تواجه حكومة المهندس ابراهيم محلب أزمة شديدة فى إعداد الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2014-2015 وتبحث وزارة المالية بالتنسيق مع وزارة التخطيط للخروج من مأزق العجز الرهيب المتوقع فى الموازنة العامة المقبلة، حيث من المنتظر أن يتراوح العجز ما بين 340 و350 مليار جنيه، بزيادة أكثر من 100 مليار جنيه عن عجز الموازنة الحالية، فيما تعد طفرة كبيرة فى العجز تحدث لأول مرة فى تاريخ موازنة الدولة. واضطرت وزارة المالية أمام هذا المأزق أن تقوم بإعداد نموذجين للموازنة، أحدهما موازنة بدون أثر مالي وإصلاحات اقتصادية لرؤية الموقف المالي للدولة على طبيعته، والموازنة الثانية تعتمد على الأثر المالي للإجراءات الاقتصادية والأثر الاجتماعي. وعلمت «الوفد» أن وزير المالية اتفق مع مجلس الوزراء على ضرورة إلغاء دعم الطاقة لإنقاذ موازنة الدولة، وترى الوزارة أن إلغاء هذا الدعم أصبح أمراً حتمياً، حيث تؤكد الدراسات التى أجرتها «المالية» أن دعم الطاقة استهلك خلال ال10 أعوام الماضية ما يقرب من نحو ألف مليار جنيه، دون تحقيق تحسن فى الحالة المعيشية أو توزيع عادل لهذا الدعم، ويصل دعم الطاقة المدرج بالموازنة إلى نحو 130 مليار جنيه، فى حين يرتفع فى القوائم المالية لهيئة البترول إلى 300 مليار جنيه. وهو ما يعادل ضعف ميزانية التعليم، و4 أضعاف ميزانية وزارة الصحة، ووضع وزير المالية عدة محاور للتعامل مع ازمة دعم الطاقة، تتضمن تحريك الأسعار بطريقة ممنهجة، وتحجيم الكميات المطروحة من خلال دراسة حاجة السوق عن طريق نظام الكروت الذكية، للتفكير بعد ذلك فى بيع الوقود بسعر التكلفة للكميات التى تزيد على حاجة المستهلكين، او تطبيق نظام الشرائح وإعادة تدوير الطاقة من خلال تطبيق نظام يفرض على وسائل النقل استخدام الغاز الطبيعي. وتلجأ الحكومة إلى رفع دعم الطاقة بهدف توفير موارد إضافية للخدمات الاجتماعية الضرورية للمواطنين، وأبرزها تخصيص 51 مليار جنيه للإنفاق على الصحة في الموازنة الجديدة بزيادة 23%، على ان يكون هذا المخصص 86 ملياراً فى عام 2016، كما يرتفع مخصص التعليم من 85 إلى 97 ملياراً، وفى عام 2016 سيصل إلى 168 مليار جنيه بشقيه الجامعى وقبل الجامعى، بجانب 27 مليار جنيه للبحث العلمي بدلاً من 2 مليار، وتبرز المفاجأة في أن 80% من هذه الزيادات فى الإنفاق تذهب إلى بند الأجور خلال السنة المالية القادمة فقط، حيث تبلغ مخصصات الأجور بموازنة العام المالى القادم 207 مليارات جنيه بزيادة 100 مليار جنيه خلال ال 3 سنوات الماضية. وتكمن الأزمة الحقيقية التى تسعى الحكومة لحلها في حماية الفئات الفقيرة من آثار زيادة اسعار الطاقة، حيث ناقش وزير المالية مع رئيس الوزراء منذ يومين كيفية وضع إجراءات الحماية الاجتماعية للطبقات المهمشة، بحيث لا تتمثل فقط في التعويض النقدي لفئات معينة من المجتمع، ولكن تجويد ورفع جودة المعيشة للمواطن المصري، وهى المعادلة الصعبة التى تحاول وزارة المالية تطبيقها من خلال الموازنة المقبلة، حيث يميل الوزير هاني قدري إلى تطبيق الدعم النقدي لتحقيق العدالة الاجتماعية. ووضعت وزارة المالية خطة جديدة لخفض عجز الموازنة بنسبة 2% خلال العام المالى المقبل، ليصل إلى نحو 10% مقابل 12% نسبة العجز المتوقعة هذا العام، متوقعاً ألا يتجاوز معدل النمو أكثر من 2 إلى 2.5% فقط، وذلك بسبب خضوع حكومات ما بعد الثورة إلى الضغط الشعبي، وتسعى وزارة المالية إلى تطبيق خطة الإصلاحات الاقتصادية وترشيد المصروفات وتنشيط الاقتصاد لتحقيق التوازن المالي، وتعتمد الخطة الإصلاحية على عدم استمرار منظومة الدعم الحالية، حيث تعتبرها الحكومة مشوهة، وتبقي الفقراء في أوضاع سيئة، كما تدرس الحكومة مجموعة من الإجراءات لسد الفجوة الموجودة بالموازنة، مستهدفة تحقيق عوائد اقتصادية تصل إلى 130 مليار جنيه في موازنة العام المالي المقبل في حال تطبيقها، للمساهمة في خفض العجز المالي، كما تسعى الحكومة لتوفير فرص كبيرة للنمو الاقتصادي، حيث تعمل الحكومة حاليا على مساندة بعض القطاعات القائدة للنمو، والتى تستطيع أن تحقق تعافياً سريعاً في النشاط الاقتصادي وزيادة فرص التشغيل، وتعتزم الحكومة تنفيذاً سريعاً لبعض الإصلاحات المالية الضرورية لاستعادة الثقة فى الاقتصاد، وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق نحو المجالات الاجتماعية وتحسين سياسات الاستهداف من خلال تقديم الدعم النقدي للفقراء، وبما يحقق الاستقرار المالى والاقتصادى على المدى المتوسط. ويأتى علي رأس الإصلاحات المالية التي تستهدفها الحكومة المصرية توسيع القاعدة الضريبية، خاصة أن إجمالي الإيرادات الضريبية في مصر لا يزال أقل من 15% من الناتج المحلى، والتى تعد من المعدلات الأقل على مستوى العالم، حيث تقوم وزارة المالية بإعداد تعديلات على قانون ضريبة الدخل بهدف توسيع القاعدة الضريبية، وغلق باب التهرب والتجنب الضريبي، كما تعمل الوزارة على الانتهاء من إعداد منظومة جديدة للتحول إلى التطبيق الكامل لضريبة القيمة المضافة.