كشف استبيان للمركز المصري للدراسات الاقتصادية عن أهم المعوقات التي تواجه الشركات ومجتمع الأعمال في مصر، والتي تتمثل في عدم الاستقرار السياسي وصعوبة التعامل مع الأجهزة الحكومية، وعدم استقرار السياسات الاقتصادية، ومعدلات الضرائب. تصدرت السياسات الحكومية أشد المعوقات التي تواجه الأعمال، ويليها ضعف البنية التحتية من طرق وكهرباء والإنترنت، ثم جاء عدم استقرار السياسات الاقتصادية ومعدلات الضرائب ضمن أشد المعوقات التي تواجه الأعمال بسبب تردد الحكومة في اتخاذ القرارات الاقتصادية، بالاضافة إلي النفاذ للواردات. جاء ذلك في نتائج بارومتر الأعمال وهو استبيان يشمل عينة طبقية تتكون من 474 شركة حول تقييم هذه الشركات لأداء الاقتصاد المصري خلال الربع الأخير من العام المالي 2014 /2015. وتتوقع الشركات مزيداً من سياسات تحفيز التجارة وتيسير اللوائح الحكومية، وتميل الشركات إلي توقع ثبات السياسات خلال الربع المالي القادم، مقارنة بالربع السابق، وتتوقع الشركات مزيداً من التسهيلات الائتمانية وسياسات تحفيز التجارة، وتزامنت هذه التوقعات مع زيادة الدعم المخصص للصادرات في الموازنة الجديدة للعام المالي 2015 /2016 إلي 5 مليار دولار جنيه مقابل 2.6 مليار جنيه في العام السابق. أكدت الشركات، أن صعوبة التعامل مع الأجهزة الحكومية من أشد المعوقات التي تواجهها، وارتفعت توقعاتها بتيسير اللوائح الحكومية. وفي المقابل تتوقع الشركات انخفاض دعم الطاقة، وما يتوافق مع هدف الحكومة بخفض العجز في الموازنة إلي 8.9% خلال العام المالي 2015/2016 ويشير إلي ارتفاع الإيرادات الضريبية بنسبة 39% خلال الربع الأول من العام المالي 2015/2014، لكن العجز المالي مازال مرتفعاً بسبب انخفاض المنح من دول الخليج، وارتفاع الانفاق بنسبة 17% ليصل إلي 9% من الناتج المحلي الاجمالي، وتراجع الدين العام الا أنه مازال مرتفعاً، ويتم تمويل عجز الموازنة من أذون الخزانة التي بلغت 508.4 مليون جنيه خلال الربع الأول من العام المالي الماضي ما يزاحم الائتمان المتاح لاستثمارات القطاع الخاص. ومازالت الحكومة مستمرة في تطبيق تدابير ضبط أوضاع المالية العامة، بهدف وصول العجز إلي 8.9% من الناتج المحلي الاجمالي خلال العام المالي الجاري، وتتضمن التدابير انفاذ ضريبة القيمة المضافة، والغاء دعم الوقود تدريجياً وانفاذ قانون المناجم والمحاجر بالكامل بعد اصدار اللوائح التنفيذية الخاصة به. تراجع سعر الصرف مقابل الدولار خلال شهر يوليو 2015 بصورة أكبر إلي 7.73 جنيه للدولار، بانخفاض 8% في قيمة الجنيه المصري منذ شهر يوليو 2014 ، ويدعم هذا الانخفاض القدرة التنافسية للصادرات ويجذب مزيداً من الاستثمارات والتدفقات الرأسمالية الوافدة، لكنه قد يشكل ضغوطا تضخمية في حالة ارتفاع فاتورة الواردات نتيجة ذلك، بالاضافة إلي تدهور ميزان الحساب الجاري خلال الربع المالي (يناير – مارس 2015) مسجلا عجزاً بقيمة 4.1 مليار دولار، مقارنة بفائض قدره 0.32 مليار خلال ذات الفترة من العام المالي 2013/2014 مدفوعا بتراجع الصادرات النفطية وصافي التحويلات الرسمية. الأداء الكلي للشركات شهد تحسنا طفيفا بمقدار نقطة واحدة خلال الربع المالي (ابريل - يونيو 2014/2015) بينما ظل أداء الشركات المتوسطة والصغيرة ثابتا، واتسم أداء الشركات باستراتيجية الانتظار والترقب خلال الفترة السابقة للموافقة علي الموازنة العامة للعام المالي الجديد. ورغم تعافي النمو في الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي وتحسن أداء الشركات خلال الشهور الأخيرة، فإن تقييم الشركات للنمو الاقتصادي ظل ثابتا خلال الربع المالي (ابريل – يونيو 2014 /2015) مقارنة بالربع السابق، وأفادت الشركات بزيادة الإنتاج نتيجة تحسن المبيعات المحلية والصادرات، وبتراجع المخزون السلعي بصورة طفيفة، قد جاء هذا التحسن في الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، وظل مستوي استغلال الطاقة الإنتاجية للشركات مماثلا للربع السابق. أدي تراجع اسعار النقط إلي انخفاض تكلفة الطاقة ومن ثم تراجع اسعار كل من المدخلات والمنتجات النهائية خلال الربع المعني، واعربت الشركات الصغيرة والمتوسطة عن انخفاض اكبر في اسعار المدخلات الوسيطة مقارنة بالشركات الكبيرة. جاء أداء قطاع السياحة الأفضل يليه قطاعا النقل والتشييد والبناء فقد سجل نمو عدد السائحين الوافدين والليالي السياحية نمواً 11% و26% علي التوالي. وفي مجال الصناعات التحويلية فقد شهدت الصناعات الغذائية تحسنا في الأداء الكلي نتيجة الزيادة في المبيعات المحلية خلال شهر رمضان، ما أدي إلي زيادة مستوي الإنتاج المحلي من المواد الغذائية، وشهد قطاع المنسوجات انخفاضا في الأداء الكلي في ضوء تراجع مستويات المبيعات المحلية والصادرات وهو ما أدي إلي تراجع مستويات الإنتاج. وفقاً لنتائج بارومتر الأعمال فالشركات مازالت تثق في قدرة الاقتصاد علي النمو، وحالة التفاؤل لدي الشركات تأتي من استمرار الاصلاحات الاقتصادية والاعلان عن الموازنة العامة الجديدة بعد الموافقة عليها مؤخرا، وافتتاح قناة السويس الجديدة، وتخطط الشركات لزيادة الإنتاج لتلبية الطلب المحلي المتوقع، ما سيؤدي إلي تراجع المخزون السلعي، ولا تخطط الشركات لزيادة صادراتها خلال الفترة القادمة نظرا لصعوبة استيراد المواد الخام الضرورية في ضوء صعوبة فتح خطابات الائتمان اللازمة للاستيراد بسبب وضع البنك المركزي المصري حداً اقصي للودائع بالدولار لتقويض السوق السوداء. وتتوقع الشركات عدم تغير اسعار المدخلات وبالتالي ثبات أسعار المنتجات النهائية، وظل توقعات الشركات بالنسبة للاستثمار ثابتة للربع الثالث علي التوالي جاء التوقعات الاكثر تفاؤلا بالنسبة للربع القادم من الشركات في قطاع السياحة، وأعربت شركات الوساطة المالية عن توقعات ايجابية في ضوء قرار الحكومة تعليق تنفيذ ضريبة الأرباح الرأسمالية المثيرة للجدل لمدة عامين، وربما اثرت خطط الحكومة لخفض اسعار الانترنت علي توقعات شركات الاتصالات. قال علاء فكري رئيس مجلس إدارة شركة بيتا ايجيبت للتنمية العمرانية، أن أهم المعوقات التي تواجه مجتمع الأعمال في مصر يتمثل في صعوبة التعامل مع اجهزة الحكومة، وتعقد الإجراءات وعدم وضع رؤية وخريطة واضحه للاستثمار في مصر، مشيراً إلي أن هناك حديثاً كثيراً عن تنمية الصعيد، وما هي المميزات والحوافز التي تقدم لمجتمع الأعمال حتي يتجه إلي الصعيد ويستثمر فيه ويتحمل ظروف الحياة، ومشقة الطريق، وتعقيد الإجراءات وسوء الخدمات هناك. وأضاف أن المغرب تحدد في الخطة الخمسية المشروعات التي سيقوم بإنجازها وفي الأماكن والمواقع التي تحتاج إلي التنمية، أو تشغيل العمالة، ويعرضها علي المستثمر بأن يختار من هذه المشروعات، ويقدم له ميزة سواء بإعطاء الأرض بسعر مميز أو الدخول معه كشريك بالأرض، وفي حالة رغبته الاستثمار في مجال بعيد عن هذه الخطة، يسمح له ولكن بدون أي مميزات. وأشار علاء فكري، عضو مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية إلي أن أهم المعوقات التي تواجه المطور العقاري في السوق المصري يتمثل في نقص الأراضي، وعدم التزام الشركات العقارية بالتنفيذ، مشيرا إلي ضرورة توفير الأراضي للمستثمرين، وذلك عن طريق عودة دور الشركات لتقوم بالتخطيط وادخال المرافق وتوفير الاراضي للمطورين العقاريين حتي يؤدي إلي نشاط كافة القطاعات في مصر. ونوه بأن قطاع التطوير العقاري يعاني مشكلة نقص العمالة المدربة والمؤهلة، وجميع العمالة المرتبطة بصناعة البناء أصبح بها ندرة، وتطالب بأجور مرتفعة، مطالباً بضرورة تغيير ثقافة العمل، وقيام الحكومة بتدريب العمالة الفنية المرتبطة بصناعة البناء، والتي يمكن أن تسهم بشكل كبير في زيادة دخل مصر من العملات الصعبة، خاصة أن هذه العمالة مطلوبة بشكل كبير في الخارج. وحث الحكومة علي ضرورة العمل علي تنظيم جميع المهن في مصر، وأن يتم إعطاء تراخيص لمزاولة أي مهنة في مصر سواء كانت نجاراً أو حداداً أو حلاقاً، حتي تستطيع الدولة تنظيم مزاولة المهن في مصر، وتعرف المهن التي بها نقص وتقوم بتدريب الشباب لسد النقص. ويدعو علاء فكري إلي ضرورة نقل أرض المعارض إلي العاصمة الإدارية الجديدة، ما يسهم في حدوث حراك في العاصمة الادارية الجديدة في فترة زمنية قصيرة، ويساهم في تزايد الانشطة المرتبطة بصناعة المعارض من فنادق، ومساكن ومنطقة خدمات متكاملة وترفيهية تعمل علي جذب الجمهور إلي العاصمة الجديدة، مشيرا إلي أن أرض المعارض الحالية تسهم في اختناق العاصمة القديمة، ولا تسهم في تنشيط صناعة المعارض في مصر. طالب المهندس مصطفي بدوي مدير عام الاستثمار العقاري والمكتب الفني لرئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لبنك التعمير والاسكان، بضرورة تشكيل لجنة أو مجموعة خبراء في كافة المجالات لتوظيف كافة الامكانيات في الدولة لتحقيق عوائد فعلية، خاصة أن هناك حجم متطلبات ضخماً ويجب العمل في كافة المجالات لتغطية هذه المتطلبات، موضحا أن هناك سيولة عالية خارج الجهاز المصرفي وظهر ذلك في جذب شهادات قناة السويس نحو 27 مليار جنيه من خارج الجهاز المصرفي، وحجم أموال ضخم علي الأراضي التي يتم طرحها وحينما ترتفع الاسعار تجد الطلب متزايداً. وهذا يشير إلي أن الشعب لديه فائض كبير من الأموال ولكن يحتاج إلي حسن ادارة المنظومة الاستثمارية، وفكر جديد ليس قائماً علي فرض ضرائب، أو قوانين معوقة، وإنما يحتاج إلي جيل يقود المسيرة من خلال خطة طويلة الأجل، لا ترتبط بالأشخاص. ويحذر من خطورة عدم وجود صف ثان في الاجهزة والمؤسسات الحكومية، وارتباط العمل بالأشخاص وليس بخطط تحقق طموحات الشعب، مطالباً بضرورة تغيير هذا الفكر وخلق اجيال تستطيع تسلم المسئولية، وإرساء قواعد إدارية لا تتغير بتغير الاشخاص، مع ضرورة التركز علي ملف واحد مثل التعليم ونقل تجارب الدول الناجحة في هذا المجال مثل سنغافورة والبرازيل وماليزيا لاجتاز مشكلة التعليم في مصر واعداد اجيال قادرة علي النهوض والتقدم.