ما بين الخيانة والعمالة يكمن مايحدث فى العراق الآن كإحدى جولات اللعبة المخابراتية بين روسياوأمريكا.. وما داعش إلا أحد أبطال فيلم وادي الذئاب الذى نشاهد أحداثه منذ غزو العراق، وإن كان التحضير له بدأ منذ بداية الحرب العراقيةالايرانية، وما تلاها من غزو العراق للكويت وكله يتحرك فى خطوات ثابتة نحو التهام العراق وتمزيقه إربا خاصة أن الدول الكومبارس فى المنطقة تنفذ المطلوب منها على أمل نيل الرضا الامريكى، مع الوضع فى الاعتبار أن الوضع بالعراق الآن يعود بها إلى لحظة إبريل من عام 2003 ضمن فصول الرواية الأمريكيةالإيرانية المشتركة. ثمة تواطؤ بين طهران وفلول القاعدة بعد هزيمة أفغانستان، فقد أوت إيران بعضاً من عائلة بن لادن، ثم وجهت مع دمشق سَوْقَ الجهاديين باتجاه العراق منذ «أبومصعب الزرقاوي» وانتهاء بداعش، و إيران تهدف من وراء «داعش» إلى تحقيق مصالحها في المنطقة، وإبقاء الذراع الإيرانية ممتدة عبر العراق إلى سوريا وصولاً إلى لبنان، حيث حزب الله وهى تبرّر تورطها في سوريا لتمهّد لآخر في العراق بالتفاهم والشراكة مع واشنطن، فلا يوجد حرب باردة بين إيرانوأمريكا منذ قيام ثورة الخميني إلى اليوم ودعم أمريكالإيران مثبت في حربها مع العراق وكذلك الأسلحة الإسرائيلية التي بيعت لإيران أثناء تلك الحرب. كل هذا يصب فى اعادة اطلاق مشروع هيئة الأركان الأمريكية الرامي إلى تجزئة «الشرق الأوسط الموسع» وإعادة تشكيله في دول متجانسة. ففي أسبوع واحد تمكن «داعش» من السيطرة على ما يفترض أن يصبح نواة إمارة سنية, بينما بسطت البيشمركة الكردية سلطات أربيل على كامل التراب العراقي المخصص ليكون نواة الدولة الكردية المستقلة.. وأنا أشارك الكاتب السعودي خالد المطرفي، رأيه فى أن داعش صنيعة استخباراتية إيرانية هدفها تثبيت موقف المالكي وضمان دعم نظام بشار عبر استخدام هذا الكارت الطائفي لإثارة البلبلة وتحقيق المكاسب من وراء ذريعة الحرب على إرهاب «داعش» في العراقوسوريا واستكمالا للمهزلة منح الجيش العراقي نينوى لداعش وكركوك للبشمركا. ولم تجد واشنطن التي دربت هذا الجيش أي عناء في شراء ذمم ضباطه الذين حثوا جنودهم على الفرار. كما لاذ أعضاء مجلس النواب بالفرار ولم يصوتوا على فرض حالة الطوارئ بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني, تاركين حكومة المالكي دون أي امكانية للرد على الهجوم. الطريف أن بعض المرجعيات السنية في العراق تستيقظ على حدث داعش لتتحدث عن انتفاضة أهل السنة ضد الظلم والتهميش.. والمثير للتسؤال ما هو الرابط بين استخدام واشنطن بوست تعبير «ثورة السنة» وهو نفس التعبير الذى استخدمه يوسف القرضاوي أيضا، إلا إذا كان هؤلاء جميعا يعزفون نفس اللحن للموسيقى التصويرية فى فيلم داعش.. ولأن ما يراه المالكي والسيستاني والحكيم والصدر إرهابا تكفيريا، يراه طارق الهاشمي والعشائر وهيئة العلماء المسلمين وغيرهم «ربيع العراق» وثورة ضد الطغيان، مما يجعل تلك الاحداث بمثابة الوصفة الجاهزة لحرب مذهبية لا ينتصر فيها السنة ولا ينتصر فيها الشيعة. ولكن القوى الاستعمارية وعلى رأسها أمريكا واسرائيل تحصد محصول هذه المطحنة التى بدأت راحها تتحرك في شهر مايو الماضي، عندما شحنت من أوكرانيا إلى مطار عسكري في تركيا مخزونات من الأسلحة الثقيلة التي تولى جهاز الاستخبارات العسكرية التركي نقلها بواسطة قطارات خاصة وتسليمها إلى داعش. وطبعا من غير المعقول أن يجري تنفيذ هذه السلسلة اللوجستية من دون حلف ناتو. أن ما يحدث فى العراق يرمى إلى محافظة ايران على الهلال الخصيب كتلة واحدة وظهورها كدولة إقليمية قادرة على صنع قرار في المنطقة وحسابها محفوظ بين الدول الكبرى. إلى جانب سيطرة روسيا على غاز المتوسّط في المياه السورية واللبنانية و(الفلسطينية التي تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي). مع محافظة روسيا على قواعدها في الشرق الأوسط. وبالنسبة لأمريكا تدمير الجيش السوري وقدراته العسكرية لضمان أمن إسرائيل بعد تدمير الجيش العراقي، وبالطبع مازال الحلم قائماً بتدمير الجيش المصرى وقد يرى البعض تهديدات داعش مضحكة بالنسبة لغزو مصر، ولكن الواقع يقول إن المخطط مستمر وحلم أمريكا فى تنفيذ مشروع الشرق أوسط الجديد مازال قائما! وهكذا تتكّرر السنياريوهات في عدّة مناطق بالأمس القاعدة وطالبان واليوم داعش التى لم نرها في أي مناسبة سوى الانتخابات العراقية حيث تواجدت في المناطق التي لا ترضى بحكم المالكي.. ومن هذا المنطلق يجب أن ننظر الى داعش على كونها إحدى أدوات تسهيل تفكيك الدول العربية والإسلامية،. واذكروا أن «برنارد لويس» في 20/5/2005م قال بالنص: «إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وإنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلي وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها.. وهذا هو القول الفصل لنعرف أن «داعش» ما هى إلا حركة فى رقعة الشطرنج لتقسيم الشرق الأوسط.