وزير الخارجية: سنرد بالقانون الدولي على أي ضرر من سد النهضة    رئيس الوزراء يتابع موقف تسليم وتشغيل المشروعات المُنفذة ضمن المرحلة الأولى ب«حياة كريمة»    بدر عبد العاطي: نرفض الاستغلال السياسي لملف حقوق الإنسان، وحرب غزة أسقطت الأقنعة    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    محافظ بورسعيد يستقبل وزيرة التنمية المحلية لتفقد عدد من مشروعات التطوير    استقرار نسبى فى اسعار الأسمنت اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    توقيع اتفاق لتحويل مصر إلى مجتمع معرفي مبتكر مستدام    أحمد البطراوي: منصة "مصر العقارية" الذراع التكنولوجي لوزارة الإسكان وتستوعب مئات آلاف المستخدمين    «مدبولي»: توجيهات من الرئيس السيسي بسرعة إنهاء المرحلة الأولى من حياة كريمة    «إي إف جي هيرميس»: خفض متوقع للفائدة بين 600 و700 نقطة أساس في 2026    عون: لبنان الجديد يجب أن يكون دولة مؤسسات لا أحزاب    توسع النزاع يهدد صادرات النفط…تصاعد الأعمال العسكرية بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع    سوريا: اتفاق عسكري لدمج 90 ألف عنصر من قسد والأسايش في الدفاع والداخلية    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    نسف منازل برفح وخان يونس وقصف مدفعي شرق غزة    يونيسف: معاناة الأطفال بغزة مستمرة رغم وقف إطلاق النار    رباعي يعاون سامي.. في الجول يكشف الجهاز الفني الجديد لمودرن سبورت    التشكيل المثالي للجولة الأولى في كأس الأمم الإفريقية.. صلاح ومرموش في الصدارة    غلق طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي بسبب الشبورة المائية الكثيفة    إصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل على الطريق الصحراوي بالفيوم    «تغليظ عقوبات المرور».. حبس وغرامات تصل إلى 30 ألف جنيه    الوطنية للإعلام تؤكد علي حظر استضافة العرافين والمنجمين    أشرف فايق يطمئن الجمهور على حالة الفنان محيى إسماعيل: تعافى بنسبة 80%    أول صور للمقبرة الجديدة لأمير الشعراء أحمد شوقى بمشروع الخالدين    merry christmas wishes.. أجمل رسائل التهنئة بعيد الميلاد المجيد    الصحة: تقديم 10.4 مليون خدمة طبية بالمنشآت الصحية في كفر الشيخ خلال 2025    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي ويؤكد دعم تطوير المنظومة الصحية    فحص نحو مليون من ملفات جيفرى إبستين يثير أزمة بالعدل الأمريكية.. تفاصيل    "الوطنية للانتخابات" تعقد مؤتمرًا اليوم لإعلان نتائج جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    السيسي يوفد مندوبًا لحضور احتفال طائفة الروم الأرثوذكس بعيد الميلاد    بعد زيادة الطعون عليها، توفيق عكاشة يطالب الهيئة الوطنية بإثبات صحة انتخابات البرلمان    بالفيديو.. استشاري تغذية تحذر من تناول الأطعمة الصحية في التوقيت الخاطئ    التضامن: تسليم 567 طفلًا بنظام الأسر البديلة الكافلة منذ يوليو 2024    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    تواصل تصويت الجالية المصرية بالكويت في ثاني أيام جولة الإعادة بالدوائر ال19    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    إصابة شخص بجرح طعنى بالظهر فى مشاجرة بمركز سوهاج    وزير الثقافة: المرحلة المقبلة ستشهد توسعًا في الأنشطة الداعمة للمواهب والتراث    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    بديل حضاري وآمن ومرخص.. بدء تنفيذ مبادرة استبدال التوكتوك بسيارات كيوت صغيرة بالقاهرة    بشير التابعي يكشف عن الطريقة الأنسب لمنتخب مصر أمام جنوب إفريقيا    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    وزيرا التضامن و العمل يقرران مضاعفة المساعدات لأسر حادثتى الفيوم ووادى النطرون    جامعة العاصمة تنظم حفل تأبين للدكتور محمد فاضل مدير مستشفى بدر الجامعى السابق    طقس الكويت اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الخميس 25 ديسمبر 2025    بطولة أحمد رمزي.. تفاصيل مسلسل «فخر الدلتا» المقرر عرضه في رمضان 2026    بعد غياب أكثر من 4 سنوات.. ماجدة زكي تعود للدراما ب «رأس الأفعى»    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    صفاء أبو السعود من حفل ختام حملة «مانحي الأمل»: مصر بلد حاضنة    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجربة إطلاق صاروخ "سطح-جو" بعيد المدى    الكاميرون تفتتح مشوارها الإفريقي بانتصار صعب على الجابون    دوري أبطال آسيا 2.. عماد النحاس يسقط بخماسية رفقه الزوراء أمام النصر بمشاركة رونالدو    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    كأس الأمم الأفريقية 2025.. الكاميرون تهزم الجابون بهدف "إيونج"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النحاس..مسيرة عامرة بالإنجازات ورحيل أدمى قلوب المصريين
نشر في الوفد يوم 21 - 08 - 2014

من أبرز الأسماء التى شهدتها الساحة المصرية في القرن العشرين، بعد تقلده لسبع وزارات في عهد الدولة الملكية، فكان خلفاً لزعيم الأمة في قيادة المصريين وتطوير حزب الوفد.. لتشهد أروقة الحزب تقلد زعيمين لأرفع مناصب الدولة وتولي أمور المصريين، وتشهد الذكرى ذاتها رحيل أكثر الأسماء التى حفرت مكانًا لها بأذهان المصريين.
إنه مصطفى النحاس ولد في 15 يونيو 1879 في سمنود، محافظة الغربية، لأسرة ميسورة الحال والده محمد النحاس أحد تجار الأخشاب المشهورين يمتَلك عدة ورش وعقارات، له سبعة من الأخوة والأخوات، تلقى تعليمه الأساسي في كتاب القرية في سن السابعة، أرسله والده وهو في سن الحادية عشر للعمل بمكتب التلغراف المحلي، ونال إعجاب من في المكتب بعد إتقانه لطريقة الإرسال والاستقبال وترجمة الرموز، وصل هذا الخبر أحد المستشارين المُقيِمين في الدائرة، وذهب إلى والده مقنعًا إياه بضرورة إرسال ابنه للتعلم في مدارس القاهرة، انتقل مصطفى النحاس لأول مرة إلى مدينة القاهرة، والتحق بالمدرسة الناصرية الابتدائية بالقاهرة، وحصل منها على الشهادة الابتدائية، ثم التحق عام 1892 بالمدرسة الخديوية الثانوية.
علي خطى أستاذه الراحل سعد زغلول ألتحق مصطفى باشا النحاس بمدرسة الحقوق وتخرج منها عام 1900م ، فرفض العمل بسلك النيابة وظل يعمل في المحاماة حتي عام 1903، وعندما عرض عبد الخالق باشا ثروت عليه العمل بالقضاء ضمن وزارة حسين رشدي باشا خلال فترة توليه وزارة الحقانية، رفض النحاس هذا العرض، لكن ثروت أقنعه بقبول الوظيفة حتى قبلها.
وكان أول تعيين له كقاضٍ في أكتوبر 1903 بمحكمة قنا الأهلية وأسوان أمضى فيها الفترة من 1903 إلى 1908،يعقب ذلك تسعة أعوام من التنقل بين مدن الدلتا والقاهرة وطنطا حيث تولى آخر مناصبة كرئيسً لدائرة محمكة طنطا، وحصل وقتها على رتبة البكوية.
منعطفات سياسية بحياة النحاس
دخل النحاس غمار السياسة حينما أعلن الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون المبادئ الأربعة عشر ونادى بحق الشعوب الصغيرة في تقرير مصائِرها بعد الحرب العالمية الثانية الأمر الذي أثر في قرارات النحاس الذي كان يكن شعوراً عدائياً تجاه الاحتلال البريطاني لمصر.
كان النحاس يعمل قاضيًا بمدينة طنطا، ويلتقي ببعض أصدقائه في القاهرة بمكتب المحامي أحمد بك عبداللطيف الذي كان من المؤيدين لفكر الحزب الوطني، حيث شغل المجموعة التفكير في آلية لإيصال صوت مصر للعالم، وكان هذا هو الفكر السائد لدي المجموعات السياسية في هذا الوقت
من هنا التقت خطى النحاس وزغلول الذى تقلد وقتها نائب رئيس الجمعية التشريعية، ففي بداية الأمر رفض عبدالعزيز فهمي عضو الجمعية وأحد المقربين من سعد زغلول طلب علي ماهر "مدير إدارة المجالس الحسبية بوزارة الحقانية -العدل حاليًا" الذي تطلع لإقناعه بعمل المجموعة تحت قيادة سعد زغلول حين ذاك ، قرر النحاس الذهاب بنفسه لإقناع فهمي بذلك، فغنم النحاس بموافقته، وأخبره بأن هناك نية لتشكيل وفد مصري يتحدث باسم مصر، كما أن هناك توجها بدمج كافة المجتمع في هذا الوفد، حتي لا يتهم الوفد بالحزبية.
بعدها بدأ زغلول بتشكيل الوفد، مدركاً أنه لو سمح للحزب الوطني إرسال مرشحيه، سيرسل المغالين منهم، وهذا ما كان سيجهض أي مفاوضات، فسعى إلى ضم عناصر من الوطني ولكن تجنبًا لأي صراعات قد اخُتير مصطفى النحاس وحافظ عفيفي في 20 نوفمبر 1918 ضمن أعضاء الوفد السبعة.
الحرب العالمية وتسخير المصريين
أثناء الحرب العالمية الأولى تم إعلان الأحكام العرفية علي الأمة المصريه ، فقامت قوات الاحتلال بتسخير المصريين لخدمة الحرب والدول المشاركة فيها، ففصلت مصر عن الدولة العثمانية وفرض الحماية البريطانية عام 1914 ، فضلاً عن عزل الخديوي عباس حلمي وتعين حسين كمال سُلطان مصر.
نشأة حزب الوفد
كان لتأليف الوفد المصري المنوط به السفر إلى مؤتمر باريس للسلام، لمناقشة القضية المصرية ، أثره الكبير كمقدمة أدت إلى اشتعال الثورة، فقد اعتقلت بريطانيا سعد زغلول وثلاثة من زملائه لتشكيلهم الوفد ونفتهم إلى جزيرة مالطا، الأمر الذي أدى إلى بداية الاحتجاجات في مارس 1919.
فاندلعت النيران في قلوب المصريين الوطنيين وانطلقت التظاهرات في العديد من المدن والأقاليم المصرية وكانت القاهرة والإسكندرية وطنطا من أكثر تلك المدن اضطرابًا، مما ترتب عليه اضطرار السلطات البريطانية بالإفراج عن سعد زغلول وزملائه، والسماح لهم بالسفر لباريس .
وصل الوفد المصري إلى باريس في 18 إبريل 1919، وأُعلن شروط الصلح التي قررها الحُلفاء، مؤيدة للحماية التي فرضتها إنجلترا على مصر.
لجنة ملنر والمصريين
وصلت لجنة ملنر في 7 ديسمبر ،وهي لجنة شُكلت من قبل الحكومة البريطانية، للوقوف على أسباب ثورة 1919 في مصر، فيها دعا اللورد ملنر الوفد المصري في باريس للمجئ إلى لندن للتفاوض مع اللجنة، وأسفرت المفاوضات عن مشروع للمعاهدة بين مصر وإنجلترا ورفض الوفد المشروع وتوقفت المفاوضات.
استؤنفت المفاوضات مرة آخرى، وقدمت للجنة مشروعاً آخر، فانتهى الأمر بالوفد إلى عرض المشروع على الرأي العام المصري، ثم قابل الوفد اللورد ملنر وقدموا له تحفظات المصريين على المُعاهدة، فرفض ملنر المناقشة حول هذه التحفظات، وغادر الوفد لندن في نوفمبر 1920 ووصل إلى باريس، دون أي نتيجة.
عُرِض مشروع ملنر، ووافق عليه طائفة ملاك الأراضي الزراعية مُعلنين بأن هذا أقصى ما يمكن تحصيله، ولكن كان لسعد زغلول رأي أخر وهو أن هذا العرض غير مناسب بعد الثورة، لذا كتب سعد زعلول للنحاس وواصف وعفيفي في 22 أغسطس 1920 يعرض فيه مشروع ملنر ومشكلة الامتيازات واستمرار الحماية البريطانية.
كان النحاس في هذا الوقت في القاهرة، بينما كان سعد في أوروبا وكان من المفترض أن يقوم أعضاء الوفد في القاهرة والعائدين من الخارج بعرض المشروع على الشعب بحياد للتعبير عن رأيه، تلقى النحاس رسالة سعد فما كان منه إلا أن عرض المشروع بحياد مطلق، ما يوحي بعدم تأييده لذلك دون أن يُعلن صراحةً، فاقترح النحاس على الوفد بعد ذلك كتابة التحفظات التي أبداها الشعب حول المشروع، مما يعني أن المشروع غير مقبول بشكله الحالي، أدى هذا الاقتراح إلى فعالية أكثر لشخصية النحاس داخل الوفد، وليس كونه مجرد تابع لسعد زغلول.
حينها دعت بريطانيا المصريين إلى الدخول في مفاوضات لإيجاد علاقة مرضية معها غير الحماية، فمضت وزارة عدلي بمهمة المفاوضات، ولم تنجح بعد رفضها لمشروع المُعاهدة، وهنا وجه الزعيم المصري سعد زغلول نداءً إلى المصريين دعاهم إلى مواصلة التحرك ضد الاحتلال البريطاني فاعتقلته السلطة العسكرية هو وزملاءه، ونفي بعد ذلك إلى جزيرة سيشيل.
أدت كل هذه العقبات إلى تكوين شخصيات عامة لحزب جديد باسم حزب الوفد بزعامة سعدزغلول، وكان من أبرز أعضاء الحزب مصطفي النحاس الذي عُين سكرتيرًا عاما للحزب الجديد عندما بدأ رئيس الحزب في ضم مجموعة كبيرة من أعضاء حزب الأمة والجمعية التشريعية والحزب الوطني.
في 28 فبراير 1922ألغت بريطانيا الحماية المفروضة على مصر منذ 1914 وهنا فقط قد توهمنا أن الثورة قد حققت مطالبها التى فشلت فيها مسبقاً، ففي 1923صدر الدستور المصري وقانون الانتخابات وألغيت الأحكام العرفية، ومن المؤسف لم تستطع الثورة تحقيق الاستقلال التام، فقد ظلت القوات البريطانية متواجدة في مصر بعد كل هذه الإنجازات التى حققت واحدة تلو الأخرى.
في 5 أبريل 1940م قدم الزعيم مصطفى النحاس مذكرة للسفير البريطاني ليحملها إلى الحكومة البريطانية فيها أن تصرح من الآن بأن القوات البريطانية ستنسحب من الأراضي المصرية فور انتهاء الحرب وأن مصر ستشارك في مفاوضات الصلح وسيتم الاعتراف بحقوق مصر في السودان وإلغاء الأحكام العرفية، وقوبلت هذه المذكرة بارتياح كبيرة من فئات الشعب.
الإخوان والنحاس باشا
كانت علاقة الإخوان بحزب الوفد في بداياتها قائمة على النصح والإرشاد ولكن بدأ الصراع مع قرارات المؤتمر السادس للإخوان المسلمين في عام 1941م بعد أن حل النحاس باشا البرلمان قرر الإمام البنا الدخول في الانتخابات عن دائرة الإسماعيلية .
غير أن هذا الأمل تبدد بعد أن استقبل النحاس مرشد الجماعة حسن البنا وأمره بسحب الترشح .
عبارات صنعت تاريخ
*عندما استقالت وزارة حسين سري في 2 فبراير 1942 التي في وقتها كانت مصر قد أوشكت على مجاعة حيث ندرة الخبز والسلع التموينية، كانت قوات معركة العلمين على مشارف أبوابها وكان القائد روميل قائد الجيش الالمانى قد وصل الى الصحراء الغربية بجوار إسكندرية،حينذاك تقدم السفير البريطاني بإنذار الملك فاروق وطلب منه تأليف وزارة تحرص على الولاء لشعبه وتحظى بتأييد شعبي وان يتم ذلك في موعد أقصاه 3 فبراير 1942، وتلبية لطلب رومل استدعى الملك فاروق قادة الأحزاب السياسة في محاولة لتشكيل وزارة ائتلافية وكانوا جميعا عدا الزعيم مصطفى النحاس مؤيدين لفكرة الوزارة الائتلافية برئاسة الزعيم النحاس ولكن رفض الزعيم الوطني تأليف وزارة ائتلافية حتى لو كانت برئاسته.
في اليوم التالي تقدم السفر البريطاني للملك فاروق بإنذار جديد، إلا أن الزعيم مصطفى النحاس رفض الإنذار هو وجميع الحاضرين من الزعماء السياسيين أثناء الاجتماع الذي دعا إليه الملك بعد تلقي الإنذار على الرغم من موافقة الملك على الإنذار، بعد ساعات قليلة من الاجتماع حاصرت القوات البريطانية قصر عابدين واجتمع قائدها جنرال ستون بالملك ودعا لاجتماع القادة السياسيين وأعلن أنه كلف النحاس بتأليف الوزارة ورفض النحاس وظل الملك يلح عليه مناشدا وطنيته أن ينقذ العرش ويؤلف الوزارة ولم يكن هناك مفر من أن يقبل النحاس تشكيل الوزارة مسجلاً ذلك للتاريخ.
وقتها سجل التاريخ كلمات مأثورة عن الزعيم الوطني ليكتب بحروف من نور مصير البلاد في خطابه للملك قائلاً "وبعد أن ألححت على المرة تلو المرة والكرة بعد الكرة أن أتولى الحكم وناشدتني وطنيتي واستحلفتني بحبي لبلادي من أجل هذا أنا أقبل الحكم انقاذاً للموقف منك أنت...".
*في 5 فبراير 1942م أرسل الزعيم مصطفى النحاس احتجاجا إلي السفير البريطاني في خطابه المشهور استنكر فيه تدخل الإنجليز في شئون مصر جاء فيه "لقد كلفت بمهمة تأليف الوزارة وقبلت هذا التكليف الذي صدر من جلالة الملك، بما له من الحقوق الدستورية وليكن مفهوما أن الأساس الذي قبلت عليه هذه المهمة هو أنه لا المعاهدة البريطانية المصرية ولا مركز مصر كدولة مستقلة ذات سيادة يسمحان بالتدخل في شئون مصر الداخلية وبخاصة في تأليف الوزارات أو تغييرها.
*رد السفير البريطاني مايلز لامبسون على الزعيم مصطفى النحاس بخطابه قائلا: "لي الشرف أن أؤيد وجهة النظر التي عبر عنها خطاب رفعتكم المرسل منكم بتاريخ اليوم وإني اؤكد لرفعتكم أن سياسة الحكومة البريطانية قائمة على تحقيق التعاون بإخلاص مع حكومة مصر كدولة مستقلة وحليفة في تنفيذ المعاهدة البريطانية المصرية من غير أي تدخل في شئون مصر الداخلية ولا في تأليف الحكومات أو تغييرها.
النحاس يشعل الثورة المصرية الثانية
احتشدت قاعة مجلس النواب بالشيوخ والنواب الذين حضروا ليستمعوا للبيان الذي سيلقيه رئيس الحكومة الزعيم الجليل مصطفى النحاس في يوم 8 من أكتوبر عام 1951، حيث وقف النحاس على منصة مجلس النواب شارحاً تفاصيل المفاوضات التي أجرتها حكومته مع الجانب البريطاني لتحقيق الجلاء عن مصر وتوحيد شطري الوادي "مصر والسودان" تحت التاج الملكي إلى أن قال "حضرات الشيوخ والنواب المحترمين، لقد انقضى وقت الكلام وجاء وقت العمل، العمل الدائب المنتج الذي لا يعرف ضجيجاً أو صخباً بل يقوم على التدبير والتنظيم وتوحيد الصفوف لمواجهة جميع الاحتمالات وتذليل كل العقبات وإقامة الدليل على ان شعب مصر والسودان ليس هو الشعب الذي يٌكره على مالا يرضاه أو يسكت عن حقه في الحياة.
وتابع قائلاً: "أما الخطوات العملية التالية فستقفون على كل خطوة منها في حينها القريب، وإني لعلى يقين من أن هذه الأمة الخالدة ستعرف كيف ترتفع إلى مستوي الموقف الخطير الذي تواجهه متذرعة له بالصبر والإيمان والكفاح وبذل أكرم التضحيات في سبيل مطلبها الاسمى، مضيفاً يا حضرات الشيوخ والنواب المحترمين: من أجل مصر وقعت المعاهدة سنة 1936..ومن أجل مصر أطالبكم اليوم بإلغائها..".
وبالفعل الغيت المعاهدة وقد زلزل إلغائها كيان بريطانيا، فقد اجتمع في اليوم التالي هربرت موريسون وزير خارجية بريطانيا بكل مستشاري الوزارة وحضر الاجتماع بريان روبرتسون قائد القوات البرية في الشرق الأوسط وأصدر الوزير بياناً يحتج فيه على إلغاء المعاهدة.
وأعلن الجنرال روبرتسون أنه سيطير إلى القاعدة البريطانية في القنال وفي مصر طلب السفير البريطاني من القواد البريطانيين لجيش الاحتلال الاجتماع به في نفس اليوم في الإسكندرية واستمر الاجتماع حتى منتصف الليل، وألغت الحكومة البريطانية الإجازات لجميع قوات جيش الاحتلال. وفي الخرطوم طافت دبابات الجيش البريطاني في الشوارع لإرهاب السودانيين فقابلوها بالهتافات بسقوط الاحتلال، ويعتبر قرارات الزعيم النحاس هي الثورة المصرية الثانية بعد ثورة1919 التي قام بها الزعيم الراحل سعد زغلول.
وبعد عزل الملك فاروق وتولي الرئيس محمد نجيب رئاسة مصر، قام مجلس قيادة حركة 1952 باعتقال النحاس باشا بدون علم مسبق للرئيس المصري الذي كان معارضا لذلك وهذا لعلمه بوطنيته ومواقفه المشرفة السابقة وكذلك لاحتكاكه به حيث قام نجيب بشطب اسمه من كشوف الاعتقال، والتي قدمت إليه من الضباط الأحرار.
لازعيم بعدك يانحاس
كانت هي الصرخة المدوية في أذان كل مصري عندما أعلنت فاجعة موت مصطفى باشا النحاس في 23 أغسطس1965 فودعت مصر زعيم أخر كما ودعت الزعيم سعد زغلول في أغسطس 1927،و في مشهد نادراً ما يتكرر حيث امتلأ ميدان التحرير عن آخره بالجماهير التي جاءت تودع مصطفي النحاس.. وأحاطت الجماهير بالجثمان الطاهر، وحملته علي الاعناق، واذا كانت الجماهير قد عرفت بداية الجنازة من جامع عمر مكرم، فلم يعرف أحد نهاية الجنازة التي اتجهت إلي شارع طلعت حرب ومنه إلي جامع الكخيا الذي كان مقرراً أن تنتهي عنده الجنازة.
ولكن الجماهير أبت إلا أن تصلي علي جثمان الزعيم في مسجد الامام الحسين، وفي سابقة أولى من نوعها قامت جماهير مصر بخطف الجثمان وهي تهتف: لا زعيم بعدك يا نحاس اشك لسعد الظلم يا نحاس.. والزعامة ماتت من بعدك يا نحاس.. واستشاط الحاكم غضباً، وقال لمن حوله: هو الوفد لسه عايش، وأصدر عبدالناصر قراراً باعتقال وحبس كبار الوفديين الذين شاركوا في جنازة النحاس.. ليحفر ذاك التاريخ بأذهان المصريين للأبد ذكرى رحيل اثنين من خيرة زعماء الوفد بيت الأمة فى تاريخ واحد..سعد والنحاس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.