قرابة اثني عشر شهرا مضت على جريمة مقتل بنات توفيق باشا إندراوس داخل قصرهن المطل على نيل ومعبد الأقصر دون أن تتوصل أجهزة البحث الجنائي بالمحافظة لمرتكبي الجريمة التي هزت الأقصر ولتسجل الواقعة ضد مجهول كغيرها من قضايا السطو المسلح مثل قضية الاستيلاء على 300 ألف جنيه من صراف مديرية الإسكان عند خروجه من فرع بنك مصر قرب مبنى المحافظة وكورنيش النيل وكذلك الاستيلاء على مبلغ 154 ألف جنيه من صراف ديوان عام محافظة الأقصر بشارع كورنيش النيل وأمام معبد الأقصر وغيرها من قضايا السطو والسرقة والقتل التي لا تزال مقيدة ضد مجهول وسط اتهامات من قبل القوى الشعبية والحزبية بوجود قصور في عمل جهاز البحث الجنائي بالمحافظة وتعرض مواطنين أبرياء لقضايا ملفقة بحيازة أسلحة ومواد مخدرة في إطار تحقيق مجهود أمنى مزيف وبالتزامن مع مطالب أطلقتها اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة القضايا الوطنية وعدد من الحركات والقوى الوطنية بإقالة مدير مباحث الأقصر من منصبه لقصوره في الكشف عن غموض الكثير من قضايا القتل والسرقة والسطو في وضح النهار. و«جميلة» و«صوفي» و «لودي» بنات توفيق باشا أندراوس القطب الوفدي وأحد رموز ثورة 1919. وأشهر وأغنى ثلاث عانسات في الأقصر وصعيد مصر، عشن حتى العقد الثامن من العمر في عزلة اخترنها بأنفسهن بعد أن فضلن العيش مع ذكريات ماض جميل، داخل قصر والدهن الذي شهد أعظم مشاهد الوطنية المصرية وأجمل صور الوحدة الوطنية بين مسلمي مصر وأقباطها. وعلى الرغم من اختيار بنات توفيق باشا أندراوس لحياة الهدوء التي وصلت لحد العزلة، إلا أنهن رحلن وسط ضجيج شغل الناس وامتلأت به مختلف وسائل الإعلام داخل مصر وخارجها بعد أن تعرضت الأختان «صوفي» و«لودي» للقتل بآلة حديدية. ليلحقن بشقيقتهما «جميلة» التي فارقت الحياة قبل أكثر عامين إثر صراع مرير مع المرض. ليظل الحديث عن مقتل صوفي ولودي محور حديث الناس في الأقصر والذين يقولون إن الشقيقتين ربما ذهبتا ضحية لهوس الحفر والتنقيب عن كنوز الفراعنة، أو ضحية لشائعات امتلاكهما لكميات من الذهب والمجوهرات النادرة والأموال أيضا. ولا تستبعد أحاديث الناس أن يكن قتلها بسبب السرقة، أو لخلافات على ملكية واستئجار الأراضي المملوكة لهما والتي تقدر بحسب مقربين منهما بمائة فدان، وتنتشر في ثلاث مناطق هي: العوامية والزينية والمدامود. لكن الأحاديث لا تنتهي عن السرداب الواقع أسفل قصر توفيق أندراوس حيث كانت تقيم بناته والمؤدى لكنز أثرى يقع في حرم معبد الأقصر الذي يحيط بالقصر من ثلاثة جوانب يطرح احتمالية أن تكونا قد ذهبتا ضحية للبحث عن الكنوز الفرعونية. «لودي» و«صوفي» وعلى الرغم من الحياة البسيطة التي عاشتاها وهى الحياة التي لا تعرف الترف، فإن قيمة ما تركتاه من ثروة كودائع مالية في البنوك، وذهب ومجوهرات وأرض تقدر قيمتها بقرابة المليار جنيه مصري. وكانت ابنتا توفيق باشا أندرواس، النائب الوفدي بمجلس الأمة وأحد قادة ثورة 1919 قد لقيتا مصرعهما في ظروف غامضة داخل قصرهما التاريخي الملاصق لمعبد الأقصر الفرعوني والمطل على نيل الأقصر،. حيث تلقى مدير أمن الأقصر بلاغا في مطلع العام الجاري من عريان عزيز سيدهم، محامى صوفي توفيق أندراوس 80 سنة وشقيقتها لودي توفيق اندراوس 82 سنة بشكه في تعرضهما لسوء بعد عدم ردهما على الاتصالات التليفونية وفشل خادمهما في الوصول لهما رغم قيامه برن جرس باب القصر الذي تقيمان به على مدار يومين متتاليين. حيث تم تشكيل فريق من المباحث الجنائية وتم فتح باب القصر في حضور الشرطة ومحامى المجني عليهما، حيث عثر على جثة أحدهما ملقاة على السلم المؤدى للطابق الثاني ومصابة بآلة حادة في رأسها كما عثر على الثانية جثة هامدة، وأكدت معاينة النيابة سلامة كافة منافذ الدخول والخروج لقصر توفيق باشا أندراوس التاريخى الملاصق لمعبد الأقصر والمطل على شارع كورنيش النيل، والذى شهد مقتل صوفى توفيق اندراوس 80 سنة وشقيقتها لودى توفيق أندراوس 82 سنة فى ظروف غامضة، وكشفت معاينة النيابة وجود طابق علوى نوافذ خشبية هشة يمكن أن يكون قد استغلها الجناة فى التسلل إلى القصر من الخلف. ووجود عبث بالدواليب والأدراج, وأن جثتى المجنى عليهما ملقى بهما عند السلم المؤدى للطابق الثانى عكس بعضمها وأن إحداهما فقدت إحدى عينها نتيجة تعرضها للضرب، والأخرى مصابة بأربعة كسور بالوجه والجبهة، وأنهما تعرضتا للضرب بسيخ حديدى مدبب من الأمام وطوله 40 سم، وعثر على اداة ارتكاب الجريمة بجانب الجثتين. حيث لم يتم كشف غموض الواقعة حتى اليوم وبعد مرور 12 شهرا على وقوعها. فيما قال عالم المصريات الدكتور منصور بريك إن القصر الذي كانت تقيم فيه الضحيتان هو أحد القصور التاريخية فى الأقصر حيث شيد عام 1897 وهو القصر الوحيد الذى استقبل الزعيم سعد زغلول فى عام 1921 فى رحلته النيلية التاريخية لمدن الصعيد للحصول على دعم شعبى لمطالب ثورة 1919. حيث حاولت الشرطة آنذاك منع وقوف باخرة سعد زغلول لكن توفيق باشا اندراوس الذى كان أحد اقطاب حزب الوفد آنذاك تصدى للشرطة وتمكن من ايقاف الباخرة أمام قصره ونزل سعد زغلول وسط هتافات شعب الأقصر انذاك، وأن القصر كان يضم مقتنيات أثرية جرى نقلها للمخازن الأثرية قبل حوالى عشرين عاما، وأن القصر مسجل ضمن القصور ذات القيمة التاريخية التى لا يجوز هدمها أو ادخال تعديلات على مبانيها. وقصر توفيق أندراوس الذي شهد مصرع أشهر وأغنى عانستين فى صعيد مصر يرجع تاريخ انشائه إلى عام 1897، وهو مسجل ضمن القصور ذات القيمة التاريخية التى يحظر القانون هدمها. وكان القصر يحوى مجموعة من القطع الأثرية التى نقلت إلى المخازن الأثرية فى الأقصر قبل حوالى عشرين عاما. أما توفيق باشا أندراوس صاحب القصر ووالد الضحيتين وكما يقول شعبان هريدى عضو الهيئة العليا لحزب الوفد فهو أحد رجالات الحركة الوطنية المصرية خلال ثورة 1919 ونائب الأقصر لثلاث دورات بمجلس الأمة ولم تنتخب الأقصر نائبا غيره حتى وافته المنية، وهو واحد من أخلص رجالات الحركة الوطنية ونائب الأقصر لثلاث دورات ولم تنتخب الأقصر نائبا غيره حتى وافته المنية وهو يعد للمؤتمر الوطني في السادس من يناير 1935ويشير شعبان هريدى الى أن هذا المسيحي الثائر الذي انتخبته الأغلبية المسلمة نائبا لها في البرلمان ثلاث دورات ولو عاش ما انتخبوا غيره لم يكن في حاجة للمال فوالده اندراوس باشا بشارة من أثرى أثرياء مصر لكن هذا الثراء لم يكسب أسرته أنانية وتكبرا بل سخاء وعطاء وخيرية فقام والده بوقف مائة فدان لخدمة مساجد وكنائس الأقصر مناصفة وأوقف عشرة أفدنة لخدمة المدرسة الصناعية لأنه كان يؤمن بأن الصناعة والحرف تشكل المستقبل لشباب الأقصر ثم قام ببناء مدرسة الأقباط التي مازالت قائمة وبني مسجد المقشقش ومسجد المدامود وجمعية الشبان المسلمين والعديد من المشروعات الخيرية. وتصدر توفيق اندراوس صفوف الثورة ووهب لها عمره، حاول القصر الملكي أن يثنيه وعرض عليه أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي وكان زميلاً له في جامعة أكسفورد رغبة الملك فؤاد في تعيينه سفيراً في لندن على أن يترك سعد فكان رده الرفض بشدة أثناء إعداده للمؤتمر الوطني فى السادس من يناير 1935 ، ووالده اندراوس باشا بشارة كان من أثرى أثرياء مصر وقام والده بوقف مائة فدان، لخدمة مساجد وكنائس الأقصر مناصفة. وأوقف عشرة أفدنة لخدمة المدرسة الصناعية، لأنه كان يؤمن بأن الصناعة والحرف تشكل المستقبل لشباب الاقصر، ثم قام ببناء مدرسة الأقباط التى مازالت قائمة وبنى مسجد المقشقش ومسجد المدامود وجمعية الشبان المسلمين والعديد من المشروعات الخيرية، تصدر توفيق اندراوس صفوف الثورة ووهب لها عمره. ويشير شعبان هريدى الى أنه عندما نفت السلطات سعد ورفاقه علم أن أم المصريين صفية هانم زغلول تشكو من نضوب خزانة الوفد فما كان من توفيق أندراوس إلي أن باع سبعمائة فدان ووضع ثمنها تحت تصرف ام المصريين للصرف على الحركة الوطنية. ويضيف شعبان هريدى أنه خلال رحلة سعد زغلول النيلية إلى الصعيد استقبله توفيق اندراوس على رأس أهالي الأقصر وما حولها رغم كل محاولات بدر الدين بك مدير الأمن العام أيامها وكان في عنفوان قوته وجبروته ولم يهب توفيق اندراوس قوات بدر الدين وأسلحته التي حاولت الحيلولة دون رسو باخرة سعد باشا فى الأقصر بحجة دواعي الأمن فتصدى لهم توفيق باشا أندراوس واستقبل سعد بمنزله وكان اجتماعا تاريخيا مشهودا للوطنية في الصعيد سنة 1921 ودوت الجماهير بهتافها المدوي يحيا سعد وهتف سعد زغلول بل يحيا توفيق اندراوس. وقد مات توفيق اندراوس في ريعان شبابه ووافقت وفاته مناسبة لا تتكرر وهو اجتماع عيد الفطر المبارك وعيد الميلاد المجيد في يوم واحد فخيم على الأقصر الحزن العميق وخرجت جماهير الأقصر وقوص وأرمنت في موكبه الحزين وشهدت جنازته العديد من الشخصيات منهم مكرم عبيد باشا سكرتير الوفد وتوفيق دوس وزير المواصلات ونقيب الأشراف محمد أبو الحجاج الحجاجى والعالم الجليل الحسين الحجاجى.