رغم أن الضحك ليس من عاداتها إلا أنني منيت نفسي بمجرد ابتسامة عندما أخبرتها أننا علي موعد مع العديد من الاحتفاليات بمناسبة اليوم العالمي للمعاق، الذي يوافق 3 ديسمبر القادم، أخرجت من درج مكتبي عدة دعوات لجهات مختلفة حكومية وأهلية وقلت لها: اسمعي يا نور سأصطحبك في كل حفلة أو مؤتمر سأحضره هذا الأسبوع لنشاهد كيف تحتفل مصر بالمعاقين، وماذا ستقدم الحكومة لهم.. تركت عصاها البيضاء، أسندتها علي المقعد بجوارها وبكت. إيه الحكاية؟ فيه إيه؟ - مش هقدر آجي معاكي.. خطيبي ايده مكسورة.. وأنا مكتئبة جدا. وإيه الجديد.. انت عل طول مكتئبة. - أنا حاسة بالذنب والمسئولية تجاه ما حدث له. يا ست بسيطة.. سلامته بكره يبقي زي الفل. - بكت نور كما لم تبك من قبل.. هنا وقبل أن أعرف منها تفاصيل فكرت في تركيبة نور.. هي صحيح كفيفة.. لكنها حريصة علي تكوين وجهات نظر تجعلك تعتقد أنها حادة البصر والبصيرة.. أكثر ما يعيبها التشاؤم المزمن.. أعتقد أنني خلال عام كامل هي الفترة التي عرفتها فيها، لم أرها تبتسم أو تضحك.. تقول إنها حزينة بسب انها «معاقة» ولا تستطيع تخطي هذا الواقع، خطيبها «كفيف» أيضا، ودائما كانت تقول لي «أهو» نتعكز علي بعض. انت عارفة خطيبي.. اتكسر ليه؟ - ليه. الأستاذ «سمع ان جهة ما عاملة مسابقة رياضية لذوي الاحتياجات وفيه مكافآت مالية يعني يوم ترفيهي بمناسبة اليوم العالمي للمعاق.. اشترك في مصارعة الذراعين.. حذرته قال لي: «يا بنتي دي لعبة الرست والعيال كلها بتلعبها.. مش محتاجة شطارة ولو كسبت خدي الفلوس اشتري المذكرات اللي محتاجها في الجامعة وبلوزة جديدة روحي بيها الامتحان. بصراحة أغرتني الفكرة لأني كنت محتاجة المذكرات جدا ووالدي صرف المعاش كله، كذب خطيبي علي أصحاب المسابقة مؤكدا أنه يفهم أصول اللعبة وبمجرد أن وضع يده في يد خصمه سمعت بأذني صوت «تكسير كفه» صرخت هو أصلا ضعيف جدا.. وأنا السبب عاودت «نور» البكاء فيما انتابتني حالة ضحك حاولت مداراتها تخللها كلمات اعتذار مني كادت نور تتركني غاضبة.. أمسكت بها.. انتظري.. ما تزعليش أصلي افتكرت علي الكسار في فيلم «سلفني تلاتة جنيه»! هنا حدثت المعجزة.. ضحكت نور.. ضحكت بشكل هيستيري وخرجت كلماتها متقطعة.. يعني عاجبك يوصل بينا الحال للدرجة دي.. وتقوليلي يوم المعاق. في نهاية اليوم وضعت رأسي المتعبة علي وسادتي.. وكأنني أستعيد القصة من جديد أزيح عنها تفاصيلها لأصل في النهاية الي نقطة سوداء قائمة.. نور وخطيبها مأساة.. هذه هي الحقيقة.. ضحكت نور.. ولكن «علي حالها»!