لم يكن تصريح د. محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الذي وصف فيه الصحفيين بأنهم مثل سحرة فرعون الذين يغوون الناس ويستهوون أفئدتهم بالكذب، إلا مقدمات من جانب الجماعة لتنفيذ خطتها التي أعدها مكتب الإرشاد للسيطرة علي الإعلام وقمع معارضي الجماعة وربما تأديبهم علي حد قول بعضهم. مصادر أكدت أن الخطة تتضمن العديد من البنود التي تمكن الجماعة من السيطرة علي المؤسسات الإعلامية للدولة سواء بشرائها وإحكام قبضة الجماعة عليها أو الإبقاء عليها مع وضع المنتمين للجماعة أو الموالين لهم علي رأس تلك المؤسسات. وكشفت الخطة علي بعض تفاصيلها عن نية الجماعة لطرح المؤسسات القومية الكبري مثل الأهرام والأخبار والجمهورية للبيع في البورصة وخصخصتها.. رغم الشبهات التي تحيط بموضوع الخصخصة برمته.. وهو ما يطرح أسئلة كثيرة حول ما يمكن أن يحدث مع مثل هذه المؤسسات الكبري. أما الدور الصحفية الصغيرة التي تعاني مشكلات مثل دار التعاون ودار الهلال وروزاليوسف فهناك خطة لشراء هذه الدور والظهور أمام العاملين والصحفيين بدور المنقذ القادر علي إخراج هؤلاء من أزماتهم، مع الإبقاء علي دور مجلس الشوري في تعيين رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية ورؤساء التحرير.. رغم أنه مالك وهمي لهذه الصحف وكانت الثورة تطالب بإلغائه وإلغاء دوره في الإشراف علي الصحف وهو ما لم يتحقق بعد سيطرة الإخوان المسلمين علي نحو نصف مقاعده. ويري د. محمود خليل أستاذ الصحافة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة أن التصريح الذي جاء علي لسان المرشد «بديع» يعطي مؤشرا حول نية الجماعة، فيما يتعلق بالاستحقاق الإعلامي حال سيطرتها علي صناعة القرار في مصر سواء من خلال مؤسسة الرئاسة أو الحكومة أو مجلسي الشعب والشوري التي سيطرت عليهما بالفعل، ومن الواضح أن رؤية الإخوان لدور الإعلام لا تتجاوز حدود التوظيف الدعائي وتسخير الآلة الإعلامية كأداة للحشد والتعبئة.. وتبرير سياسات الجماعة والقرارات التي تخرج عنها، وبالتالي ففي حال تمكن الإخوان المسلمين من السلطة وهو ما يواصلون فيه طريقهم الآن.. لن يقدموا أداء مغايرا لأداء الحزب الوطني المنحل عندما كان يسيطر علي الدولة، كما أن خطتهم تنطوي علي استمرار وزارة الإعلام بصورة تحكم سيطرتهم علي أدوات الإعلام الرسمي، خصوصا قنوات التليفزيون الرسمية التي يمكن من خلالها الوصول إلي أكبر عدد من أفراد الرأي العام. ويؤكد «خليل» أن تصريح المرشد «بديع» بأن الصحفيين هم سحرة فرعون معناه أن الإخوان المسلمين هم أبناء سيدنا موسي، مشيرا إلي أن الإخوان يخططون لإنتاج إعلام هادئ الصوت بحيث لا يكون هناك علي الساحة صوت مغاير لهم، لكن هم واهمون، فالتطورات في تكنولوجيا الاتصالات تحول بين الإخوان وبين أهدافهم ومنها الإنترنت والشبكات الفضائية. ويلفت «محمود خليل» إلي أن رؤية الإخوان للإعلام تقوم علي سياسة الاحتكار من خلال إزاحة النخبة الإعلامية التي تتهمها الجماعة بالعلمانية والوقوف ضد الدعوة إلي الله وخطتها في «أخونة» المجتمع المصري بكامله واستبدالها بنخبة إخوانية دورها الدعاية والدعوة إلي الإخوان المسلمين في آن واحد.. وليس أدل علي ذلك من قناتهم «قناة مصر 25» فهي قناة دعائية ودعوية للإخوان في نفس الوقت. ويشير «يحيي قلاش» عضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق، أن المؤشرات تؤكد أننا نستبدل استبدادا باستبداد آخر والملفت أن كل الزملاء الصحفيين الذين ينتمون إلي الحرية والعدالة قبل الثورة كانت مطالبهم هي مطالب الجماعة الصحفية كلها بضرورة إنهاء دور مجلس الشوري باعتباره مالكا وهميا وتدخله في الصحافة تدخلا مصطنعا لحساب سيطرة النظام السياسي الموجود وهو الآن «نظام الإخوان». ويكشف «قلاش» أن تأجيل تغيير قيادات الصحف القومية بدعوي وضع معايير لاختيار رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير هو محاولة لتوريط نقابة الصحفيين فيما ليس لها فيها دخل وأخشي أن أقول وأنا مسئول عن كلامي أن نقابة الصحفيين تتحول الآن إلي فناء خلفي لحزب الحرية والعدالة وتكاد تفقد استقلالها. وحذر «قلاش» من إعادة صناعة التابع في المؤسسات القومية بالإصرار علي تغيير قيادات هذه الصحف عن طريق مجلس الشوري ليتحول من رئيس تحرير موال للحزب الوطني المنحل إلي رئيس تحرير موال لسياسات جماعة الإخوان المسلمين مطالبا بإنهاء هذه الآلية الفاسدة لاختيار رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء تحرير الصحف، في حين انه لا يوجد برلمان في العالم يملك صحفا يصر الإخوان المسلمين علي استمرار دور مجلس الشوري في السيطرة علي المؤسسات القومية.. الوفد وفي الوقت الذي ينفي فيه «علاء العطار» تجاهل نقابة الصحفيين لتصريح المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين والذي اتهم فيه الصحفيين بأنهم سحرة فرعون بسبب الانشغال بقضية الدستور ومشاركة نقابة الصحفيين في الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور. يؤكد «العطار» اعتراضه علي النظر للصحافة بريبة والتشكيك في رسالتها علي اعتبار أن الصحافة هي الشيطان وأنها وراء كل أزمة.. مؤكداً أن قول الإخوان بأن الصحفيين ليس علي رأسهم ريشة، وكيف تكون سلطة رابعة، واعتبار العاملين فيها سحرة فرعون مؤشرات مقلقة وربما هي التي تعوق حتي الآن التقدم للبرلمان لمناقشة العديد من القوانين الصحفية مثل قانون تداول المعلومات وقانون النقابة خوفاً من فتح أحشاء هذه القوانين، والتدخل بوضع مواد قد تكون ضد الحرية الصحفية ولكن مع ذلك فمعركة القانون 96 لا تزال ماثلة والصحفيون سينتصرون علي أي سلطة تحاول إفساد مهنتهم أو السيطرة عليها. وحول خطة الجماعة نحو الإعلام بعد ثورة 25 يناير يؤكد د. محمود غزلان المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين أن تطهير الإعلام قضية خطيرة وتحتاج لتضافر الجميع ووضع ميثاق شرف صحفي بما يتضمنه من تشريعات وعقوبات. وأكد «غزلان» أن المؤسسات القومية تحتاج إلي تغيير جذري، مشيراً إلي أنه قد نشر بنفسه مقالاً حول ضرورة تحويل المؤسسات الكبري إلي شركات قابضة تتفرع عنها شركات مساهمة وضرب مثلاً بمؤسسة الأهرام التي من الممكن أن تتفرع عنها شركات عديدة شركة للمطابع وشركة للتسويق وشركة للأهرام وبيع أسهمها للعاملين فيها وطرح الباقي في البورصة حتي تنقطع العلاقة بين الملكية والإدارة، مشيراً إلي أنه مقترحه الخاص الذي طرحه في الإعلام دون أن يجد له صدي من جانب الجماعة الصحفية.