وزارة الأوقاف بدأت تضع يدها على موطن الداء الذى جعل من مساجد مصر فى أيام الجمعة نموذجا غريبا لفوضى الدعوة فى المساجد!، وكان عائد هذه الفوضى دائما فى صالح استثمار لا يتوقف لصالح الجماعات التى تريد أن ترتد بمصر إلى الوراء!، وتسعى الخطب فى بعض المساجد إلى استمالة الكثير من الصبية والشباب لأفكار بالغة التخلف والتطرف!، وقد تكشف الكثير من ذلك عندما أصبحت بعض المساجد المنفذ المثالى لخروج هذه الأفكار وترجماتها العملية فى المظاهرات التى راحت تجتاح أنحاء البلاد، محددة مواعيدها سلفا، وعناوين المساجد الخارجة منها إلى الشوارع، أو الملتقى الذى يلم شمل المسيرات الساعية فى الشوارع، لينتهى جمعها عند المساجد التى تحددت لذلك!، وقد كان انتباه وزارة الأوقاف إلى التأثير المهم الذى تحدثه خطبة الجمعة بما تحمله من الأفكار وتوجهات الحلال والحرام التى يتطوع بإبدائها دعاة من غير المؤهلين للدعوة!، وهم مما استطاعت الجماعة الإرهابية استقطابهم لكى يكونوا لها أبواقا دعائية تؤدى واجبها فى الدعاية للتوجه السياسى للجماعة الإرهابية!، والأفكار التى تعمل على رواجها من حيث اعتبار أن مصر تنحرف بعيدا عن العقيدة الغراء وشريعتها الإسلامية!، ولم يكن تسويق هذه الأفكار بين الساعين إلى الصلاة إلا بهدف التحفيز والشحذ الدائم ضد الدولة ومؤسساتها المختلفة!، وهو ما أصبح واضحا جليا من نوعية الجمهور الذى يقصد الصلاة!، والذى وصلت فوضى البعض منه إلى حد تحويل أداء صلاة الجمعة وموضوع خطبتها إلى الهتاف بحياة رئيس الجمهورية المعزول محمد مرسى!، والبقاء فى المسجد لحين سماع خطبته المستقلة التى يتبادل فيها الأحاديث مع بعض الحاضرين!، وكان لابد بعد سقوط نظام الجماعة الإرهابية من وقفة تطل على المساجد التابعة لوزارة الأوقاف، ثم ضم المساجد التى أصبحت خالصة لجماعة الإرهاب بعد توجيه أصحابها إلى عدم اللحاق بركب مساجد الأوقاف!، وقد اتخذت وزارة الأوقاف بشجاعة قرارها بأن تكون خطبة الجمعة موحدة - فى موضوعها - فى جميع مساجد الأوقاف، وأن تقوم الوزارة على إعداد دعاة وخطباء لهم من العلم الأزهرى ما يؤهلهم لأن يحملوا أمانة الدعوة بالحديث إلى جماهير المصلين فى موضوع ينفع الناس ويرسخ وسطية الإسلام بعيدا، عن استعداء المصلين على الشعب والدولة ومرافقها العامة بغية التخريب!، وحيث هناك الكثير من القضايا والملفات المفتوحة التى تنتظر الطرح والنقاش فى خطاب هادئ وسطى إلى جماهير المساجد كى يتفكروا فيما يسمعون من سليم وصحيح القول. وأعرف جيدا كم هو موجع تبنى وزارة الأوقاف فى مساجدها خطبة الجمعة ذات الموضوع الواحد!، فهذا الذى اختارته وزارة الأوقاف لإرسائه دعاة أهلتهم لذلك إنما هو موجع للذين جعلوا من كثير من المساجد مطية لأغراضهم وتوجهاتهم السياسية المدمرة لمؤسسات الدولة والمجتمع!، وأعرف أن هناك من سينتفض مدافعا عن حرية التعبير والرأى, متذرعا بأن اقتصار خطبة الجمعة على موضوع واحد إنما ينطوى على مصادرة حرية الخطيب فى اختيار موضوع الخطبة!، حيث هذا نوع من القيود والأغلال على إمام المسجد «طالما أنه ملتزم بالمنهج المعتدل فى دعوته»! فهذا ما رآه أحد الخطباء بوزارة الأوقاف فى نقد توحيد خطبة الجمعة!، فيما اعترض إمام وخطيب آخر بوزارة الأوقاف على قرار الوزارة!، وطالب وزير الأوقاف بأن يكون قراره مؤقتًا وينتهى مع انتهاء الأزمة الراهنة، وأن تقوم الوزارة بتجهيز عدد من الدعاة أصحاب المنهج الأزهرى ليكونوا على قدر المسئولية تجاه دعوتهم دون فرض خطب معينة عليهم، وقد يكون فى بعض وجهات النظر ما يستفاد به فى إرساء المبدأ الأصلى بأن تكون خطبة الجمعة موحدة، ولكن لا يجوز لوزارة الأوقاف التراجع عن قرارها والسعى لوضع ضوابط تنهى فوضى المساجد!، على أن يكون أساس هذا السعى اختيار وإعداد من يخطب فى الناس بحيث يكون على علم ومعرفة بشئون دينه.