أفاد تقرير ل"بروجكت سينديكت" بأن أكبر المفاجآت الاقتصادية خلال عام 2015 كانت هبوط أسعار النفط - من 115 دولاراً للبرميل في يونيو عام 2014 إلى أقل من 45 دولاراً بنهاية نوفمبر الماضي- دون دعم نمو الاقتصاد العالمي. ووفقاً للتقرير الذى نشره موقع " أرقام " فإن نماذج الاقتصاد الكلي تشير إلى أن تراجع النفط لم يؤثر سوى بنسبة قد تصل إلى 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مُضيفاً أنه من المتوقع استمرار هذا النمو المعتدل خلال عام 2016 لكن ستؤثر أسعار النفط المتدنية بدرجة أكبر على الدول المُصدرة له. وشهدت أسعار النفط تراجعاً في فترات زمنية سابقة، فمثلاً عندما ارتفع المعروض أمام الطلب في عام 1986، كما رفعت "أوبك" من إنتاجها لاستعادة حصتها السوقية، فضلاً عن هبوط أسعار النفط في عامي 2008 و2009 تزامناً مع الأزمة العالمية. وبمتابعة تباين أسعار النفط خلال العامين الماضي والجاري، يظهر أن صدمة هبوط الأسعار الحالية ليست مماثلة للفترتين السابقتين على الرغم من تشابهها في ارتفاع المعروض وتراجع الطلب، إذ يُضاف إليه تباطؤ نمو السوق الصيني الذي يسعى للاعتماد على الاستهلاك المحلي بدلاً من كونه اقتصاداً خدمياً. وأثر تباطؤ النمو الصيني على خفض الاستهلاك المحلي للنفط مما أثر على أسعار السلع العالمية، فضلاً عن أسعار المعادن التي تراجعت بدرجة كبيرة في الفترة الماضية. وزادت المصادر الجديدة للطاقة مثل النفط الصخري من حدة الأزمة، خاصة بعد رفع الإنتاج الأمريكي من 5 ملايين برميل يومياً في عام 2008 إلى 9.3 ملايين برميل يومياً خلال العام الجاري، فضلاً عن استمرار الإنتاج المرتفع في ظل هبوط الأسعار. ومن المتوقع أن يؤثر ضخ النفط الإيراني في الأسواق على الأسعار في الفترة المقبلة. وأشار التقرير إلى أن تراجع أسعار النفط يعد ميزة للمستهلكين وعيباً للمنتجين، خاصة أن الاعتقاد الشائع هو أن تراجع الأسعار سيدعم الطلب العالمي في حين يقوم المنتجون بخفض إنفاقهم. ولكن في عام 2015، لم يكن التفكير الشائع هو الأساس لأن مستوردي النفط من الأسواق الناشئة أصبح لهم أثر اقتصادي أكبر بالمقارنة مع الثمانينيات، كما أن دورهم صار أكبر تأثيراً من الدول المتقدمة، خاصة بعد أن استغلت الحكومات الناشئة تراجع أسعار النفط لتقليص نسب الدعم الحكومي. ويعد أحد أسباب تباطؤ النمو تراجع الاستثمارات في مجال الطاقة، فقد هبطت بعد سنوات من النمو المتسارع بنحو 150 مليار دولار في عام 2015. وأوضح التقرير أن نماذج الاقتصاد الكلي تشير إلى استمرار تأثير تراجع أسعار النفط خلال عام 2016 ولمدة سنتين، مما يعني أن انخفاض الأسعار من شأنه دعم النمو حتى وإن كانت الأسواق الناشئة تستغل هذا التراجع في خفض الدعم الحكومي. أما بالنسبة للدول المُصدرة للنفط، فإن الأزمة والمخاطر في زيادة مستمرة، خاصة بعد اقتراب اقتصاد فنزويلا من الانهيار، في حين أوشكت بعض الدول المنتجة للنفط على الركود الاقتصادي. وساعد تعويم أسعار الصرف في بعض الدول مثل كولومبيا والمكسيك وروسيا على دعم هذه الدول في الآونة الأخيرة، حتى وإن تزامن مع ضغوط مالية أكبر. وفي النهاية، تظهر أسعار النفط على أنها غير مؤثرة بدرجة كبيرة في نمو الاقتصاد العالمي، على عكس المتوقع، كما ساعد وجود الاحتياطات النقدية القوية لبعض الدول فضلاً عن بعض السياسات المحافظة على دعم معظم الدول المنتجة للنفط بدرجة كبيرة. ونوه التقرير إلى أن الحال قد يختلف العام المُقبل، وإن كان للأسوأ، خاصة بالنسبة لمنتجي النفط.