لأن فلوس الحكومة بلا صاحب ولأن المال العام مطمع للجميع أصبح كل من يتحدث عن حماية المال العام ويضع يده علي موضع خلل في منظومة التعامل معه ويحاول قدر الإمكان البحث عن وسيلة لمنع إهداره، يجد نفسه كمن يحرث في البحر ومن الصعب أن يجد لجهوده صدي. حدث هذا مع أول إنذار وصل الي مجلس الوزراء بشأن المخالفات التي تحدث في إجراءات تمثيل المال العام في الشركات والبنوك، حيث كشف إنذار تقدم به أيمن فتحي اخصائي شئون اقتصادية وتجارية بمركز معلومات قطاع الأعمال العام الي رئيس مجلس الوزراء أن وزارات التخطيط والمالية ومركز معلومات قطاع الأعمال العام التابع لوزارة الاستثمار تخالف القانون، وتتجاهل بقصد أو بتحريك لوبي المصالح تفعيل القانون 85 لسنة 1983 بشأن مكافآت ومرتبات ممثلي الحكومة والأشخاص الاعتبارية العامة في شركات القطاع العام وفي البنوك المشتركة وشركات الاستثمار وغيرها من الشركات والهيئات مما أدي الي إهدار ملايين الجنيهات علي الدولة سنويا. وتبين أنه وفقا للقانون كان لابد أن تدخل هذه الأموال الي خزانة الدولة وميزانية الجهات التي نرسل ممثلين منها للمال العام في الاجتماعات المختلفة وكشف الإنذار أن جميع الأموال التي تخرج في صورة بدلات التمثيل ويتم صرفها الي ممثلي المال العام بأسمائهم هي في حقيقة الأمر حق أصيل للجهات التابعين لها وهي جهات حكومية تتكون مواردها المالية من الموازنة العامة للدولة ولكل جهة منها شخصيتها الاعتبارية، وبالتالي فأموالها عامة لا يجوز الحصول عليها دون حق. كان هذا هو محتوي الإنذار الذي وصل الي الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء وإلي أسامة صالح وزير الاستثمار بصفته مسئولا عن مركز معلومات قطاع الأعمال العام وإلي رئيس نيابة الأموال العامة ما يؤكد أن ما يحدث في أمر تمثيل المال العام في مصر مخالفة لصحيح القانون فضلا عن أن بعض الوزارات المعنية هي من تبادر بهذه المخالفة إذ إن القيام بتعيين شخص ما ليكون حاضرا لإحدي الجمعيات العامة لشركة أو بنك ممثلا لإحدي الجهات الحكومية لا يتيح له الحصول علي بدل الحضور الذي هو حق أصلي للجهة الموجهة له. وكشف الإنذار الذي قدمه أيمن فتحي إخصائي شئون اقتصادية وتجارية بمركز معلومات قطاع الأعمال العام عدم أحقية ممثلي مركز معلومات قطاع الأعمال العام في الاحتفاظ لأنفسهم بالبدل النقدي لحضور جلسات الجمعيات العمومية للشركات القابضة والشركات التابعة لأحكام القانون 203 لسنة 1991 وهي شركات قطاع الأعمال العام وكذا الشركات الخاضعة لأحكام القانون 97 لسنة 1983 وهي شركات القطاع العام وكذلك الشركات الخاضعة لأحكام القانون 159 لسنة 1981. «الوفد» التقت مقدم البلاغ بعد نشر ما ورد فيه وأكد أن هدفه الأساسي هو البحث عن وسيلة للحفاظ علي المال العام مؤكدا أن الممثلين لعدد من الجهات يحتفظون لأنفسهم ببدل حضور الجلسات بالمخالفة لحكم المادة الأولي من القانون 85 لسنة 1983، ويجب أن تؤول تلك الأموال الي الدولة كإيرادات سيادية. وقال إنه بعد النشر عن إنذاره فوجئ بالعديد من الاتصالات معه بهدف إثنائه عن المضي في البلاغ وأضاف أن هناك استجابة جاءت من وزارة المالية بالإعلان عن إعداد قواعد جديدة لتمثيل المال العام مشيرا الي أن بدلات حضور الجلسات تبلغ أرقاما مبالغا فيها في بعض الجهات والشركات مما جعل الأمر يبدو «سبوبة» للبعض، وقال إن لوبي المصالح سيقف بالضرورة ضد إصدار هذه القواعد مبررا اعتقاده بأنه حتي الآن لم تخرج هذه القواعد الي النور رغم أهميتها القصوي ورغم تطابقها مع صحيح القانون. ويضيف «فتحي» أن هناك بادرة أمل جديدة ظهرت من خلال اهتمام مباحث الأموال العامة بالبلاغ حيث تم استدعاؤه وتمت مناقشته في كل ما كتبه وقال: الذي تحدث معي أكد أن الموضوع محل اهتمام كبير من الدولة الآن في إطار محاولة الحد من إهدار المال العام وتعظيم موارد الدولة والتي تعد بدلات حضور جلسات الشركات وتمثيل المال العام أحد أهم مواردها إلا أن بعض هذه البدلات تتعدي ألف جنيه للجلسة وفي بعض الجهات تتضاعف هذه الأرقام للجلسة الواحدة. وأضاف «فتحي» أن ما يحدث بالفعل مخالفة صريحة للمادة 77 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 ويحظر علي العامل قبول أي هدايا ومكافأة أو عمولة أو قرض بمناسبة قيامه بأداء وظيفته. وطالب بضرورة إيقاف استمرار الاستيلاء علي تلك الأموال التي يتم صرفها من الشركات وتوجيهها الي المسار الصحيح باعتبارها إيرادات سيادية للمركز ومن ثم الي الخزانة العامة للدولة، وإصدار قرار إداري لتوجيه الشركات بأشكالها القانونية المختلفة بإصدار شيكات بدل حضور جلسات الجمعيات العامة بأسماء الجهات الحكومية بدلا من ممثلي الجهات.