تحل اليوم السبت الذكرى التاسعة لمبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملكاً على البلاد، وتتجدد معها الكثير من معالم الإنجازات والمواقف والقرارات المهمة التي تصب في نهر البناء للوطن والعطاء للمواطن الذي أولاه كل اهتمامه ووقته. وحمل خادم الحرمين الشريفين على عاتقه قضايا وطنه وشعبه بكل اقتدار وأمانة، وصاغ من خلال ما اتخذه من قرارات ومشروعات إصلاحاً نموذجياً ونبراساً يقتدى به لكل ما من شأنه أن يحقق مصالح الوطن ويحقق الرفاهية لكل مواطن، وعلى ضوء هذا، فقد اتخذ نهجاً لا يحيد عنه، وهو عدم مجاملة أحد في سبيل التغلب على هواجس وطنه وتحقيق طموحات مواطنيه. وسعى خادم الحرمين الشريفين إلى السير بالمملكة إلى العالمية، عبر نقل الوطن والمواطن إلى العالم الأول، من خلال منجزات تاريخية شهدتها المملكة في عهده الزاهر، وقد بدأ المواطن يلمس بوارق أثرها على الواقع، إلاّ أن كل تلك القرارات التي وصفها المتابعون ب"التاريخية" سيكتمل ظهور نتائجها في المستقبل، عبر تضافر الجهود لتحقيقها عبر رؤية واضحة رسم من خلالها ملامح التنمية. وتنبع إرادة خادم الحرمين الشريفين بأن تكون المملكة في منظومة لا تعرف التوقف أو الاسترخاء صعوداً بالوطن إلى القمة، حيث يحتل المواطن المرتبة الأولى ضمن أوليات التنمية، وهو ما يركز عليه "أبو متعب" في كلماته وتوجيهاته للمسؤولين بأن "المواطن أولاً"، وجعل مركز اهتمامه على الاستثمار في المواطن، من خلال إنشاء المشروعات التي تواكب تنميته، واتخاذ قرارات تصب في تلبية متطلباته وتحقيقاً للرفاهية من حيث التعليم والصحة والسكن وغيرها. ويظل خادم الحرمين الشريفين الملك "عبدالله بن عبدالعزيز" ملك الأهداف الشريفة والكبيرة التي صنعت منه الأب القائد في قلوب الملايين من أبناء شعبه، فهو رجل الإصلاح والتقدم الذي جعل همَّه الأكبر تحقيق رغبات وتطلّعات أبناء وطنه، حتى استطاع بكل حكمة وبُعد نظر تجاوز مسافة الزمن الماضي فكرياً وتنموياً، واستطاع بفضل حنكته ونظرته الثاقبة ومحبته الحقيقية لأبناء شعبه أن يختصر مسافات طويلة من عمر الزمن ليجعل "المملكة" تظهر للعالم بثوبها الجديد وحلَّتها المميزة اقتصادياً وتعليمياً وثقافياً وإنسانياً، فكانت "المملكة" بذلك محط أنظار أبناء العالمين العربي والإسلامي وكافة دول العالم من أقصاه إلى أقصاه، إذ حققت "المملكة" في عهده الزاهر قفزات تنموية هائلة ومتميّزة في كافة المجالات، من جعل هذا البلد المعطاء "وطن الخير" لكافَّة أبناء المعمورة. صور ومواقف عظيمة للملك عبدالله بن عبدالعزيز على كافة المستويات وكافة الأصعدة أكبر من أن تستوعبها الأحرف أو الكلمات، هي مواقف تنطلق من فطرته السليمة، ورؤيته الحكيمة لكل ما فيه خدمة أمته ووطنه، وهو في هذه المواقف لا يجامل أحداً ولا يضع حساباً لأحد، وإنما ركيزته الأساسية هو خدمة وطنه وأبنائه المواطنين. تطوير القضاء اتخذ الملك عبدالله بن عبدالعزيز قرارات مهمة من أجل تطوير القضاء والتعليم، باعتبارهما ركيزتين هامتين في بناء المجتمع وحمايته وبناء شخصيته الإسلامية المعتدلة والمؤدية إلى دورها الإيجابي في الحياة، فبالنسبة للقضاء فقد أصدر قرارات تهدف إلى تطوير القضاء وديوان المظالم، ورصد لتحقيق ذلك أكثر من سبعة مليارات ريال لإنجاز هذا المشروع ودعمه مالياً وإدارياً، تحقيقا لرؤيته في أهمية تحقيق نظام قضائي فاعل ونزيه يضمن العدالة الاجتماعية ويحافظ على مكتسبات الوطن ويرسخ العدالة بين المتقاضين بكل تجرد وإنصاف، ويأخذ الحق لكل مظلوم دون تفريق بين كبير أو صغير، وكذلك القضاء على كل صور "البيروقراطية" وتعطيل مصالح المتقاضين التي كانت قائمة في الوقت الماضي، إضافةً إلى إدخال وسائل التقنية الحديثة في المحاكم وكتابات العدل لحفظ جميع المعلومات بطريقة لا تسمح بأي أخطاء. تنمية صحية وأخذ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على عاتقه أن يكون القطاع الصحي واحداً من أهم القطاعات الحيوية التي جاءت في مقدمة اهتماماته، حفاظاً على صحة المواطن، وبهدف تعزيزها وتطوير الإمكانات والكوادر البشرية فيها، كان الابتعاث الخارجي مكملاً لتأهيل الكوادر الوطنية، إضافةً إلى أمره بإنشاء المدن الطبية وهي مدينة الملك فهد الطبية في الرياض لخدمة المنطقة الوسطى، وكذلك مدينة الملك عبدالله الطبية في مكةالمكرمة لخدمة المنطقة الغربية، ومدينة الملك فيصل الطبية لخدمة المناطق الجنوبية، إضافةً إلى مدينة الأمير محمد بن عبدالعزيز لخدمة المناطق الشمالية، ومدينة الملك خالد لخدمة المنطقة الشرقية، بشكل مدروس وموزع على مدن المملكة، إلى جانب إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية المنتشرة في أنحاء المملكة. منجزات تعليمية كانت المملكة قبل تسعة أعوام مضت تضم سبع جامعات محلية، فجاءت توجيهات خادم الحرمين الشريفين بالتركيز على تنمية أبناء الوطن، وصناعة جيل واعد يملك المهارات والقدرات على قيادة المستقبل، فكان من تلك القرارات التوسع في المشروعات التعليمية وإنشاء الجامعات في كافة مدن المملكة، وكان آخرها تتويج محافظة حفر الباطن ومحافظة بيشة ومحافظة جدة بثلاث جامعات جديدة بخلاف إنشاء أكثر من (30) جامعة، إضافةً إلى المعاهد والكليات وغيرها من المنابر التعليمية، والتي ستضيء شباب الوطن بالعلم والمعرفة، ليسهم بذلك في نهضة الوطن والبناء، وكذلك المحافظة على مكتسباته، كل هذه الانجازات التي بدأ الكثير منها يتحقق والبعض من تلك المشروعات في طور الإنجاز، كما تم رصد الميزانيات الضخمة، وها نحن نحتفل بمرور تسع أعوام على مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعجلة التنمية والأعمال الميدانية تدور ليلاً ونهاراً لإنجاز تلك المشروعات التنموية. نقل ومواصلات وفي مجال النقل والموصلات، أمر خادم الحرمين الشريفين بتأسيس مشروع النقل العام، ومنحت الحكومة عقوداً بقيمة (22.5) مليار دولار لثلاثة ائتلافات تقودها شركات أجنبية من أكبر مصنعي ومنفذي شبكات القطارات في العالم، لتصميم وإقامة أول شبكة مترو في العاصمة الرياض، في مشروع عملاق سيستغرق تنفيذه خمسة أعوام، ليعطي الضوء الأخضر لأكبر نقلة نوعية على الأرض في مجال المواصلات الداخلية في تاريخ المملكة، ولا يشمل ذلك الرياض فقط، بل سيمتد حسب ما وجه خادم الحرمين الشريفين إلى مشروعات شاملة للنقل العام في كافة المدن، خاصةً في مكةالمكرمةوجدة والمدينة المنورة، وسيحد هذا المشروع من متطلبات الطاقة لقطاع النقل، إذا علمنا أن الحاجة بدت ماسة لتوفير بدائل أكثر فاعلية للوفاء بمتطلبات النقل، مما يسهم في تنويع مصادر الاقتصاد بعيداً عن النفط، وسيكون المشروع أحد العوامل الرئيسة التي تعزز التوظيف الوطني والنمو الاقتصادي السعودي. اقتصاد مثمر وعلى الرغم من الظروف العالمية والعربية المحيطة، إلاّ أن عجلة التنمية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لم تتوقف، وخلال التسعة أعوام الماضية القصيرة في الزمن والكبيرة فيما تحقق من إنجازات ومكتسبات تضاهي بها المملكة دول العالم، برزت قرارات جريئة نابعة عن رؤية ثاقبة في مستقبل الوطن والمواطن، وأثمرت كل هذه الانجازات في تقرير صندوق النقد الدولي لعام 2013م والذي أكد أن المملكة احتلت المرتبة العاشرة من بين دول مجموعة العشرين في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، بينما سينمو خلال الأعوام الخمسة المقبلة ليجعل الاقتصاد السعودي في المرتبة التاسعة بين دول مجموعة العشرين في نصيب الفرد السعودي. دور المرأة ووصلت المرأة السعودية إلى مستوى كبير من التعليم والتأهيل والنبوغ في العديد من المجالات العلمية، من خلال ما وفّر لها من مجالات العلم في جميع التخصصات، وقد أهتم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بقضايا المرأة منذ مبايعته بالحكم، إدراكاً منه بالدور المهم لها وقدراتها التي تمكنها من مشاركة الرجل جنباً إلى جنب في مختلف المجالات التي تساهم في بناء الوطن ورقيّه، متسلحةً بالإيمان والعلم، حيث وجد أن تهميش المرأة وعدم الاهتمام بقضاياها يشكل خللاً في تركيبة المجتمع، وبالتالي، لابد أن تأخذ دورها كاملاً في بناء مجتمعها بما تملكه من تأهيل وعلم، وهذا ما وضعه في قمة اهتمامه، لهذا أخذت المرأة دورها كاملاً في جميع المجالات بدءاً من نصيب كبير في الابتعاث أسوةً بالشاب، كما فتح مجالات العمل لها في مختلف المجالات، مع مراعاة أن يكون العمل متناسباً مع قدراتها وبعيداً عن الاختلاط أو أي عمل قد تتعرض فيه للإيذاء أو الانتقاص من كرامتها. محاربة الفساد حرصاً من الملك عبدالله بن عبدالعزيز على حماية مكتسبات الوطن وكشف كل من يحاول أن يوظف موقعه الإداري والعملي لمكاسب شخصية أو يتلاعب بأموال الوطن وميزانياته بصورة لا تخدم الوطن والمواطن، أمر بإنشاء هيئة خاصة لمحاربة الفساد بكل أشكاله الإدارية والمالية في جميع مرافق الدولة، وذلك للحفاظ على مصالح الوطن والمواطن، وقد وجّه القائمين على هذه الهيئة بمتابعة كل أعمال الوزارات ومشروعاتها المختلفة، ورصد كل أشكال الفساد الإداري والرفع بها وعدم المجاملة لكائن من كان من المسؤولين، وأن يكون الجميع خاضعين للمحاسبة بكل شفافية ومساواة إذا ثبت أي تقصير منهم في أداء الأمانة التي أعطيت لهم، وولاهم ولي الأمر أمانة حملها، وخدمة المواطن والوطن من خلالها، أخذ على عاتقه حمل هموم المواطن ومصلحة الوطن بكل أمانة ولا يرضى بأي تقصير أو تقاعس في أداء كل وزير وكل مسؤول عن مهامه المناطة بوزارته. مشروعات توسعة ودأب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز على البدء في إحداث نقلة جبارة في الوطن من خلال المشروعات الضخمة والعملاقة التي أمر بها ورصد لها مليارات الريالات مثل توسعة الحرمين الشريفين، والذي يعد من أضخم مشروعات التوسعة التي تمت للمسجد الحرام على مر العصور، إضافةً إلى مشروعات سكك الحديد والطرق، وإنشاء مشروع مطار الملك عبدالعزيز الذي سيتم افتتاحه في عام 2015م، الذي سيكون بعد تشغيله من أكبر المطارات على مستوى المنطقة والعالم، إلى جانب اعتماد مليارات الريالات لإنشاء العديد من المستشفيات والمدارس والجامعات، وتطوير البنى التحتية في مختلف مناطق المملكة، وكذلك إنشاء العديد من المدن الصناعية والاقتصادية لتكون لبنة لدعم اقتصاد البلد في المستقبل، إضافةً إلى تقليل الاعتماد على البترول كمصدر وحيد للدخل. حوار الأديان وتحظى المملكة باحترام وتقدير جميع دول العالم من خلال المواقف الرائدة والإنسانية التي نادى بها وتبناها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وفي مقدمة ذلك، تبنيه لفكرة الحوار بين الأديان لنبذ الفرقة والكراهية بين شعوب العالم، وإشاعة الود والتعاون بين جميع المجتمعات على أساس متين من نبذ التطرف الديني ومحاربته، لم تأت فكرة الحوار بين الأديان من إملاءات خارجية أو ضغوط من أحد، وإنما هي وليدة حرصه أن يخدم أمته وينبذ العداء الذي شهدته الأمة الإسلامية بعد أحداث 11 سبتمبر، والتي جعلت العالم يتهم الإسلام بالدموية والإرهاب. وقد حرص من خلال دعوته للحوار بين الأديان أن يوضح للعالم بأسره أن الإرهاب ليس مرتبطاً بدين الإسلام، وقد ساهم حوار الأديان في إزالة الكثير من الأكاذيب حول الإسلام والمسلمين، وكشف سماحة الإسلام وأنه الدين الذي ختم الله به جميع رسالاته السماوية ليخرج البشر من الظلام إلى النور.