مندهش تماماً من جعجعة عدد كبير من الفضائيات, في أمور أراها هامشية، ولم ترق الي مناقشة ملفات مهمة, تشغل المواطن العادي، فعلا الناس زهقت من كلام الفضائيات، وتريد أن تشاهد من يحل مشاكلهم، ويشعر بتوجعاتهم، وينحاز اليهم، أيها الفضائيون نريد كلاماً في المليان، وليس في الفاضي. نريد رؤية واضحة وانعكاساً صريحاً، لمشاكل الناس، وليس العكس. تقريبا كل الفضائيات تتحدث في موضوعات متشابهة، وكأنها نسخ بالكربون من بعضها، وليتها قضايا شعبية، تهم وتعالج مشاكل الناس وتقدم المقترحات للسلطة التنفيذية, لحل هموم المصريين، ولكن ذلك لا يحدث والشاهد علي ذلك، عندما أصدر المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي بيان الترشح, راحت الفضائيات والإذاعات والصحف والمواقع الالكترونية والتواصل الاجتماعي تستنفر قواها ليس لتحليل البيان الذي اعتبره بياناً عميقاً ركز علي هموم المصريين والوضع العام في البلد ورؤيته لعلاج كل ذلك وحوى العديد من الرسائل والدلالات التي تحتاج الي تحليل. لكن للأسف هذا لم يحدث في معظم المنابر الاعلامية، ما حدث هو التركيز علي الفرعيات والقشور، نري من يتحدث عن منظر الحديقة التي ظهرت في خلفية السيسي، ومن يتحدث عن نظارته، ومن يتحدث عن ردائه المدني، وآخرين اهتموا باللقب الجديد للسيسي، هل نطلق عليه المشير، أم المرشح الرئاسي. واستشف فريق آخر مدي الصدق والحب والإخلاص للسيسي عند إلقاء بيانه، بينما وصفته احدي الفضائيات بأنه ربما يدير مصر مثلما قام نبي الله يوسف الصديق، ويفسر الأحلام مثلما فعل سيدنا يوسف علي نبينا محمد وعليه الصلاة والسلام. وفضائية أخري أكدت أنها رأت دون باقي المصريين دموع السيسي تنهمر لتأثره بما يقول، وثالثة قالت إن السيسي سوف يفتح الغرفة رقم 40!!، وهكذا نجد حناجر الإعلاميين تركت ما ينبغي، وجاءت بما لا يرضي المصريين، ولا المرشح عبدالفتاح السيسي، وأتصور أن الرجل لا يحتاج الي كل هذا الطبل والزمر، لأنه أكبر من ذلك، وربما يأتي هذا الطبل بما لا نريده، ويؤدي الي عكس ما يبغيه الشعب من رؤية رئيس جمهورية ينتظره الشعب عن طريق الاقتراع الحر المباشر. هذا الكلام يجرنا الي الحديث عن معايير وضوابط الإعلام، وأتصور أنه ما من خبير اعلامي محترم يقيس ما يري ويسمع ويقرأ وفقاً لمعايير العمل الإعلامي إلا ويجد مدي ما وصل اليه الحال من التراجع، بصراحة نفسي أجد في حوارات الفضائيات موضوعات وملفات كبري نفسي أري الرأي والرأي الآخر. صار الاعلاميون بعيداً عن التحليل وانشغلوا بالتوجيه والايحاءات، وبات واضحا أنه لا يوجد معيار أو ميثاق شرف يكون ملزما للجميع، وحتي الآن لم يوضع أي ميثاق، ولم تبادر نقابة الصحفيين للأسف بوضع مثل هذا الميثاق، المخالف للدستور وفقا لنص المادة 77 من الدستور الجديد، والتي تنص علي ان: «النقابات المهنية هي المعنية بإصدار مواثيق الشرف ومحاسبة أعضائها علي تجاوزاتهم»، تخيلوا أن النقابة سكتت عن ممارسة دورها, وتركت للحكومة ممثلة في وزارة الإعلام إعداد القانون، وطرحه علي مجلس الوزراء والموافقة المبدئية عليه، بعيدا عن أصحاب الشأن، ونتج عن ذلك اتساع الجدل حول القانون، وتصاعد الانتقادات له ليس لأنه صناعة حكومية فقط، بل لأنه بلا مضمون فعلي، ولا أحد يعرف أعضاء اللجنة التي أعدت الميثاق، لأنه خرج من طريق غير الطريق الأصلي. هكذا نعيش اعلاماً بلا ميثاق، أو معايير، وبدلا من أن يركز إعلاميو الفضائيات علي انشاء «نقابة الاعلاميين» والمنوط بها إصدار ميثاق الشرف الاعلامي، انشغلوا بصناعة إعلام ربما لا يكون مهنيا، وكرسوا ذلك لأجيال جديدة من الاعلاميين، لم يتعلموا أصول ومعايير العمل الفضائي، وصار لديهم يقين، أن ما يجري هو الصح، وأن ماعاداه خطأ. ياسادة لا وقت لدينا، المطلوب تحرك عاجل لنقابة الصحفيين وجميع الإعلاميين، قبل فوات الأوان.