تمهيدًا للرحيل إلى الهلال.. تقرير: هيرنانديز خضع لفحص طبي في باريس    تزامنًا مع عيد ميلاد البرنامج ال 18.. انطلاق أولى حلقات الموسم الجديد لبرنامج "واحد من الناس" يوم الأحد    كييف تحترق، انفجارات قوية تهز العاصمة الأوكرانية ودوي صفارات الإنذار (فيديوهات)    الرئيس البرازيلي يعقد اجتماعا طارئا للرد على ترامب    الرئيس السيسي يصدر قرارين جمهوريين    باريس سان جيرمان وتشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية.. الباريسي يكتسح الريال برباعية ويسعى للخماسية.. عثمان ديمبلي يقترب من الكرة الذهبية.. وإنجاز تاريخي ينتظر حكيمي    انفجار أسطوانة فريون داخل مركز صيانة تكييفات بالفيوم يصيب 4 أشخاص بحروق خطيرة    آخر محطة.. أولياء أمور طلاب الثانوية العامة بكفر الشيخ يفترشون الأرض في محيط لجان الامتحان    التركيز على السماعات، تفتيش ذاتي لطلاب الثانوية العامة بالدقهلية قبل دخول لجان الامتحانات (صور)    تراجع أسعار النفط وسط قلق الأسواق من سياسات ترامب التجارية    وفاة المطرب الشعبي محمد عواد بشكل مفاجئ    وزير الطاقة السوري يبحث سبل التعاون مع شركة جزائرية في قطاع الكهرباء    ترامب يعلن فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات النحاس إلى الولايات المتحدة    هجوم إسرائيلي غير مسبوق على نتنياهو: نعيش مرحلة فيتنام في غزة.. فخ وخسائر فادحة واستنزاف لا نهاية له    الحكومة السورية: نرفض التقسيم أو الفدرلة و نؤكد تمسكنا بمبدأ سوريا واحدة    طقس اليوم الخميس.. تحذير للمصطافين    أمطار ورياح في «عز الحر».. فوضى مناخية تضرب الصيف    العمل تواصل جهودها لدعم التشغيل وتحقيق بيئة عمل آمنة بالمحافظات    تزوج روبي وأخرج «حلاوة روح».. 5 معلومات عن الراحل سامح عبد العزيز    نقابة المهن التمثيلية تنعى المخرج سامح عبد العزيز    منذ فجر الأربعاء.. استشهاد أكثر من 100 فلسطيني في مختلف مناطق غزة    أسعار الفراخ اليوم الخميس 10-7-2025 بعد الهبوط الجديد.. وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    قانون الإيجار الجديد.. هل يُنهي صراعات الماضي؟    أول قرار من فيريرا بعد تولي القيادة الفنية لنادي الزمالك    «عشان أوضة اللبس».. محمد عمارة يُطالب الأهلي ببيع وسام أبو علي وزيزو وإمام عاشور    غضب داخل ليفربول تجاة ثنائي الفريق بسبب عدم احترام وفاة جوتا    بعد 13 عامًا.. باريس سان جيرمان يعجل رحيل مودريتش عن ريال مدريد    إمام عاشور برفقة ياسر إبراهيم وعائلتهما في المصيف    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 10-7-2025 بعد تجاوز حديد عز 39 ألف جنيه    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر للقطاع العام والخاص والبنوك والمدارس    البابا تواضروس الثاني يتحدث عن "صمود الإيمان" في اجتماع الأربعاء    رابط الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة 20 ألف وظيفة معلم مساعد    موعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025 والرابط الرسمي للاستعلام    "الأهالي مسكوه متلبس".. حكم قضائي ضد المتهم بسرقة شاب بالإكراه في الجيزة    "جروك".. آداة ماسك للذكاء الاصطناعي ترشّح "هتلر" للتعامل مع اليهود    الهيئة العليا للوفد توافق على طلب رئيس الحزب بطرح الثقة في نفسه    اليوم الخميس| آخر تقديم ل 178 فرصة عمل بالإمارات ب 24 ألف جنيه    هبوط حاد ل الدولار الأمريكي اليوم الخميس 10-7-2025.. وارتفاع باقي العملات الأجنبية    جيش الاحتلال يُعلن العثور على جندي منتحرًا في قاعدة عسكرية جنوب إسرائيل    وفاة المخرج سامح عيد العزيز بعد تعرضه لوعكة صحية والجنازة من مسجد الشرطة    بالصور| السقا يحتفل بفيلمه "أحمد وأحمد" مع جمهوره في دبي    من مباراة الأهلي لشرط الحجاب.. القصة الكاملة لزوجة محمد النني للمرة الثانية    روتانا تروج لدويتو محمد منير وتامر حسني    الوداع الأخير.. المطرب محمد عواد في عزاء أحمد عامر ثم يلحق به اليوم فجأة    ما حكم الوضوء بماء البحر وهل الصلاة بعده صحيحة؟.. أمين الفتوى يحسم (فيديو)    الولايات المتحدة تشهد أسوأ تفش للحصبة منذ أكثر من 30 عاما    بالأسعار والمساحات، الإسكان تطرح أراضي تجاري إداري سكني    ما أحكام صندوق الزمالة من الناحية الشرعية؟.. أمين الفتوى يوضح    عانى من علامة "غريبة".. رجل يكتشف إصابته بسرطان عدواني    لرسوبه في التاريخ.. أب يعاقب ابنه بوحشية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    عصام السباعي يكتب: الأهرام المقدسة    أهالي المفقودين في «غرق الحفار»: «منتظرين جثامينهم.. عايزين ندفنهم»    موقف صلاح مصدق من الرحيل عن الزمالك    عميد القلب السابق يكشف المؤشرات الأولية ل الإصابة ب الجلطات (فيديو)    مستشار الرئيس لشؤون الصحة: ظهور متحور كورونا الجديد «نيمبوس» في 22 دولة    أحمد سعد يثير الجدل بحقيبة هيرمس.. لن تتوقع سعرها    أصيب به الفنان إدوارد.. 5 علامات تكشف إصابتك بسرطان الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لنبدأ صفحة جديده!
نشر في الواقع يوم 29 - 06 - 2012


بقلم د. رفيق حاج
عندما يعرضُ علينا الآخرون "فتحَ صفحةٍ جديدةٍ" نرى بذلك دعوةً صادقةً لنسيانِ الماضي وتجاهلِ الأضرارَ التي جلبناها على بعضنا البعض, لكن تكرار هذا العرض وغياب الندّية والالتزام المتبادل يجعلها عبارة جوفاء تنتقص المصداقية ومحاولة لكسب الوقت والنيل من الطرف الآخر لا أكثر. نحن غير مُلزمين بفتح صفحة جديده.
"لنبدأ صفحة جديدة..!" يا لها من عبارة جميلة متفائله عادلة سلمية ساحرة تقطر صدقاً ومحبة. يا لها من دعوة للمصالحة وتعبير عن الرغبة الحقيقية في مواصلة المشوار بالرغم من العوائق والمشاكل وسوء التفاهم الذي حصل بيننا وبين محبينا او معارفنا او مشغّلينا او مُستخدمينا او جيراننا او أي طرف آخر نعيش او نتعامل معه. عندما نسمع هذه العبارة من الآخرين نبتسم ونفتح قلبنا لهم واحيانا نجد بها "انتصارا" عليهم ونميل الى الاعتقاد بأن تصميمنا وعنادنا ووقوفنا على ثوابتنا ادى بهم الى رفع الراية البيضاء وان يتوجهوا الينا بطلب لنسيان الماضي والشروع بفتح صفحة جديده للعلاقة بيننا. في اغلبية الاحيان عندما يُطلب منا فتح صفحة جديده نوافق لتوّنا خشية بأن نُتهم بالفظاظة او العدوانية او الحبور واحيانا نوافق لأن احتمالاتنا "بالانتصار" على الطرف الآخر ضئيله, واحيانا نوافق لأننا نعتقد بأنه كان لنا القسط الأكبر في تدهور العلاقة مع الطرف الآخر, وأن فتح صفحة جديده معه يعفينا من المقارعة والمماحكة والمنازله ويؤدي ال فتح نافذة أمل جديده.
ما رايكم بزوج يطلب من زوجته فتح صفحة جديدة كل مرة تقوم برزم اغراضها والانفصال عنه بسبب قيامه بالصراخ في وجهها وتوبيخها امام الناس؟ وما رأيكم بموظف مبيعات يقوم بإيذاء شعور الزبائن للمرة المائه وعندما يهدده مُشغّله بالطرد يتوسّل اليه ان يغفر له وان يفتح صفحة جديده معه حالفا اغلظ الأيمان ان هذه "آخر مرة"؟ وما رأيكم بمزوّد يتأخر في تسليم البضاعة للمتجر الذين تديرونه مرة تلو المرة ولا يعبأ بانذاراتكم وعندما تقررون ايقاف التعامل معه يستجدي طالبا فتح صفحة جديده؟ هل نوافق على فتح صفحة جديده مع اناس خذلونا اكثر من مرة؟ وهل علينا ان نضع حدّا اعلى لعدد الصفحات التي يمكن فتحها؟! لقد قالت احدى الزوجات لزوجها المدمن على الكحول ويعدها ان يتوقف عن ذلك أنه لم تعُد هناك صفحات للفتح, ومن تكرار فتح الصفحات قد وصلت الى صفحة الغلاف.
اذاً فتحُ الصفحة ليس خطوة إلزامية وباستطاعتنا الموافقة عليها او رفضها او تأجيلها او تجاهلها او إخضاعها لشروط معينة. الكل يتعلق بتجربتنا السابقه مع من نتعامل معهم وبميزان القوى القائم بيننا وبالنتيجة المُرتقبة من فتح الصفحة الجديدة مقارنة بالوضع القائم. اذا عُرض علينا فتح صفحة جديدة ولم يرُق لنا ذلك خشية بأن تكون للماثل أمامنا خطة لكسب الوقت او مكيدة للإيقاع بنا فعلينا رفض اقتراحه أو على الأقل ان نشترط موافقتنا بقيامه بخطوات معينة تُثبت حسن نيته ورغبته الصادقة في اعطاء فرصة جديده للعلاقة بيننا.
الفكرة المركزية التي تعتمد عليها "استراتيجية الصفحة الجديده" هي لننسَ الماضي, لنتجاهل ما جرى وكان, ولنضع جانبا الأضرار التي جلبناها على بعضنا البعض, ولنشرع بعهد جديد يكون به الاحترام المتبادل سيد الموقف. بالامكان استبدال كلمة "الاحترام المتبادل", "بالعطاء المتبادل" او "الجهد المتبادل" او "الالتزام المتبادل" او اية خطوة تبادلية. باختصار فتح صفحة جديده له معنى ومغزى اذا كانت هناك تبادلية وندّية بين الطرفين, والمقصود بالندية في هذا السياق هو وجود توازن قوى موضعي بين الطرفين. اذا كانت قوتنا تعادل عشرة اضعاف قوة الطرف الآخر فما معنى ان نفتح صفحة جديدة معه؟ّ فنحن نملك القوة ان نخرق أي تعهّد نقوم به.
ان فتح صفحة جديدة لا يقتصر على التعاملات الشخصية فقط وانما هنالك استعمال واسع لهذا المصطلح في السياسة بين الدول, ففي سنة 2008 طلب الدكتور الزهار زعيم حزب "حماس" من الرئيس اوباما بأن يفتح صفحة جديدة بما يخص العالم الإسلامي". هل قام اوباما بذلك؟ بالطبع لا! لأنه الطرف القوي الذي يملك الخيارات, وكلنا نعرف ماذا كان خياره. هنالك ايضا الدعوة اياها التي قام بها وزير الأمن براك الى عرب اسرائيل بفتح صفحة جديده عشية الانتخابات. هل ممكن ان تكون دعوة من هذا القبيل صادقة؟, ولا تنسوا توجّه حكومة اسرائيل لأرضوان بفتح صفحة جديده إثر قيام الجيش الاسرائيل بالاستيلاء على سفينة مرمرة وقتل الأبرياء. لقد اشترط ارضوان حينها "فتح صفحة" جديده بقيام اسرائيل بالاعتذار, لكن حكومة اسرائيل أبت ذلك لأن ميزان القوى القائم في المنطقة يُتيح لها بذلك. كذلك الأمر بالنسبة لبشار الاسد الذي ناشد شعبه بايقاف سفك الدماء وفتح صفحة جديده مع نظامه بعد ان قام بتصفية عشرات الآلاف منهم. من سيوافق على فتح صفحة جديده في مثل هذه الحالة؟ ولماذا لم يطلب فتح صفحة جديده قبيل نشوب الهبة الشعبية في بلده؟!
نحن غير قادرين احيانا على فتح صفحة جديده مع انفسنا او مع الآخرين لأن ذلك مقرون بشجاعة قد لا نملكها او بمصادر مالية نحن غير مستعدين للتفريط بنا. من الجائز ايضا اننا نملك طباعا ونعاني من عُقد نفسية ونزعات وجنونيات نحن غير قادرين على حلّها او الاقلاع عنها او حتى تغييرها. ان اغلبية المُدمنين على المخدرات او الكحول او القمار او الجنس غير قادرين على فتح صفحة جديده, ولذا فهم بحاجة الى علاج والى تدخّل خارجي لكي يستطيعوا البدء من جديد.
باختصار عبارة "فتح صفحة جديدة" قد تكون دعوة صادقة لنسيان الماضي القاتم الزاخر بالمشاكل وسوء التفاهم, وقد يكون عبارة رنانة خالية من أي معنى ومغزى, وعلينا ان نقرأ الصورة جيدا قبل اطلاقها او الاستجابه لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.