هذا حوار مميز مع شخصية مميزة تحض على نشر القيم والحداثة والديمقراطية والتسامح وحقوق المرأة فى الشرق الأوسط.. الدكتور طارق حجى، أحد رموز التيار الليبرالى فى مصر، ألقى العديد من المحاضرات فى جامعات العالم مثل طوكيو، أكسفورد، ملبورن، سيدنى، برنستون، كولومبيا، لينجز كولدج كولورادو، كاليفورنيا. له اهتمامات عديدة بقضايا الإصلاح السياسى والاقتصادى والثقافى والدينى والتعليمى، يؤمن بأن التقدم ظاهرة إنسانية قبل أى صفة أخرى، وأن التعددية هى أروع حقائق الحياة، وأن التعصب بكل أنواعه الدينى والقومى والعرقى والأيديولوجى ظواهر ضد التقدم والإنسانية.. وأن العلم والمعرفة من أهم معالم التطور الإنسانى، وأن الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان من أهم إنجازات القرنين الماضيين، وأن الأديان هى شأن خاص بين الإنسان وربه وليس لها علاقة بإدارة المجتمعات. أكد فى حواره أن الانتخابات البرلمانية المقبلة، غاية فى الصعوبة وتمنى أن يكون الشعب المصرى مدركاً أهمية هذه الخطورة والتحدى، وأن يضعها فى الحسبان عند اختياره لأعضاء البرلمان، وأن الشعب المصرى من الصعوبة أن يثق بأحد كما وثق بسعد زغلول وعبدالناصر والسيسى، مضيفاً أن كلمة السر فى الحرب الإرهابية التى تشن ضد مصر هى السيولة المادية من قطر وتركيا والمساندة الأمريكية، متسائلاً كيف يكون حسن مالك حراً طليقاً وهو أحد الممولين الكبار لجماعة الإخوان؟! وإلى نص الحوار. برؤية المثقف والمفكر.. كيف تقرأ الواقع المصرى؟ - الواقع المصرى أقرؤه من أكثر من منظور، أولها أن هذا المجتمع طوال فترة حكم «مبارك» كان فى معادلة صدرها لنا نظام مبارك أنا أم الإخوان.. ولكن الشعب المصرى وبصورة ميلودرامية تخلص من نظام مبارك فى 25 يناير 2011 ومن الإخوان فى 30 يونية 2013، وهذا إنجاز حضارى كبير، ولكن مصر أصبحت مهلهلة فى الداخل بسبب سنوات حكم «مبارك» وبعض الشىء من سنوات «أنور السادات». ولماذا السادات؟ - حتى وإن كان السادات له مزايا كبيرة له أيضاً عيوب كبيرة، وإذا كان نصر أكتوبر 1973 من إحدى هذه المزايا، فإن تقريب الإخوان له والإفراج عنهم والسماح لهم بالعمل السياسى وتحكمهم فى الجامعات من أكبر العيوب، وقد سمعت هذا من زوجته السيدة «جيهان»، عندما قلت لها «كنت طالباً فى الماجستير عندما قال زوجك الكريم أنا رئيس مؤمن لدولة العلم والإيمان وعندما أصبح عمرى 31 سنة قال: لا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين، بأيهما أخذ؟ فقالت لى: تأخذ الثانية لأنه قتل بسبب الأولى، وهذا حقيقى لأنه أخطأ خطأ استراتيجياً مهولاً، نعرف الآن كيف تم هذا الخطأ فهو كان صديقاً لشخصين مقربين من الإخوان هما «عثمان أحمد عثمان» و«رئيس المخابرات السعودى الأسبق كمال أدهم» والذى كانت تربطه علاقات قوية منذ حكم «جمال عبدالناصر» وهذان الرجلان كانا السبب فيما فعله «السادات» تجاه الإخوان. هلهلة الدولة وما نتيجة هذه الهلهلة؟ - النتيجة مؤثرة وكبيرة ولكن لو نظرنا إلى الإعلام سنجد أنه لا يستطيع أن يقف مدركاً الفارق بين الدولة وبين «السيسى»، وأحياناً يطعن طعنات هى فى ظهر الدولة وبعيدة عن «السيسى» وهذا العيب وصل إلى شخصيات عامة.. ومنذ أيام مررت على تويترات «البرادعى» بنية أن أرى هل كما يتحمس ل«أحمد دومة» يكتب عن شبابنا القتلى فى المعسكرات المصرية، فلم أجده كتب شيئاً، والأمر نفسه ينطبق على «حمدين صباحى» لو استرجعنا أحاديثه خلال السنوات الثلاث الماضية ونرى هل اهتم بالمصريين أبنائنا الشهداء فى الفرافرة، وكرم القواديس، والسويس كما يهتم بأحمد دومة فلن نجد وجهاً للمقارنة، فإن اهتمامه بدومة عشرة أضعاف وهذا دليل على هلهلة الدولة. ولكن بالفعل جاء الإخوان إلى الحكم بعد رحيل مبارك؟ - جاء بهم شعب أنهك خلال حكم «مبارك»، والذى ما كان يجب أن يُحاكم على ما حوكم عليه، وكان من الضرورى أن يُحاكم على أن الفشل الكلوى تضاعف فى عهده (12) مرة، وأقول هذا بصفتى رئيس الجمعية المصرية لرعاية مرض الكلى.. ويحاكم على انتشار مرض السرطان بين المصريين، وتدهور المؤسسات التعليمية والصحية والمرافق الخدمية وترهل كل مؤسسات الدولة.. ويحاكم على أن الإخوان فى عهده أقاموا دولة موازية لهم وأصبح لهم وزراء صحة ومالية وتعليم وإعلام وجهاز مخابرات تابع لهم، وتنظيم سرى وعندما خرج قادة الإخوان من السجون فى 2011 أقاموا جيشاً لهم باسم الفرقة (95) حيث أوكل خيرت الشاطر إلى أسامة ياسين إنشاء هذه الفرقة. إذن ما هى آليات إصلاح هذه الهلهلة؟ - الوطن يحتاج الآن إلى نتائج سريعة يشعر بها المواطن البسيط فى أسلوب حياته، وأنا أرسلت رسالة إلى الرئيس «السيسى» عن طريق د. فايزة أبوالنجا قلت: ربما يكون المصريون لم يعطوا أحداً ثقتهم كما أعطوها لسعد زغلول وجمال عبدالناصر ولكنهم أعطوها لك عندما اختاروك أنت وهذه الثقة معرضة للشروخ لأسباب معينة ومنها الحالة الاقتصادية والأمنية والترهل القضائى، والناس ضجت من طول مدة التقاضى على هؤلاء الإرهابيين، خاصة وهم يرون خروج «مبارك» وأبنائه، ورأوا آخر يحصل على 25 سنة سجناً فى قضية قد تكون قضية رأى عام.. المهمة كبيرة والمهم فى الفترة القادمة هى لم شعاث هذا الوطن الذى تركه «مبارك» مهلهلاً.. الانهيار الكامل رغم هذه الهلهلة فإن الشعب مازال متماسكاً فقد كشف من يتبع الإسلام السياسى عن وجهه الحقيقى؟ - هذا صحيح.. لكن أصبح لدى الشعب قناعة أن كل الأغنياء حرامية، وهذا بالطبع غير صحيح، ولكنهم رأوا فى عهد مبارك ثروات رجال الأعمال تكون بقدر علاقتهم بالسلطة، وأن رجال الأعمال الصغار هم كذلك لأنهم يعتمدون على مجهوداتهم فى العمل، ولن يكونوا كباراً إلا إذا تم تقريبهم إلى السلطة، وبدرجة القرب تكون مقدار الثروة وهكذا، وفى ذات الوقت يوجد أمل ولكنه عرضة للتغيير إذا لم نلم شتات هذا الوطن وبمنتهى السرعة فهو معرض للانهيار الكامل وستظهر لنا عوارض هذا التمزق فى انتخابات البرلمان المقبلة. وكيف ترى هذه الانتخابات فى ظل هذه الهلهلة؟ - هذه الانتخابات ستكون فى غاية الصعوبة، والنصيحة المثلى للمواطن المصرى مادمنا أسقطنا نظامى مبارك والإخوان فيجب ألا نختار فى المجلس القادم ممثلين لهذين العهدين، ويجب ألا نخضع للإغراءات المادية التى تُقدم، حيث كان الإخوان يقدمون العطايا المادية، والآن رجال أعمال معروفون بالاسم يقدمون أموالاً للإعلاميين ورواتب حتى يساندوهم، فهل الشعب مؤهل لهذا الاختيار بالوعى الكامل ولا يشترى أو يبيع صوته الانتخابى، فى ظل عدم اتفاق الأحزاب لعمل 3 تكتلات ذات طابع رأسمالى، وآخر اشتراكى وثالث وسطى بسبب من هو الرئيس لهذه التكتلات، ونتمنى أن يكون الشعب مدركاً ومؤهلاً لهذا التحدى الخطير. كلمة السر مصر خاضت العديد من حروبها ضد الإرهاب ففيم تختلف هذه الحرب عن سابقاتها؟ - أولاً.. هذه الحرب تهدف إلى إسقاط الدولة وتفتيتها.. ثانياً السيولة المادية هى الكلمة السرية فى هذه الحرب الإرهابية، وتعلمنا من مراقبة السياسة فى العالم أن المال هو عصب السياسة، ولهذا الرئيس الأمريكى ينفق مليار دولار على حملته الانتخابية حتى يصبح رئيساً لأمريكا، وفى كل الحروب السابقة ضد الإرهاب لم تكن هناك المساعدة المالية الرهيبة من الخارج وتحديداً من قطر وتركيا والتنظيم الدولى للإخوان، هذا بخلاف المساعدة العارمة للإخوان من الولاياتالمتحدةالأمريكية، إذن الصورة تختلف تماماً، مثلاً عبدالناصر عندما حارب الإخوان لم يكن أمامهم إلا الملك فيصل ليساندهم ويؤويهم إيواء خطيراً. وماذا عن إشارة الرئيس «السيسى» لأطراف خارجية فى العملية الإرهابية الأخيرة وهذا جديد على الرئيس؟ - نعم.. يوجد أطراف خارجية ضالعة فى هذه العملية الإرهابية.. و«السيسى» لم يشر من قبل لأى من الأطراف لأنه يختلف عن «عبدالناصر» الذى كانت أمريكا تقف ضده، وأيضاً تقف ضد «السيسى»، ولكن عبدالناصر كان «يردح» لهم ويقول: اشربوا من البحر الأبيض ولو لم يعجبكم فلتشربوا من البحر الأحمر، وكان يسب ويلعن أعوانهم من الملوك، ولكن «السيسى» لم يفعل ذلك أبداً.. ولكنه اقترب كثيراً فى الإشارة التى تحدث بها، ويوجد كلام على أن قطر ضالعة ضلوعاً شديداً فى هذه العملية بحكم أنهم تلقوا صفعة من مصر، عندما أعادت سلطات المطار شقيق الأمير تميم من المطار وعلى نفس الطائرة التى جاء عليها لأنه لم يكن معه تأشيرة لدخول مصر، وهو جاء دون هذه التأشيرة بحجة ليس هؤلاء الذى لم يحدث معهم هذا، مع إنهم لا شىء لأن المصريين تربوا على أنك لو غنى ومهما وصلت من ثراء فلن تكون نداً أو نظيراً لمصر. النقد الذاتى وهل قطر كنظام حاكم شاركت فى العملية الإرهابية؟ - بعض الأقاويل تقول: إن حمد بن جاسم بن جبر، الذى كان رئيس المخابرات ووزيراً للخارجية القطرية ضالع فى تخطيط وتمويل هذه العملية الإرهابية رداً على صفعة عودة شقيق الأمير من مطار القاهرة، ولكن يجب ألا نعفى أنفسنا، ونقول حادثة إفطار رمضان ثم حادثة الفرافرة ثم حادثة كرم القواديس ثم الحادثة الأخيرة يجب ألا تتكرر، وعلوم الإدارة تقول من حقك أن تخطئ وتكرر الخطأ ولكن لا تثلث الخطأ.. ويبدو أن الرئيس شعر بالنقد الذاتى لأنه قال: وهذه لن تتكرر مرة أخرى، وفى الوقت ذاته، أجرى تعديلات بتوحيد القيادة العسكرية فى سيناء وهذه إشارة إلى أننا لا نؤدب على الملأ ولكن نقوم بإجراءات تدل على العبرة والاستفادة مما يحدث. هل مصر تخشى الغرب أم جمعيات حقوق الإنسان حتى تكون يدها مغلولة فى تعاملها مع إرهاب الإخوان؟ - أرى أن هناك خيوطاً تعوق الردع الأمن والقضائى، وإذا كان ذلك حقيقة فنحن ننقده ونرفضه ونقول سيادة الرئيس: إذا فشلت فى مهمتك الأمنية فلن تخلو من سهام الناقدين، وإذا نجحت فكل الذين ينتقدونك الآن سوف يصفقون لك وهذه هى السياسة.. وعلينا أن نعترف أن هناك تراخياً أمنياً والشعب ينتظر يداً من حديد لتواجه هذا الإرهاب والقيام بضربات استباقية لمواجهة هؤلاء المخربين، ونعلم أن التمويل يقف خلفه «حسن مالك» فلماذا هو حر طليق الآن؟ ثم إن جمال حشمت الذى قابل الوفد الأمريكى فى الخارجية الأمريكية كان مسجوناً فكيف سمح له بالسفر بعد خروجه من السجن فى ظل هذه الظروف؟ لا تقولوا لنا بالقانون لأننا فى حالة ثورية استثنائية كاملة، والطرف الآخر لا يعمل بالقانون، وإذا كانت بعض الدول تدعى أن الإخوان لا يقومون بهذا الإرهاب فهذه نكتة سخيفة جداً، وإلا فليقولوا لنا من الذى يستطيع القيام بحجم هذا الإرهاب إلا تنظيم جماعة الإخوان وبالطبع هذه الادعاءات لها علاقة قوية بالغرب وبمراكز حقوق الإنسان. النوتة الأمريكية هل يوجد طابور خامس فى مصر؟ ومن هم؟ - نعم.. يوجد طابور خامس ينقسم إلى فريقين فريق يعمل لصالح أمريكا بإدراك ووعى، وفريق آخر يعمل لصالحها دون وعى أو إدراك والفريق الأول يمثله عمرو حمزاوى ويسرى فودة وفرقة البرادعاوية وخالد أبوالنجا وظهر أن عزفهم جميعاً ليس عزفاً انفرادياً، لأن كل ما يفعلونه يتسق مع السياسات الأمريكية وشعارهم الأول هو دمج جماعة الإخوان فى السياسة العامة للدولة المصرية، وهذا هو المطلب الأمريكى الأول والرسمى، والنوع الثانى يؤمن بأن أمريكا هى الإله، وإذا أرادت شيئاً تحقق على الفور، وهذا يتزعمه أكبر رجل أعمال مصرى ينضوى تحت هذه القائمة، ويقول فى جلساته الخاصة إنه دفع (7) مليارات جنيه عندما طلبها مرسى لأن أمريكا قالت إن الإخوان ستحكم 500 سنة ولهذا فإن شغله مع يسرى فودة وليليان وريم ماجد هو عمل ممنهج وليس عفوياً وهؤلاء يعزفون على نوتة أمريكا التى يرون أن إرادتها لا تنكسر. كيف وإرادة أمريكا كُسِرت فى مصر بثورة 30 يونية؟ - نعم.. وإرادة أمريكا تُكسر وتذوب، و«شافيز» استمر رئيساً ل«فنزويلا» وهو يضع إصبعه فى عين أمريكا، وإيران تضع إصبعيها الاثنين فى عين أمريكا التى فشلت فشلاً كبيراً عندما ذهبت إلى العراق حتى تتخلص من صدام حسين، وإذا بها تسلم العراق إلى إيران عن طريق حكام كانوا فى المنفى مثل عدنان المالكى ومن حساباتها الخاطئة لعمل توازن لحكم الشيعة فى إيران فصنعت داعش حتى تكون رأس حربة للسنة ودخلت قوى سنية تدعم داعش فى البداية وبنت عليها آمالاً كبيرة مما جعل المشهد الإقليمى فى غاية التعقيد، ولكنه ليس مستحيلاً. عربون المحبة ولماذا الإصرار الشديد من أمريكا على إدماج جماعة الإخوان فى الحياة السياسية فى مصر؟ - أمريكا لا تغفر لأحد أن يخرج عن إطار السيطرة، وهى العلاقة الوحيدة التى تفهمها الولاياتالمتحدة مع الأطراف الأخرى ولهذا لم يستعذبوا تأييد الملك عبدالله ل«السيسى» دون أن يسألها وأن الشيخ محمد بن زايد والإمارات اتخذوا خط التأييد المطلق مادياً ومعنوياً واقتصادياً لمصر دون أن تلجأ لأمريكا، وبالطبع هذه السيطرة من وجهة النظر الأمريكية سوف تزداد إذا تحولت الدول العربية الكبرى إلى كيانات صغيرة، وبالطبع هم يعلمون أنه لن ينفذ ذلك إلا الإسلاميون لتقسيم هذه الدول، والإخوان ليس بينهم من يعارض أمريكا، وقدموا عربون المحبة فى ديسمبر 2012 عندما قدموا الاتفاقية الإسرائيلية مع حماس بعدم العدوان العسكرى، والإسلام السياسى دائماً كان فى جيب أمريكا، ومصر بالنسبة لأمريكا كبيرة جداً، وهم يريدون تعجيز «السيسى» وإفشاله ثم يريدون تركيع السعودية التى اشترت صفقة سلاح من روسيا، فالسيطرة بمعناها السياسى والاقتصادى لن تتم إلا والدول العربية ال22 الأفضل أن تصبح 60 أو 70 كياناً صغيراً. إذن كيف يمكن التعامل مع ثنائية الدين والسياسة بالدمج أم بالفصل؟ - دمج الدين بالسياسة يؤدى إلى رجوعنا إلى القرون الوسطى والدخول فى حروب بلا نهاية، وأمريكا تعرف هذا جيداً، ولهذا تسعى إلى الدمج لأنها تطمح فى إشعال حرب سنية شيعية لا تبقى ولا تذر، ولهذا لا ملجأ لنا إلا بفصل الدين كشأن شخصى وبين السياسة كهم عام يعامل الناس على أساس المواطنة، وهنا لدينا بعض الثغرات فى الدستور.. وأن المصريين يتحدثون عن الأزهر كمصدر للدين الوسطى المعتدل وهذا غير حقيقى لأن هناك خلطاً بين شخصية د. أحمد الطيب وبين الأزهر الذى به د. محمد عمارة، والتى تحتفل مجلة الأزهر بحسن البنا ووضعت صورته على غلاف مجلة الأزهر ثم قالت: إن أفضل ما كُتِب عن العدالة الاجتماعية هو ما كتبه سيد قطب! إذن المؤسسة هى أيضاً مهلهلة، وأن ما قام به إبراهيم عيسى لكى يعرف الناس أن مناهج التعليم فى الأزهر لم تخرج إلا هرماً من الدواعش!! ، إذن الأزهر فى حاجة إلى أن يراجع لماذا تخرج فيه أجيال تؤمن بأفكار ليست بعيدة عن فكر داعش والنصرة والفرق الجهادية! إشراف البرلمان إذن لا تعتقد أن الأزهر قادر على القيام بتجديد الخطاب الدينى بمفرده؟ - أشك فى هذا.. لأن داخل الأزهر نغمة غرور عالية جداً، بأنه لا يقول لنا أحد ماذا نفعل؟ وهذه النغمة بها ردود قانونية عليها.. لأنهم عندما يحصلون على رواتبهم فهم خاضعون للشعب، وممثل الشعب هو البرلمان، فإذا لم يكن من حق البرلمان أن يشكل لجنة لإصلاح التعليم الأزهرى والخطاب الدينى فهذا معناه أنه لا يجب أن يحصلوا على رواتبهم من الشهر المقبل، والأزهر بما أنه جزء من الدولة يحصل على 8 مليارات جنيه سنوياً من الخزانة العامة من أموال الشعب ولا يريدون للشعب أن يحاسبهم، إذن أنا ضد أن نأتى بكيان تنفيذى لمراقبة الأزهر، ولكن يجب أن يكون تحت إشراف البرلمان ومن حقه أن يحاسبه أما فكرة أن رجال الأزهر هم الذين سيصلحون فهذا لا يصح. لكن الأزمة تخطت الخطاب الدينى واقترنت بممارسات العنف والإرهاب؟ - لكن العلاقة موجودة بين الخطاب الدينى وبين هذه الممارسات.. وعندما حرقت «داعش» الطيار الأردنى، وقالت: إن أبوبكر حرق خصومه فى حرب الردة، والبعض قال: لا أبوبكر لم يفعل هذا.. فأخرج الأساتذة الأفاضل 12 مرجعاً من مراجع السنة كلها تقول إن أبوبكر أحرق رجلاً.. ولكن هذا سيناقض فكرة السلف الصالح، والوهابية والإخوان فرع فكرى واحد ويؤمنون بالسلف الصالح، ولكنهم لم يقولوا: لا يستطيع أحد أن يحارب أبوبكر بمعيار 2015، وأن هذا ما كان يفعله الملوك فى ذلك العصر من حرق أعدائهم أو أن يلقون بهم إلى الأسود كما كان يفعل الرومان، ولكنهم للأسف سيقولون ما فعله أبوبكر هم يفعلونه وعلينا نحن باقى المسلمين أن نتبعه لأنهم السلف والقدوة. مواكبة العصر إذن ما هى المواجهة الفكرية الشاملة لإيقاف هذا الفكر المتطرف؟ - بالإصلاح التعليمى وإصلاح الخطاب الدينى حتى يواكب العصر، وبالتنمية الاقتصادية لأن اليائس ينجذب نحو هذا التيار أكثر مما نجذبه نحن، ورجل الدين المتطرف سيقول له ما أنت فيه من سوء الحال سببه أن المجتمع كافر ولو لم يكن مجتمعاً كافراً ستصبح فى رغد العيش. هل يمكن قيام نهضة تنويرية وثقافية بعيداً عن الإصلاح الدينى؟ - بالطبع مستحيل.. لأن إصلاح التعليم الدينى هو الركن الأساسى، ومصر لديها 40٪ أمية، ولهذا يوجد تأثير جامح للخطاب الدينى، وخطبة الجمعة بمثابة إعلان دستورى فى القرى والنجوع، والبلد الذى يقوم بإجراء 18 ألف اتصال للفتوى يومياً فى التليفونات فهذا معناه أن الدين مكون أساسى، وهذا المكون ما لم يُعصرن ويحدث سنكون فى مشكلة كبرى، وإذا نظرنا إلى موقف الأصولى الدينى من المرأة والأقباط سنجد الموقف المجتمعى سيكون متماثلاً معه وإن لم يكن بذات الحدة، ولهذا الخطاب الدينى أقوى من الإعلام لأن به بعض القداسة. وكيفية التعامل مع المتأسلمين الذين يرفضون فكرة الدولة الوطنية التى تتناقض مع الدولة الدينية؟ - أعطيت محاضرة فى البرلمان الإنجليزى يوم 16 يناير الماضى وأقمتها على هذه الفكرة، وقلت: كل تيارات الإسلام السياسى تختلف على 4 أشياء أولها شكل الدولة لأن الدين لديه بدلاً من القضاء والداخلية لديه هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والدولة لديها قانون غير القانون الوضعى، وإيمان شديد بعالمية الدعوة، وأكبر خلاف بيننا وبين التيارات الإسلامية هو شكل الحكم، ولابد أن نتفق على شكل الدولة المدنية، وأعتقد أن الإعلام ومؤسسة الأزهر هما القادران على فعل الأفاعيل فى هذا الأمر، ولكن هل مؤسسة الأزهر قادرة على أن تصرح بأننا يجب أن نعمل فى السياسة بناءً على شروط الدولة المدنية.. أشك فى هذا!! لكن ربما يقولها وزير الأوقاف، ولو كان الأمر بيدى كنت عينته شيخاً للأزهر وعلى الفور لأنه رجل يؤمن بأن المسلم يجب أن يكون فى إطار الدولة الحديثة، ولو سألنا الأزهريين كم واحداً منكم يؤمن بأن يطبق القانون باليد سنجد الموافقين كثراً!! والمنطق أيضاً يقول: إن تطور الإسلام السياسى دون هذه النقطة لن تجعله حزباً سياسياً عصرياً مثل الحزب المسيحى فى ألمانيا وعليهم أن يتخطوا هذه النقطة. ما هو مستقبل الإسلام السياسى والحركات الإسلامية؟ - الإسلام السياسى بصفته الإخوانية «بيخرج فى الروح» وفى سبيله إلى الموت ولكن الإنعاش قادم له من الولاياتالمتحدةالأمريكيةوقطر وتركيا والتنظيم الدولى للإخوان الذى به أردوغان والغنوشى وعلينا أن نتأكد أن وراء الأحداث فاعلاً، ولهذا علينا أن ننشط خاصة أن الإخوان التى تؤمن بالمرجعية الدينية كأخلاقية ولكنها تؤمن ببناء الدولة المدنية الحديثة ونعمل معهم وعليهم.. والحقيقة أن الخطاب مع الخارج ضعيف جداً ولهذا يجب أن ننشط خارجياً لأننا لا نتحدث مع المشرع الأوروبى كما تفعل إسرائيل، أو كما فعلت جماعة الإخوان بتوصيل صوتها وترويج أهدافها لأنها تعاملت مع شركات الدعاية والإعلان العالمية فى أمريكا، وهذه الشركات هى التى تصنع الرئيس من خلال الدعاية والعلاقات العامة وتعلمه كيف يخطب وكيف يتحاور والإخوان تعاملوا مع هذه الشركات واستفادوا منها لأنها هى التى سوقت فى العالم أن جماعة الإخوان نبذت العنف وأصبحت بعيدة كل البعد عما يحدث من إرهاب داخل مصر.