انقطعت خدمة الكهرباء بشكل كامل وغير مسبوق منذ عقود صباح الخميس عن أجزاء كبيرة من القاهرة التي يعيش فيها قرابة 20 مليون نسمة، ومحافظات أخرى منها الدقهلية التي تعاني تدهورا اقتصاديا يلقى بظلاله على قطاع الكهرباء. وتأثر عدد من الخدمات الحيوية كخدمات المياة والنقل والمصارف بشكل متفاوت بالازمة التي اثارت حالة من الفوضى في ساعات الذروة التي يذهب فيها الموظفون لاعمالهم وذلك قبل عودة الخدمة بشكل تدريجي. وتعاني مصر من اوضاع اقتصادية متدهورة منذ اكثر من ثلاثة اعوام وتشهد بانتظام انقطاعات للتيار الكهربائي بسبب نقص الموارد المادية لشراء الوقود اللازم لتشغيل محطات الانتاج ووصلت مدة الانقطاع في الاونة الاخيرة حتى ثماني ساعات في بعض المناطق. لكن انقطاع الكهرباء الخميس تم بشكل متزامن في احياء كثيرة في العاصمة المصرية وفي عدة محافظات مصرية اخرى ودام في بعض المناطق اكثر من خمس ساعات اذ استمر منذ قرابة الساعة السادسة صباحا (3,00 تغ) حتى الحادية عشرة (10،00 تغ) على الاقل، وهو ما جعل وقعه اكبر هذه المرة. وقال محمد اليماني المتحدث باسم وزارة الكهرباء والطاقة لوكالة فرانس برس ان "عطلا مفاجئا أدى لانقطاع الكهرباء في أحياء كثيرة في القاهرة والتيار سيعود بشكل تدريجي". ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن وزير الكهرباء محمد شاكر أن "العطل الفني في الكهرباء اليوم نتج عن أعمال صيانة على الشبكة ما ادى الى انقطاع للكهرباء في عدد من المحافظات على مستوى الجمهورية". كما أضاف في تصريح اخر نقله موقع الأهرام الاليكتروني انه جرى "إعادة 75% من الأحمال التى كانت قد فقدتها الشبكة القومية للكهرباء جراء العطل الفنى المفاجئ" الذي وصفه بأنه "غير مسبوق منذ تسعينات" القرن الماضي. وألقى انقطاع الكهرباء بظلاله على قطاعات اقتصادية وحيوية عديدة. وأدى الانقطاع الى اضطراب كبير في قطاع النقل بعدما انقطعت الكهرباء بشكل كامل عن احد خطوط المترو الرئيسية في العاصمة المصرية فيما توقفت حركة سير المترو بشكل جزئي في خط آخر، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية. ولاحقا قال رئيس شركة المترو ان "حركة القطارات عادت إلى طبيعتها بجميع خطوط مترو الأنفاق بعد توقف دام 115 دقيقة بسبب عطل كهربائي". وانقطعت خدمات المياة عن عدد من أحياء القاهرة نتيجة للازمة، لكن مسئولين قالوا لاحقا أنها بدأت تعود تدريجيا مع بدء عودة التيار الكهربائي. وتضررت الاتصالات عبر الهواتف المحمولة أيضا بانقطاع الكهرباء عن ألفي محطة تقوية عبر البلاد تابعة لشركة فودافون. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مسئول بشركة فودافون، إحدى ثلاثة شركات تقدم خدمة الاتصالات للهواتف المحمولة في مصر، ان 1000 محطة توقفت عن العمل بالقاهرة و 500 بجنوب مصر و500 في دلتا النيل (شمال). ونقلت الوكالة عن مسؤول في شركة موبينيل للاتصالات أيضا أن انقطاع الكهرباء "تسبب في حدوث ضرر في أداء شبكة شركة موبينيل في محافظتي القاهرة والجيزة". ونقلت الوكالة نفسها عن محمد سلطان رئيس قطاع الرعاية العاجلة بوزارة الصحة قوله ان الكهرباء انقطعت عن ثلاثة مستشفيات في القاهرة، الا انه قال ان العمل بها استؤنف بعد عمل المولدات الكهربائية بها. وقال موظفون في شركات ومصانع في بعض المناطق الصناعية في القاهرة ان اعمالهم توقفت نتيجة لانقطاع الكهرباء. وقال احمد ابراهيم وهو صيدلي في شركة ادوية مقرها ضاحية 6 اكتوبر غرب القاهرة لفرانس برس ان "مصنع الأدوية توقف تماما عن العمل. قررنا فصل الاجهزة خوفا عليها من العطب بسبب عدم انتظام التيار الكهرباء". وقال التليفزيون الرسمي ان العمل في البورصة لم يتضرر جراء انقطاع الكهرباء، لكن موظفين ومواطنين قالوا ان الخدمة توقفت في فروع عديدة لبنوك في القاهرة نتيجة الازمة. والشهر الماضي، وصلت الانقطاعات الطويلة والمتكررة للكهرباء الى ثماني ساعات في العديد من محافظات مصر حيث ترتفع درجة الحرارة خلال الصيف الى اكثر من 40 درجة مئوية احيانا. وفي 20 أغسطس الفائت، ومع توالي انقطاعات الكهرباء اعترف رئيس الوزراء إبراهيم محلب بوجود "مشكلة جدية" في قطاع الكهرباء في مصر. ووعد محلب آنذاك بتوفير الكهرباء وتقليص ساعات الانقطاع وهو ما تحقق بشكل ملموس بعدها قبل ان يعاني المواطنون مجددا من الازمة صباح الخميس. واشار محلب حينها لرغبة حكومته في فتح قطاع انتاج الكهرباء "امام القطاع الخاص والمستثمرين" لايجاد حلول بعيدة الامد لهذه المشكلة. كما قال وزير البترول والثروة المنجمية شريف إسماعيل ان وزارته ستؤمن في الأشهر المقبلة كميات كبيرة من الغاز الطبيعي لتزويد محطات الإنتاج الكهربائي بها. وفي 31 اغسطس الفائت، أعلنت وزارة البترول المصرية ان القاهرة ستستورد من الإمارات منتجات نفطية بقيمة تسعة مليارات دولار مما سيساهم في تزويد محطات الكهرباء بالوقود اللازم لتشغيلها . وقال المتحدث باسم وزارة البترول حمدي عبد العزيز لوكالة فرانس برس ان البلدين وقعا اتفاقا بقيمة تقارب 9 مليارات دولار مدته عام واحد ويدخل حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر. وأضاف أن هذا الاتفاق سيؤمن "ما بين 70% و75% من واردات مصر الشهرية من المنتجات النفطية".