أحداث وأجواء كثيرة تلقى بظلالها هذا العام على فرحة حلول عيد الفطرحيث يتنافس معظم المواطنين فى البحث عن منافذ اقتصادية لكعك العيد وملابسه بينما عاد البعض إلى تصنيع الكعك المنزلى نتيجة غلاء الأسعار بل إن هناك من تنازلن عن نزهة العيد تلافيا لحوادث التحرش وسط حالة عامة من التوتر والقلق بسبب هموم المرحلة الانتقالية من تحديات داخلية وخارجية وماتتعرض له دول عربية مجاورة علاوة على الحزن المخيم على قطاع غزة . فقدأعلن صلاح العبد رئيس شعبة صناعة الحلوى بغرفة تجارة القاهرة انخفاض حجم مبيعات الكعك بمعدل 45% عن الأعوام السابقة لزيادة نفقات كسوة العيد واستعداد الأسر للعام الدراسى الجديد . ولم تكن أسواق الملابس الجاهزة أفضل حالا حيث صرح يحيى زنانيرى رئيس جمعية منتجى الملابس الجاهزة بأنها تشهد ركوداً مؤكدًا أن نسب المبيعات تصل إلى 20% فى كثير من المحال التجارية مبررا ذلك بأن هناك ارتفاعا فى أسعارها بنسبة تقرب من 15 % بسبب الأعباء المالية التى تتحملها المصانع بعد زيادة سعر الوقود والخامات. ووسط هذه الظروف ، طرح موقع أخبار مصر التساؤلات عن مدى تغير احساس المصريين بفرحة عيد الفطر فى ظل هذه الأجواء و آليات التعامل مع الظروف والهواجس المحيطة ؟ وكيف يستعيدون الشعور بالبهجة ؟. اختفاء .."لمة العيلة" محمد مصطفى، بائع فى محل حلويات بالمهندسين قال للموقع إن الفرحة الحقيقية كانت مرتبطة بتجمع العائلة حول "صوانى الكعك البيتى " ولكنها توارت تدريجيا مع سرعة إيقاع الحياة واستسهال شراء الكعك الجاهز مع تخفيض الكميات خاصة بعد زيادة الأسعارلأن تكلفة تصنيع الكعك والبسكويت زادت عن العام الماضى بسبب الارتفاع الكبير فى أسعار الغاز والسولار والخامات المستخدمة فى تصنيعه مثل السكر والدقيق والسمن والحليب بنسبة تتراوح بين 25-35 % ،وهذا أدى إلى تراجع إقبال الزبائن على المحال الكبرى لصالح الأفران التى تبيع بسعر أقل . وأكد أن حركة البيع والشراء تعتبر محدودة مقارنة بأعوام ماضية حيث تراوحت زيادة أسعار الكعك هذا العام بين 4 إلى 10 جنيهات لافتا إلى ظاهرة جديدة هى الإقبال على شراء كعك العيد السوري لجودته عن الصينى والمصرى وانخفاض أسعاره خاصة مع تقديم المصانع تخفيضات كبيرة، وتطبيق نظام البيع بالقطعة لجذب المشترين ، فعلى سبيل المثال يتراوح سعر الكعك بالعجوة السوري ما بين 45 إلى 65جنيها، ، بينما يتراوح سعر الكعك المصري بين 30جنيها إلى 80 جنيها ، ويتفاوت سعرالغريبة بين 55 جنيها للغريبة السادة مقابل 66جنيها للمحشوة بالمكسرات حسب المكان والجودة . وعن الاقبال على المتنزهات والاحتفالات ، قالت منى كمال مديرة تسويق بشركة خاصة وعضوة بإحدى الجمعيات النسائية "إن الاحساس بالفرحة تراجع خلال الثلاث سنوات الماضية بسبب الظروف التى تمر بها البلاد والمنطقة كلها وبالتالى لم أعد أخطط لرحلات أوأشارك فى احتفالات بل أكتفى بنزهة أو زيارة عائلية اضافة لتبادل إتصالات الموبايل عبر "الواتس آب " أوتصفح الانترنت ". وأضافت أنها قررت كسر حالة الاكتئاب بسلوك ايجابى مثل زيارة دور الأيتام والمسنين والاحتفاء هناك والتطوع بإعانات عينية لصالح ضحايا غزة من خلال الصليب الأحمر الدولى علاوة على المشاركة مع زميلاتها من الجمعيات النسائية فى التوعية بكيفية التصدى لمحاولات التحرش لتشجيع السيدات على التمسك بحقوقهن فى حياة آمنة من التحرش والعنف الجنسي والخروج والاحتفاء بالعيد فى وسط البلد والميادين . إعادة نظر فى نمط الحياة وتفسيرا لهذه الحالة ، قالت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع السياسى لموقع أخبارمصر إن نمط الحياة والظروف المحيطة مسئولة عن الاحساس بفرحة العيد وللاسف الشعب المصرى يحتاج لإعادة النظر فى اسلوب حياته وطريقة تعامله مع الأحداث والأزمات حتى يتمكن من التعايش ويجعل حياته أكثر تنظيما ويسرا وبهجة . واستطردت د. سامية خضر قائلة إن مسألة ارتفاع الاسعار ليست ملحوظة حتى الآن ،فمثلا هناك من تشكى من غلاء سعر كيلو الطماطم بينما أقوم بشرائه من الجمعيات التعاونية ب2 جنيه ،ومثلما رفع بعض سائقى التاكسيات "البنديرة "بحجة غلاء البنزين هناك من يرضى بقيمة العداد وعلينا أن نروج للنماذج الايجابية ونتصدى للسلبية المستغلة . أما تراجع الإقبال على الكعك والملابس ،فتفسره د.خضر بالاتجاه الى ترشيد الاستهلاك ليس للتوفبر المادى وعدم الاسراف فقط ولكن أيضا للوقاية الصحية ففى اليابان يتناولون الطعام بأطباق صغيرة ويحرصون على الرياضة للحفاظ على رشاقتهم.. مشيرة الى رواج بعض الأفران ومحال الحلويات ومنافذ البيع التابعة للقوات المسلحة لأسعارها الاقتصادية فمثلا سعر كيلوالكعك (السادة وبعجوة وملبن) 35 جنيها ، والكعك بالبندق 40 جنيها، وبالفسدق 50 جنيها، وسعر كيلو البسكويت 35 جنيها، والغريبة السادة 40 جنيها، وبالمكسرات تصل 45 جنيها . وفبما يتعلق بأجواء الحزن بسببب الوضع غزة واضطرابات سوريا والعراق ، فقالت "علينا أن نحمد الله ونتفاءل خيرا ونعلم أننا نخوض حربا طويلة تتطلب الصمود والتضحية والاصرار ". وترى د. خضر أن هناك مبالغة إعلامية فى حجم ظاهرة التحرش لأنها جريمة قديمة وموجودة بشكل فردى من سنوات وحاليا يتم استغلالها بشكل ممنهج وجارى التصدى لها أمنيا وقانونيا وبالتالى لامبرر للخوف من الخروج والاحتفال بسبب هواجس التحرش بدليل أن النساء شاركن فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو دون أن يتعرضن لاساءة ونجحن ودعمن خريطة الطريق . عودة عسكرى الدرك أما اللواء أحمد هانى الخبير الأمنى والاستراتيجى ، فقال إن عودة عسكرى الدرك سوف تسهم فى عودة الأمان والحد من ظاهرة التحرش خاصة فى الاعياد مشيرا إلى انها سلوكيات منحرفة تظهر عادة من سنوات فى التجمعات الكبيرة ولكنها مع الوقت تطورت وارتبطت بالمناسبات وبدأت تأخذ صورة جماعية . وأضاف أن عسكرى الدرك كان يتجول فى المنطقة بالحصان منذ عدة عقود ويتفقد الحالة الامنية ولكن الآن لابد من تطوير أجهزته وتنقله على "موتوسيكلات عصرية" لسرعة التدخل وقت اللزوم مع استعانته بقوات للانتشار السريع عند الطوارىء . وأكد اللواء أحمد هانى أنه لابد من تعميم التجربة حتى يتحقق استتباب الأمن فى الشارع مع تشديد العقوبة القانونية وتفعيلها من أجل تراجع التحرش وردع المتحرشين مشيدا بالحكم بالسجن المؤبد ضد السبعة المتهمين فى حادث الاغتصاب الجماعى بميدان التحرير، والذى لاقى ترحيبًا واسعًا من منظمات المرأة وحقوق الانسان باعتباره خطوة أولية فى عملية محاكمة مرتكبى تلك الجرائم، وتقليص فرص الإفلات من العقاب . وشدد على ضرورة محاسبة مرتكبى تلك الجرائم فى وقائع سابقة ومحاكمتهم محاكمة عادلة ومنصفة. زيادة ضابطات الشرطة وطالبت د.عزة كامل عضو المجلس القومى للمرأة ومنسقة مبادرة"شفت تحرش" ب تشكيل وحدات صحية متخصصة بالمستشفيات لعلاج الضحايا وإنشاء وحدة شرطة تابعة لوزارة الداخلية لمكافحة العنف ضد المرأة مع زيادة عدد ضابطات الشرطة المؤهلات لمواجهة ظاهرة التحرش وتكثيف تدريباتهن ميدانيا حيث لايزيد عددهن حاليا عن 4 ضابطات فقط . ودعت لإتخاذ خطوات جدية للمواجهة والتحقيق الشامل فى جميع جرائم العنف الجنسى، من خلال تفعيل آليات تضمن المحاسبة وتوفير الخدمات الضرورية للناجيات من تلك الجرائم . وأشارت إلى تدشين المبادرة غرفتي عمليات خلال عطلة عيد الفطر بمنطقة وسط القاهرة، ومدينة كفر الشيخ بهدف التوعية بطرق وآليات الحد من انتشار جرائم االتحرش بالإناث مؤكدة تواجد فرق وحملات ميدانية من الساعة 12 ظهراً وحتى 10 مساءً في محيط وسط البلد بالقاهرة، ومدينة كفر الشيخ بالدلتا لضبط المتحرشين مع توزيع قرابة 4000 كتيب يتضمن نصوص قانون التحرش الجديد، و أرقام الاستغاثات والبلاغات، ومنها على سبيل المثال الخط الساخن لمبادرة شفت تحرش: 01150118822 *فى النهاية ..الاحساس بالفرحة لايرتبط فقط بالأجواء والظروف والمناسبات لكنه يتوقف أيضا على مقدرة الانسان على تحدى الصعاب وطرد مشاعر اليأس والبحث عن حلول تمنحه القدرة على معايشة اللحظة أيا كانت والتفاؤل بالمستقبل .