أثارت ندوة "وسطية الاسلام بين التطرف والتفريط" الكثير من الأسئلة الآتية في محاولة لفهم ماذا يحدث في المجتمع المصري الآن من إرهاب.. فهل الوسطية والإعتدال معنى ساطع وجلي في ديننا الحنيف؟ ولماذا يستعصى هذا الفهم على الكثيرين؟ وأين مكمن الخطر فيما يحدث؟ أقيمت الندوة بقصر ثقافة الجيزة تحت رعاية الشاعر سعد عبد الرحمن والتي نظمتها الإدارة العامة للثقافة العامة التابعة للإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة محمد أبو المجد بمشاركة د.أشرف السويسي والكاتب الصحفي محمد القصبي والشاعر د.يسري العزب, وأدار الندوة د.محمد زيدان رئيس إقليم القاهرة الكبرى. وأشار زيدان في البداية إلى موضوع الندوة الذي يناقش موضوع الفكر الوسطي في التصور الإسلامي مؤكداً على هذا الفكر بالإشارة إلى العديد من مواقف النبي (ص) في حربه على الكفار, وفي حديثه أثار الكاتب الصحفي محمد القصبي عدة تساؤلات حول إذا كانت وسطية الإسلام ساطعة في ديننا الحنفي فلماذا تمت قراءة مغلوطة للدين لنفر من شيوخنا وشبابنا؟ وهل هناك إرتباط بين الجمود في الفكر وبين العقيدة الإسلامية مثلما أشار إلى ذلك الكثيرين من الأوروبيين؟ وأكد أن الظاهرة الأرهابية منتشرة في كل الأديان مشيراً إلى خطبة البابا أدريان والتي كانت معبأة ضد المسلمين الهمجيين لتخليص القدس منهم, إضافة إلى المجزرة التي ارتكبها الصليبيين في المسجد الأقصى ضد المسلمين إرضاءاً للرب, كذلك الصهيونية العالمية التي هي في أساسها حركة سياسية علمانية ولكنها اتخذت من الأساطير الدينية في حق العودة شعار لتحقيق أهداف سياسية ففي عام 1948 اجتمع القادة الصهاينة وقرروا بدء ترويع السكان العرب وطردهم من قراهم وشحنوا العصابات الصهيونية بتلك الأساطير إرضاءً للرب. وتساءل القصبي أين مكمن الخطر في مصر الآن, مجيباً بأن التعليم المصري السبب الذي لا يعترف في الطفل إلا بالذاكرة أي التلقين ويتم إقصاء شهوة المعرفة وملكة التذوق مضيفاً أنه يجب إعادة هيكلة التعليم في مصر بالكامل. ثم قدم د.أشرف السويسي قراءة للورقة التي أعدها للندوة بعنون "الوسطية في الاسلام.. أزمة النص الديني" مشيراً إلى الملامح المميزة للفكر المتشدد كما يرى د.محمد شحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية وهي أولاً: الإنغلاق على حرفية النصوص والتعبد بالمتون حيث يعتبر الخروج عليها ضلالة وتقول على الله بلا علم أو برهان. وثانياً إختزال الدين فى طقوس وشكليات وحجب مضامينه وغاياته ومقاصده الكبرى إذ أن الدين عند تيار التشدد ينحصر فى إطالة اللحية وتقصير الثياب والسواك والنقاب ويبيحوا زواج القاصرات بحجة وجود عقد يعتبرونه شرعياً وتوفر الرضا والشهود ويستدلون بزواج السيدة عائشة من الرسول (ص) وهو خلاف أمر غير مؤكد أنه تزوجها في هذه السن الصغيرة ومازال الأمر محل خلاف وبحث تاريخى وفقهى، إضافة إلى إنكارهم على المرأة تولى شئون الرئاسة أو القضاء واقفين عند حديث له ظروف الخاصة وهى "لن يصلح حال قوم ولوا أمرهم امرأة"، مع أن القرآن أثنى على امرأة تملك دولة وحضارة "بلقيس" . كما اشار د. أشرف إلى الفريق الآخر الذى هو على نقيض الفريق الأول الذى يرى أن الأحاديث التى امتلأت بها كتب السنة أثرت فى ضعف المعارضة السياسية للحاكم وغياب المرأة عن المجتمع وحرمانها من العلم والمعرفة والحيلولة دون ظهور الفنون والآداب وأوجدت النفسية النمطية للمسلم، ومنهم من رأى الطواف حول الكعبة هو إحياء للوثنية، ويرفضون مشروع قانون منع اذدراء الأديان على أساس انه قيداً على حرية الرأى والتعبير، وفى نهاية حديثه أدان مؤسسة الأزهر كمؤسس دينية وسطية ووزارة الثقافة لأنهما لم يقوما بالدور المنوط بهما ، مؤكداً أنه كما أخذ المتتطرفون مساحة على الأرض فهذا فشل لهاتين المؤسستين، مشيراً إلى أننا قد استردينا وعينا السياسى ولكننا لم نسترد الوعى الدينى بعد. وعقب د.يسرى العزب فى كلمته على ما قيل عن دور الأزهر مؤكداً أنه لم يتخل عن دوره مؤكداً أن مساجد مصر بها علماء وخطباء معظمهم من الوسطيين مشيراً إلى أن التعليم الزهرى مثل التعليم بصفة عامة فى مصر خرب فى عهد حسنى مبارك وفتح الطريق للتعليم الخاص الذى يمتلكه قادرون من اللصوص ونحن شاركنا فى هذه الجريمة، مضيفاً أن الثقافة الجماهيرية لم تتخلى عن دورها يوماً واحداً، وعقب الكاتب الصحفى محمد القصبى قائلاً أن المشكلة ليست قاصرة على جماعة فهمت النص القرآنى بطريقة خاطئة بل المشكلة فى الإستغلال السياسى لهذا النص لتقليص دور الدولة، مؤكداً على ان الصراع فى العالم صراع قوميات.