«هل نحن أصبحنا على بعد خطوات من الاستحقاق الثالث والأخير من خارطة الطريق.. أم أن الطريق مازال وعراً ومليئاً بالأشواك والألغام؟».. سؤال بات ملحاً بعد أن دخلت العملية الانتخابية مرحلة الخروج إلى النور في القريب العاجل. حالة من التخوف وعدم الارتياح سيطرت على الشارع السياسى الذى حوصر بعدد من القوانين التي رأى البعض أنها تهدد مستقبل العملية الانتخابية بأكملها فى ظل تربص قوى ورجال الحزب الوطنى بها من ناحية، وجماعة الإخوان المسلمين والأحزاب الدينية من جهة أخرى. ورغم تصاعد تلك الهواجس فى أروقة كافة القوى السياسية ارتأت الأصوات العاقلة داخلها عدم إثارة القلاقل والموافقة على تلك القوانين للحاق بمركب النجاة قبل أن يأتى الطوفان، وتعقد تلك القوى وفى مقدمتها حزب الوفد الآمال على السلطات الكبيرة التى يختص بها مجلس النواب وفقاً للدستور الجديد وتصل إلى التحكم فى 70% من صنع القرار، فى حين أن رئيس الجمهورية له 30%، ومن ثم ستتمكن القوى الحزبية فى إعادة النظر فى كل القوانين المعيبة والمشوهة. الغموض والخوف من أن تدخل الانتخابات مرحلة من التعثر تلاحق الاستحقاق الثالث لخارطة الطريق منذ أن بدأ التجهيز لها فاشتعل الجدل تارة على قانون الانتخابات البرلمانية، وتارة أخرى حول نسبة الكوتة وتخصيص فئات بنسب محددة وهى: المرأة والأقباط والشباب والعمال والفلاحون وذوو الاحتياجات الخاصة والمصريون فى الخارج، الأمر الذى اعتبره البعض أننا بصدد إدخال المزيد من التشظى والتشرذم لطوائف المجتمع أكثر مما نحن فيه. وعقب إقرار قانون تقسيم الدوائر حذر حزب الوفد مراراً من وجود عوار دستورى كبير من شأنه التهديد والإطاحة بمجلس النواب بأكمله وتمثل ذلك فى عدم وجود آلية محددة لترشح المغتربين فى الخارج، وأن 8 من المقاعد المخصصة لهم لم يتم تحديد بعد كيفية اختيار البلدان التى يمثلونها وعلى أى أساس سيكون الاختيار، وكذلك آلية عملهم فى ظل ظروفهم المختلفة فى طبيعتها عن النواب المقيمين فى القاهرة. وأجمع السياسيون والحزبيون على تخوفهم بشأن مستقبل الانتخابات البرلمانية، فى ظل حالة الغموض والتخبط التى تحاصر كافة الإجراءات التى تتخذ من أجل تحققها، وأكدوا أن تلك القوانين ستشكل لغماً ينفجر فى وجه الانتخابات البرلمانية فى أى لحظة. فمن جهته.. قال أحمد عودة، عضو الهيئة العليا للوفد: إن انتخابات مجلس النواب القادم ستكون المعركة الأخيرة لجماعة الإخوان الإرهابية لتعطيل مؤسسات الدولة وإفشال الرئيس عبدالفتاح السيسي، لذا لابد من الإعداد الجيد لها والاستماع إلى رؤى ومطالب القوى السياسية والحزبية. وأعرب عن أسفه من تمسك الحكومة بقانون الانتخابات البرلمانية، رغم وجود كثير من العوار والتحفظات الكثيرة من قبل حزب الوفد وكافة الأحزاب السياسية عليه. وأضاف عودة: «إذا كانت الحكومة أعلنت رفضها القاطع لإجراء أى تعديلات على القانون فعلينا التسليم بالأمر الواقع، ونؤجل تعديل القانون لحين انعقاد البرلمان القادم». وأوضح «عودة» أن البرلمان الجديد له سلطات إصدار القرارات بنسبة 70% ورئيس الجمهورية له 30% من صنع القرار، وعلى ذلك لابد أن تتفق توجهات وسياسات البرلمان مع رئيس الجمهورية.. مضيفاً: «على الحكومة أن تقوم بمهمة ضبط العملية الانتخابية فيما يختص بالإنفاق على الدعاية الانتخابية ووضع ضوابط قانونية فعالة فى هذا المجال تتيح الفرصة لفرز العناصر الوطنية، والتى يعوق بعضها مسألة التمويل الضخم الذى يحتاجه المرشح الذى ربما يصل إلى ملايين الجنيهات، وهذه الأموال لا توجد إلا لدى أصحاب النفوذ من أقطاب الحزب الوطنى المنحل». إلى ذلك عبر المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكي المصري، عن تحفظه على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية واصفاً إياه بالسيئ، ولا يتناسب مع مطالب الجماهير التى خرجت فى ثورتي 25 يناير و30 يونية من أجل مطالب مشروعه. وأكد أن هذا القانون هو نتاج قواعد وشروط كانت سائدة طوال 30 عاماً بعهد مبارك، وعلى رأسها تجاهل نسبة العمال والفلاحين وأيضاً الشباب، وجرى التحايل عليهم، وكان من المفترض أن يحافظ عليها وأن يكون لهم دور أساسى فى البرلمان المقبل. ولفت «شعبان» إلى أن القانون سيتيح الفرصة لرجال الأعمال وسيطرة المال، والعصابيات، بنفس رؤية فلسفة انتخابات مبارك، وهذا نتائجه سلبية على البرلمان المقبل. وأكد وحيد الأقصرى، رئيس حزب مصر العربى الاشتراكى، أنه لا جدال فى أن مصر تمر بمرحلة خطرة وحاسمة، على كافة القوى السياسية أن تتحد فيها لإتمام خريطة المستقبل التى لم يتبق منها سوى الاستحقاق الأخير وهو الانتخابات البرلمانية. وأكد «الأقصرى» أن لدى الأحزاب تحفظات كثيرة على نسبة القوائم والفردى وأرسلت مكاتبات كثيرة إلى مجلس الوزراء والرئاسة ولم يؤخذ بها. واستطرد: «طالما الحكومة ارتأت التمسك بقانون الانتخابات بشكله الحالى فعلينا فى هذه المرحلة الصعبة من تاريخ مصر أن نتقبل الأمر، ونستعد جيداً للانتخابات البرلمانية المقبلة، لنحقق الاستحقاق الأخير من خارطة الطريق، لنفوت الفرصة على أعداء البلد أن يحدثوا شرخاً ومعوقاً فى طريق تحقيق خارطة الطريق». ومن جهته، قال إسماعيل أبوسعادة، أستاذ الإعلام، رئيس حزب السلطة الشعبية: «إننا نقع بين مطرقة الوقت الذي نسابقه لبناء الدولة وبين سندان الاقتصاد المتدهور والإرهاب الأحمق».. وأكد أن الوقت لم يعد في صالحنا وحقناً للدماء وتحقيقاً للاستقرار لابد من الإسراع فى إجراء الانتخابات البرلمانية. وأضاف: «إن الواقع يفرض نفسه بعدة أشكال متسارعة، حيث ليس في إمكاننا كسياسيين ملاحقتها بالبحث أو حتى بالربط بين بعضها فالأحداث كثيرة ومتواترة والقرارات متعددة ويصعب حصرها». من ناحية أخرى، قال صلاح حسب الله، نائب رئيس حزب المؤتمر: إنه ضد إعادة النظر فى قانون الانتخابات البرلمانية، أو أي من القوانين حتى لو بها قصور فى الوقت الحالى لأن ذلك يعنى العودة إلى المربع صفر، فى الوقت الذى نتلهف فيه لاتخاذ أى خطوات إلى الأمام، وأن المآخذ على قانون الانتخابات البرلمانية من الممكن أن تؤجل إلى البرلمان، مضيفاً: «الاستحقاق الثالث فى خارطة الطريق هو من أخطر المراحل فى تكوين المرحلة القادمة، فإما أن نكون أولاً نكون فإما العمل والتنمية الحقيقية أو التوقف والشلل التام، لذا فيجب على كل مصرى التحقق من اختياراته لأعضاء مجلس النواب القادم فهم الذين سيعملون على دفع عجلة التنمية وتحقيق أهداف الثورة أو العمل فى الاتجاه المضاد». وشدد «حسب الله» على ضرورة تطبيق قانون العزل السياسى، لكى نحصن البرلمان القادم من فلول الحزب الوطنى والفاسدين الذين نهبوا ثروات الشعب وكذلك التصدى لجماعة الإخوان المسلمين.