إعلان المجلس العسكري الحاكم في مصر رفع حالة الطوارئ السارية في البلاد منذ عام 1981 فورا اعتبارا من يوم أمس هو نبأ سعيد دون شك يؤكد أن المجلس ملتزم بتنفيذ تعهداته لثورة 25 يناير عام 2011. توقيت هذا الرفع يستحق التوقف عنده بإمعان، فهو يأتي قبل أسبوعين من إجراء الجولة الثانية والنهائية من انتخابات الرئاسة المصرية التي يتنافس فيها مرشح الإخوانمحمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة، والفريق احمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. المجلس العسكري يريد توجيه رسالة واضحة من خلال هذا القرار مفادها انه يريد تهيئة المجال لدولة مدنية لا دولة عسكرية محكومة بقوانين الطوارئ التي تعطي رئيس الدولة القادم صلاحيات واسعة في مصادرة الحريات وإعلان الأحكام العرفية، وإقامة المحاكم العسكرية لمثول مدنيين متهمين بزعزعة استقرار البلاد وأمنها. وربما يجادل البعض محقين بأن قانون الطوارئ هذا بدأ العمل به بعد اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981 على أيدي جماعة إسلامية متشددة. وبعد ذلك تم التمديد له دون انقطاع وكان آخر تمديد في عهد الرئيس مبارك لمدة عامين تنتهي في 31 آيار (مايو) المنصرم. بمعنى آخر أن التوقيت عادي ولم يتم اختياره قبل أسبوعين من انتخابات الرئاسة، وهذا صحيح، ولكن كان في مقدور المجلس العسكري التمديد له لعام أو عامين أو حتى بضعة أشهر تحت ذريعة حدوث خلل في الأوضاع الأمنية يحتاج إلى إبقاء قانون الطوارئ لمنع تفاقمه. الفريق احمد شفيق الذي وضع شعار السيطرة على الأمن والحفاظ على استقرار البلاد ربما يكون المستفيد الأكبر من هذه الخطوة، أي إلغاء العمل بقانون الطوارئ، لان كل مكسب شعبي يحققه المجلس العسكري يصب في مصلحته ويعزز فرصه في مواجهة المرشح الاخواني محمد مرسي. الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والتنمية والمرشح لرئاسته أي الحزب في حال فوز السيد مرسي في انتخابات الرئاسة أراد أن يسحب أي فضل بإلغاء هذا القانون المكروه شعبيا من المجلس العسكري عندما قال أن بيان المجلس العسكري يعني انه لن يطلب تمديد العمل بقانون الطوارئ لان هذا يعني الذهاب إلى البرلمان الذي يسيطر عليها الإخوان والسلفيون. المهم في اعتقادنا ليس إلغاء قانون الطوارئ فقط الذي كان من احد ابرز مطالب الثوار في ميدان التحرير، وإنما أيضا وقف التجاوزات غير القانونية التي تتم حاليا تحت عناوين ضبط الأمن وحفظ النظام. انتصار ثورة الشعب المصري في إطاحة النظام الديكتاتوري الفاسد هو الذي حتم إلغاء هذه القوانين الظالمة التي استخدمت وعلى مدى ثلاثين عاما في إرهاب الشعب المصري ومصادرة حرياته واعتقال ومحاكمة الآلاف من المعارضين أمام محاكم عسكرية وإعدامهم أو سجنهم لسنوات طويلة، والمأمول أن لا تخضع مصر لمثل هذه القوانين والإجراءات المجحفة مرة أخرى تحت أي ظرف من الظروف.