رداً علي المذبحة الإجرامية التي وقعت ليلة رأس السنة الميلادية في 'كنيسة القديسين' بالأسكندرية أقام مركز يافا للدراسات والأبحاث بالقاهرة – بالأمس '2/1/2011' ندوة دينية وسياسية موسعة تحت عنوان 'من يطفيء الفتن ؟' شارك فيها جمع كبير من علماء الأزهر والسياسيين والمفكرين ، الذين أكدوا علي الإدانة الكاملة لهذه الجريمة ، واعتبارها موجهة ضد مصر والإسلام ذاته وليس ضد المسيحيين وحدهم ، وأن الإدانة فقط لم تعد تكفي ولابد من بناء استراتيجية مجتمعية شاملة لمواجهة هذا الارهاب الملتحف بالدين ، والذي تموله أنظمة ودول كارهة لمصر ولدورها الحضاري ، ولإسلامها الوسطي المعتدل ، ومن بينها دولة خليجية كبيرة مولت جماعات التشدد السلفي التي نشأت في الإسكندرية ، بما يقرب من 46 مليار دولار في الربع قرن الماضي ، مما حول تلك الجماعات إلي 'مؤسسة كبري' لبث ثقافة التكفير والكراهية والإرهاب ، مؤسسة تضم 9 آلاف مسجد و20 ألف جمعية شرعية ، فضلاً عن 20 فضائية وعشرات المجلات والصحف والمواقع الالكترونية وجميعها أسس لثقافة ليست من الإسلام، ثقافة تعتبر كل من ليس 'وهابياً سلفياً' ليس مسلماً ودأبت علي تكفير أتباع المذاهب الأربعة ، وليست الشيعة فحسب ، وتكفير المذهب الأشعري 'مذهب الأزهر الشريف' وكان أحدث فتاويها إهدار دم البرادعي والشيخ القرضاوي ، واعتبرت المسيحي كافراً لا تجوز مصافحته وتهنئته أو تناول طعامه وأدخلت مصر والأمة كلها في قضايا هامشية ليست من قضاياها المركزية ، وخلقت جيشاً جراراً من الشباب المضلل الذي لا يهمه في الإسلام سوي 'اللحية والنقاب' ، شباب مستعد لتفجير نفسه ، من أجل 'كاميليا شحاته' وليس من أجل القدس أو الأسيرات المسلمات في سجون الاحتلال الأمريكي في العراق أو الصهيوني في فلسطين ! * جاء في الندوة أيضاً ؛ دعوة جادة لتفعيل دور المؤسسات الإسلامية الرائدة لتقديم الإسلام المعتدل ، ونشر ثقافة التسامح وضربوا مثلاً بالدور الرائد للأزهر الشريف ، وجمعية الدعوة الإسلامية العالمية ، والطرق الصوفية وأساليبها في التربية والتنشئة الدينية الروحية ، وأكد العلماء والمفكرون في الندوة علي ضرورة أن تتحول 'جريمة الأسكندرية' إلي نقطة بداية جادة لاستراتيجية واسعة للمواجهة تقوم علي تأكيد ثقافة وفقه المواطنة بديلاً عن 'فقه المذهب' أو 'الطائفية' ، وأن من يزرع الفتنة سواء بين أتباع المذاهب الإسلامية الخمسة أو اتباع الأديان السماوية الأخري ليس مسلماً صحيح الإسلام ، ولا يؤمن بالقرآن الكريم لأن الله سبحانه وتعالي قال في كتابه العزيز 'ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن' وقال 'طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم' ، وقال 'لتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري' وغيرها من الآيات البينات التي تؤكد علي التعايش المشترك والتسامح والمودة ، ومن يخالف ذلك استناداً إلي مرويات وأحاديث غير صحيحة منسوبة للنبي صلي الله عليه وسلم ، فهو آثم قلبه ومخالف لصحيح الإسلام ومن هؤلاء يأتي اتباع 'فقه البداوة' والذين كان منهم من قام بمذبحة 'القديسين' بالأسكندرية. * وطالب المشاركون في الندوة بضرورة اعادة النظر في سياسات الدولة في مجال الحريات السياسية والانتخابات والعدل الاجتماعي وأخيراً وبالأساس في مجال التطبيع مع العدو الصهيوني ، الذي من المحتمل أن يكون متورطاً في جريمة الأسكندرية ، سواء بشكل مباشر أو من خلال اختراق منظم لتنظيم 'القاعدة الوهابي السلفي' ، وهو أمر ليس بغريب ، لأن كل فكر متطرف – مثل فكر القاعدة – يسهل اختراقه وتوظيفه لصالح ال C.I.A والموساد ، ومن المؤكد – وفقاً للسياسيين المشاركين في الندوة – أن إسرائيل ودولة الغلو الديني الخليجية المعروفة تديرهما أمريكا وفقاً لمصلحتها واستراتيجيتها في المنطقة منذ الأربعينات وحتي اليوم ، والاثنتان تكرهان مصر والشعب المصري وتكرهان الإسلام الوسطي المعتدل الذي تمتاز به مصر – الأزهر ، ومن المحتمل جداً أن يكون هناك رابط قوي بين الموساد 'السلفي' والموساد 'الإسرائيلي' في هذه الجريمة وبالتالي لابد من ايقاف التعاون وتجميد العلاقات الاقتصادية والسياسية فوراً مع إسرائيل ، وإعادة العلاقات وبقوة مع قوي المقاومة العربية 'في لبنان – العراق – فلسطين' لأنها سند كبير لمصر في مواجهة هذا الإرهاب وفي مواجهة عمليات التجسس والاختراق لسابق تجربتها الرائدة في هذا المجال . * وفي ختام الندوة طرحت توصيات عدة ، أبرزها تفعيل دور الأزهر والمؤسسات الدينية الآخري في مواجهة ثقافة الفتنة ، وفكر التكفير الوافد لمصر ، وتجفيف منابع التمويل المالي الضخم لقوي التطرف وتدعيم ثقافة المواطنة ، والمقاومة في آن واحد ، واعادة الاعتبار لثقافة التسامح والوسطية الإسلامية التي تميزت بها مصر ، وتميز الإسلام عبر تاريخه الممتد. وغيرها من التوصيات المهمة التي ستصدر مع الأبحاث المقدمة في الندوة 'وعددها 6 أبحاث' في كتاب لاحقاً ، أدار الندوة د. رفعت سيد أحمد رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث ، وشارك في فاعليات الندوة لفيف من كبار العلماء والمفكرين والسياسيين منهم 'د. أحمد شوقي الفنجري – المفكر الإسلامي المعروف – د. أحمد السايح أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بالأزهر الشريف – أ. عبد الفتاح عساكر المفكر الإسلامي – الشيخ رجب عبد المنصف رئيس الإدارة المركزية لمجمع البحوث الإسلامية سابقاً – الشيخ د. جواد رياض من علماء الأزهر الشريف – الشيخ عبد الحليم العزمي رئيس تحرير مجلة الإسلام وطن الصادرة عن الطريقة الصوفية العزمية – د. عواطف أبو شادي أستاذ الأدب الإسلامي بالجامعة الأمريكية- د. محمد الحلفاوي الخبير في دراسة الحركات المتطرفة – أ. رضا مسلم المحامي والخبير القانوني الدولي – د. نجلاء مكاوي أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة المنصورة' وقيادات حزبية ونقابية مصرية وعربية ، وقامت العديد من الصحف والمواقع الالكترونية بتغطية فاعليات الندوة.