رغم انها ليست المرة الاولي التي يتم فيها الاعلان عن انشاء صناديق لدعم الاقتصاد المصري يقوم المصريون بالداخل والخارج ورجال الاعمال والفنانون والمشاهير من الاعلاميين بالتبرع لانقاذ الاقتصاد المصري فإن المبادرة الاخيرة بفتح حساب306306 في كل البنك لدعم اقتصادنا في جميع البنوك المصرية تحت شعار اتبرع وابني بلدك تعد المبادرة الأكبر في تجميع حصيلة كبيرة من الاموال والتبرعات لدعم مصر وحتي لا تذهب هذه المبادرات ادراج الرياح وتلحق بسابقاتها من المبادرات التي لا نعلم شيئا عنها باستثناء ما اعلنه وزير المالية الاسبق د. سمير رضوان بأن اجمالي ما تم التبرع به لمصلحة مصر من الداخل والخارج16 مليون جنيه فان خبراء الاقتصاد وضعوا روشتة تشمل اوجه صرف هذه الاموال وكيفية ادارتها بما يحقق الصالح العام والهدف الرئيسي من تدشين هذه الصناديق. ويزخر تاريخ مصر المعاصر منذ اندلاع الثورة في25 يناير2011 بالعديد من التجارب الوطنية التي دعا اليها مسئولون ودعاة واعلاميون حيث تم الاعلان عقب الثورة عن حساب100100 بالبنوك المصرية لتلقي التبرعات لدعم الاقتصاد وإنقاذه ولم يتلق هذا الحساب مبالغ كبيرة رغم دعوات المصريين بالخارج والداخل للتبرع للبلاد ثم اعقبها اعلان وزير المالية الاسبق د. سمير رضوان عن تلقي مصر16 مليون جنيه بهدف مواجهة تداعيات الفترة التي اعقبت الثورة والفترة الانتقالية التي مرت بها البلاد. واعقب هذه المبادرة مبادرة الشيخ محمد حسان.. المعونة المصرية بدلا من المعونة الامريكية لكن لم يتم الكشف عن حجم المبالغ التي جمعتها المبادرة ولا اين تم توجيه هذه الاموال رغم انشاء صفحات علي مواقع التواصل الاجتماعي باسم هذه المبادرة وكانت الدعاوي وقتها تطالب بجمع1000 مليار جنيه للنهوض بالاقتصاد المصري. مشروعات قومية ويري الدكتور سلطان ابوعلي وزير الاقتصاد الاسبق ضرورة توجيه حصيلة هذه الصناديق لاقامة مشروعات تنموية ذات بعد اجتماعي تستهدف اقامة مصانع ومزارع سواء صناعية او زراعية لاستيعاب ايد عاملة في محاولة للتصدي للبطالة المتزايدة التي كانت ولاتزال احد اهم اسباب قيام الثورة واندلاع ثورة التصحيح الاخيرة لمسارها. ويحذر وزير الاقتصاد الاسبق من توجيه اموال وحصيلة هذه الصناديق الي شراء سلع استهلاكية ومواد غذائية او ضخ مواد بترولية بالاسواق حتي يشعر المواطن بالرضا عن الاحداث التي شهدتها الساحة السياسية مؤخرا لانه في حال القيام بذلك فان المواطن سيشعر بالرضا خلال فترة مؤقتة يعقبها عودة السخط مجددا علي الوضع الاقتصادي ومن ثم تعود الاحداث مجددا الي المربع صفر. ويطالب ابوعلي بضرورة تقديم مميزات اضافية للمتبرعين لصالح هذه الصناديق تتضمن اعفاء من رسوم التحويل من الخارج لهذه الصناديق وضرورة وجود حملات ترويجية لهذه الصناديق تجوب العالم مستهدفة المصريين بالخارج بشكل رئيسي حتي يتحقق الهدف المنشود منها. ويقترح ابوعلي وجود هيئة مشكلة تتبع مجلس الوزراء تتولي الصرف من هذه الصناديق مع كشف حصيلة الصناديق السابقة وضمان توجيهها الي مشروعات تنموية وتشغيل المصانع المتوقفة واستكمال المشروعات الجديدة وعلي رأسها مشروعات البنية التحتية التي تستوعب ايدي عاملة كثيرة وتسهم في القضاء علي ازمة البطالة. ليس حلا نهائيا ويقول وزير الاقتصاد الاسبق ان هذه الصناديق ليست حلا للمشكلات الاقتصادية التي يواجهها اقتصادنا حاليا والتي يجب ان نعمل علي حلها بشكل سريع وان نتحرك علي مختلف المستويات لذلك بعيدا عن هذه المسكنات لان هذه الفكرة تكرار لمقترح الشيخ حسان الذي فتح حسابا لجمع الاموال بدلا من المعونة الامريكية ولم يعرف احد حتي الآن اين ذهبت هذه الاموال. ويتابع: الاشراف الدقيق والواضح علي هذه الاموال يضمن توجيهها لمصارفها الحقيقية في خلق فرص عمل بعيدا عن شراء مواد غذائية او ضخ سلع استهلاكية عاجلة بالاسواق وارضاء لجموع الشعب الثائر نتيجة سخطه علي الاوضاع الاقتصادية المتردية. المالية صاحبة الحق ومن جانبه اكد الدكتور حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي والرئيس الاسبق لاكاديمية السادات للعلوم الادارية ان وزارة المالية هي المسئولة عن التصرف في هذه الاموال مع وضع خطة واضحة لكيفية التصرف في هذه الاموال ومكاشفة المواطن بخطة استثمار هذه الاموال علي المدي القريب وكذلك المدي البعيد. واشارالي ان تبرعات رجال الاعمال يجب الا تتوقف علي تقديم الدعم المالي فقط بل يجب ان تكون هناك مشورة اقتصادية لخطة عاجلة من المشروعات لتنمية الاقتصاد ورفع معدلات التنمية. واضاف ان الوضع الاقتصادي الحالي لا يحتاج فقط الي دعم مرحلي بتبرعات علي المدي القصير ولكنها بحاجة الي خطط تنموية طويلة المدي واخري متوسطة وثالثة علي المدي القصير لاعادة تشغيل ودوران عجلة الاقتصاد المتوقفة حاليا. مشروعات وخدمات وليس تبرعات وشدد عبدالعظيم علي ضرورة الاتجاه الي إعادة تشغيل المصانع المتوقفة والاتجاه الي الصناعات الاستراتيجية بعيدا عن الصرف في نواح قد لا تستمر نتائجها علي المدي المتوسط وليس القصير لاننا نعاني من مشكلات كبيرة ومتراكمة وليست وليدة الثورة. ومن جانبه اكد سعيد زكي عضو مجلس ادارة البنك المصري الخليجي ان هذه الدعوات ليست للتهدئة وقياس مدي وطنية المصريين بمختلف اطيافهم بل يجب ان تقوم علي فكر اقتصادي في ادارتها وصياغة اسلوب عملها واقامة خطوات تشجيعية للمواطنين علي التبرع بعد ان وجه المركزي البنوك الي اعفاء عمليات التبرع من الرسوم القانونية بهدف تشجيع المصريين علي التبرع دعما لاقتصادهم المتدني. وطالب بضرورة وجود حملات ترويجية بالمحافظات والمدن والاقاليم وعدم الاقتصار علي العاصمة الي جانب وجود حملات مماثلة تتولي الترويج لهذه الفكرة بالخارج عبر السفارات المصرية في ارجاء العالم مؤكدا ان الوقت ملائم جدا لطرح هذه المبادرة خاصة مع تنامي الشعور بالوطنية تجاه مصر في اعقاب تردي الاوضاع خلال الفترة الماضية وشعور المواطن بالفتور بعض الشيء في اصلاح البلاد. واشارالي ضرورة توجيه هذه الصناديق بشكل اساسي في بناء مشروعات تنموية وخدمية لتحريك عجلة الاقتصاد والمحافظة علي خلق فرص عمل للشباب المتعطل عن العمل الي جانب توجيه جزء منها لسداد ديون مصر الخارجية التي تثقلنا بفوائد متراكمة او اعادة تشغيل المصانع المتعثرة في المدن الصناعية المختلفة. ومن جانبه اكد الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادي ان فكرة الصندوق لن تكون كفيلة وحدها بتحريك اقتصادنا المتدني خاصة اننا بحاجة الي مليارات لتحريكه وسد ثغرات في مشكلاته مثل عجز الموازنة العامة وحل معضلة الدعم ولكن نجاح هذه المبادرة سيتوقف علي وجود لائحة عمل لهذا الصندوق ومجلس ادارة من شخصيات مشهود لها بالكفاءة الاقتصادية تتولي تحديد مصادر الانفاق من هذا الصندوق. المشروعات الصغيرة هي الحل واقترح الشريف توجيه جزء كبير من حصيلة هذا الصندوق لاقراض الشباب الباحث عن فرص لتمويل مشروعاته بعيدا عن تعنت البنوك او اجراءات الصندوق الاجتماعي للتنمية التي قد تكون عقبة كبيرة امام حصول الشاب علي الاموال اللازمة لبداية مشروعه. وطالب الشريف بتوجيه اموال الصندوق الي المشروعات التي تستوعب ايدي عاملة كثيفة وقدرة تشغيلية من شأنها امتصاص غضب الشباب باعتباره المحرك الرئيسي للاحداث الاخيرة وايضا صاحب شرارة اندلاع ثورة25 يناير ولا يجب ان تذهب هذه الاموال الي شراء سلع استهلاكية تقتصر علي المأكل والمشرب بعيدا عن خلق فرص تنموية للاقتصاد المصري الذي يعاني منذ سنوات وعقود ماضية. تمويل قناة السويس ومن جانبه اكد محمد فاروق الخبير الاقتصادي وعضو المجلس المصري للشئون الاقتصادية ان ضمان نجاح مبادرة صناديق الاقتصاد تتوقف علي مدي ادارة وتوجيه حصيلة التدفقات المالية التي تدخل الي شرايين هذه الصناديق فتوجيهها لتمويل مشروعات مثل محور قناة السويس يعد خيارا ملائما في ظل استمرار البحث عن مصادر تمويلية لتدشين هذا المشروع العملاق وهنا نضمن الابتعاد عن المخاوف التي يروج لها البعض بشأن امتلاك غير المصريين لقناة السويس. وتابع: فاروق توجيه حصيلة الصناديق لتمويل مشروعات تنموية وخدمية تساهم في دوران عجلة الاقتصاد هو المخرج الاساسي لتحقيق مصالح واهداف هذه المبادرات لخدمة الاقتصاد المصري في الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا حاليا. وقال فاروق ان توجيه حصيلة هذه الاموال لشراء سلع استهلاكية او مواد غذائية او ضخ بترول لن تكون ذات جدوي في مساندة الاقتصاد ولن تفيد البلاد حاليا ولكن يجب وضع خطة عمل وتحديد مسئولين عن التصرف في هذه الاموال سواء تابعون لمجلس الوزراء او وزارة المالية يتولون تحديد الاولويات الخاصة بالصرف من هذه الصناديق علي خدمة الاقتصاد وضخ دماء في عروقه بعد نزيف حاد استمر لمدة عام.