من حق أي متبرع، أن يعرف أين ذهبت تبرعاته، ومن حقه، أن يكون له رؤية في كيفية التصرف في هذه الأموال، لا أدري هل يوجد تشريع قانوني حول تنظيم التبرعات، وكيفية إدارتها، والجهة الإدارية التي تشرف عليها، وأوجه الإنفاق، كل معلوماتي أن الحكومة وافقت علي تشريع يسمح بإنشاء وعاء أو صندوق لتلقي أموال الزكاة والهبات والتبرعات، ولكن لا أري تشريعاً خاصاً بالصناديق الجديدة، والتي صاحبت مجيء الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسي، وتم تفعيلها، مع بدء الاعلان عن مشروع قناة السويس الجديدة. من حق أي متبرع، أن يطمئن علي أمواله، ولا يعني ذلك أنه سوف يكون وصياً علي الدولة، بسبب تبرعاته، ولا يعني أيضا عدم الثقة بالمسئولين، بل علي العكس إن ذلك يعد منتهي الثقة، في ذمة القائمين علي هذه الصناديق والأوعية التي تقبل التبرعات، نعلم أن هناك شفافية، ولكن هذا لا يمنع من إشراك ممثلين عن المتبرعين أو من يفوضونهم بالاطلاع علي أوجه الإنفاق، وفقا للأولوية المطلقة، من المهم أن نلبي مطالب العديدين، من أبناء المحافظات، الراغبين في التبرع باختيارهم، من بين المطالب التي سمعتها كثيراً، أن يخصص الجزء الأكبر، من تبرعات أبناء القري والأقاليم للمشروعات الخدمية الملحة والتي يحتاجونها، مثل تغطية المصارف الملوثة، ومكافحة الفساد، وتشغيل الشباب، ورصف طرق وإقامة مستشفيات، ومدارس، وحل مشاكل الفلاحين والمزارعين، وغيرهم، وممكن أن نطور المفهوم الخاص مسبقاً بالجهود الذاتية، وهي بالطبع تبرعات من الاهالي، وضخها في مشروعات، يراها المتبرعون، أمام أعينهم، ولذلك هم يتبرعون وهم آمنون ومطمئنون أن كل مليم يتبرعون به سوف يرونه في مشروعات تعود عليهم بالنفع. من حق كل متبرع، أن يري أوعية قبول التبرعات، تحت إشراف الجهات الرقابية، مثل جهازي المحاسبات، والإحصاء، ووزارة المالية، وفوق كل ذلك، البرلمان، والمجالس الشعبية والمحلية، والأهم من ذلك أن يضمن رئيس الجمهورية هذه الأموال، وأن يري الفقراء المتبرعون من دم قلبهم الكبار من قيادات الدولة ورجال الأعمال والميسورين، وهم يتبرعون بما لديهم وبما يناسب دخولهم الخيالية، ليكونوا قدوة لغيرهم، المشهد حتي الآن يقول إن نسبة ضئيلة جدا من كبار الفئات المشهورة لم تتبرع، بل إن كبار رجال الأعمال لم يتبرعوا بمليم واحد، لماذا؟ لا أدري، لكن عندهم الإجابة، حتي بعض المتبرعين من المستثمرين، كانت تبرعاتهم ربما كانت غير بريئة، ولها ارتباط بمصالح، أقصد بعض رجال الأعمال الذين تبرعوا خلال مقابلات مع رئيس الوزراء، ثم خرجوا يصرحون بأنهم طلبوا إقامة مشروعات ومصانع واستثمارات جديدة - احتفظ لنفسي بأسماء المستثمرين ولا بأس أن يطلبوا إقامة مشروعات جديدة لأن الدولة في حاجة لذلك، ولكن المدهش أي يأتي الطلب فور التبرع، والمثير أن مجلس الوزراء لم ينكر أو ينفي ذلك الأمر، مما يؤكد صحة ما يقوله رجال الأعمال المتبرعون. إن الصندوق الأكبر لجمع التبرعات «تحيا مصر» يقع تحت إشراف رئيس الجمهورية، وهذا مصدر ثقة لكل الناس، ونتج عن هذا تدفق التبرعات علي الصندوق من المصريين في الداخل والخارج، شيء جميل أن يبدأ الرئيس بنفسه ويتبرع، وأن يعلن الرئيس، عن خطة عمل تحت إشراف القضاء والمالية، لكشف حصيلة التبرعات، والأموال التي أنفقت، والمصارف التي أنفقت فيها، والمتبقي في الصندوق، شخصياً لم أعرف هل تم توفيق أوضاع الصندوق قانونيا، أم لا. ولكن في نفس الوقت، أدعو كل مستطيع بالتبرع، وأن يكون التبرع عن اقتناع كامل، وليس غير ذلك، وأن يعرف أن كل مليم سوف يُنفق في موضعه الأصلي، وأن يعلم أن العقود الماضية شهدت تبرعات لم يعرف أين ذهبت حتي الآن، انتهي هذا الوضع حاليا، والدنيا تغيرت ولم يعد هناك مكان لمن ينوي أنه يلعب بديله، انتهي هذا العصر.