مذبحة كنيسة القديسين مطلع العام الجديد والعالم كله ومصر بالطبع جزء من هذا العالم التي أودت بحياة 21 من المصريين الأقباط والمسلمين وإصابة أكثر من 70 آخرين.. أقول والعالم كله يستشرف آفاق حقبة جديدة خلال تلك الساعات الأولي التي يبدأ بها العقد الثاني للقرن الجديد، فإذا بهذا الحادث المفجع يروع مصر كلها ويسبب الفزع للآمنين في إماكن عبادتهم وكل ذلك يدعونا أن نطرح سؤالا مهما من يطفئ نيران الفتنة التي توشك أن تعصف بالوطن؟ وما دور المؤسسات الإسلامية لرفض التعصب وإشاعة روح السلام والمحبة والتسامح بين المصري وأخيه المصري أيا كان دينه وأيا كان مذهبه؟. أحزنني ما جري الشيخ جواد رياض من علماء الأزهر الشريف يقول: لقد أحزنني الهجوم الغادر علي كنيسة القديسيين بالإسكندرية وقد أرشدنا الله إلي البر بالذين يعيشون معنا ، ولقد ورد بالبخاري " من قتل معاهدا لم ير ريح الجنة"، ولعل السؤال المطلوب طرحه هو: ما السبب في هذه الفتن التي تروع مجتمعنا؟ هناك مجموعة من الأسباب أولها عدم دراسة المذاهب الإسلامية التي في مجملها تدعو إلي التيسير والتسامح. ثانيا: لابد أن نوضح أن المقتصد في العبادة أقرب إلي الله من المتشدد لأن المقتصد لن يصاب بالملل ، ولهذا أنا أدعو لإجراء دراسات اجتماعية لأسباب التشدد. ثالثا: هناك جمعية الدعوة الإسلامية العالمية التي بدأت في ليبيا سنة 1972 وللأزهر دوره في هذه الجمعية ، كما أن هناك جمعية الشيخ محمد حسين فضل الله ، وهذه الجمعية باعتبارها مؤسسة تمثل الشيعة وهي تسعي لوحدة الصف الإسلامي للالتقاء مع علماء السنة لإظهار أن الإسلام دين واحد وهو دين وسطي : وقد دعا هذا العالم الكبير رحمه الله للاهتمام بالمرجعية التي تلعب دورا مهما في وحدة الأمة ، كما دعا إلي الاهتمام بالقاعدة الشعبية ، ولكن للأسف فقد نجح السلفيون والوهابيون في السيطرة علي القاعدة الشعبية . احترام استقلالية المذاهب ويقول المفكر والباحث الشريف عبدالحليم العزمي رئيس تحرير مجلة الإسلام وطن لابد من احترام استقلالية المذاهب في الإسلام وأن يكون هناك تعدد في الآراء ، وأن نسعي للتقريب بين أتباع المذاهب بحيث يكون الخلاف محصورا في الجزئيات والفروع . يضيف: الحديث هنا ينصب علي المذاهب الملتزمة بالكتاب والسنة وفي الفقه هناك مفهوم واضح للمذهب والفرقة والطائفة وأنا أدعو لتربية الفرد المسلم تربية حقيقية تجعله ينشأ بعقلية متوازنة مستعدة لقبول الآخر. ويضيف أن هناك 600 مليون مسلم صوفي في العالم ، والمنهج الصوفي لايعرف الانتقام أو الإقصاء أو التشدد ويؤمن بمبدأ أن تحقيق الأمن قبل الإيمان ، ولم يحدث أن خرج من الصوفية إرهابي أو قاتل وهم أبدا لم يطالبوا لا بإطالة اللحي أو تقصير الجلباب وكل هدفهم في العالم هو نشر الإسلام بالحسني والأخلاق الحسنة ومقابلة الإساءة بالإحسان. المؤسسة الدينية غائبة وفي طرحها للقضية تري الدكتورة نجلاء مكاوي أن الشباب ليس لديهم مرجعية دينية وبسبب غياب المؤسسة الدينية فإن الشباب يلجأون إلي الجماعات المتشددة ، ويمكن أن نقول ببساطة أن تيار الاعتدال الوسطي غير مواز لتيار التشدد ، وإذا ضربنا مثلا بالوضع العربي : المشروع الصهيوني لديه مشروع منذ مائة عام لايقابله مشروع عربي وكذا المشروع السلفي لا يقابله مشروع الاعتدال. وحين حدثت فتنة الإسكندرية سألت نفسي ما دوري أنا؟ من حقي وواجبي أن أدافع عن ديني ووطني، ولابد أن أقول بصراحة إن المؤسسة الدينية عندنا تابعة للنظام وغير فاعلة، ولذلك أدعو أن تكون هناك استراتيجية للمواجهة.. والمثقفون المسلمون مطالبون بوضع هذه الاستراتيجية حتي لا يظل المتشددون يعتبرون أنهم هم المعبرون عن الإسلام. وقد خرجت من الأزهر أسماء لامعة في الأدب والسياسة في فترات سبقت حين كان الأزهر مؤسسة مستقلة، لكن الوضع الحالي جعل الأزهر تابعا ، وأي دور فعال له يقابله النظام بالكبت والمطلوب تفعيل دوره بشكل جديد حتي لا يظل شيوخ الفضائيات يسيطرون علي عقول الناس. لا تظلموا الأزهر الكاتب الإسلامي عبدالفتاح عساكر : لا ينبغي أن نحمل الأزهر أسباب الفتن، المطلوب هو تشكيل لجان لدراسة المناهج التي تدرس في الأزهر، فمؤسسة الأزهر عبارة عن جامع وجامعة وأوقاف ، ونحن لدينا 93 ألف مسجد في مصر ، ونسبة 90 % ما يقوله المشايخ بهذه المساجد ليس من صميم الإسلام ، وعلي سبيل المثال أحدهم خطبة محذرا من الاحتفال برأس السنة الميلادية مع الأقباط فقلت له " وجادلهم بالتي هي أحسن " وبعض هؤلاء الخطباء يقدمون لنا دعوات عمرها 500 عام والمطلوب تحليل مضمون هذه الخطب وتأثيرها علي المجتمع. ابحث عن الموساد الكاتب المفكر الدكتور أحمد شوقي الفنجري : التطرف في بلادنا صنعه الاستعمار لتحطيم الإسلام وفي زمن سبق قامت انجلترا بتدريب 9 من أبنائها وأرسلتهم إلينا وقالت لهم لا تهاجموا الإسلام مباشرة لكن أدخلوا التطرف في الدين بهدف هدمه ، بينما يحذر الرسول (صلي الله عليه وسلم ) أن الغلو في الدين ضد الإسلام ، كما أري أن اليهود والموساد يسعون لهدم المجتمعات الإسلامية وتدميرها من الداخل وهم قد تغلغلوا في مجتمعاتنا. تجفيف منابع الإرهاب ويطالب الدكتور أحمد السايح أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر بتجفيف منابع الإرهاب لأن معظم معاهد إعداد الدعاة التابعة لوزارة الأوقاف والتابعة لجمعية أنصار السنة تقوم بتدريس الفكر السلفي الوهابي الذي يدعو إلي التطرف ويخلق مناخا ملائما له ، وأنا أسأل من الذي أنشأ هذه المعاهد التي أسست في ظل وزارة الأوقاف.. ويدعو الدكتور السايح إلي خطاب ديني عقلاني مستنير لمواجهة هؤلاء الذين جندتهم الصهيونية وأمريكا لزرع الفتن في مصر ويروي أنه حين كان يدرس بجامعة أم القري بالمملكة العربية السعودية قال له أحد الطلاب بضرورة قطع رءوس النصاري والمستشرقين فرد عليه ولماذا لا نمد يد الصداقة للجميع حيث يقول الله في كتابه " ولتجدن أقربهم مودة للذين أمنوا الذين قالوا إنا نصاري ". ثقافة الحوار ويدعو الباحث القانوني رضا مسلم إلي ترسيخ ثقافة الحوار لدعم وحدة الأمة في مواجهة عوامل الاختلاف ،كما يطالب بدعم قوي المقاومة ضد المشروع الصهيوني الأمريكي. بينما تؤكد الدكتورة عواطف أبو شادي أستاذة التاريخ الإسلامي بالجامعة الأمريكية أن هذا ما قام به شيوخ الأزهر في الماضي وعليهم أن يواصلوا هذا الدور في الحاضر. بينما يؤكد الشيخ رجب عبد المنصف أن التراث الإسلامي حافل بكل قيم الحق والعدل والخير، ومن المهم إحياء هذه القيم . الرد علي دعاوي التكفير ويتساءل الدكتور محمد الحلفاوي : لماذا جري التفجير في هذه الكنيسة التي جري اختراقها من قبل وقالوا عن الشاب الذي قام بالاختراق إنه مختل عقليا ويضيف أن هناك ما يسمي جبهة علماء الأزهر التي أصدرت بيانا من الكويت دعت فيه إلي مهاجمة المسيحيين وعدم مبادأتهم بالسلام. كما أن مجلة التوحيد بها دعوات للتكفير وأيضا مهاجمة الأقباط ، كما أن بها كتابات تهاجم الشيعة والإمام بن حجر .. المطلوب أن نجرم هذه الفتاوي ،كما أنه من المطلوب أن يطبق القانون بحزم لوقف دعاة التطرف. وبعد لقد أكد المفكر والباحث الدكتور رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للأبحاث والدراسات أن هذه الندوة التي عقدت مساء الأحد الثاني من يناير أي بعد 24 ساعة فقط من أحداث فتنة الإسكندرية تجيء في موعدها تماما، وأن رصد ما يجري علي الساحة مهمة كل مثقفي الأمة ، ومهمة النخبة ، كما أنه مهمة رجال الدين وعلمائه.. وكذا رجال الفكر والسياسة ومن الضروري أن يتصدي المجتمع كله لمواجهة أي محاولة لهز استقرار الوطن.