الطريق لتشكيل الهيئات والمجالس المنظمة للإعلام أبناء ماسبيرو والتصدى لهواة القفز على مهنتهم دعاوى الصلة الخاصة برئيس الوزراء تسمم الأجواء الحديث عن الانفلات الإعلامي، وعن المجلس الأعلي للصحافة والإعلام والهيئة الوطنية للإعلام وإعادة هيكلة ماسبيرو، وغير ذلك من الأمور التي تتعلق بالإعلام المرئي والمسموع يملأ الفضاء العام بكتابات في الصحف وحوارات في الإذاعات والقنوات التليفزيونية. ما يتعلق بالإعلام المطبوع «الصحافة» من هذه الأحاديث يمثل نسبة ضئيلة للغاية، والنسبة الأكبر من نصيب الإعلام المرئي والمسموع، يضاف إلي هذه الملاحظة أن من يتصدي للحديث عن شأن له علاقة بالصحافة دائماً ما يكون من أبناء المهنة ممن يملكون الخبرة عبر سنوات من الممارسة أهلتهم ويقدمون رؤي واقتراحات أو حتي نقداً موضوعياً وبأسلوب يراعي الحد الأدني من احترام الكلمة. أما الإعلام المرئي والمسموع فأموره كلها مستباحة، ويفتي في أموره ومشكلاته أعداد هائلة ممن لا يملكون الحد الأدني من المعرفة بالإعلام المرئي والمسموع، كمهنة لها نظرياتها العلمية وضوابطها المهنية، ووسط هذا الصخب الذي يبلغ في بعض الحالات حالة الهذيان تتواري الأصوات التي تملك الخبرة والإلمام بالنظريات العلمية والأهم تراكم المعرفة بأسرار المهنة من خلال الممارسة. السر في هذه الحالة العبثية أن الصحفيين تحمي مهنتهم نقابة مهنية، أما الإعلاميون في الإعلام المرئي والمسموع، فليس لهم مظلة من نقابة مهنية تحمي مهنتهم من عدوان تتعرض له المهنة، ومن جيوش من الغرباء - وأكثرهم فاقدو الموهبة - احتلوا ميكروفونات الإذاعات وشاشات القنوات التليفزيونية الخاصة. يتامي الإعلام ويتحمل الإعلاميون في الإعلام المرئي والمسموع المسئولية الكاملة عن عدم تشكيل نقابة مهنية، فقد أتيحت لهم الفرصة بعد سنوات طويلة من رفض وزراء الإعلام إنشاء هذه النقابة، وعندما سنحت الفرصة وتشكلت لجنة من أبناء المهنة عكفت علي إعداد مشروع قانون لنقابة مهنية انشق صف أبناء ماسبيرو وتشكلت أكثر من مجموعة، وكل منها يزايد علي مشروع قانون يدعي أنه الأكثر حماية للمهنة وأبنائها، وبعض هذه التجمعات استدعت مجموعات أخري لتنضم إليها وتصارعت المجموعات فتجمدت كل المشروعات. والغريب والمؤسف معاً أن جهوداً مخلصة من بعض أبناء المهنة حاولت التوفيق بين هذه المجموعات واقتنع الكثيرون بأهمية توحيد الجهود بعد أن اقتنع الكثيرون بأن تتشكل النقابة المهنية من الممارسين للمهنة، وهو الوضع الطبيعي لعضوية النقابات المهنية. هذه الأيام لا يخفي علي أي متابع أن البعض يتحرك استناداً إلي القدرة علي الوصول إلي رئيس الوزراء لإقناعه بتبني مشروعات لقوانين بل ولدعم بعض شخصيات لتتولي أمر هذه النقابة المهنية، والأكثر غرابة أن البعض يزعم أنه جمع استمارات عضوية بالآلاف. والسؤال الطبيعي هو: أين هي لجنة القيد التي راجعت طلبات الانضمام إلي النقابة لتري من هم أصحاب الاستمارات الذين تنطبق عليهم شروط العضوية؟ وهل توجد نقابة مهنية تضم في عضويتها كل راغب في العضوية؟.. أم أن القواعد المهنية تحتم مراجعة طلبات راغبي العضوية من لجنة فنية ومهنية محايدة، تحدد بعد فحص الطلبات من هم المؤهلون للانضمام لعضوية هذه النقابة المهنية؟ وأرجو مخلصاً أن يحسم أبناء ماسبيرو أمرهم وأن يتواصلوا مع زميلاتهم وزملائهم في القنوات الخاصة ليتفقوا علي الخطوات العملية لتشكيل نقابتهم المهنية باتباع الأساليب والطرق القانونية الصحيحة، وليس باستغلال دعاوي القدرة علي «الوصول» إلي رئيس الوزراء أو أية جهة نافذة في السلطة الحاكمة. أبناء ماسبيرو أحق بمؤسستهم الأمر البالغ الأهمية أيضاً من قضايا الإعلام المرئي والمسموع هو قفز بعض الشخصيات لطرح الأفكار ومشروعات تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام المرئي والمسموع، وكثير من هذه الشخصيات تزعم أيضاً أنها «مكلفة» من جهات حكومية أو أنها تتحرك استناداً إلي صداقة تربطها برئيس الحكومة. وقد تحرك أبناء ماسبيرو للتصدي لهذه المحاولات، وهذا التحرك الغاضب يعبر بحق عن شعور بالمرارة يحس به أبناء ماسبيرو، فهؤلاء الذين منحوا إعلام الدولة المرئي والمسموع زهرة شبابهم وتحملوا الكثير من القهر والظلم يرون هذه المؤسسة التي بنيت بجهدهم وبعض الغرباء يحاولون السيطرة عليها وتحديد مسارها. لقد حدث أن تولي المسئولية العليا فى ماسبيرو «غرباء» بدعوى أنهم أساتذة في كليات الإعلام أو بعض من لهم خبرات في التجهيزات الهندسية، وكان الفشل الذريع هو النتيجة الحتمية لهذه التجارب الشاذة. أبناء ماسبيرو الممارسون للمهنة هم وحدهم الأكثر قدرة علي تطوير مؤسستهم، وهم العارفون بأسرار المهنة ومتطلباتها، وهم أصحاب الحق الطبيعى في أن يتدبروا شئون هذا الصرح الذي بنوه بجهدهم وخبرتهم ومهاراتهم. لقد قرأت تصريحات عصام الأمير، رئيس مجلس الأمناء، وهو يدافع ببسالة عن حق أبناء المهنة في تدبر شئون ماسبيرو، وأشد على يد جميع الزميلات والزملاء المدافعين عن حقهم الطبيعي في أن يتولى أبناء المهنة وضع الخطط لتطوير ماسبيرو وهم قادرون بكل الأجيال التي تربت في إعلام الدولة علي الوصول بهذا الإعلام إلى مكانته الطبيعية علي قمة الإعلام المرئى والمسموع في الوطن العربى. ولم يعد مقبولاً، ولا ممكناً أن يظل أبناء ماسبيرو هم وحدهم «اليتامى» في عالم الإعلام!.. وأن ينطبق عليهم قول شاعر عربى في أحد أبيات الشعر التي تقول: ويقضى الأمر حين تغيب يتم ولا يستنطقون وهم شهود الحل لا أريد أن تكون هذه السطور مجرد صرخة في واد، ولهذا فإنني أري الحل علي النحو التالى: أولاً: في موضوع النقابة المهنية للإعلاميين في الإعلام المرئى والمسموع.. أرجو البناء علي آخر التفاهمات التي انتهت بالتوافق على تحديد من له حق الانضمام إلى هذه المهنة. وتتم الدعوة لمؤتمر يضم هؤلاء العاملين في ماسبيرو القنوات الخاصة ليحددوا الطريق لإنشاء نقابتهم المهنية الجديرة بهذه المهنة. وأعتقد أن أبناء ماسبيرو يعلمون جيداً كيف يتواصلون مع زملائهم في القنوات الخاصة. ثانياً: في موضوع الهيئة الوطنية للإعلام المرئى والمسموع، وهي الهيئة المعنية بإدارة إعلام الدولة المرئى والمسموع، هذا الموضوع يخص أبناء ماسبيرو وحدهم ولهم أن يستعينوا بالشخصيات التي يرون أنها ستقدم إضافة لها قيمة في مجال إعداد القانون المنشئ لهذه الهيئة. ثالثاً: في موضوع المجلس الأعلى للصحافة والإعلام المرئى والمسموع.. هذا المجلس يعني بشئون الإعلام بكل وسائله ويجب أن تتوافق نقابة الصحفيين (باعتبارها الممثل الشرعى للصحفيين) مع شخصيات من أبناء الإعلام المرئى والمسموع لتشكيل مجموعة عمل لإعداد مشروع القانون المنشئ لهذا المجلس. وبعد إعداد هذا المشروع يجب أن تتم الدعوة لمؤتمر يحضره عدد من الشخصيات العامة المعنية بالحريات وقضايا المجتمع لمناقشة مشروع القانون، فالإعلام نشاط له طبيعة خاصة، بمعني أن الإعلام بتأثيره علي المجتمع تحتاج القوانين المنظمة لنشاطه إلى رؤية تتجاوز رؤية الممارسين للمهنة وتتسع لتشمل المجتمع بكل مكوناته.