بليغ حمدي اسم يعني الكثير في عالم الموسيقي والغناء والتلحين، ماركة مسجلة، اسم مرادف للنجاح لأي عمل غنائي، وهو بلا شك أحد أبرز الملحنين في تاريخ الأغنية المصرية والعربية، كان عملاقاً في عصر العمالقة تفوق علي نفسه ليسطر مئات الروائع الغنائية، من أسرار خلود هذا الاسم ونجاحه في تلحين كافة أنواع الغناء، الأغنية الطويلة والقصيرة والشعبيات والوطنيات والأغاني الدينية والمسرح الغنائى. علي مدي 36 عاماً هي عمره الفني، لحن روائع لا حصر لها، ومن الصعب إحصاؤها، أثبت جدارته من الألحان الأولي، عرفه الناس من أوائل ألحانه «تخونوه» التي غناها العندليب عبدالحليم حافظ 1957 في فيلم «الوسادة الخالية» كان عمره في ذلك الوقت لا يتجاوز 23 عاماً. ولكن بداية شهرته الحقيقية في 1960 حينما لحن لكوكب الشرق أم كلثوم «حب إيه» بعدها أصبح بليغ حمدي أحد عمالقة التلحين في مصر والعالم العربي، ليبدأ مشوار تألق استمر حتي وفاته في مرحلة الستينيات، كان إنتاج بليغ غزيراً للغاية، لحن لأم كلثوم العديد من الأغنيات في تلك الحقبة، نذكر منها «أنساك» و«ظلمنا الحب» و«كل ليلة وكل يوم» و«بعيد عنك» و«حياتي عذاب» و«سيرة الحب» و«فات الميعاد» و«ألف ليلة وليلة». ولحن لعبدالحليم في تلك الحقبة، أغنيات «جانا الهوي» و«أعز الناس» و«علي حسب وداد» و«سواح» و«الهوي هوايا» و«الوطنيات» و«المسيح» و«عدي النهار» و«البندقية اتكملت». ولا ننسي ما فعله من المطرب الشعبي الكبير محمد رشدي في منتصف الستينيات والروائع الغنائية الخالدة «عدوية» و«تحت الشجر يا وهيبة» و«ميتا أشوفك» واكتساح الأغنية الشعبية في ذلك الوقت بفضل الثلاثي بليغ ومحمد رشدي وعبدالرحمن الأبنودي، ولحن لصباح في تلك الحقبة «عاشقة وغلبانة» و«حب الدنيا»، ولوديع الصافي «دار يا دار» و«علي رمش عيونها».. و«عالي» و«آخر ليلة» و«قولوا لعين الشمس» لشادية، رغم هذا النجاح والتألق الشديد لبليغ في حقبة الستينيات، مرحلة السبعينيات كانت الأكثر توهجاً في حياته، لحن لأم كلثوم «الحب كله» و«حكم علينا الهوي» آخر أغنياته. أما تعاونه مع العندليب منذ بداية السبعينيات كان غزيراً جداً بروائع كلاسيكية خالدة، بدأها في ربيع 1970 بأغنية «زي الهوي»، وفي مساء الأحد 18 أبريل 1971، كان الموعد مع الأغنية الخالدة «موعود» أحد أشهر أغاني العندليب، وقدم فيها بليغ عصارة موهبته في التلحين والتأليف الموسيقي وحققت نجاحاً أسطورياً، ولحن بليغ للعندليب في نفس العام أغنية «مداح القمر».. وفي ربيع عام 1973 غني عبدالحليم من ألحان بليغ رائعة «حاول تفتكرني»، وفي صيف 1974 أغنية «أي دمعة حزن لا» وجميعها من تأليف محمد حمزة. وبعد وفاة العندليب ب 4 سنوات وبالتحديد في ربيع 1981 ظهرت قصيدة «حبيبتي من تكون» تأليف خالد بن سعود، وفي بداية السبعينيات اكتشف بليغ حمدي عفاف راضي ولحن لها أجمل الأغنيات «والنبي ده حرام» و«ردوا السلام» و«كله في الموانى» و«راح وقالوا راح» و«شبيك لبيك». ومع بداية السبعينيات أيضاً ارتبط بليغ عاطفياً وفنياً بالفنانة وردة، وكونا معاً ثنائياً رائعاً، قدما عشرات الروائع الغنائية، نذكر منها «العيون السود» و«أنا مالي» و«وحشتوني» و«حكايتي مع الزمان» و«الزمان» و«اشتروني» و«مدرتوش» و«لو سألوك» و«ولاد الحلال» و«اسمعوني» و«بوسة علي الخد» و«أه لو قابلتك من زمان» و«مالو». ولا ننسي بالطبع موقفه أثناء حرب 73 حينما أصر علي دخول مبني الإذاعة والتليفزيون بالقوة يوم 6 أكتوبر ليبدع أروع الألحان التي عبرت عن النصر العظيم، «بسم الله» و«الربابة» و«عبرنا الهزيمة» وغيرها. كما ساهم في نجومية هاني شاكر في السبعينيات، ولحن له العديد من الأغنيات الناجحة، «خايف عليه» و«يا عشرة هوني» و«عومني في بحر عنيك» و«لما يغني الحب»، و«يا عاشقين».. واكتشف علي الحجار ولحن له أول أغانيه «علي قد ما حبينا» وأول من أنتج لعلي الحجار.. ولحن لنجاة العديد من الأغنيات الناجحة «أنا باستناك» و«في وسط الطريق» و«سكة العاشقين» و«خسارة نسي». ولا ننسي ألحانه لمحرم فؤاد «سلامات» و«يا حبايب» «وأدي مالك يا هوي» و«يا غزال إسكندراني». كما لحن لمحمد العزبي أشهر أغانيه «عيون بهية». ولا ننسي أغنية «يا حبيبتي يا مصر» التي غنتها شادية، وهي تعتبر من أشهر الأغاني الوطنية علي الإطلاق،.. ومع بداية الثمانينيات اكتشف بليغ حمدي المطربة السورية ميادة الحناوي وكانت ألحانه سبباً في شهرتها وأبدع لها أغنيات «الحب اللي كان» وكانت من تأليف بليغ حمدي، و«فاتت سنة» و«حبينا وأتحبينا».. ولحن لفايزة أحمد 1982 رائعة «حبيبي يا متغرب». وفي عام 1984 تعرض بليغ لأزمة كبيرة جعلته يغادر مصر، ولم ينقطع علي الألحان للعديد من المطربين والمطربات منهم سميرة سعيد ومحمد ثروت ومحمد منير ومحمد الحلو.. ولكن بليغ ودع الألحان بأغنية شديدة الروعة، حملت كل أنواع الشجن «بودعك» التي غنتها وردة، وكأنها تكتب مشهد النهاية في حياة ملحن خالد في تاريخ الأغنية المصرية والعربية. «بليغ» حالة فريدة في تاريخ التلحين يبكيك حين تستمع ل «عدي النهار» و«المسيح».. تكاد ترقص فرحاً حينما تسمع «جانا الهوي».. تغرق في بحر الغناء الكلاسيكي حينما تستمع ل «موعود» و«سيرة الحب» و«كل ليلة وكل يوم».. موسيقاه ساحرة، خطفت القلوب والأسماع. ملحن متجدد بمعني الكلمة، ومازال حتي الآن مثلاً أعلي لكل من يلحن أو يغني، سيظل بليغ حمدي عاشق مصر، داخل قلوب الملايين.. رحم الله نابغة الموسيقي والتلحين، الفذ بليغ حمدي الذي رحل عن دنيانا يوم 12 سبتمبر 1993.