أمريكا هى رأس الأفعى فى المنطقة.. هى التى نشرت الارهاب ودعمته وأثبتت بذلك أن حربها على الارهاب هى حرب مزعومة ولا أدل على ذلك من أنها هى التى زرعت القاعدة لتكون رأس حربة ضد الاتحاد السوفييتى فى أفغانستان. ولعل ما يحدث فى العراق اليوم من سيطرة تنظيم «داعش» على مدن عراقية بالكامل هو نتاج سياسة أمريكا منذ أن قامت بغزو أرض الرافدين فى 2003 إلى أن أجبرت على سحب قواتها قبل نهاية 2011 ، فلقد خلف غزوها تركة أمنية ثقيلة للجيش العراقى. ويكفى أنها لم تقم بتسليحه كما يجب ولهذا تعذر عليه الصمود أمام الارهاب التكفيرى الذى تتصدره «داعش» المدعوم من الغرب وتركيا ودول خليجية كقطر. واليوم يدعو هذا التنظيم إلى مواصلة الجهاد وصولا إلى بغداد لاسيما بعد أن أعلن قيام دولة الخلافة الاسلامية وتم تنصيب «أبو بكر البغدادى» خليفة للمسلمين. وهو مايعنى أنها لن تقبل بأقل من إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد وهو نفس ماسعت إليه أمريكا. لقد وضح بجلاء أن الهدف الحقيقى وراء مايحدث اليوم فى الدول العربية من صور الموت والقتل على الهوية هو إضعاف هذه الدول بعد استنزاف جيوشها وتدمير مؤسساتها وتمزيق النسيج الاجتماعى فيها، وهو مخطط يستهدف منع أية مقاومة ضد الاستعمار الغربى الجديد الملتحف بالصهيونية والحيلولة بينها وبين تحقيق أى نجاح يتطلع إلى كسر التبعية. ولهذا استغل الغرب الذى تقوده أمريكا ماسمى بثورات الربيع العربى لحرفها عن مسارها، فكان أن دخل على الخط واستهدف دول المنطقة عبر قلب الأنظمة ونشر الفوضى، فرأينا تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا التى حظيت باستهداف أكبر. بيد أن المشروع تعثر فكان أن لجأ الغرب ومن يدعمه كتركيا وقطر والاخوان الارهابيون والتيارات التكفيرية إلى البحث عن خيارات أخرى. كان من الضرورى بمكان لأمريكا وأذنابها البحث عن بدائل أخرى بعد أن فشلت فى إسقاط سوريا. ومن ثم توجه التحالف نحو معركة جديدة يتم بموجبها إعلان الإمارة الاسلامية الجديدة التى تمتد من حلب إلى الموصل وليعقب هذا إعلان دولة الخلافة الاسلامية فى 29 من الشهر الماضى والتى خرجت عن كل المعايير القانونية والسياسية وارتكزت فقط على عنصر الطائفية الدينية المذهبية وألغت بذلك السياسة التى تستهدف الاندماج والتكامل والتبادل والمشاركة على أسس من المساواة والندية والتكافؤ والاختيار الحر عبر مشاركة جميع المواطنين فى وضع السياسة. ومعنى هذا أن الدولة الاسلامية المذكورة وفقا لمفهوم الخلافة باتت ممتدة، فلم تعد تقتصر على العراق والشام وإنما باتت خلافة لاحدود لها وسلطتها مطلقة على كل بلاد المسلمين. وهذا ما أرادته أمريكا للمنطقة كى تختزلها فى مجموعات إرهابية تنفذ أجندتها الهادفة إلى تفتيت دولها عبر نشر الفوضى الهدامة التى لاتبقى ولاتذر.....