ونقصد هنا ايرانوتركيا.. أو الرئيس الايراني حسن روحاني، والتركي رجب طيب أردوجان.. وقد اجتمعا في طهران للتنسيق بين طموحات بلديهما فيما يتعلق بالمنطقة.. وان كان ظاهر هذه الاجتماعات هو تنشيط التعاون الاقتصادي أي الاتفاق علي أن تكون المشتريات الايرانية من تركيا بالعملة التركية والمشتريات التركية من ايران بالعملة الايرانية.. تفادياً لتقلبات أسعار صرف العملات الأجنبية.. ولكنني أري أن الهدف الأساسي للزيارة هو التنسيق بينهما فيما يخص تقسيم المنطقة العربية بين البلدين.. فها هي ايران الفارسية الصفوية التي ترتدي الآن عباءات الملالي تنفذ المخطط الفارسي «القديم الجديد» لإحياء الامبراطورية الفارسية.. امبراطورية كورش ودارا وقمبيز.. التي وصل نفوذها من ايران شرقاً إلي شرق البحر المتوسط غرباً، وشمالاً إلي الأناضول.. وجنوبا إلي مصر.. وهاهي تركيا أردوجان تحاول إحياء الامبراطورية العثمانية التركية عندما كان نفوذها يمتد من العراق شرقاً بعد أن احتلت تبريز عاصمة الفرس الصفويين.. إلي كل الشام ومصر، بعد أن هزمت سلطان مصر والشام الغوري بالغدر والخيانة. وغريب قوي الزمان.. اذ ايران بعد أن أصبحت دولة نووية تحاول أن تحيي امبراطوريتها الفارسية.. وتتقدم غرباً.. أي إلي العراق شمالا وكل الجزيرة العربية.. ثم إلي اليمن جنوباً لتحتلها من جديد وتسيطر علي باب المندب المدخل الجنوبي لقناة السويس.. كما تسيطر علي مضيق هرمز مدخل الخليج العربي.. والغريب، بل والطريف، أن اللقاء الايراني التركي أمس يجيء في توقيت غريب يتفق مع توقيع الاتفاق الودي بين انجلتراوفرنسا الذي تم ويا للغرابة مثل أمس 8 مايو ولكن عام 1904 الذي قسم دول شمال أفريقيا «العربية» بين الدولتين.. وكان ذلك مقدمة لاتفاق سايكس بيكو بين الدولتين أيضاً، ومعهما روسيا، لتقسيم دول المنطقة العربية بين الدولتين أيضاً، بعد انسحاب روسيا بسبب ثورتها الشيوعية.. فهل يعيد التاريخ نفسه وتحل ايرانوتركيا محل فرنساوانجلترا في مخطط تقسيم المنطقة بينهما، علي أساس انهما أكبر دول المنطقة وانهما معا يحلمان بالسيطرة عليها، بعد أن انهارت الجيوش العربية التي كانت تتصدي لهذه المطامع وهي جيوش العراقوسوريا ثم اليمن.. وهما الآن يحاولان سحب الجيش المصري أقوي جيوش العرب الآن إلي مستنقع اليمن لكي يجهزا معاً علي هذا الجيش، ليسهل لهما تقسيم المنطقة من جديد؟! ولمن لا يعلم نقول أن الدولة الفارسية الصفوية التي ظهرت في ايران عام 1500 وحتي عام 1735م علي يد مؤسسها الشاه إسماعيل وهو من سلالة الشيخ صفي الدين الأردبيلي.. وكذلك كان ابنه صدر الدين من بعده سنيين، أي هما من المذهب السني.. بل أيضاً كانت الجماعة الدينية التي أنشأها «الشيخ صفي الدين» هذا في منطقة الأردبيل سنية.. ولكن الحفيد «الخواجا علي الذي تولي رئاسة الجماعة عام 1399م شيعيا معتدلا وجاء ابنه الشيخ ابراهيم الذي قاد صراعا مع أهل السنة في داغستان الي أن جاء اسماعيل و هو أصغر أبناء أخيه حيدر ليصبح هو المؤسس الحقيقي للدولة الصفوية ويسترد تبريز من العثمانيين ويعلن نفسه شاها علي ايران عام 1492م وهو الذي صنع الحركة الصفوية بصبغة شيعية وحاول نشر المذهب في الأناضول «العثمانية» مما أغضب العثمانيين وبدأت الحرب والعداوة بين الدولتين: الصفوية الشيعية في ايران والعثمانية السنية في تركيا!!. وسبحان مغير الأحوال.. هاهم أعداء الأمس يصبحون أصدقاء اليوم وكل ذلك بسبب تلاقي المصالح الحيوية.. وكل «يلعب» علي هواه.. فهل تحلم ايراني الشيعية بالسيطرة علي العراق وعلي دول شبه الجزيرة العربية.. وأن تحلم تركيا السنية القديمة بالسيطرة علي سوريا وبالتالي مفتاح السيطرة حتي علي مصر السنية،، الوسطية الهادئة. هنا يجيء هذا التلاحم الذي هو أقوي من أي تحالف بين مصر من جهة والسعودية والامارات والكويت ليتصدي للمخطط الايراني التركي لتصبح أرض اليمن التعيس الذي كان سعيداً هي أرض هذا الصراع المعاصر الحالي.. وهل هذا هو سر زيارة وزير الدفاع المصري الحالية لباكستان التي لها حدود مع ايران.. أي للضغط علي ايران من الغرب.. من ناحية باكستان لتخفف دعمها للحوثيين في اليمن. تلك أسئلة تنتظر إجابات.. ونحن علي أعتاب «الاتفاق الودي الجديد» أو خطوات من سايكس بيكو الجديد!! وهذه هي أسس علم الجغرافيا السياسية أي «الجيوبوليتكس».