مفاوضات شرم الشيخ: اختبار جديد لخطة ترامب لإنهاء حرب غزة    يلا كورة بث مباشر.. مشاهدة السعودية × النرويج YouTube بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | مباراة ودية دولية 2025    تامر حسني يرد على تكريم نقابة المهن التمثيلية برسالة مؤثرة: "الحلم اتحقق بفضل شباب المسرح المصري"    الجامعة البريطانية وبرنامج الأمم المتحدة يطلقان النسخة الرابعة من محاكاة قمة المناخ COP30    البابا تواضروس الثاني يزور إيبارشية أبوتيج وصدقا والغنايم    وزارة الحج والعمرة: جميع أنواع التأشيرات تتيح أداء مناسك العمرة    وزير خارجية الكويت: مجلس التعاون ينظر إلى الاتحاد الأوروبي كشريك أساسي في دعم الاستقرار الدولي    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بالذكرى المئوية للعلاقات بين مصر وتركيا    حبس المتهم بسرقة هاتف محمول من داخل محل بالسلام بعد تنفيذ 4 وقائع    حبس المتهمين بإدارة نادي صحي لممارسة أعمال منافية في مدينة نصر    قرار من النيابة ضد المتهم بالتعدي على آخر في حدائق القبة وبحوزته سلاحان ناري وأبيض    هيثم الشيخ: البرلمان القادم سيشهد تمثيلاً تاريخياً لمعظم الأطياف السياسية والمعارضة    وزير الخارجية يلتقى عددًا من المندوبين الدائمين بمنظمة اليونيسكو    31 مرشحًا خضعوا للكشف الطبي بالفيوم.. ووكيلة الصحة تتفقد لجان الفحص بالقومسيون والمستشفى العام    بالصور/ مدير امانه المراكز الطبية المتخصصة" البوابة نيوز"..نرفع الطوارئ على مدار 24 ساعة لاستقبال حوادث المواصلات بالطريق الزراعى والدائري..القوى البشرية بقليوب التخصصى لا يستهان بها    أسعار اللحوم فى أسيوط اليوم الاثنين 6102025    وكيله يفجر مفاجأة.. فيريرا رفض تدريب الأهلي قبل التعاقد مع موسيماني    خبر في الجول – اجتماع بين لبيب وجون إدوارد.. وانتظار عودة فيريرا لاتخاذ القرار المناسب    تفاصيل الجلسة العاصفة بين حسين لبيب وجون إدوارد    تحديث مباشر ل سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الاثنين 06-10-2025    سعر السمك البلطى والكابوريا والجمبرى في الأسواق اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض الأبيض والأحمر في الأسواق اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025    بارد ليلا..اعرف حالة الطقس اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    وزير التربية والتعليم ومحافظ الإسكندرية يفتتحان عددًا من المشروعات التعليمية الجديدة    لحظة مصرع عامل إنارة صعقا بالكهرباء أثناء عمله بالزقازيق ومحافظ الشرقية ينعاه (فيديو)    وفاة مسن داخل محكمة الإسكندرية أثناء نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه    ترقي وإعادة تعيين المعلمين 2025.. «الأكاديمية» تحدد مواعيد جديدة لاختبارات الصلاحية    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة قنا    هناك من يحاول التقرب منك.. حظ برج القوس اليوم 6 أكتوبر    5 أبراج «بيفشلوا في علاقات الحب».. حالمون تفكيرهم متقلب ويشعرون بالملل بسرعة    هل استخدم منشار في قطعها؟.. تفاصيل غريبة عن سرقة اللوحة الأثرية الحجرية النادرة بسقارة (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 6-10-2025 في محافظة الأقصر    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    أسعار الحديد فى الشرقية اليوم الاثنين 6102025    عوقب بسببها بالسجن والتجريد من الحقوق.. حكاية فضل شاكر مع «جماعة الأسير»    فنانة تصاب ب ذبحة صدرية.. أعراض وأسباب مرض قد يتطور إلى نوبة قلبية    محمد صلاح ينضم لمعسكر منتخب مصر قبل السفر للمغرب لملاقاة جيبوتى    أحمد صالح: الزمالك أعاد الأهلي إلى وضعه الطبيعي    أتلتيكو مدريد يعود لنتائجه السلبية بالتعادل مع سيلتا فيجو في الدوري الإسباني    سعر الذهب اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025.. عيار 14 بدون مصنعية ب 3480 جنيها    السويد: إذا صحت أنباء سوء معاملة إسرائيل لثونبرج فهذا خطير جدا    آمال ماهر تتألق بأغانى قالوا بالكتير ولو كان بخاطرى وأنا بداية بدايتك بحفل عابدين    بدر محمد بطل فيلم ضي في أول حوار تلفزيوني: الاختلاف قد يكون ميزة    مدير المركز الإعلامي لغزل المحلة: كستور يتحمل العصور رسالة وطنية لإعادة إحياء رموزنا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل: زلزال بقوة 5 درجات يضرب باكستان.. وزير دفاع أمريكا يهدد بالقضاء على حماس إذا لم تلتزم بوقف إطلاق النار.. ترامب: مفاوضات وقف إطلاق النار فى غزة تسير بشكل جيد للغاية    محافظ الشرقية ينعي فني إنارة توفي أثناء تأدية عمله الزقازيق    هل يجوز استخدام تطبيقات تركيب صور البنات مع المشاهير؟.. دار الإفتاء تجيب    على زعزع يخضع للتأهيل فى مران مودرن سبورت    محمد شوقى يمنح لاعبى زد راحة 48 ساعة خلال توقف الدورى    لحظة تهور سائق في زفة بكرداسة تنتهي بالقبض عليه.. إنفوجراف    ما هي مراحل الولادة الطبيعية وطرق التعامل معها    نائب وزير الصحة لشؤون السكان: «دليل سلامة حديثي الولادة» خطوة فارقة في حماية الأطفال    الديهي: جيل كامل لا يعرف تاريخ بلده.. ومطلوب حملة وعي بصرية للأجيال    مواقيت الصلاه غدا الإثنين 6 اكتوبرفى محافظة المنيا.... تعرف عليها    اليوم العالمي للمعلمين 2025.. دعوة لإعادة صياغة مهنة التدريس    جامعة بنها الأهلية تنظم الندوة التثقيفية احتفالاً بذكرى نصر أكتوبر المجيد    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    ننشر عناوين مقرات توقيع الكشف الطبي على المرشحين لمجلس النواب في الإسكندرية (تعرف عليها)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عرودكى: الأنظمة الشمولية تتفنن فى إقصاء المثقفين
نشر في الوفد يوم 18 - 11 - 2014

إذا كنت من عشاق عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين باعتباره كاتباً استثنائياً فى تاريخ أدبنا المعاصر، فلابد أنك قد قرأت كتاب «معك» لزوجته ورفيقة دربه السيدة سوزان طه حسين، وأنك بحثت مثل كل من قرأ الكتاب عن اسم المترجم الذى ترجم هذا الكتاب عن الفرنسية، الذى استطاع أن يضيف قيمة للكتاب تضاف إلى قيمته.
وأظنك لم تفاجأ بأن المترجم هو الكاتب السورى الدكتور بدر الدين عرودكى، وهو الذى أنجز ترجمات لحوالي ثلاثين كتاباً، وقضى أكثر من ثلاثين عاماً فى معهد العالم العربى فى باريس، معنياً بالتعريف بمبدعات الثقافة العربية قديمها وحديثها من خلال الندوات والمعارض الكبرى، كما نشر عدداً من الدراسات في مجال علم الاجتماع الثقافي في عدد من البلدان العربية، ولاسيما في مصر ولبنان وسوريا والمغرب الأقصى، توجهنا نسأله رأيه فى المشهد الثقافى فى الشرق الأوسط بعدما أقصى معظم مثقفيه.. وكان الحوار:
تعرف كثيرون من المصريين - وأنا منهم - على الدكتور بدر الدين عرودكى من خلال ترجمته لكتاب «معك» لسوزان طه حسين الذى تسرد فيه حياتها مع العميد.. ماذا مثلت لك ترجمة هذا الكتاب؟
- كانت ترجمة هذا الكتاب لحظة جميلة واستثنائية في حياتي فعلاً. وكان ثاني الكتب التي ترجمتها إلى العربية بعد أن قمت بإعداد وترجمة كتاب الصديق المرحوم الدكتور أنور عبدالملك الذي حمل عنوان «الفكر العربي في معركة النهضة» الذي نشرته دار الآداب عام 1975، وكانت أيضاً هي المرة الأولى التي أترجم فيها نصاً بناء على مخطوط لم يكن قد عرف المطبعة في لغته الأصلية آنئذ، غير أن ما مثلته ترجمة هذا الكتاب لي جاءت من أن عالِمَ التاريخ الاجتماعي العربي والإسلامي والأستاذ في الكوليج دو فرانس، جاك بيرك، كان صديقاً حميماً لطه حسين ولسوزان طه حسين، كما كان المشرف على رسالتي لنيل الدكتوراه، هو مَن اقترح على سوزان وعلى مؤنس طه حسين أن أقوم بهذه الترجمة.
دعنى أحاول أن أعرف أكثر عن قصة هذا الكتاب، فطه حسين يمثل لنا الكثير، توفى طه حسين عام 1973 وأنت ذهبت إلى فرنسا عام 1972 وبالطبع لم يسعدك الحظ بلقائه، ولكن ماذا عن لقائك بزوجته سوزان، هل كان هناك ما عرفته عنه ولم ينشر فى الكتاب؟
- صحيح.. المرة الوحيدة التي رأيت فيها طه حسين وسمعته كانت حين حاضَرَ في يوم من أيام عام 1964 «إن لم تخني الذاكرة» على مدرج جامعة دمشق، كنتُ بين مستمعيه الذين امتلأت بهم القاعة الكبرى، وحين اتصل بي مؤنس طه حسين والتقيته ليحدثني في أمر ترجمة الكتاب، دعاني إلى زيارته في بيته للقاء والدته التي كانت ترغب في معرفة من سيترجم كتابها بعد أن حدثها جاك بيرك بذلك لاسيما أنه هو من اقترح عليها أن تقوم برحلتهما السنوية التي كانت تقوم بها مع زوجها من قبل من مصر إلى فرنسا ولكن عبر كتاب تصير فيها هذه الرحلة رحلتهما في الحياة معاً، كان ذلك إثر وفاة طه حسين حين قرر جاك بيرك أن يخصص درسه الأسبوعي في الكوليج دو فرانس ولعامين دراسيين متتالييْن للحديث عن طه حسين وعن مشروعه الثقافي.
لقد قضت سوزان طه حسين سنتيْن هي الأخرى في تحرير كتابها الأول والوحيد «معكَ» الذي يعتبر من أجمل رسائل الحب التي يمكن أن تكتبها امرأة عاشقة بل أكاد أقول أجمل رسالة حب تكتبها امرأة لرجل عربي، حين دخلت منزل مؤنس طه حسين في اليوم الموعود للقائها، وكان ذلك عام 1975، وجدتني مثل طفل صغير ملأت الدهشة وجهه وعينيه مما هو فيه: في حضرة المرأة التي عاشت في قلب طه حسين وفي صحبته أكثر من نصف قرن، أراه في عينيها وهي تقول لي رغبتها في رؤية الكتاب مترجماُ ومنشوراً في حياتها ليقرأ أخيراً كل من عرفها من المصريين خاصة ومن العرب عامة ما كانت تشعر به من دين تجاه هذا الرجل الاستثنائي بكل المعايير. وتضاعفت دهشتي حين قدم لي مؤنس زوجته وأعلمني أنها حفيدة أحمد شوقي.. ولكِ أن تتخيلي الشاب الذي نشأ على قراءة العقاد وتوفيق الحكيم - وكنت قد قابلته قبل أشهر من ذلك التاريخ لثلاث ساعات متواصلة في بيت الصديق أنور عبدالملك - وحفظ قصائد شوقي عن ظهر قلب ولاسيما قصيدته الرائعة عن دمشق، يجد نفسه في حضرة عدد ممن يحملون الأسماء اللامعة في تاريخ مصر الأدبي الحديث، شعرت بالرهبة فعلاً، وحاولت أن أنقل لسوزان طه حسين رغبة سهيل إدريس، صاحب دار الآداب، في نشر كتابها، لكنها أجابت من فورها إنها تريد أن تنشر كتابها لدى الدار نفسها التي نشرت معظم كتب زوجها، أي دار المعارف، وعدتها بأنني سأنصرف إلى الترجمة كلياً بحيث أنهيها بالسرعة التي ترجوها، عالماً أنها، كما قال لي مؤنس حينئذ، ستتابع على وجه التأكيد إجراء التعديلات على المخطوط حتى يصير تحت الطبع، وهو ما حدث في الحقيقة!
إلى أى حد تتابع المشهد الثقافى العربى؟
- لم أكف بالطبع لا عن متابعة المشهد الثقافي العربي ولا بالأحرى عن العيش ضمنه لأكثر من سبب، إذ حين غادرت دمشق إلى باريس - وكنت آنذاك أنوي إنجاز رسالة الدكتوراه والعودة إلى دمشق للتعليم في جامعتها - تابعت الكتابة سواء في الصحافة السورية أو اللبنانية حيث كنت مراسلاً ثقافياً لمجلة الآداب، وقد كنت قبل مغادرتي دمشق قد عقدت صداقات لا حصر لها مع مجموعة من خيرة الكتاب والمسرحيين والسينمائيين والفنانين التشكيليين في معظم البلاد العربية، ولم تنقطع علاقاتي بهم أو بما ينتجونه من مبدعات كل في مجاله رغم المسافات. والحقيقة أن عملي في معهد العالم العربي خلال تسعة وعشرين عاماً «من عام 1983 وحتى 2012» كان قائماً أساساً على متابعة المشهد الثقافي العربي ومتابعة نتاجات الكتاب والفنانين والتعريف بها في المعهد، كان أول ما بدأت العمل فيه في المعهد هو الإشراف على سلسلة الآداب العربية التي اتفق المعهد عام 1983 مع دار النشر الفرنسية جان كلود لاتيس لترجمة ونشر مجموعة من الروايات العربية، وقد نشر في هذه السلسلة ما اقترحته من الروايات ولا سيما ثلاثية نجيب محفوظ التي كانت تترجم عندئذ لأول مرة إلى لغة أجنبية. وكانت هذه السلسلة فاتحة اهتمام دور النشر الفرنسية بالأدب الروائي العربي المعاصر.
ما أكثر الندوات واللقاءات التي قمت بتنظيمها في المعهد حول النتاج الفكري والأدبي، التي كان من أهمها لقاء الروائيين العرب والفرنسيين مثلاً في شهر مارس 1988 حول تيمة «الإبداع الروائي اليوم» التي شارك فيها أربعون روائياً نصفهم من العرب والنصف الآخر من الفرنسيين (وأعمال هذه الندوة منشورة في كتاب يحمل عنوانها).
وكان من ثمرات هذا اللقاء أيضاً أن رئيس تحرير مجلة الماجازين ليتيرير، وكانت ولا تزال من أهم المجلات الأدبية الفرنسية، قد قبل أن ينشر بمناسبة هذا اللقاء عدداً خاصاً عن الأدب العربي المعاصر وطلب إليّ حينها أن أكون بمثابة رئيس تحرير زائر، وقد صدر العدد في شهر مارس 1988، وكان من بين ما حواه من مواد مقابلة مع نجيب محفوظ.. هذا فضلاً عن المعارض الكبرى أيضاً التي أشرفت عليها التي كانت تقدم التراث الفني العربي في عصوره المختلفة وكان أول معرض كبير نظمناه معرض «مصر عبر كل العصور» الذي قدم للمرة الأولى في أوروبا آثاراً مصرية من العصور الفرعونية وحتى العصور الإسلامية الذي زاره أربعمائة ألف زائر.
ما دمت تتابعه.. فما رأيك ببوصلته وهل تتجه الاتجاه الصحيح؟
- ما الاتجاه الصحيح وما الاتجاه غير الصحيح؟.. من المعروف أن النتاج الثقافي يمر بمراحل تمتاز تارة بالخصوبة وتارة بالعقم، ولو قرأنا تاريخ المشهد الثقافي في العالم العربي لوجدنا أن المراحل التي مرّ بها في القرن العشرين لا تخرج علي هذه القاعدة، ولو كان لي أن أبدي رأياً شخصياً فيما يجري على الساحة الثقافية في مصر أو في سورية على سبيل المثال لقلت إن ضرباً من ولادة جديدة من رحم الأزمات تجري الآن أمام أعيننا، لا يزال الوقت مبكراً للحكم عليها كظاهرة، لكن الأصوات التي تعبر عن نفسها الآن في مجال الرواية على سبيل المثال تعد بمرحلة شديدة الخصوبة يملؤها جيل جديد من الشباب شبّ عن الطوق ويتقدم حثيثاً لاحتلال المكان الذي يليق به وبمبدعاته.
لا أتصور أنك تخضع لمعايير السوق فى الترجمة.. ولكن ما الذى يدفعك لترجمة كتاب دون غيره؟
- العديد من الدوافع، حسب الكتاب. ثمة كتب اقترح عليّ ترجمتها وقبلت القيام بذلك لأهميتها على الصعيد الفكري أو الأدبي، هناك بعض الكتب التي ترجمتها بمبادرة مني مباشرة، مثلاً عندما كتب الفيلسوف الفرنسي جان بودريار مقاله الشهير «روح الإرهاب» الذي حلل فيه حادث تدمير برجي التجارة العالميين في نيويورك يوم 11 سبتمبر عام 2001، نشره في صحيفة اللوموند فقمت بترجمته كي يطلع عليه القراء العرب الذين لا يقرأون الفرنسية في ثلاث دوريات عربية، أخبار الأدب بالقاهرة، والفكر العربي المعاصر ببيروت، وصحيفة القدس العربي بلندن، ثم تتالت مقالات بودريار حول تداعيات 11 سبتمبر واحتلال العراق. فقمت بترجمة هذه المقالات كلها واقترحتها على الدكتور جابر عصفور عندما كان أميناً عاماً للمجلس الأعلى للثقافة، ومن ثم تمَّ نشر هذه المقالات التي صدرت في كتيبات منفصلة باللغة الفرنسية في كتاب واحد ضمن المشروع القومي للترجمة، ثم أعيد نشرها في سلسلة كتاب الأسرة. الأمر نفسه حدث مع كتب ميلان كونديرا الثلاثة حول الرواية: فن الرواية، الوصايا المغدورة، الستار.. إلخ وهناك الكتب التي اقترحت علي مثل كتاب «نظام الزمان» أو كتاب «العدو الأمريكي» أو رواية جوزيه ساراماجو «الآخر مثلي» أو رواية فرنسوا فايرجانس «ثلاثة أيام عند أمي» التي قبلت القيام بترجمتها نظراً لأهميتها الفكرية أو التاريخية أو الأدبية.
هل ترى أن حركة الترجمة فى الوطن العربى حركة صحيحة؟.. وإن لم تكن كذلك فما الذى ينقصها من وجهة نظرك؟
- لا تزال حركة الترجمة في العالم العربي تعاني ضروباً من القصور والعيوب كثيرة. وهي ضروب يمكن تحديدها في مجالات ثلاثة: غياب التنسيق في مجال الترجمة والنشر، حقوق المؤلف المنتهكة، غياب مهنة التوزيع على مستوى العالم العربي، الحدود المغلقة بين الدول العربية في وجه الكتاب، تفاوت مستوى المترجمين، تضارب المصطلحات في الترجمة بين بلد وآخر وبين مترجم وآخر.
هناك غياب التنسيق بين دور النشر حول الكتب التي تترجم، إذ رغم وجود اتحاد للناشرين العرب يضم عملياً الغالبية العظمى من الناشرين في البلدان العربية، لا يزال كل ناشر يعمل منفرداً في حقل الترجمة، ما أكثر الكتب التي ترجمت عدة مرات ونشرها ناشرون مختلفون في بلدان عربية مختلفة دون أي تنسيق، هذا فضلاً عن أن الترجمة غالباً ما تتم عن لغة غير اللغة الأصلية التي كتب بها الكتاب!.. وهذا ما يقودنا إلى النقطة الثانية، أي عدم احترام الناشرين العرب لحقوق المؤلف، إذ لو فعلوا لاكتشفوا مثلاً أن حقوق هذا الكتاب أو هذه الرواية قد بيعت لناشر ما ومن ثم فلا حاجة لشراء هذه الحقوق مرة أخرى ولدَفَعَهُم ذلك إلى العمل على ترجمة كتاب آخر لا تزال حقوقه متاحة للغة العربية، سوى أن غياب مهنة التوزيع تشجع في الحقيقة على انتهاك حقوق المؤلف للتفرد بطبع الكتاب في هذا البلد أو ذاك، فما دام من شبه المستحيل «رغم معارض الكتب السنوية المنتشرة في بلدان العالم العربي كلها» توزيع الكتاب المترجم والمنشور في بلد ما خارج هذا البلد بسبب الحدود المغلقة أمام الكِتاب في البلدان العربية، فإن الناشر مضطر إلى ترجمة الكتاب ونشره دون أن يعبأ بحقوق المؤلف من ناحية ولا بما يترتب على ذلك من نتائج وخيمة على الصعيد الثقافي، وأخيراً هناك بالطبع تفاوت مستوى الترجمة والمترجمين. لنقل إن هذه المشكلة ليست وقفاً على الترجمة إلى العربية. فهي موجودة في كل اللغات، ولقد كان كونديرا أفضل من فضح هذا القصور حين قرأ ترجمة رواياته إلى الفرنسية واكتشف الأخطاء الخطيرة التي شوهتها. لكن هذا لا يعني عدم ضرورة معالجة هذا الأمر الذي سارعت دور النشر الفرنسية والسلطات الثقافية الفرنسية مثلاً إلى تداركه، لكن كيف يمكن للعرب أن يتداركوا مثل هذا القصور وكلٌّ منهم هو في واد؟.. هناك أخيراً مشكلة المصطلحات في الترجمة. وهي مشكلة حقيقة وشديدة الخطورة ولا سيما في ترجمة كتب العلوم الاجتماعية والإنسانية، ومن المؤسف أن أياً من المؤسسات اللغوية العربية لا يقوم بما يجب القيام به في هذا المجال، أي توحيد المصطلحات واعتمادها رسمياً وإلزام المترجمين باتباعها، إذ حتى القواميس تتباين في اعتمادها هذا المصطلح أو ذاك وتسهم بالتالي في المزيد من البلبلة والتشويش.
كل هذا، وعلى الرغم من هذا، لا يزال عدد الكتب التي تترجم من لغات العالم إلى اللغة العربية في مجمل العالم العربي أقل من عدد الكتب التي تترجم إلى العبرية في إسرائيل على سبيل المثال، ذلك أبسط إحصاء يمكن أن يضرب به المثل لبيان خطورة وضع الترجمة في بلادنا العربية رغم الجهود الهامة التي تبذل في مصر من خلال المركز القومي للترجمة بالقاهرة مثلاً.
أي من الأسماء العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص تبحث عنها لتقرأها؟
- الأسماء كثيرة والحق يقال سواء في مصر أو في سواها من البلدان العربية، ولقد سعدت خلال السنة الأخيرة باكتشاف أسماء جديدة وأعمال مهمة سوف تكرس أصحابها كثيراً في مصاف كبار الكتاب لا على مستوى العالم العربي بل على المستوى العالمي.
هل لديك نية لحضور أى فعاليات ثقافية مصرية فى الفترة القادمة؟
- شاركت في السنوات الماضية في كثير من الفعاليات الثقافية بالقاهرة من مؤتمرات وندوات سواء في إطار معرض الكتاب بالقاهرة أو في مؤتمرات كان يقيمها المجلس الأعلى للثقافة أو المركز القومي للترجمة.. وسيسعدني بكل تأكيد أن أستمر بالمشاركة كلما سنحت الفرصة لذلك.
دعنى أسألك: إلى أى مدى يصل بك الحنين إلى سوريا؟
- سأجانب الحقيقة إن قلت لكِ إني أشعر بحنين مرضيّ إلى سوريا، أو أنني شعرت يوماً ما بحنين قوي أو ضعيف إليها، لسبب بسيط: وهو أنني لم أشعر بأنني بعيد عن سوريا على الإطلاق رغم المسافة الجغرافية التي تفصلني مادياً عنها. وأظن أن مسألة الحنين هذه ذات علاقة بالتكوين الثقافي.
إلى أي حد تستطيع الأنظمة الشمولية إقصاء المثقفين؟
- إلى الحدِّ الأقصى في الحقيقة!.. إذ يتمّ هذا الإقصاء في الأنظمة الشمولية بطرق مختلفة: إما دفعهم إلى المنفى، أو سجنهم، أو قتلهم، أو تطويعهم حتى يصيروا عملياً ناطقين باسمها أو لصالحها، وما دام من المستحيل على أيّ نظام سياسي مهما بلغت مثاليته أن يفلت من النقد في هذا المجال أو ذاك، فلابدَّ للمثقف من أن يتخذ باستمرار موقفاً نقدياً صارماً حتى لتكاد الصفة النقدية تؤلف قوام المثقف نفسه، وبما أن الأنظمة الشمولية ترفض النقد من الأساس، فهي تراهن باستمرار على نجاح قدرتها في إخماد أصواتهم بالقوة المادية أو بالإغراءات التي لا يقع ضحيتها غير المثقفين المزيفين وهم لا وزن لهم أساساً، أما المثقفون الذين يقفون صراحة إلى جانب السلطة ويتبنون كل ما تقوم به فهم يخونون بالطبع مهمة المثقف الأولى النقدية ويفقدون كل مصداقية فيما يكتبون أو فيما يقولون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.