تعطل مستشفيات وتوقف وحدات الكلى بالمحافظات.. انقطاع المياه عن 26محافظة.. البنوك تقضى على الطوابير بالمولدات.. 500 ألف خسائر بمترو الأنفاق.. قناة السويس تعلن الطوارئ.. والمخابز خارج الخدمة قدر خبراء، حجم الخسائر التي تكبدتها مصر فيما أطلق عليه "الخميس المظلم"، بنحو مليار ونصف مليار جنيه، نتيجة العطل المفاجئ الذي تسبب في انهيار شبكة الكهرباء بالقاهرة الكبرى وعدد من المحافظات، وذلك في وقت مبكر صباح الخميس الماضي، وهي الأزمة التي استمرت لساعات طويلة من هذا اليوم. كان من أبرز توابع الأزمة انقطاع مياه الشرب عن أغلب المنازل، وتعطل مترو الأنفاق، ما أدى إلى تأخر معظم الموظفين عن الوصول إلى أعمالهم، فضلاً عن الأضرار والخسائر المادية التي لحقت بالمصانع والمستشفيات والمنشآت الحيوية بمصر، ومن بينها قناة السويس ومدينة الإنتاج الإعلامي. وتعطل مترو الأنفاق لأكثر من 6 ساعات بالخط الأول بداية من محطة المرج حتى السيدة زينب- والعكس، ما أدى إلى تكدس المواطنين على أرصفة المحطات وإحداث شلل مروري بالعاصمة في الساعات الأولى من صباح الخميس، ما ألحق خسائر بالمترو قدرت بأكثر من 500 ألف جنيه. وعلى جانب آخر، ساد الارتباك المستشفيات؛ حيث توقفت أكثر من 3 مستشفيات بمحافظة الجيزة وهى الشيخ زايد، والهرم، وأكتوبر، مما استدعى إرسال سيارات إسعاف احتياطيًا مزودة بحضانات لخدمة الحالات الحرجة التي تحتاج إلى إنعاش بشكل سريع وطارئ. وفيما أعلنت وزارة الصحة في بيان لها عدم تأثير انقطاع الكهرباء على المرضى جراء هذا الانقطاع المفاجئ، وذلك نظرًا لعمل المولدات الكهربائية، أكد عدد من العاملين بمستشفى قصر العينى الفرنساوى تدهور الوضع بالمستشفى نظرًا لقطع التيار الكهربائى من التاسعة صباحًا، ما أدى إلى توقف عمل المولدات والتى عجز المستشفى عن تشغيلها وتدهور وضع عدد من الحالات المتواجدة بغرف العناية المركزة. كما توقفت وحدات غسيل الكلى بمحافظات الغربية والأقصر وأسيوط عن العمل؛ إذ أكد مصدر مسئول بمحافظة أسيوط أن توقف وحدات الغسيل جاء لعدم توافر المياه التي انقطعت إثر انقطاع الكهرباء لمدة 3 ساعات، ما أدى إلى تأجيل الغسيل بالنسبة للمرضى. فيما أدى انقطاع التيار بمستشفى المحلة العام إلى توقف أجهزة الأشعة ورسم القلب وقسم العناية المركزة، نظرًا لعدم جاهزية المحول الرئيسي وتوقف العيادات الخارجية عن استقبال المواطنين وتوقف عدد من أجهزة الغسيل الكلوي والأشعة والتحاليل، ما تسبب فى معاناة شديدة للمرضى المنتظرين والحالات الطارئة، واستمر الوضع عدة ساعات. وقال الدكتور أحمد مجدي، أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية الطب جامعة القاهرة، إن أزمة انقطاع التيار الكهربي تؤثر بشكل كبير وخطر للغاية على غرف العمليات والرعاية المركزة والحضانات، مشيرًا إلى أن انقطاع التيار الكهربي لدقائق قد يؤدي إلى حالات وفاة كثيرة. وأوضح أن 10 % من الأطفال حديثي الولادة يحتاجون إلى حضّانات فور ولادتهم ولابد أن تكون مجهزة جيدًا، وهذا لا يتوفر بكل المستشفيات، في حين يؤدي انقطاع التيار الكهربي في المستشفيات غير المجهزة إلى ارتفاع نسبة وفاة الأطفال حديثي الولادة، مطالبًا بحل عاجل لأزمة انقطاع التيار، خاصة أن المولِّد الكهربي لا يتوافر في كل المستشفيات، كما أن الحضانات الجديدة لا تتحمل الانقطاع فتؤدي إلى تلفها. كما أدى انقطاع التيار إلى توقف الإنتاج بمصانع الصلب والصناعات الثقيلة بمنطقتي "عتاقة" و"السخنة" بمدينة السويس، بالإضافة إلى شلل في حركة الاتصالات بموانئ السويس بعد توقف عمل محطات تقوية شبكات الهواتف المحمولة. وأعلنت إدارة التحركات بهيئة قناة السويس بالقطاع الجنوبي، حالة الطوارئ لتأمين عبور قوافل السفن بالمجرى الملاحي للقناة جنوبًا من السويس وشمالًا من بورسعيد، بالإضافة إلى طوارئ قصور بمعامل التكرير بعد أن أدى انقطاع التيار الكهربائي ب10 شركات بترولية إلى إطفاء أجهزة معامل التكرير منذ السادسة صباحًا ومحطات ضخ البترول الخام في الأنابيب؛ حيث عملت لجان فنية على مواجهة عدم تصلب البترول الخام في أنابيب التدفيع الأرضية. وتقوم لجان فنية بحصر الخسائر الإنتاجية نتيجة شلل حركة الإنتاج والموانئ بالسويس والتي تُقدر مبدئيًا ب100 مليون جنيه، وقد تصل إلى مليار جنيه، بحسب التقديرات. وضربت أزمة انقطاع التيار شبكة مياه الشرب على مستوى الجمهورية؛ إذ قال العميد محيي الصيرفي، المتحدث الرسمي للشركة القابضة لمياه الشرب، إن الكهرباء انقطعت عن أكثر من 25 شركة مياه في 26 محافظة، مشيرًا إلى أن جميع محطات الشرب تعتمد على الكهرباء في التوليد وتغذية المنازل. وأضاف الصيرفي أنهم يواجهون مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، باستخدام المولدات البديلة التي تعمل على ضخ 50 في المائة من إنتاج المياه، مشيرًا إلى أن الشركة القابضة للمياه استطاعت السيطرة على مشكلات الصرف الصحي بتشغيل المولدات البديلة. وعلى جانب آخر، تكدس المئات من المواطنين أمام مكاتب البريد والبنوك على مستوى الجمهورية بسبب وقف خدمة الصرف بها، خاصة أن الأزمة جاءت في أوائل شهر سبتمبر؛ وتم الاستعانة بالمولدات الكهربائية أملاً فى القضاء على الطوابير الخارجية، خاصة مع ازدياد الإقبال من جانب المواطنين على شراء الشهادات الاستثمارية الخاصة بمشروع قناة السويس الجديدة. فيما أكد المهندس ياسر شاكر، نائب رئيس شركة موبينيل لقطاع التكنولوجيا، أن العطل الفني المفاجئ الذي حدث لشبكة الكهرباء فى مصر تسبب فى حدوث ضرر فى أداء شبكة شركة موبينيل فى محافظتي القاهرةوالجيزة.
كما تضررت المخابز بالانقطاع المفاجئ للتيار، بعد أن توقفت عن العمل لعدة ساعات، وتمثلت الخسائر في المعدات ومدخلات الإنتاج –دقيق وعجين- وأكد علاء عز، الممثل عن رئيس اتحاد الغرف التجارية،، أن المخابز كانت هي المتضرر الأكبر، لكونها قائمة في الأساس على استخدام الكهرباء وليس لديها مولدات تتحمل هذا القدر من كميات المخابر المتواجدة بمصر، مما أدى إلى توقف 2355 مخبزًا مدعمًا بسبب انقطاع الكهرباء في المنيا وتلف 1150 طن عجين، بالإضافة إلى تأثر قطاع الصناعات الثقيلة مثل الحديد والصلب وغيرها. وأشار إلى توقف العمل بعدد من المصانع الكبرى خاصة بمدينة 6 أكتوبر والتي تعد أكثر المحافظات الصناعية داخل الجمهورية. وفي تقديره للخسائر، قال الدكتور فخري الفقي، الخبير الاقتصادي، إن الخسائر التي تكبدتها مصر نتيجة انقطاع الكهرباء تقدر بمليار ونصف مليار جنيه من إجمالي الناتج المحلي الذي يقدر ب 2100 مليار جنيه سنويًا، مشيرًا إلى أن انقطاع الكهرباء بشكل دوري ومتناوب على الأحياء والمناطق يكبد الدولة أكثر من 8 مليارات جنيه شهريًا. وأضاف أن أكثر القطاعات تضررًا هي قطاعات الصناعة، والتي تساهم في الناتج المحلي بأكثر من الربع بما يقدر ب 25%، بالإضافة إلى قطاع الزراعة، الذي يساهم ب 17% من الإنتاج، فضلاً عن القطاعات الخدمية ممثلة في "المستشفيات والصحة والنقل والسياحة والتعليم" والتي تشكل أكثر من 60 % من الناتج القومي والذي يقدر ب 7 مليارات في اليوم الواحد تصفي في النهاية على 60 % بعد انقطاع التيار لأكثر من 8 ساعات. وطالب الخبير الاقتصادي، المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء بالاعتذار للشعب المصري وتوضيح ما حدث في يوم "الخميس المظلم" والوقوف على أسبابه، وتقديم الشكر المواطنين على ما يعانونه من ارتفاع في الأسعار والسولار والبنزين ورفع الدعم عن بعض السلع.