نظلم الوزراء كثيرا لو حملناهم وحدهم مسئولية صناعة الفساد ونشره فى العديد من القطاعات، صحيح يسألون هم وبعض رجال الأعمال عن إفساد بعض الصحفيين والإعلاميين، وذلك بضمهم إلى لجان بمقابل مادي لضمان سكوتهم أو لكي يجندوهم لتلميعهم أو خوض حروبهم مع معارضيهم أو منتقديهم، لكن لا نستطيع أن نتجاهل دور القيادات المعاونة بالوزارة، والتى يمكن أن نسميها بالفعل أو مجازا بالدولة العميقة، هؤلاء هم سدنة الوزارة وتروسها التى تديرها، وهم الذين يديرون الوزير منذ دخوله المبنى لأول مرة، حتى لو اصطنع الذكاء وقام بتعيين بعض المقربين منه كمساعدين له، المحصلة فى النهاية صفر لأنهم بالوزير لا يعرفون أسرار المطبخ ولا كيف تدار الوزارة، لذلك سيعودون فى كل الأحوال لمن يمثلون الدولة العميقة أو من يمثلون الآلية أو البيروقراطية التاريخية للوزارة، الذين توارثوا من جيل إلى جيل مفاتيح وتروس وآليات العمل، وهؤلاء يمكن أن تجدهم فى الشئون القانونية، وفى قسم الحسابات، وفى شئون العاملين، وبين المستشارين الفنيين وغيرهم. لكى نوضح هذه الصورة نستشهد بقرارات تشكيل لجنة ترقية القيادات فى بنك ناصر الاجتماعى التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، الوزيرة الحالية واسمها غادة تعلم جيدا أنها تذهب للوزارة على سبيل الزيارة، فهى جاءت لفترة مؤقتة قد لا تتجاوز خمسة أو ستة أشهر، وتعلم أيضا أن أية قرارات ستتخذها لن تكون لها قيمة او تكون بالقوة والفاعلية، كما انها مثل غيرها لا تعلم آليات العمل بالوزارة، ولا كيف تدار القضايا على أرض الواقع، ومن عدم الإنصاف تحميلها هى أو غيرها مسئولية قرار اللجنة، لأنها لا تعرف عن هذه اللجان ولا تسمع بها، ومن المستبعد أن تذهب وتطلب فى أول يوم لها بالوزارة تشكيل هذه اللجنة أو غيرها، المسئولية هنا يتحمل معظمها من أسميناهم بالدولة العميقة فى الوزارة، المستشارين أو قيادات شئون العاملين والشئون القانونية وقسم الحسابات أو الشئون المالية، حيث استغلوا جهلها، مثلما استغلوا جهل من سبقوها، وقدموا القرارات التى تكرس للآلية المتوارثة المتهالكة كورقة اختبار: هل سيجرونها إلى الدولة العميقة بكل سلبياتها أو مفاسدها أم أنها او أنه سوف يتدخل ويغير فى بعض التروس؟، غادة مثل سابقيها كانت كما يقولون لسه بشوكها والكرسى بيرقص أسفل منها، عاشت دور الوزيرة ووقعت على القرار بعد أن تدخل وضمت بعض توابعها، فلا يجب ان ننسى انها كانت المسئولة عن الصندوق الاجتماعي، وهذا الصندوق هو أبو اللجان والبدلات ويحتاج وحده عدة اجهزة رقابية لكى تفحص قراراته سير العمل به. معظم المسئولية فى القرارات الأولى يتحملها موظفو الدولة العميقة، لكن الوزراء يتحملون المسئولية كاملة فيما بعد، لأنه يجب أن يستخدم على الأقل عقله بنسبة 5%، ويعيد قراءة القرارات ويستشير شخصيات أخرى، ولا يستسلم هكذا للدولة العميقة، لهذا نحن نحمل غادة وجميع الوزراء السابقين لها مسئولية إهدار المال العام فى قرارات لجنة بنك ناصر، فهل يعقل أن يصرف لشخص مرتبه على الشامل كبدل حضور جلسة واحدة؟، وهل يعقل صرف مبلغ 3 الاف جنيه كبدل حضور هذه الجلسة لكل شخص؟. هذا ما حدث بالفعل، د.نجوى خليل وزيرة التأمينات سابقا، قررت صرف شهر على الأجر الشامل لأعضاء اللجنة واللجنة الفنية المساعدة، وذلك فى القرار رقم 20 الصادر بتاريخ 5 فبراير 2013، المادة الرابعة:..ويمنح أعضاء اللجنة وأمانتها الفنية بدل حضور جلسات بواقع شهر على الأجر الشامل لكل منهم عن كل جلسة. وفى القرار رقم 58 بتاريخ 28 فبراير 2013 وضعت حدا أقصى للأجر الشامل: «وبحد أقصى لا يتجاوز الأجر الشامل لأقدم نائب لرئيس مجلس إدارة بنك ناصر الاجتماعي». بعد تولى د.أحمد البرعى، أخذ بالأجر الشامل فى القرار رقم 270 بتاريخ 25 نوفمبر 2013، واستبعد الحد الأقصى التى سبق ووضعته نجوى خليل، لكنه فى القرارات التالية، القرار 271 بتاريخ 25 نوفمبر 2013، والقرار رقم 13 بتاريخ 12 يناير 2014، والقرار رقم 14 بتاريخ 12 يناير 2014، و القرار 71 بتاريخ 17 فبراير 2014، قرر صرف 3 آلاف جنيه للعضو فى الجلسة الواحدة:».. ويمنح أعضاء اللجنة من غير العاملين فى بنك ناصر الاجتماعي بدل حضور جلسات بواقع صافى مبلغ ثلاثة آلاف جنيه لكل منهم عن كل جلسة، ويمنح أعضاء أمانتها الفنية من غير العاملين فى بنك ناصر الاجتماعي بدل حضور جلسات بواقع صافى مبلغ ألف جنيه لكل منهم عن كل جلسة، الوزيرة المؤقتة الحالية بعد يوم من توليها قررت(القرار 102 لسنة 2014) نفس مكافآت البرعى، وللأسف انتصرت الدولة العميقة التي يجب محاربتها، فهل سنحاربهم ونعزلهم عن مواقعهم؟