لو أننى مرشح رئاسى لجعلت قضية العدالة الاجتماعية الفقرة الرئيسية فى برنامجى الانتخابى وأن يكون هدفى السعى لتوفير الحياة الكريمة لجميع المواطنين، الناس شبعت من كلام السياسة الذى لا يودى ولا يجيب كما يقولون. إن الله جعل الطعام والأمن هما أساس الدعوة لأهل مكة لأن يخلصوا العبادة له، عندما قال سبحانه وتعالى فى سورة قريش «لإيلاف قريش أيلا منهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذى اطعمهم من جوع وأمنهم من خوف»، أى من الواجب على أهل مكة أن يخلصوا العبادة لله، الذى جمعهم بعد تفرق، وألف بينهم بعد شتات، ويسر لهم رحلة الشتاء إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى الشام، والذى أطعمهم ورزقهم بالخيرات بعد أن كانوا فقراء وأمنهم من الخوف بسبب وجود البيت الحرام فى ديارهم. والحاكم العادل هو ظل الله فى الأرض وحتى يضمن ولاء الشعب يوفر لهم لقمة العيش بدون ابتزال والأمن الذى يطمئنهم علي حياتهم، ويهيئ لهم الاستقرار. الجائعون لا يحققون الاستقرار، والخائفون لا يصنعون الحرية. سألوا لصا فى التحقيقات كان قد خنق طفلا لسرقة التوك توك الذى يعمل عليه للانفاق علي اسرته ما الذى جعلك ترتكب هذه الجريمة بهذا العنف مع الطفل الذى لم يتجاوز الحادية عشرة فقال الأعنف منه وهو الفقر، كنت أريد مساومة أسرة سائق التوك توك للحصول على فدية وعندما تأخروا قتلت ابنهم لأبيع التوك توك وأحل مشاكلى، ولما سألوا والد القتيل قال: لا أملك شيئًا أقدمه للقاتل حتي افتدى ابنى، الفقر هو العامل المشترك بين الحياة والموت، ومن شدة كره علي بن أبى طالب كرم الله وجهه للفقر قال والله لو كان الفقر رجلاً لقتلته، بعد ثورة 25 يناير وقع المصريون بين شقى رحى الجريمة الاجتماعية والجريمة الإرهابية بعد سقوط حاجز الخوف، والبحث عن المال كان عاملاً مشتركًا فى الحالتين، الذين يقطعون الطرق للسرقة بالاكراه، والاستيلاء على السيارات وخطف المواطنين لطلب فدية، لا يختلفون عن الذين استجابوا لقوى الظلام والضلال والإرهاب من جماعة الإخوان الإرهابية لتنفيذ مخططاتهم مقابل المال، ليس كل الذين صدقوا كلام الجماعة الإرهابية وساروا وراءهم فى المظاهرات هم من المؤمنين بفكرهم، هؤلاء يبحثون عن المادة بأى وسيلة، لو توفرت لهم سبل العيش الكريم ما كانوا قد انجرفوا إلي هذا المنزلق، معظم هؤلاء من أطفال الشوارع وأبناء الفقراء فى المناطق الشعبية، اذهبوا إلي هذه المناطق وإلي الأرياف وإلى قلب الصعيد والنجوع هناك شباب تحولوا إلي مقاولى توريد إرهابيين لتنفيذ مخططات الإخوان بمقابل مادى، شوفوا ورش الحدادة التي تحولت إلي تصنيع العبوات الناسفة التي تدمر الوطن، والفتيات اللاتى يقمن بتصنيع هذه العبوات فى الشقق وكأنها «أعمال تريكو»! العدالة الاجتماعية برنامج شعبى لمرشح شعبى، بدون تزويق، أو كلام كبير عن الاستراتيجية والمعادلات السياسية. برنامج يعتمد علي الصدق فى التوزيع العادل للثروات، وتوفير فرص عمل حقيقية للشباب. شباب مصر بخير، لكنه واخد على خاطره، ويحتاج إلى من يصالحه، ويمسح دموعه، ويزيل آثار الحزن الذى يعتصره. شباب مصر ليسوا هم الذين يتنازعون أمام الشاشات على ملكية ثورتى 25 يناير و30 يونية ولا الذين يتصارعون على زعامة الحركات السياسية، ولا الذين يستمتعون بالتمويل، شباب مصر الحقيقى يا سادة فى الريف وفى العشوائيات والعاطلون علي المقاهى، والمسافرون فى مراكب الموت التي تغرق بهم قبل الوصول إلي شواطئ الأحلام الأوروبية، شباب مصر الذين تخرجوا فى الجامعات ومازالوا يبحثون عن فرصة عمل منذ عقدين من الزمان. شباب مصر هم الذين احجموا عن الزواج لفشلهم فى الحصول على شقة فى ظل الارتفاع الشديد لأسعار المساكن بعد بيع أراضى الدولة للمستثمرين، شباب مصر هم الذين حرمتهم تقارير اللياقة الاجتماعية من وظائف التوريث فى السلك القضائى والدبلوماسى، وحرمتهم من الالتحاق بكليات معينة، الوصول إلى هؤلاء الشباب وحل مشاكلهم يحقق العدالة الاجتماعية التي طالب بها الدستور لضمان حياة كريمة لجميع المواطنين. إن استمرار تركيز الثروات فى يد فئة قليلة سيؤدى إلي كوارث كبيرة، والتوزيع العادل للثروة يخفف من حدة الحقد الطبقى الذى تسبب فيه تمتع فئة بثراء فاحش، وتمرغ الغالبية العظمى فى فقر مدقع. إن تقريب الفواق الطبقية وزيادة مساحة الطبقة الوسطى هو أهم ما يننظره الشعب من الرئيس القادم.