عبث.. هرتلة.. منظرة.. برىَ عتب وقت اللزوم. كلها مرادفات لمشهد واحد يدور حول تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات. اكتشف فقهاء القانون وعناتيل السياسة الذين نحسبهم إيقاظا وهم رقود فجأة نص المادة (228) الواردة بالأحكام الانتقالية بالدستور وكأن الدستور لم يصنع علي أعينهم ولم يطلعوا علي نصوصه أثناء إعداده وكتابته ثم الموافقة عليه. هم أشبه بالست «فطومة» الشابة التي بصمت علي التوكيل ثم اكتشفت أن زوجها الخمسيني باع البيت, فلا هي دارت خيبتها ولاهي عارفة تسترده. أى طالب في كلية الحقوق كان يدرك أن نية المشرع الدستورى في لجنة الخمسين انصرفت الي استمرار لجنة الانتخابات العليا بنفس اختصاصاتها لإجراء انتخابات الرئاسة ومجلس النواب لمرة واحدة. ثم يؤول الأمر إلي الهيئة الوطنية للانتخابات. التحصين وضع مؤقت واستثناء محدد المدة لمرحلة انتقالية يتربص بها الكثيرون من الداخل والخارج لاستدراج مصر الي كمين الربيع العربي .ومبررات المؤيدين للتحصين هي نفسها التي ساقها الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب الأسبق أثناء مناقشة المادة (76) من التعديلات الدستورية عام 2007 ولاقت استهجاناً واستياء بالغاً. هؤلاء المؤيدون يضرون ولاينفعون ولايختلفون كثيراً عن ببغاوات الحزب الوطني المنحل. وفيما يتعلق بالماده (97) من دستور 2013 الخاصة بحظر تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء فهي « أكليشيه» منقول حرفاً ونصاً من المادة (68) من دستور 1971. الفارق بينهما أن الأول قابل للتطبيق بعد إجراء انتخابات الرئاسة والبرلمان والثاني لم يكن قابلا للتنفيذ بموجب المادة (76). ومن ثم فإن مهمة الشعب الذى وافق علي الدستور تتمثل في التمسك بنصوصه بعد انتهاء المرحلة الانتقالية سلباً أو إيجاباً وانتفاء الغرض من الأحكام الانتقالية الواردة به عندئذ لن يكون هناك لجنة عليا ولاقانون « منصور» الرئاسي ولاجدل دستورى ولايحزنون . الصراحة راحة.. والهدف من التحصين هو الحيلولة دون استغلال الإخوان المدفوعين من الخارج ونشطاء السبوبة للطعون في إرباك الوضع السياسي وجرجرة الوطن الي دوامة الجدل القانوني حول شرعية منصب الرئيس أو مجلس النواب. علماً بأن المحكمة الدستورية سبق لها أن قضت في عام 2012 باعتبار اللجنة العليا للانتخابات هيئة قضائية حين تفصل في الطعون. التحصين لا يعني التنازل عن الشفافية والنزاهة, والتشكيك من جانب بعض مرشحي الرئاسة يعد استباقاً لوقائع لم تحدث بعد وتبريراً لفشل محتمل. لأن ماقبلناه قسراً وقهراً في عهد مبارك لا يمكن أن نقبله بعد ثورة يناير, وماقبلناه بحسن نية في عهد مرسي لن نوافق عليه بعد ثورة 30 يونية. الثورة مستمرة ولم تنته بعد, وهذا ما يعلمه الجميع حاكماً ومحكوماً. ولكن ضرورات الوضع السياسي المرتبك بكل تعقيداته واشتباكاته الداخلية والخارجية تضطرنا للجوء الي محظورات محددة الهدف والمدة. وليست تحصيناً للسيسي او غيره بقدر ماهي تحصين لمستقبل مصر علي المدي المنظور والأجل القصير. ومضات فكان كالمتمني ان يرى فلقاً.. من الصبح فلما رآه عمى