ما يقرب من 27 سنة عملت فيها ناشطا في مجال حقوق الإنسان.. وشاركت في حملات محلية ودولية دفاعا عن حقوق الإنسان.. وقمت بتدريب نشطاء في مختلف الدول العربية.. من مختلف الأعمار ودافعت عن حق كل المتهمين والمعتقلين في محاكمة عادلة ومنصفة ودافعت عن حق الناس في الأمان الشخصي. لكني لم اجد موقفا غامضا لهذه الحركة مثلما هو الآن فهناك منظمات موالية علي طول الخط وهناك منحازة ضد السلطة علي طول الخط وبينهما سقطت المهنية والحيدة الواجب توافرهما في العمل الحقوقي. ولابد أن أوضح أن مواثيق حقوق الانسان وضعتها الحكومات وليس الأفراد. والحكومة المصرية منذ انضمام مصر لمنظمة الأممالمتحدة تشارك بقوة في صياغة القوانين الدولية ومنها الاتفاقيات الخاصة بحقوق الانسان والمدافعين عن حقوق الإنسان يدينون أي انتهاك مهما كان مرتكب هذا الانتهاك دولة أو جماعة أو أفرادا. وحقوق الإنسان ضد أي محاولة إيذاء وضد العنف بكافة أشكاله وأنواعه وضد مرتكبه وضد الإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه وحقوق الإنسان تفرق بين مقاومة المحتل وبين الإرهاب. فمقاومة المحتل أمر شرعي.. أما ارتكاب أعمال عنف ضد مواطنين في دولة ليست محتلة فهذا إرهاب. لكن فوجئت ببعض المنظمات الآن تتجه نحو نوع جديد من حقوق الإنسان. منظمات تعتبر ضرب الأحذية نوعا من حرية الرأي والتعبير. منظمات لا تري في عملية ذبح 21 إنسانا وحرق إنسان بالنار عدوانا علي الحق الأسمي في الحياة وتدين وتندد بمحاولة الدولة الرد علي هذه المجزرة. فلقد سقطت هذه المنظمات في فضيحة مهنية وسقطة أخلاقية فهي التي صمتت علي الأعمال الإرهابية التي ترتكب ضد الجنود والمدنيين في شمال سيناء وتندد وتدين قيام الدولة بمحاولة ضبط هؤلاء والتصدي لهم. هذه المنظمات لم تتحرك ولم تدن عمليات زرع القنابل التي شهدتها مصر علي مدار الشهور الأربعة الماضية والتي أسفرت عن سقوط مدنيين ما بين قتلي ومصابين ولم تفتح أي منها فمها حتي ببيان تعزية لمن سقطوا في هذه التفجيرات العشوائية. والسقطة الكبري كانت لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان الدولية والتي انجرت وراء صورة الأطفال الثلاثة المزيفة وسارعت بإصدار بيان ضد مصر واتهمت الغارة المصرية بقتلهم وبعد أن تبين كذب هذه الادعاءات لم تصدر حتي بيان اعتذار عن هذا الخطأ المهني الجسيم ولو كان لدينا آلية إعلامية قوية لفضح هذه المنظمة لدخلت في القائمة السوداء للمنظمات المنحازة وهي القائمة التي تضم أغلب إن لم يكن كل المنظمات المصرية التي تعمل في مجال الدفاع والمساندة والتي سقطت في كل الاختبارات التي مرت بها رغم ما صرفته من ملايين الدولارات علي تدريب أعضائها والنشطاء علي عمليات رصد وتوثيق الانتهاكات ومنذ يوم 25 يناير 2011، وحتي كتابة هذة السطور لم نعرف من الذي ارتكب المجازر التي شهدتها مصر طوال هذه الفترة وهي مسئولية هذة المنظمات أولا وقبل السلطات العامة. أكبر جريمة ترتكب ضد حقوق الإنسان ما تقوم به هذه المنظمات التي تعتمد في عملها علي معلومات مغلوطة وغير موثقة وتخلط ما بين الانحيازات السياسية والعمل الحقوقي.. وتعتم علي معلومات تقدم من طرف واحد حتي ولو كانت دولة.. ف«ألف باء» توثيق هي التأكد من صحة المعلومات.. والجريمة التي ترتكبها منظمات محلية ودولية هي الانسياق وراء الشائعات رغم ما بها من خبراء يتقاضون آلاف الدولارات شهريا.. ويسقطون في هذا الفخ ويضللون الرأي العام العالمي بمعلومات وشائعات غير حقيقية. الدفاع عن حقوق الإنسان قضية أصحاب الضمائر الحية وليس الباحثين عن الأموال وليس الذين تخلوا عن مبادئهم وتركوا أوطانهم ورحلوا الي أوروبا وأمريكا وكندا.. فالمناضل الحقيقي يجب أن يكون مستعدا أن يدفع ثمن ما يعتقد ولا يخاف من بطش أو اعتقال أو حتي التهديد بالموت يبقي في وطنه ولا يذهب للعيش في باريس أو چنيف أو واشنطن أو كندا. مواقف هؤلاء الذين يسمون أنفسهم قيادات منظمات حقوق الإنسان تذكرني بمقولة صديق أن هؤلاء قبضوا ثمن نضالهم عشرات المرات.. هؤلاء هم أعداء حقوق الإنسان الحقيقيين وليس الحكومات أو الجماعات الإرهابية.