قد ملّ خوفَ الإنفطار منهُ لقد ضاعَ الكلام – وضاقَ صدريَ مثل- طيرٍ دونَ ريشٍ أو جناح أعياهُ جهدُ الإنتظار لمَ تحبسُ الأنفاسَ- قبلَ النّطقِ بالكلمات وكأنَّهُ ما كانَ في شفتيكَ قط ! يا ليتهُ يومًا فلا كان الأثيرَ – ولا الرّذاذ ياليتني لم أسمعِ الكلمات أوَقُلتَها وجرحتني !! لمَ لم تكن لفؤاديَ الرّكنَ المرام هٰذي حروفيَ- كُلُّها كُتبت إليك لمَ تغمضُ الأجفانَ خشيةَ أن ترى فيها الحقيقةَ- قم أزل عنها الغبار دعها ترى وجهًا بدت قسماتُهُ صفحاتُهُ كلماتُهُ في حيرةٍ فالصّمتُ في محرابهِ لغةَ الكلام عن ناظري فلتبتعد وكما تشاء دونَ العتابِ أوِ الملام لٰكن قُبيلَ رحيلِكَ هلّا مَدَدتَ إلى حروفيَ ناظريك وبغيرها لا لا تظن أنا لم أخن عهدي ولا بعتُ الهوَى لكنّني لن أرتضي ذلّي لديك لن أرتضي شُحّ الكلام لن أرتضي أن تُبقني كثريّةٍ مكسورةٍ فوقَ الرّكام أوفيتُ وعديَ جُلَّهُ وفرشتُ شَعرَ ضفائري سُجّادةً وبذلتُ حُبّيَ كُلّهُ ونَسيتُ عُمريَ عندكَ ورحلتُ عَنهُ ولم أزل لملمتُ أوجاعًا لدي ومضيتُ عنكَ بعيدةَ الدّربِ الذي ضَيّعتَهُ !! وكأنّكَ استهوَيتَ جُرحيَ- بل سَعَيتَ لنبشِهِ ! ونَسِيتَني وكأنّني في يومِ لُقياكَ استحلتُ رمادًا !! أنا لم أخن عهدي ولا بعتُ الهوَى =================== تفعيلة البحر الكامل الثلاثاء 11-11-2025 ………………………… قراءة فى قصيدة "أنا لم أخن"..للشاعرة الكبيرة أ.د احلام الحسن ..بقلم : حافظ الشاعر قصيدة "أنا لم أخن" رائعة جدا وتحمل طابعا وجدانيا قويا، وتكشف عن تجربة عاطفية عميقة فيها .. تتكلم شاعرتنا فيها بضمير الكبرياء والكرامة بعد خذلان عاطفي..فالقصيدة تمثل نموذجا راقيا للشعر الوجداني الحديث، حيث تتزاوج التجربة النفسية العميقة مع التعبير الفني المتقن،لتخلق نصا يجمع بين صدق الشعور، وعمق الفكرة، وروعة اللغة. إنها قصيدة امرأة تكتب لتشفى، لا لتتجمل،ومن هنا جاء جمالها الحقيقي. وهنا يروقنى أن أوضح ما تميزت به شاعرتنا من ثلاث زوايا: العنوان، البحر الشعري، والألفاظ . أولًا: اختيار العنوان "أنا لم أخن" العنوان مباشر، صادم، ومعبر عن التحدي؛ يبدأ بنفي تهمة قبل أن تقال، مما يجذب القارئ ويثير فضوله..من الذي اتهم؟ ولماذا تدافع الشاعرة عن نفسها؟ اختارت شاعرتنا ضمير المتكلم (أنا) لتؤكد قوة الذات واستقلالها في مواجهة الظلم أو الخيانة. كما أن التكرار داخل القصيدة لعبارة "أنا لم أخن" جعل العنوان محورا دلاليا، يتردد كقسم أو شهادة تبرئ الذات. ومن الناحية الفنية، العنوان يحمل توترا دراميا، فهو يلمح إلى صراع بين الوفاء والخيانة، بين الإخلاص والخذلان ثانيا: البحر الشعري والإيقاع القصيدة ليست ملتزمة ببحر خليلي واحد، بل تميل إلى الشعر الحر (التفعيلة)، مع تنوع الإيقاعات الداخلية. تكرار المقاطع مثل: "أنا لم أخن عهدي ولا بعت الهوى" يشير إلى إيقاع يعتمد على تفعيلة البحر الكامل أو المتقارب، لكن دون التزام تام بالتفعيلة الواحدة. هذا التحرر الوزني أعطى شاعرتنا مساحة للتعبير الانفعالي بحرية، فالمعنى يقود الإيقاع لا العكس. استخدمت أيضا الإيقاع الداخلي عبر التكرار، والجناس، والتوازي في التراكيب: "أنا ما فررت برغبتي / أنا من رميت مع المدار" "لن أرتضي ذلي لديك / لن أرتضي شُحّ الكلام" وهذا خلق موسيقى خفية تشبه النبض العاطفي المتوتر. ثالثا: استخدام الألفاظ والتعبير الألفاظ عاطفية صادقة، متقدة بالألم والكرامة مثل :الهوى، الوداد، الجرح، الانتظار، الانكسار، الرحيل. فشاعرتنا تمزج بين لغة التراث واللغة الحديثة، فتقول: "فرشت شعر ضفائري سجّادةً"استعارة أنثوية دافئة تجمع الرقة بالتضحية. في المقابل نجد ألفاظا قوية تعبر عن الثورة الداخلية والتمرد: "لن أرتضي ذلّي لديك".."رحلتُ في حلكِ الظلام" الألفاظ تتراوح بين الحنين والمرارة، وهو توازن جميل بين الوجدان الأنثوي والكرامة الإنسانية. كما أن الصور الشعرية تفيض بالمجاز مثل: "وضاق صدري مثل طيرٍ دون ريشٍ أو جناح"صورة بصرية مؤثرة تعبر عن الانكسار وفقدان الحرية. الخلاصة مظاهر التميز فى القصيدة: *العنوان:صريح، مشحون بالكرامة، يعكس الصراع النفسي ويمثل لب القصيدة. *الإيقاع:متحرر، يعتمد على تفعيلة الشعر الحر، وإيقاع داخلي ناتج عن التكرار والتوازي.*الألفاظ :جزلة وعاطفية، تمزج بين الرقة والصلابة، غنية بالصور والاستعارات